بسم الله الرحمن الرحيم
ظواهر عديدة استوقفتني فى زيارتي الأخيرة للسودان (أبريل/مايو):
• الاستقطاب الطبقي الحاد الملفت للنظر، تماماً كما فى الهند: قلة من المهراجات الورميين مستجدى النعمة uppities المتبرجزين (المقندلين) ذوى الكروش البالونية والأعناق متعددة الطبقات ( double-deck necks كما قال ديلان توماس)الممتطين السيارات الفارهة والفيلات الخليجية وأسراب الزوجات شرعاً وعرفاً وما ملكت أيمانهم، الوالغين فى متع البطن والفرج؛......وشعب كامل على هاوية المجاعة الشاملة الوشيكة، عيونهم مقروحة الأغوار وذابلة البريق، وخدودهم ذات أخاديد متعددة متجعدة وغائرة، وأجسادهم ضامرة كالخيزران، وأسمالهم مهترئة وذات روائح. وحريم المهراجات "المقعّدات والمستقعرات" بالضرورة مفرطات فى البدانة (ومكورات كالقنفذ كما قال ود المكي)، وينعمن بالجهل (أو كما قال أبو الطيب: ذو العلم يشقى فى النعيم بعلمه ........وأخ الجهالة فى الضلالة ينعم!).
• وينتمى المهراجات بالضرورة للمؤتمر الوطني، أو على الأقل تجدهم شركاء ومرتهنين لديه وسائرين فى ركابه ظالماً أو مظلوماً؛ أي أن مال السحت الذى تقاسموه فيما بينهم خلق منهم طبقة موحدة، لها مصالح مشتركة شديدة التشابك، يدافعون عنها بالظلف والناب. ولذا فإن التخلص من النظام الحاكم يعني مواجهة هذه المصالح التى ضربت جذورها فى كل مناحي الوطن رأسياً وأفقياً، ويعني تضحيات لا تقل جسامة عن تلك التى بذلها البؤساء الفرنسيون عندما تخلصوا من حكم الإقطاع بثورتهم فى 1789 – 1799 ، أو تلك التى قدمها البلاشفة فى ثورتهم عام 1917 التى أطاحت بالقيصر.
• والقيم التى سادت مجتمع المدينة هي إفرازات النموذج الرأسمالي بدينه الجديد / القديم،ومعنى الحياة الذى تجسده هو المتع الحسية التى تهيئها لهم الثروة الطائلة التى راكموها by hook or crook . ولا يسأل أحد عن مصادر ثروته، وليس هنالك كوابح أمام تكديس الأموال الجمة من السحت واستغلال النفوذ والتسهيلات المصرفية التفضيلية المسيّسة، والمضاربة والربا - (المسمى المرابحة بالمفهوم الإسلامي السائد حالياً)– وقد تجد موظفاً حكومياً يعمل ليل نهار بكافة أنواع البزنس، مستفيداً من إمتيازات مكتبه الحكومي من سيارات وطاقة ونثريات وهواتف وموظفين وسائقين، بل إن رئيس الجمهورية تفاخر (تفشخر) أمام الشعب كله بالتلفاز بأن لديه مزرعة (مساحتها ثمانية فدادين) تدر عليه ربحاً صافياً مقداره مليار ونصف جنيه في العام، بينما يعاني جل مزارعي السودان من الإعسار والديون المصرفية الفتاكة والإفلاس المزمن. وأوجه الصرف لدى هؤلاء المترفين تحددها آخر صيحات الثقافة الاستهلاكية المحلية والإقليمية والدولية، وتقلبات الأمزجة القلقة لدى النموذج الأرستقراطي العربي والأوروبي،...فتلفاهم متكالبين على اقتناء كلما أفرزته الموضة الجديدة من ملبس ومركبات وزينة، وعلى رحلات التسوق العبثي الإسرافي كل صيف بالدول النفطية الخليجية وكوالا لامبور ولندن وباريس، والتباهي بالثروة واستعراضها بسبب وبدون سبب كأنما الغرض هو إغاظة المعدمين والمحرومين وإدخالهم فى دوامة لا تنتهي من المقارنات والغل والندم وعض البنان وتأنيب الضمير وأحلام اليقظة والنزوع للهجرة والهروب، مهما كان الثمن ومهما تقدم العمر. ولقد تآكلت المودة والرحمة التى كانت نسيجاً يربط المجتمع بأسره، لا يفرق بين ثري وفقير؛ ولقد انقسم أهل السودان إلى فسطاطين يتربص كل منهما بالآخر: فسطاط من أغنياء العقدين الأخيرين السابحين فى القيم المادية، منذ أن استولي الإسلاميون على السلطة،......وفسطاط الكادحين الذين تراكمت ثروات اللصوص الإسلاميين على حسابهم، والذين يعدّون العدة لمحاسبة مستغليهم وجلاديهم، يوم الآزفة التى ستتبعها الرادفة.
