Facebook.com/tharwat.gasim
Tharwat20042004@yahoo.com
1 – حوار الطرشان في أديس ابابا ؟
في يوم الأربعاء اول يناير 2014 ، وصل وفدا الحكومة والمعارضة إلى أديس ابابا ؛ وبعد 6 أيام طوال بدأت المفاوضات المباشرة بينهما في يوم الأثنين 6 يناير ؛ ولكنها مفاوضات أشبه بحوار الطرشان ، فقد وصلت إلى طريق مسدود من أول جلسة .
الشقة التفاوضية بين الوفدين في إتساع الشك والريبة وعدم الثقة بل الكراهية بينهما ، بل ربما كانت إنعكاساً لهذه المشاعر المدمرة .
طالب وفد الدكتور ريك مشار، ودعمه المجتمع الدولي خصوصأ امريكا والإتحاد الأوروبي ، بعدة شروط قبلية للموافقة على وقف العدائيات ووقف إطلاق النار أهمها : إطلاق سراح المعتقلين السياسيين ، ومغادرة الجيش اليوغندي !
الشروط القبلية التي رفضها وفد الرئيس سلفاكير ، ولكن ربما إلى حين .
ربما أراد الدكتور ريك مشار بشروطه التعجيزية كسب بعض الوقت حتى يدخل جوبا ويقبض على الرئيس سلفاكير وتنتهي مناظر الفيلم الهندي ، ليبدأ الفيلم بمآسيه وكوارثه التي تتضاءل آزاها أحداث ما بعد يوم الأحد 15 ديسمبر .
وترجمة ذلك بعربي جوبا ، إنهيار الدولة الجنوبية ، وبداية حرب الكل ضد الكل .
ولكن أمتثل الدكتور ريك مشار لتحذير إدارة أوباما ، وأوقف تقدم قواته نحو جوبا .
قال الناشط الأمريكي أريك ريفز ( الأحد 5 يناير 2014 ) إن ذوبان الدولة في جنوب السودان سوف يكتمل بإستيلاء الخرطوم على آبار النفط في ولايتي أعالي النيل والوحدة بدعوى تأمينها ، وضم أبيي لولاية جنوب كردفان ، وحسم بقية المناطق الحدودية المتنازع عليها لمصلحة الخرطوم .
عندها تبدأ كريت الجنوبية في حك جلدها .
ولكن زيارة الرئيس البشير لجوبا في يوم الأثنين 6 يناير ( لعدة ساعات ) وعقده محادثات حبية مع الرئيس سلفاكير كذبت مزاعم البرفسور اريك ريفز ؟
كيف يا هذا ؟
دعنا نرى !
2- زيارة الرئيس البشير لجوبا ؟
في يوم الأثنين 6 يناير 2014 ، قام الرئيس البشير بزيارة حبية لشقيقه الرئيس سلفاكير في جوبا . يمكن إختزال ملابسات وتداعيات هذه الزيارة قي عدة نقاط أدناه :
اولاً :
تمثل هذه الزيارة نقلة نوعية في تطبيع العلاقات الملتبسة بين الخرطوم وجوبا . صار للخرطوم وجوبا عدو مشترك ، بل قل إثنين : دكتور ريك مشار وصحبه والجبهة الثورية .
وكما قال ماوتسي تونج لا يمكن لأي ثورة أن تنجح بدون وجود عدو بين ؟
طلب الرئيس سلفاكير من شقيقه الرئيس البشير إرسال قوات عسكرية سودانية ( فرقتين ) لدحر قوات العدو المشترك ( الدكتور ريك مشار ) ، ولكن أشترط الرئيس البشير لذلك إنسحاب القوات اليوغندية ( 500 عنصر ) من جنوب السودان ، لأنه يعتبر الرئيس موسفيني عدوه الأول في أفريقيا ، لإستضافته لقادة الجبهة الثورية .
ولكن لن يستطيع الرئيس سلفاكير الإمتثال لطلب الرئيس البشير لإعتماده على القوات اليوغندية في تأمين مطار جوبا والقصر الرئاسي .
ثانياً :
أكد الرئيس سلفاكير لشقيقه الرئيس البشير عدم دعم جوبا للجبهة الثورية ، وشرح له كيف أن هذه الأزمة سببها الحصري إصرار الدكتور ريك مشار وصحبه في أستمرار دعم جوبا للجبهة الثورية ، وسياسة الرئيس سلفاكير المدابرة والتي تدعو لفك الإرتباط مع الجبهة الثورية . بعكس الدكتور ريك مشار يدعي الرئيس سلفاكير بأنه يركز على التطبيع ( الجد جد ) مع الخرطوم لضمان إنسياب البترول الجنوبي عبر أنابيب الشمال ، ولضمان التركيز على بناء مؤسسات الدولة والبني التحتية في دولة جنوب السودان .
