أجهزة العدالة على المحك !!

 


 

 

نقول من البداية.. إذا كان ما تم إعلانه بالأمس من قرار للنائب العام بتأسيس نيابة لإزالة التمكين واسترداد الأموال العامة قرار حق وعدالة فلتكن هذه النيابة حكماً بين ما تم انجازه من لجنة إزالة التمكين الشرعية التي جاءت بها الثورة والوثيقة الدستورية وتم حلها بعد الانقلاب.. وبين ما قام به جماعة الانقلاب من إعادة التمكين عبر (إزالة إزالة التمكين)..!
ورغم عدم ثقتنا وعدم توقعنا لأي عمل عادل صالح تحت هذا الانقلاب..إلا أننا لا نستبق الأحداث وننتظر ما يقوم به النائب العام والنيابة العامة تجاه ما جرى من تخريب لأسس العدالة والإنصاف وامتهان للقانون بإعادة ممتلكات الدولة لمن نهبوها من الإنقاذيين بهذه العجلة و(اللهوجة) حيث تؤكد كل قرائن الأحوال إن إعادة هذه الممتلكات والأموال للناهبين تمت بإجراءات سياسية (ركبة وراس) يقف خلفها قادة الانقلاب للانتقام من الثورة..فكان هم الانقلاب الأول الإسراع بإعادة أموال الدولة ومواردها لمن نهبوها وإعادة الإنقاذيين إلى مناصب الدولة والخدمة المدنية وفي الخارجية و(في ديوان النائب العام نفسه) وهي إجراءات (مطعون فيها) وكل من شملتهم مطعون في ذمتهم ونزاهتهم..فكيف ساغ ذلك في هذا الوقت الوجيز ومن شملتهم الإدانة بالمئات والآلاف..!
كل القرائن تقول إن إرجاع الأموال والوظائف والمنهوبات تم بغير فحص كافٍ للحيثيات الواضحة ضد من سرقوا ومن ركبوا مناصب الدولة ووظائفها بغير مؤهلات مهنية أو أخلاقية..فكلهم من أصحاب العلامة السوداء في صحائف (حسن السير والسلوك)..وكلهم حصلوا على ما حصلوا عليه بالشفاعة السياسية من الإنقاذ ربيبة الفساد و(فابريكة الفجور)..كما أن اللصوص الذين أعيدت لهم الشركات وموارد الدولة وأملاكها كانوا قد عجزوا هم أنفسهم عن إثبات ملكية ما بين أيديهم..واقرّ الذين أبعدتهم لجنة إزالة التمكين الشرعية بأن تعيينهم تم بدمغة سياسية فاسدة...فهل ننتظر ونأمل وفق قرار النائب العام بالأمس أن تتم الإجراءات في هذا الشأن على سنة العدالة ونواميس المهنية والإنصاف والضمير لتنهض النيابة بتجلية الحق بين أعمال ومقررات لجنة إزالة التمكين الشرعية وبين (الخرمجة) التي قام بها الانقلاب لتبرئة وتكريم الحرامية والناهبين...؟!
كذلك حملت الأنباء أن النائب العام اصدر أمراً تأسيسياً بإنشاء نيابة لدعاوى الشهداء والانتهاكات- ونأمل أن تكون كلمة دعاوى هذه (مفردة قانونية) وليست تشكيكية حول ما جرى للشهداء وما شهده الوطن وكل العالم من قتل وسحل ودهس وما جرى للمصابين والجرحى والغرقى والمفقودين..لنرى كيف تكون إجراءات وتحقيقات النائب العام ونياباته.. وثالثة ما جاء في قرار النائب العام دمج نيابتي مكافحة الفساد والأموال العامة تحت نيابة واحدة.. والناس تعلم أن فساد الإنقاذ الذي كان أفدح فساد تشهده دولة في العالم..قد أعقبه الآن بعد الانقلاب فساد آخر جديد مطلق السراح يبنى على فساد الإنقاذ القديم و(يقتدي به) ويزيد عليه..! وهو فساد (مسموح به) يتدفق من أعلى هرم الانقلاب وينحدر إلى أخر قزم من الذين أصبحوا يعرضون أنفسهم في سوق الانقلاب..وهو أسوأ من (سوق الحرامية) الذي كان يُدار وسط الخرطوم أيام الإنقاذ في وضح النهار لتداول الساعات والخلاطات والملايات المسروقة ..!
هذا هو فرع من أجهزة العدالة يتعّرض الآن لامتحان عسير..والشعب يراقب وينظر ماذا يفعل النائب العام ونياباته..! وقد رأى الناس ما صدر من دائرة اسمها دائرة الطعون بالمحكمة العليا..فهل تكون أجهزة العدالة في خدمة القانون..؟! أم نطوى هذه الصفحة و(نستعوض الله) في آخر معقل من معاقل الدولة..!! قالوا للجنرال ديجول بعد عودته ظافراً من المنفي وبعد دحر النازية عن فرنسا..قالوا له لقد دمّر الاحتلال البنيات الأساسية والجسور والكباري والمدارس والمعاهد والمصانع..قال لهم: وماذا عن القضاء ..قالوا له: القضاء بخير.. قال (إذن فرنسا بخير)..!!
هل نعود فنرى القضاء والنيابات ساحة نظيفة شريفة..؟! أم نراها ترتكس (لا قدر الله) وتصبح واحدة من دوائر وقطاعات المؤتمر الوطني.. الحزب الآثم المدحور وشركة المساهمة العامة للإجرام والفجور..!!

murtadamore@yahoo.com

 

آراء