• وعلى المستوى الشخصي: وعلى الرغم من الحالة التى وصفتها أعلاه،راودتني فكرة البقاء بالسودان؛ فقد جاوزت سن التقاعد ، وتخرج أبنائي كلهم ولله الحمد الكثير،والتحقوا بالعمل في أركان الدنيا الأربعة، ولدي شقة بالخرطوم وسيارة لا بأس بها، ولا استهلك غير الفول والقراصة والشاي والقهوة، فهل أستطيع أن أقيم بينكم في بلدي التى براني حبها وشواني شي – كما قالحاج الماحي؟
• ويجيب الأهل والأصدقاء بالرفض الكامل لهذه الفكرة السريالية "الانتحارية"، مستدلين بالحيثيات الآتية:
- لا يغرنّك الترحاب الذى قابلك به المعارف، إذ أنك ضيف عابر فى نظرهم. أما حينما تلقي عصا الترحال وتعلن الأوبة والكف عن الظعن والهجرة، فإنهم سينصرفون عنك وينفض سامرهم، وربما يتحاشونك كأنك بعير أجرب. ولن يشفع لك غير وضعك الطبقي: فإذا كنت فى زمرة الأثرياء المنعمين، فإنك ستجد أرتالاً من الأصدقاء والمحبين والأقرباء المكتشفين مؤخراً (مثل عمك دوليتل والد إلايزا دوليتل فى بجماليون – سيدتي الجميلة My Fair Lady- لبرنارد شو)، وإن كنت من (المقشّطين) فسينطبق عليك قول جدك كلوّة الذى ترنّم على ربابته فى مطلع القرن العشرين مخاطباً زوجه في قنتي:
الله منك ياحلو الضوق
ياعجو المحس التقيل فدع الكورّوق
.....................................
شناة الفقرى وكتين يطلع السوق
وان بقى فى الجوديّة....حديثو ممحوق
دحين آبت اعمّي
أنا ماشي لي سنجه الصعيد فوق.
(وقد أفحمته بردّها:
ما بتبارك آخوي الكفّو ممحوق
إن مشي لي سنجه الصعيد فوق
أخير البي تحت سايقلو سبروق
بقرتو تشخّب وتورو أرقوق.)
- ولا تحسبنّ الحرية النسبية التى تنعم بها الآن دائمة، (أي الونسة وتناول سلبيات الحكومة فى القعدات)، فأنت ستكون خاضعاً لمزاج الرقيب الحسيب الذى سيحيط بك من جميع الأقطار، وهدفاً للرقابة القبلية والبعدية؛( وأنا أكتب هذا المقال، أوقفت أربع صحف وصودرت عشر يوم الإثنين 25 مايو). وما تدبجه الآن بالصحف الإسفيرية لأنك موجود بالخارج...لا تحلم بنشره فى الداخل. أي أنك ستكون مغلول اليد والماوس ومكمم الفم، ولن تستطيع أن تقول إلا ما يرضى النظام. ولربما يعترض سبيلك جلاوزة الأمن، وقد يصفعك على خدك من يكون فى سن حفيدك منهم لأتفه الأسباب. وهنالك العديد من مهام الحياة التى لن تعرف كيف تنجزها أو تقاربها: مثل أذونات البلدية أو النائب العام أو الجهات العدلية أو أماكن استخراج الرخص أو إدارات الضرائب والجمارك...إلخ، إذا طرأ طارئ يذهب بك إليها، أو إذا واجهتك على سبيل المثال مشكلة عقارية، مثل مستأجر رفض أن يخلى بيتك. ولن تعرف من أين تحصل على التيار الكهربائي أو الغاز أو المواد التموينية بالأسعار العادية. ولن تجد من توسطه إذا أردت أن تساعد أحد أقربائك فى الحصول على وظيفة. وهنالك أهداف متعلقة بالحياة اليومية لن تستطيع أن تبلغها إلا بشق الأنفس وعبر شبكة من الوسطاء "رعاة الكومشن" والمرتشين، وأنت قادم من بلاد لا تعرف مثل هذه الأساليب. وستجد نفسك مثل (الريال البرّاني)، أو مثل عمك أبو العلا البشري فى المسلسل المصري المشهور.