في هذا السياق ، يمكن الإشارة إلى أن الرئيس سلفاكير لم يحضر لمطار جوبا لإستقبال شقيقه الرئيس البشير ، مما ترك علامات إستفهام كبيرة لا تزال معلقة في سموات جوبا ؟
ثالثاً :
لعب الرئيس البشير كارت الجبهة الثورية في مهنية وحرفنة عالية مع الرئيس سلفاكير ، الذي أقسم للرئيس البشير براس أبيه إن لا مكان للجبهة الثورية في دولة جنوب السودان بعد أحداث الأحد15 ديسمبر 2014 .
قال :
للجبهة الثورية دينها ، ولنا ديننا .
ربما كان القائد مني اركو مناوي صادقاً وهو يبحث عن وسيط ليوصل الجبهة الثورية بالرئيس سلفاكير ؟
رابعاً :
نعم … رب ضارة نافعة !
فقد أعطت أحداث الجنوب الرئيس البشير فرصة ذهبية لمحاولة القضاء على قوات الجبهة الثورية ، بعد فك الإرتباط الحقيقي بينها وبين الحركة الشعبية الجنوبية ، في مكونها السلفاكيري وكذلك الريكمشاري ؟
ألم تسمع ، يا هذا ، الرئيس البشير يردد لكل من ألقى السمع وهو شهيد بأن الصيف القادم سوف يشهد نهاية الجبهة الثورية بجميع مكوناتها … فقد إنشغل الجنوبيون بأنفسهم وفكوا الجبهة الثورية عكس الهواء فصارت أباطها والنجم ؟
رغم أن السيدة عفاف تاور النوباوية في المجلس التشريعي القومي قد أتهمت القائد عبدالعزيز الحلو بتجنيد الفاً من شباب النوبة وإرسالهم للقتال في صف قوات الرئيس سلفاكير . نست أو تناست السيدة عفاف إن من أسباب مفاصلة الدكتور ريك مشار إتهامه للرئيس سلفاكير بموالاة الرئيس البشير على حساب الجبهة الثورية ؟
ولكن في بلاد العجائب (دولتي السودان ) الشئ ممكن حدوثه ، وعكسه أيضاً ؟
زواج المصلحة هو العرف السائد بين فرقاء دولتي السودان .
كمثال من بين مئات ، تجد الدكتور ريك مشار مع قرنق ( 1983 ) ، ثم مع الخرطوم ضد قرنق ( 1991 ) ، ثم مع قرنق وبعده سلفاكير ضد الخرطوم ( 2002 ) ، ثم ضد سلفاكير ويسعى للإنضمام لسفينة الخرطوم (2013 ) ؟
خامساً :
وهو في جوبا ، دعا الرئيس البشير لحل أزمة الجنوب عبر الحوار والمفاوضات ، ونبذ الحل العسكري ، الذي لا يفيد . ربما أتبع الرئيس البشير القول بالفعل في تعامله مع الجبهة الثورية ، خصوصاً بعد الإنشقاقات المتتابعة داخل الحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني ، وضعف موقفه الداخلي نتيجة للأزمة الإقتصادية الطاحنة ومحنة سبتمبر 2013 .
سادساً :
حقاً وصدقاً مصائب قوم ( الجنوب ) عند قوم ( الشمال ) الإنقاذي فوائد … فك الإرتباط بين الجبهة الثورية وحكومة جوبا ؟
وربما مصائب ؟ لأن حياة ربع مليون لاجئ شمالي من النوبة والفونج في معسكرات جنوب السودان قد صارت في خطر حقيقي لتركيز المنظمات الأنسانية على النازحين الجنوبيين الفارين من المجازر والسلخانات ؛ وبالطبع يكون هكذا تركيز على حساب اللاجئين السودانيين ، لمحدودية الدعم الأنساني المتاح والمتوفر ؟
وحقاً وصدقاً مصائب قوم ( الجنوب ) عند قوم ( الشمال ) الشعبي مصائب ؟
مصائب ليس فقط للاجئيين الشماليين ، وإنما للتجار الشماليين في جوبا وولايات أعالي النيل والوحدة وجونقلي ، الذين فقدوا كل شئ ( نعم وحرفياً كل شئ ) نتيجة لحريق الجنوب الذي حرق بضائعهم وممتلكاتهم ، وتركهم أباطهم والنجم ؟
تاجر شمالي يملك بضائع تُقدر بأكثر من مليون دولار ، يجد نفسه فجأة في معسكر من معسكرات قوات حفظ السلام الأممية ( يونسيف ) وهو لا يملك قوت يومه ؟
ومثله معه مئات ومئات ، ولكل واحد منهم قصة تدمي القلب وتوجع النفس ؟
في هذا السياق ، يمكن الإشارة إلى أن الرئيس البشير رفض إقامة معسكرات لجؤ في الحدود السودانية لإستقبال اللاجئيين الجنوبيين ، ودعاهم للدخول إلى السودان كأسياد بلد ، حسب إتفاقية الحقوق الأربعة .
