الصباح الباكر في القرية الوادعة الهادئة يعني ميلاد يوم جديد، يعني أشراق فجر جديد، تدب الحياة في اوصال البلدة الناعسة، الكل يعمل بجد ونشاط وتفاني، العمل هو الوسيلة الوحيدة لكي يجري دم الحياه في أوصال القرية، كما نيلها متجدد متدفق في مجري النيل، يجري في كل فصول السنة، فيثمر ثمرا وقمحا،في أشجار نخيلها وسيقان قمحها. حسب الله إبن جبال النوبة يحمل شباكه وسنارته يلقي بها في جوف النيل راجياً صيدا وفيرا، الحاج أكول في مصنع طوبه البلدي الصغير بصحبة أبناء الاستوائية وبحر الغزال وبحر الجبل، يعينه أبنه مايكل، الطامح لدراسة القانون في جنوب أفريقيا،أعجابا بنلسون مانديلا، قائد ثورة تحرير السود من هيمنة البيض، يعمل بهمة ونشاط حتي يكمل دراستة وبعدها ينشد أن يشد رحاله إلى جوهانسبرج لتحقيق حلم حياته.الحاج أحمد يتجه إلى جروف النيل علي حماره الأبيض، قاصدا مكان الوابور الزراعي العتيق الذي شاخت وتساقطت أسنانه مع مرور عجلة الزمن الغشيم، الحاج علي الإمام موذن المسجد العتيق ينظف ويعتني بباحة وفناء المصلي إستعدادا لصلاة الظهر، كل يوم يمني نفسه أن تصان الجدران المتهالكة، السقف المتهالك، النوافذ وقد سكنتها الزواحف والخفافيش، يظل الأمل عند الحاج علي أن يري المسجد في أجمل حليه، أبناء البلده المهاجرين في طول الأرض وعرضها لايبخلون علي المسجد، في كل وقت وآخر يجودون بما تيسر لهم حتي تظل أبواب المسجد مشرعة لكل قاصد، مشرعة لكل غاية. الصور والمشاهد المشرقة في البلدة عديدة، وفي الجانب الآخر توجد أمثلة لصور قاتمة السواد، تعكس جشع وطمع النفوس الضعيفة والمريضة كبقع سوداء في ثوب أبيض ناصع البياض. التاجر مختار عثمان، أو مختار الجبار كما يسميه شباب الحي، شخصية جشعة طماعة ملئية بالأنانية وحب الذات، يحشر أنفه في كل لجنة كونت في القرية، هو في لجنة المشروع الزراعي المتهالك، عضو في لجنة المسجد وخلاوي القرآن، وهو أبعد مايكون عن تعاليم القرآن، وهو عضو يثير المشاكل والمشاجرات والمتاعب في لجنة المدرسة الوسطي.همه الأول ان يدير اللجنة المالية ويعبث بمالها ومصادر دعمها، يتلاعب بأوراقها وفواتيرها، ليزداد الحال عسرا علي عسر، وأهل القرية المغلوبين علي أمرهم يلجأون إلى الصمت، والدعاء بزوال هم وتفريج كرب جثم علي صدروهم وكتم انفاسهم ردحا من الزمان. أصبح التاجر مختار مدار حديث وسمر شباب البلدة عندما يتسامرون عند المساء، يجتمع الشباب عند المساء في مكان فسيح علي طرف شارع رئيسي يسمونه"المطار"، يلتقون ليلا بعد وجبة العشاء وقد امتلأت جيوبهم بحبات البلح، يأكلون ويتجاذبون أطراف الحديث والقفشات، مختار عثمان، أو مختار الجبار كما أطلقوا عليه، هو مدار حديثهم، وحكاوي أخري مختلفة، يتندرون عن تملقه وطمعه وإستغلاله للآخرين، حتي الحاج بلال أكول البسيط الكادح الشقي لم يسلم من أساليبه وحيله، يبيعه كل إحتياجاته بضعف السعر، لأن الحاج أكول يدفع له عند نهاية عمله وبيعه للطوب بعد وقت طويل، فيتضاعف السعر مثني وثلاث.هذه صوره لجشع وطمع وغياب الضمير عند البعض. مختار التاجر ليس وحده في البلده ولكنه جزء من البعض، الذين آثروا الذات علي الكل،اﻷمثلة كثيرة ومتعددة، يطل الفساد براسه القبيح بصور متعددة، الفساد والجشع والمحسوبية والرشوة في أراضي المشروع الزراعي القديم مثال حي يمشي بين اهل بلدتي، المشروع الزراعي قطع أمثال مختار الجبار أوصاله وأطرافه الي قطع صغيرة، ظفر قليل منهم بأجزاء ومساحات منه، ووقف البسطاء والضعفاء علي الشط اﻵخر من النهر، علي أمل أن يأتيهم مركب ذي شراع أبيض، يأخذهم بعيداً،إلى شط آخر أو مرسي آمن. *قصة قصيرة من خيال الكاتب، الأسماء والشخصيات واﻷمكنة غير واقعية، اذا حدث اي تطابق فتلك محض صدفة zuheiramir@hotmail.com