- وربما تتعرض لكل العوامل التى تؤدي للخرف المبكر أو الألزهايمر: فإنك ستقرأ فى عشرات الصحف وتستمع للخطباء صباح مساء فى المساجد والتلفزيون والمناسبات المستمرة، وهم يمدحون الوضع الراهن ويحمدون الله على نعمائه المتدفقة، ثم تخرج للشارع فتجد مئات المتسولين والفاقد التربوي (بالهبل) والمرضى والسابلة المتدفقين على الطرقات بلا هدف يذكر، وكافة تجليات الواقع المرير الداحض لدعايات الحكومة، وذلك لعمرى من أسباب انفصام الشخصية. ومن الملاحظات الملفتة للنظر فى الخرطوم أن شوارعها أضحت تعج بالمرضي النفسيين – خاصة الشيزوفرينيين - الذين ليست لديهم مستشفى تأويهم، فقد تصرّم عهد التجاني الماحي وطه بعشر وحسبو سليمان عليهم رحمات الله، وشحت المؤسسات التى تعني بمثل هؤلاء المساكين.
- والإخوان المسلمون المتشبثون بالسلطة حتى الرمق الأخير لا يطيقون كادراً غريباً أو منافساً، ولن يفسحوا لك أي مجال، لا فى أجهزة الدولة ولا فى المؤسسات العامة ولا فى القطاع الخاص. ولو أردت أن تشق طريقك المستقل فى سوق الله أكبر أو فى مجالات الزراعة، بأي صيغة من صيغ الاستثمار أو ال entrepreneurship، فإنهم سيتآمرون عليك بالضرائب الباهظة والزكاة القسرية والإجراءات السلحفائية التعجيزية حتى تقلع عن أفكارك الوردية بطوع بنانك، فهذه المجالات غير مسموح بطرقها لغير سادتهم القادمين من الدول النفطية –تلك البقرات الحلوب التى تصدق كل ما قيل لها عن (سلة غذاء العالم) وتدفع تحت الطاولة بالعملة الصعبة لكل من هبّ ودبّ. فقط، تستطيع أن تستثمر إذا دخلت فى شراكة مع إحدى الشركات التابعة للأمن (وادعيت لهم مثلاً أنك ستمولهم بالنفط، ولا يهمهم بالطبع من أين، وهو غالباً من نفط المناطق التى سيطرت عليها داعش)، أو أي ماسورة من هذا القبيل، فقد زالت الفواصل بين التجارة الحرة النزيهة الشفافة، وبين عالم الجريمة، وهذا ما يؤكده وجود عشرات النيجيريين والغرب إفريقيين المشبوهين فى هذا الفضاء العربي الإفريقي، خاصة تجارة (تهريب) النفط من خلف ظهر منظمة أوبك.
• وعلى كل حال، ومهما كانت أعراض المأساة السودانية، فلقد وجدت العديد من المتفائلين مثلي–the hopelessly optimistic - الذين يحلمون بالخروج من هذا المأزق التاريخي، ويتوثبون نحو آفاق الحرية والبناء الوطني والتحول الاجتماعي؛ خاصة أولئك الذين عايشوا وشاركوا فى ثورتي أكتوبر 1964 وإبريل 1985. فلا زالت جذوة النضال متأججة فى دواخلهم، وما برحوا يتناقشون حول تلافى أخطاء الماضي، وحول أنجع السبل لإنجاح الانتفاضة القادمة بأعلى كفاءة وأقل خسائر ممكنة. ويرى معظم هؤلاء ثمة شروط لا بد من تلبيتها للخروج من النفق المظلم الحالي والسير بالسودان نحو الحرية والديمقراطية:
- وأول الشروط المفضية لمثل هذا الخروج هو زوال النظام الراهن دفعة واحدة، بلا أدنى تردد أو مساومة أو صفقات، فمن يحسب أنه سيفوز بأي رهان مع الطاقم الحاكم الحالي، كمن يحلم بأن يكسب كل أموال كازينوهات موناكو فى ليلة واحدة، أو من يظن أنه يستطيع أن يكسب شيئاً من جماعة ملوص (الذين كانوا يمارسون أحابيلهم بشارع القصر فى الستينات، والذين كنت أحد ضحاياهم فى أول زيارة لي للخرطوم). وبالطبع لن يحدث ذلك بمعجزة سماوية مباغتة تأخذ الكيزان وجندهم على حين غرة، ولكن عن طريق هبة شعبية كاسحة - وبقدرما تتوحد الجماهير وتصمد بثبات فى الشوارع ليومين أو ثلاثة، بقدرما سيتهاوى النظام كأنه أعجاز نخلة هاوية، بسرعة مذهلة. أنظر ياهذا للثورة المصرية، فلم تتطلب إزالة حسنى مبارك ونظامه المدجج بمليون ضابط وجندي فى جهاز الأمن أكثر من اعتصام بميدان التحرير ومظاهرات سلمية دامت بضعة أيام، وقدمت بضعة شهداء؛ وثورة الشعب التكميلية فى 30 يونيو 2013 لم تدم لأكثر من يوم واحد. ونحن دائماً نتبادل الخبرات ونتكامل سياسياً وثقافياً واجتماعياً ووجدانياً مع الشعب المصري منذ فجر التاريخ، أليس كذلك؟
