(آفاز)

 


 

 


كيف لا

يبدو أنّ التجمعات  على أرض الواقع لم يعد بمقدورها الوقوف ضد ظلم أو قرار مجحف، فأخذ أصحاب الحق أصواتهم إلى العالم الافتراضي وتفاعلوا على صفحات شبكات التواصل الاجتماعي مثل  الفيسبوك والتويتر وغيرها . ويبدو أنّ هذا التواصل لم يشبع نهم المتعطشين إلى الديمقراطية فتحولوا إلى تنظيم أكبر وهو تكوين حركة عالمية اسمها آفاز . ومن موقع الحركة الإلكتروني فإنّ آفاز هذه تعني "صوت"، وهي حركة عالمية على الانترنت تهدف لتمكين الشعوب من صناعة القرارات حول العالم . وتم إطلاق الحركة بعدة لغات أوروبية وشرق أوسطية، عام2007م لتحمل مهمة ديمقراطية بسيطة هي تنظيم المواطنين من كل مكان كي يساعدوا بعضهم البعض في العبور من العالم الذي يعيشون فيه إلى العالم الذي يتمنون .
تمكّن هذه الحركة الملايين حول العالم من اتخاذ اجراءات ومواقف حول قضايا عالمية ووطنية ومحلية ، كبيرة أو صغيرة ، سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية أو إنسانية . وبإمكان هذه الجهود والمواقف الفردية أن تتحول إلى قوة جماعية مؤثرة تساهم في تغيير الرأي العام تجاه قضية معينة بأخذ تواقيع مئات الآلاف من الأشخاص والمشاركة في الحملات على الانترنت وتوصيل العريضة للمسؤولين الأممين. وتتنوع القضايا من الفساد والفقر و النزاعات إلى تغير المناخ وإنقاذ النحل والوقوف ضد تدمير سد ميغا على نهر الأمازون .
ذخر الموقع الرسمي للحركة بالعديد من الإنجازات التي تمت بفضل أصوات المنضوين تحت لوائها . ومن نماذج التعريف بالانتصارات التي حققتها آفاز أنه في سبتمبر 2009م قامت الحركة بتعليق لوحات إعلانية كبيرة ممولة من تبرعات أعضاء الحركة في الميترو في واشنطن العاصمة . وقد جاء في هذه الإعلانات تذكير لصناع القرار بأن التعذيب غير قانوني وغير أخلاقي، بالإضافة إلى أنّه من النقاط الرئيسية التي يستخدمها أسامة بن لادن وتنظيم القاعدة في استراتيجيتهم لتجنيد المقاتلين. جذبت الرسالة اهتمام العالم وحشدت الناس لإغلاق السجن العسكري في غوانتنامو.
أما في فبراير 2011م وعندما غادر الرئيس السابق محمد حسني مبارك منصبه في مصر حاول أخذ ثروته التي جمعها من مال الشعب المصري معه ، ولكن في غضون أيام وقّع أكثر من نصف مليون من أعضاء الحركة على عريضة تم تقديمها لوزراء مالية مجموعة العشرين من أجل تجميد مليارات مبارك فوراً. أما فكرة تقديم الرسائل فكانت  بتسليم الرسائل على شكل "هرم من الاحتجاجات" وُضع مقابل برج إيفل أثناء إجتماع الوزراء. وفي الأسابيع التي تلت، وافق الإتحاد الأوروبي والبلدان في جميع أنحاء العالم على تجميد أموال مبارك وكبار مساعديه.  وحسب ما جاء في الموقع فإن الحركة تعمل  الآن على الحصول على استعادة الأموال المسروقة من طغاة آخرين وتحسين نظام العقوبات الأوروبي المليئ بالثغرات لصالح الديكتاتوريات.
أما النموذج الثالث فقد كان في أبريل 2011م من الهند حيث أعلنت آنا هزار، إحدى النشطاء الغانديين وعمرها 73 سنة، عن إضراب عن الطعام حتى الموت إلى أن توافق الحكومة على السماح للمجتمع المدني بتشريع قانون جديد فعال لمكافحة الفساد .  إنضم 500 ألف هندي الى حملة آفاز لدعم دعوة هزار لإجراء إصلاح شامل. وفي خلال 4 أيام، أجبرت هذه الحملة، الحكومة الهندية على توقيع بيانٍ خطيٍ تستجيب فيه لكل مطالب هزار.
تاريخ آفاز القريب وحاضرها مليء بالإنجازات رغم أنّها حركة عفوية وأهدافها يزينها الإيثار . وهي صغيرة العمر لدرجة تُخجل قوى المعارضة وأحزابنا بعمرها المديد وإنجازها صفر .
(عن صحيفة الخرطوم)

moaney [moaney15@yahoo.com]

 

آراء