سابعاً:
طلب الرئيس سلفاكير من شقيقه الرئيس البشير إرسال قوات سودانية لحماية آبار النفط في الجنوب ، بالمشاركة مع قوات الرئيس سلفاكير . إذا نفذ الرئيس البشير طلب الرئيس سلفاكير فسوف تدخل الخرطوم في حرب ضد قوات الدكتور مشار ، لأنها تسيطر حالياً على جميع آبار النفط في الجنوب . تكوين هذه القوات المشتركة سوف يصب النار على الأزمة بدخول الخرطوم كطرف مقاتل في الأزمة ، الأمر الذي سوف ترفضه إدارة أوباما تحت كل الظروف . كما طالبت واشنطون برحيل القوات اليوغندية ( 500 عنصر ) ، وحصر الأزمة بين الفرقاء الجنوبيين حصرياً ، دون تدخل عسكري أجنبي . ولكن يظهر إن الرئيس سلفاكير في الموقف الأضعف ، ومن ثم إشارات الإغاثة ( يا أبو مرووووة ) التى ما إنفك يطلقها شمالاً ويميناً ، وذات الشمال واليمين .
يبدو إن الرئيس سلفاكير في مأزق حقيقي ، وصارت المبادرة في أيادي الدكتور ريك مشار ؟
ثامناً :
توقف العمل في آبار النفط بعد فرار العمال والفنيين والمهندسين من الصين والهند وماليزيا وبنقلادش إلى بلادهم . بطلب من الرئيس سلفاكير ، سوف يرسل الرئيس البشير 900 فني سوداني لتشغيل الآبار المعطلة . ولكن هذه الآبار تحت سيطرة قوات الدكتور ريك مشار ، الذي وافق على إستمرار ضخ النفط حسب إتفاقية مصفوفة سبتمبر 2013 ، ووضع قيمة المبيوعات في حساب خاص .
كيف سوف تحل الخرطوم هذه العقدة القورديانية التي سوف لن تنجح في حلها البلهوانيات الإنقاذية ؟
تاسعاً :
تم تعيين العقيد ركن عبدالرحمن الصادق كمساعد لرئيس الجمهورية بمهمة محددة وحصرية … الإمساك بملف الجنوب والعمل على تطبيع العلاقات وتنميتها بين دولتي السودان . وعلى هذا الأساس ، لم يتدخل السيد الإمام في خيارات وقرارات أبنه البالغ السوي ، شأنه في ذلك كشأنه في علاقاته مع بقية أبنائه وبناته ؛ بل تمنى لعبدالرحمن النجاح في مهمته الوطنية ، وتحمل مسؤولية قراره الشخصي بعد إستقالته من حزب الأمة ، فلا تزر وازرة وزر أخرى ، ولا يحمل السيد الإمام أوزار ولا يستفيد من حسنات أبنه يوم يحمل كل بني آدم كتابه إما بيمينه أو من خلفه.
دعنا نرى مدى تعامل العقيد عبدالرحمن مع ملفه الجنوبي ؟
+ في أبريل 2013 زار الرئيس البشير جوبا ولم يصحب معه العقيد عبدالرحمن .
+ في يوم الأثنين 6 يناير زار الرئيس البشير جوبا في زيارة مفصلية ، ولم يصحب معه العقيد عبدالرحمن .
صار العقيد عبدالرحمن إلى جمل طين ، بل كالزوج الأسطوري الذي آخر من يعرف ؟
بعد أن أستلم يهوذا الأسخريوطي 15 قطعة فضة مقابل تسليمه السيد المسيح لجند اليهود في العشاء الأخير ، ندم ندماً شديداً ، لم يملك معه إلا الإنتحار كمداً .
لا نطلب من العقيد عبدالرحمن الإنتحار ، ولكن نتمنى عليه أن يلحق بسفينة السيد الإمام قبل أن يبتلعه الموج ، كما حدث لأبن نوح في زمن غابر ؟
ربما تذكر العقيد عبدالرحمن حكمة مهمة للعرب تقول:
الكيّس من يعتبر من أخطائه هو، والأكثر كياسة من يعتبر من أخطاء الآخرين ، والمصيبة فيمن لا يعــــتبر لا من أخطائه هو ولا من أخطاء الآخرين.
الا يرى العقيد عبدالرحمن ما حدث لأولاد المصارين البيض ( دكتور غازي ودكتور الطيب زين العابدين وصحبهم الكرام ) فقط لأنهم جهروا بالنصحية والإصلاح الناعم ؛ ومن قبلهم عمه السيد مبارك المهدي ذا الخيال الواسع ؟
وكفى بنا ناصحين .
سودانايل أول صحيفة سودانية رقمية تصدر من الخرطوم