- ولكن قد يقول قائل: أين الرديف السوداني للأحزاب والحركات الشبابية والعمالية التى نظمت الشارع المصري ودوزنت إيقاعه وحرّكته؟ فالشارع لا ينفجر من تلقاء نفسه، إلا إذا أردنا رعشة خاطفة عشوائية، سرعان ما تتبدد كالفقاعة. وقد يقول آخر إن المد الذى يشهده العالم العربي هو مد رجعي باتجاه تمكين الفكر السلفي الإخواني المتحالف مع الشيعة، والنظام السوداني جزء من هذه المنظومة الرجعية؛ وإذا ادعى أنه قلب لها ظهر المجن –واستدل باشتراكه فى "عاصفة الحزم" - فهذه مجرد خدعة و"تقية" تعلمها من أصدقائه الشيعة. فإنك تجد الإيرانيين يدعمون الحوثيين لآخر لحظة بمراوغة ومخاتلة الرقابة الدولية، وبكميات هائلة من الأسلحة والأجهزة القتالية المتقدمة، وفى نفس الوقت يدعون أنهم ضد داعش وأن كتائبهم المسماة (درع العالم) تحت خدمة حكومة بغداد لتحارب بها داعش، بينما هم الممول الأساس لداعش نفسها. كل ما فى الأمر، يرغب الجيش الإيراني فى التوغل بالأراضي العراقية، مستنداً على الشيعة الذين بيسيطرون على بغداد والجزء الجنوبي من العراق، ليلتحم الإيرانيون بسوريا، مستندين على وجدودهم المكثف هناك دعماً لنظام الأسد وطائفته العلوية الشيعية. ومما لا شك فيه أن إيران تحلم باستعادة الدولة الفارسية الساسانية التى حكمت منطقة الخليج فى يوم من الأيام لقرنين كاملين، ولها مجموعات شيعية مهولة بهذه الدول، خاصة فى شرق السعودية والبحرين وسائر دول الخليج، ولديها خلايا نائمة فى كل الدول العربية من الشيعة ومن حلفائهم الإخوان المسلمين. ويبدو أن هذه الحقائق قد فاتت على الدول الخليجية التى تراخت فى تحفظها ضد نظام الإخوان المسلمين السوداني، فمنحته من الدعم ما استعاد به أنفاسه.
- وعلى الرغم من ذلك يمكن الالتفاف حول النظام السوداني وعزله من المد الرجعي المذكور بتدعيم وترسيخ العلاقات التى دخل فيها هذا النظام – على خجل – مع القوى المؤثرة بالمعارضة، مثل الاتحادى الأصل وحزب الأمة (الذى يضع رجلاً فى المركب وأخرى فى الطوف) والفعاليات التى فتح النظام أمامها أبواب ما يسمى (بالحوار الوطني). هذه فرص يمكن استغلالها لتوسيع وتعميق دوائر الحوار التى قد تساعد فى إيقاظ ضمائر القوى الديناصورية التى ظلت متحكمة منذ ربع قرن، وفى إبراز المخاطر الاستراتيجية التى تنتظر السودان – الحرب الأهلية الداعشية والكنتنة والصوملة. وعلى هذا الأساس، يمكن أن يلعب البشير دوراً تاريخياً شبيهاً بما قام به جمال عبد الناصر عام 1954 بعد محولة الإخوان المسلمين اغتياله فى منشية البكري، فانقلب عليهم بعد أن كان حليفهم، ومسحهم من الأرض، ولم تقم لهم قائمة إلا بعد وفاته فى 28 سبتمبر 1971. إذ يستطيع البشير أن يلوذ بحلفائه الجدد من الحركة الوطنية السودانية، خاصة بعد أن تخلص من أبرز وأخطر الرموز الإسلاموية التى حملته للسلطة وهيأت له مرقدها للعشرين سنة ونيف المنصرمة، ولم يبق منهم إلا جيل أبنائهم المدجنين الأغرار.
