هكذا رحلا في هِدوءِ المطمئنِ .. أخي مجدي و صديقي د. الكوباني

 


 

 

 

 

 

(وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ، الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ)
صدق الله العظيم
في صباح الأربعاء الحادي والعشرين من شهر أبريل ، وردني نبأ رحيل شقيقي الشاب التقي الورع مجدي أحمد ، ولم أكد أفيق من هول الصدمة إلا ويأتيني نبأ رحيل زميل الدراسة الصديق علي الكوباني .
رحلا في يوم واحد في ذلك الصباح ، ومن مفارقات الأقدار أن يرحلا بنفس المرض الذي عانيا منه طويلا ، وصبرا عليه صبرا جميلا .
كان أخي زهرة أسرتنا ، طيبا ، رحيما ، صبورا على نوائب الدهر ، لا تسمع له شكوى وهو في قمة معاناته مع المرض .
أحبه أهل إمتداد الدرجة الثالثة حباً كبيراً ، فلم يختلف مع أحدٍ ولم يتخاصم مع جارٍ ، ولم يكن في مراهته إلا ذلك الشاب ذو الخلق الرفيع ، فلم يعرف طيش الشباب ، ولا تهور الصبا ، لذا تزوج باكرا فأنجب البنين والبنات فكنت تراه بين أولاده كأنه أخ لهم . فلم يكن غريبا أن يخرج الكثيرون لمواراته الثري ، فلم تمنعهم الاحترازات الصحية من وداع إبنهم العزيز .
أما الزميل والصديق على الكوباني فقد زاملته في المدرسة الثانوية ، وكان عظيم الجسم بصوت جُهوري ، وكنا قبل لأن نعاشره نخشاه لبنيانه الفارع ، ولكن سرعان ما ملك القلوب وفرض حبه واحترامه على الجميع ، لازلت أذكر مجلسه في الفصل خلفي مباشرة وبجانبي في معمل العلوم فقد كان مميزا بشطارته وحبه للعلوم ، وكنت يومها أخطط للانتقال للفصل الأدبي لذا قضيت الأسابيع الأولى وأنا أشاكسه ، وأطلب منه أن يساعدني في حل مسائل العلوم التي رغبت عنها فطلقتها طلاقا بائنا ، وقد التقينا في جامعة الخرطوم في سنتنا الأولى ، فكان بحق فاكهة أي مجلس يكون فيه ، بما جبل عليه من الروح المرحة .
ثم كانت بعدها لقاءتنا عابرة ، وكان كلما إلتقاني يذكرني بفراري من القسم العلمي ، وكنت أقول له ما جعلني أفر منها هو ما تقوم به أنت من تشريح الجثث ومعايشة الموت ، فكان يضحك ضحكته المميزة ، وكنت أقول له وأنت كذلك ترتاح من وعثاء عملك المرعب تحت دوحة الأدب .
ألا رحم الله أخي مجدي وصديقي على الكوباني ، وجعل مسكنهما الجنة مع الصديقين والشهداء والصالحين ، وألهمنا الصبر والسلوان . وجعل مرضهما وآلامهما ومعاناتهما في ميزان حسناتهما . إنه سميع مجيب الدعاء .
قال تعالى " (( يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي )) صدق الله العظيم

moniem1958@gmail.com

 

آراء