يا الصادق المهدي: بوخة دخّان.. أم “حملة عبد القيوم الإنتقاميّة”؟!

 


 

 

 

«ابكِ كالنساء على مُلك لم تحافظ عليه كالرجال»
كلام عائشة الحرّة لإبنها عبد الله الصغير آخر ملوك غرناطة

حين خرج الصادق المهدي صوب إرتريا معلنا حملة تهتدون، كنت قد سمعت بالخبر في ليل ظليم، فهاتفت صديقا لي من منتسبي الحركة الشعبية لتحرير السودان - مستبشرا:
• سمعته الخبر..؟
• خبر شنو..؟
• الصادق المهدي وصل إرتريا على رأس مجموعة من أنصاره معلنا إنضمامه للمعارضة..
• وإنته فرحان؟!! واللاهي ما يكون خرج إلا ليَخْرِبه..!

وحين تسلّل المتمهدي تحت جنح الظلام من أسمرا إلى جيبوتي - دون علم أحد من قادة التجمّع - للقاء عمر البشير، كان أوّل ما تذكّرت حصافة صديقي الجنوبي. وطفقت في استرجاع بعض أفعال وأعمال ومواقف رئيس الوزراء الذي فرّط في الحكم، فطفق يلطم ويبكي:
بعد أن صار رئيسا للوزراء بعد إنتفاضة مارس/ أبريل 1985 التي قادته إلى سُدّة الحكم، أبى أن يلغي "قوانين سبتمبر" التي كان يعلن في كلّ حملاته الإنتخابيّة بأنّها لا تسوي الحبر الذي كُتبت به.. وأمّا حين طلبت منه قوى الإجماع الوطني أن يوقّع على "ميثاق شرف الدفاع عن الديمقراطيّة" وذكّروه بما إتفقوا عليه عشيّة إسقاط نظام مايو، قال لهم: (هذا زمانٌ، وذاك زمان)!
واليوم، بعد أن عاد ليخربه (حسب نظريّة صديقي الجنوبي الصائبة) جادت لنا قريحته، ليصف جموع الشعب السوداني التي خرجت إلى الشوارع مطالبةً برحيل النظام الظالم، بقولته المعيبة.. ثمّ عاد لنا بعد أيام ليعلن بأنّه مع الشعب، وفي كلا الحاليْن فإنّه لم يفعل إلا لأنّه يحبّ رئاسة الوزراء حبّا جمّا.. مثله مثل صنوه محمد عثمان الميرغني الذي لبد (فوفّر علينا هدر الوقت في هجائه) بعد أن زهد في الحكم وتفرّغ لحبّه في كنز الذهب والفضّة.

*

بالأمس "إحتفلنا" بمرور 63 عام على إستقلال السودان؛ ثلاثةٌ وستون عاما لم نفلح فيها - إبّان فترات الديمقرطيّة - في وضع دستور دائم يرضى عنه السودانيّون جميعا، ففي تلك الفترات لم توضع سوى دساتير مؤقتة/ معدّلة.. فدستور 64 المؤقت عدّل ستة مرّات..! أمّا أصلح دستوريْن لحكم السودان، فوُضعا في فترات حكم دكتاتوري: دستور 73 (حكم نميري) ودستور 2005 اللذيْن ظلّلا حبرا على ورق.
الفشل الذريع في وضع دستور دائم، في فترات الديمقراطيّة، يتحمّله الحزبان الأمّة والإتحادي؛ اللذان كانا في السلطة، لإصرارهما على دستور إسلامي. والذي ظلّت ترفضه باقي القوى السياسيّة والإجتماعيّة. وهذا ما يُفسّر لنا عدم جديّة الحزبيْن - بقيادة المهدي والميرغني - في معارضة حكم الأخوان المسلمين. فشهدا إنقسامات متفاوتة، كان للإتحادي نصيب الأسد فيها، بحكم إختلاف تكوينهما الطائفي/ الإجتماعي.
وهذا موضوع آخر سنكتب عنه لاحقا؛

*

"حملة عبد القيوم الإنتقاميّة" هي قصّة قصيرة فذّة، للقاص والكاتب/ بشرى الفاضل. تجمع بين الفانتازيا والرمزيّة والواقعيّة السحريّة. فعبد القيوم هو الواحد/ المتعدّد؛ ففي زمن الثورات هو الشعب حين ينتفض.. وفي زمن الحسرات والمآسي هو الفرد حين ينفجر.
هنا رابط لمن لم يقرأها:https://www.alrakoba.net/articles-action-show-id-825.htm


adilelrahman@gmail.com

 

آراء