- وإذا تفهم البشير هذا الدور الذى ساقه له المولى عز وجل، فقد يكون فى ذلك إنقاذ تاريخي للسودان، وإذا أراد فعلاً أن يهتبل هذه السانحة بما تستحق من جدية وذكاء، عليه أن:
- يرفع شعارات التجرد والتقشف والوطنية والاعتماد علي حب الشعب، وليس أجهزة الأمن والبروباقاندا النازية، وعليه أن يخفض ميزانيات القصر والأجهزة الأمنية بنسبة 50% ضربة لاذب.
- يقلص الوزارات لسبع عشرة فقط، بدمج العديد منها فى بعضها البعض، مثل التربية والتعليم العالي، والتجارة الداخلية والخارجية، والإسكان والأشغال والطرق والجسور والكهرباء، والإعلام والشباب والرياضة...إلخ، مع إلغاء وظيفة وزير الدولة بالمرة. وأن يخفض مخصصات الوزراء وأساطيل السيارات والموظفين والخدم والحشم.
- يحكم الولايات حكام أشبه بمديري المديريات فى الزمن السابق، يعاون كل منهم ثلاثة مساعدون (أشبه بمفتشي الخمسينات والستينات) للخدمات والشرطة والأمن والمالية والاستثمار، مع عدم استخدام لفظ وزير لهؤلاء المساعدين.
- عدم مجادلة أو مماحكة الحزب الحليف الرئيسي (الاتحادي الأصل) فيما يقدم من أسماء لنصيبه من الحقائب، إذ من المتوقع أن يتجه هذا الحزب صوب كوادره التى لم تتلوث بأي شبهة فساد أو موقف سياسي متخاذل أو خيانة،....صوب الرجال النظيفين الذين سيعملون على إنقاذ البلاد بحق وحقيق وجدية وشفافية ووطنية لا شبهة فيها.
- وعلى الرغم من عدم إشتراك حزب الأمة بصورة واضحة، فليس من العقل تجاوزه كلية، إذ بإشراكه تأخذ الحكومة القادمة طابعاً قومياً جامعاً، خاصة إذا اختار البشير من قادة الحزب مثل الآتية أسماؤهم – وهم أمة وأنصار بلا أدنى شك، ووطنيون أطهار، واحترافيون شهدت بهم الدول التى خدموا فيها لعشرات السنين، رغم أنهم مبعدون أو مهمشون أو مستقيلون من حزب الأمة: مثل البروفيسير فيصل عبد الرحمن على طه (الإمارات)، وحبيب سرنوب، ابن جبال النوبة، وزير الطاقة الأسبق (الإمارات)، الدكتور إبراهيم الأمين، والدكتور بيطري صديق بولاد (كندا) ، والأستاذ صلاح الجلال (أستراليا)، والدكتور مرتضى الغالي (الإمارات).
- يجب أن تذهب باقي الحقائب الوزارية لتكنقراط شرفاء ملتزمين جانب الشعب والوطن ولهم مواقف واضحة ومشرفة، وليسوا أفندية فقط، مثل: الدكتور محمد يوسف أحمد المصطفي، وزينب كباشي عيسي (لندن)، وشوقى بدري (السويد)، والدكتور كمال شداد، والدكتور محمد الواثق كمير، والباشمهندس عمر الدقير، والدكتور عبد الرحيم الريح (جمهوري سابق - خبير بغرفة تجارة أبو ظبي وأفضل وزير مالية يمكن أن يحلم به السودان)، والأستاذ الحاج وراق (يوغندا).
- أما إذا أخذ البشير انتخاباته الأخيرة مأخذ الجد وظن أنه يجلس على قاعدة شعبية واسعة ولا يحتاج لأحد، ووضع أصابعه فى أذنيه واستكبر استكباراً، فإنه سيعيش فى نفس الوهم القديم الذى لازمه لربع قرن من الزمان، والذى أودى ببلادنا وألزمها هذا الدرك السحيق.
والسلام.
fdil.abbas@gmail.com