هل من صنع الحرب والدمار يصلح لصناعة السلام؟

عبدالباقي حمد النيل عوض الله
freemaill249@atomicmail.io
مشكلة السودان ليس قلة الموارد ولكن قلة العقول الحكيمة ومع قلة هذه العقول فإنها تتعرض للقمع والتنكيل والإقصاء علي يد سلطات الامر الواقع وتتعرض للهجوم على أيدي العوام وتتعرض للتكفير علي أيدي الكيزان.
من الواضح الآن أن الدعم السريع عندما إنسحب من الوسط ومن العاصمة كان ذلك بغرض ترتيب صفوفه فقد كانت القوى التي بدأت الحرب تفتقر للتماسك والوعي والتدريب الكافي وكانت عبارة عن عصابات وليس جيش منظم وكانت فكرة حميدتي في البداية هي الإعتماد علي هذه القوة الغير منضبطة كإجراء سريع لتحطيم القوى الصلبة للدولة وتدمير المدن والخدمات وتشتيت السلطة المركزية بدون أن تكلفه هذه القوة تمويل او مرتبات فهي ستمول نفسها من النهب والتدمير وبالفعل تحقق له مايريد فقد فرت الحكومة المركزية الى أقصى الشرق وحققت مجموعاته العشوائية الغير منضبطة المطلوب منها من الدمار والتخريب.
وبهذا حقق حميدتي ما اراده من الغزو وكسر شوكة الدولة للجلوس والتفاوض ولما رفضت الحكومة الجلوس للتفاوض غير حميدتي خطته من المشاركة في حكم الدولة الحالية الى تاسيس دولة جديدة لهذا سحب قواته الغير منضبطة وكثيرة التمرد ليعيد تنظيمها ويؤسس دولة جديدة وعاصمة جديدة يمكنه الإنطلاق منها خارجياَ نحو العالم وداخلياَ لبقية اجزاء السودان في نفس الوقت وبهذا يمضي في طريق الحرب وطريق بناء دولته الجديدة في خط متوازي في نفس الوقت وبالفعل شكل حكومته وفتح كليات الشرطة والحربية لتخريج جيوش منضبطة تخضع لتراتبيه عسكرية واكثر تدريب وتسليح وجند عدد كبير من الجواسيس.
بينما كان البرهان يراهن علي عامل الزمن بانه سيضعف حميدتي ويفكك قوته ولكن حدث العكس فالزمن منح حميدتي فرصة لترتيب اوضاعه وامتلاك اسلحة نوعية وظهر هذا في قدرته علي اسقاط الطائرات وامتلاكه طائرات قادرة على إحداث قدر كبير من الدمار وسيارات ومعدات قتالية حديثة تفوق مايمتلكه الجيش السوداني.
إتجه حميدتي الى تاسيس دوله جديدة والإنطلاق بها لبسط سيطرتها علي بقية السودان مستقلاً تآكل الدولة القديمة. فعلي سبيل المثال في نفس الوقت الذي يعمل فيه حميدتي علي بناء جيش واحد قوي بديل للعصابات الاولي المتفككة التي إستباح بها المدن، فإن الجيش السوداني يتآكل ويتفكك الى مليشيات تحت مسميات المشتركة وقوات الكيزان وكيكل وقوات الشمال وقوات الشرق، ورغم كثرة مسميات هذه القوات ولكنها اثبتت فشلها في تحرير كردفان ودارفور واكتفت بالتموضع في الجزيرة والخرطوم حيث سحب حميدتي قواته وعجزت عن التقدم في كردفان ودارفوار طوال الشهور الماضية واثبتت عجزها حتي عن حماية المدن المتموضعة فيها ضد هجمات الدعم السريع الجوية والتي طالت كل مكان بداية من اقصى الشرق من العاصمة بورتسودان وحتي الشمال والخرطوم.
وفي الوقت الذي تتحول فيه قوات حميدتي للوحدة و للإنضباط تتحول فيه قوات الحكومة لمليشيات متفلتة تمارس النهب ليل نهار في المدن وتمارس القتل بالرصاص الحي داخل المستشفيات.. وتمارس عصابات الكيزان التي تسمي نفسها بالخلايا الامنية الإعتقالات ونهب المصانع والسيارات والمواتر وأثاثات المنازل والممتلكات وتمارس البطش بالمواطن الضعيف الاعزل تحت مسمي الخلايا الامنية وتعتقل المواطنين دون رقيب وتقتلهم تحت التعذيب او التصفيات المباشرة واكل الاكباد.
وبإختصار بينما يمضي حميدتي الي الامام والى التاسيس الصحيح لدولة القانون المنصبطة تدرجياً في هذا الوقت تمضي الحكومة المركزية نحو التفكك والإنفلات والعجز في كل المجالات وينخرها الفساد وتفتك بالمواطن الامراض والجوع والفقر وتعجز الحكومة حتي عن سداد مرتبات موظفي الدولة لسنوات وتستمر عملتها في الإنهيار وتتحكم فيها عصابات تهريب الذهب ونهب المال العام وتعز من تشاء وتذل من تشاء.

غابت الدولة والرؤية بالكامل واصبح يسير البلاد عساكر متشاكسون فيما يسمي بالسيادي كل منهم يمضي في طريق مختلف ويهيمن علي مفاصلها كيزان الدولة القديمة الذين يمارسون الإنتهازية بكل صورها حتى وإن كان ذلك علي حساب دمار الوطن وتقسيمه وتقتيل وتجويع شعبه، يطمع الكيزان في العودة وهم قد تشتت بهم السبل واصبحوا جماعات متناحرة فيما بينهم واحدة بقيادة هارون واخري بقيادة كرتي وثالثة بقيادة ابراهيم الأريتري وثالثة بقيادة امين وغندور.. والقاسم المشترك بينهم هو الكذب والتضليل للشعب وممارسة الإنتهازية والتسلق علي حساب الدولة والمواطن. وهؤلاء وهؤلاء متحالفون مع عصابات عنصرية مسلحة متفلتة تحت مسمي المشتركة تمارس النهب والقتل ليل نهار في كل مكان حتي في المستشفيات.
الآن بعد سرد هذا الوضع الأليم الذي وصل إليه حال السودان والشركاء المتشاكسون هل يمكن توقيع إتفاق سلام يحقق الإستقرار للسودان ويحافظ علي ماتبقى منه؟

الإجابة: لا اعتقد ذلك مطلقاً..
فالبرهان الذي نصب حميدتي نائبا للرئيس وسلمه المدن للتدمير والخراب وتحالف مع كيزان اسسوا الدعم السريع وانقلبوا علي رئيسهم البشير ويمارسون الانتهازية والكذب ويدلسون وتنافس خلاياهم الامنية عصابات الحركات المسلحة في السوء والتنكيل بالمواطن والإبتزاز وتلفيق التهم والنهب والإعتقالات والقتل تحت التعذيب. هؤلاء وبرهانهم لايمكن ان يصنعوا سلام او استقرار واي اتفاق سيتم توقيعه سيكون الهدف منهم حماية مصالحهم علي حساب مصالح الوطن والمواطن. وسيقود لمزيد من الدمار.

مخرج السودان الوحيد في حالة واحدة فقط أصبحت شبه مستحيلة الحدوث بالمعطيات الحالية ولكن الله علي كل شيء قدير وهي ان يقيض الله لهذا البلد قيادة جديدة بعيدة عن الحلمان وشلته وبعيدة عن الكيزان وكذبهم وفسادهم وبعيدة عن القحاتة وخلاعتهم وبعيدة عن حميدتي واطماعه وبعيدة عن الحركات وفوضتها. قيادة جديدة حاسمة همها الاول المواطن والوطن تستطيع قيادة السودان لبر الامان وتفكيك كل هذه الاجسام السرطانية بداية من الكيزان والقحاتة ومجموعة الحلمان وتفكيك المليشيات وتوحيد شعب السودان تحت هدف أعلاء مصلحة الوطن والمواطن بعيداً عن الاطماع الحزبية والعنصرية والمناطقية.

فهل يتحقق هذا أم أن هذا حلم صعب المنال؟
وإن لم يتحقق هذا الحلم فمصير السودان الفوضي والمذابح والدمار والتقسيم لدويلات والإستيلاء علي أراضيه من قبل دول الجوار وتلاشي السودان.
ولكن الله علي كل شيد قدير لهذا دعونا نتوجه الي الله بالتوبة والدعاء ليرفع البلاء وليغيض لهذه البلاد من يحسن قيادتها ويرفع البلاء.

عن عبدالباقي حمد النيل عوض الله

عبدالباقي حمد النيل عوض الله

شاهد أيضاً

حقيقة ما دار في زيارة مصر بالديل القاطع

بقلم: عبدالباقي حمد النيل العوضfreemaill249@atomicmail.io بالدارجي كده في جماعة جارين يقولوا يمين وجماعة جارين يقولوا …