أحداث الجنينة .. نهج الدفاع بالنظر..!!

 


 

 

 

 

أحداث الجنينة كشفت عن (خلل مريع) في وظائف ومهام وقدرات وإرادة القوات النظامية.. ولا يمكن أن يكون هذا هو الحال في أي مكان وزمان.. فمن البديهي أن الدولة ملزمة بحماية مواطنيها من القتل والترويع ومن أي مكروه عن طريق المبادأة وسرعة الاستجابة والتوقي والاستعداد المبكّر عبر مراكز الاستخبار والاستشعار والتنبّه للمخاطر (الكامنة) قبل وقوعها واستباق الأحداث… فمن يحمي المواطنين وأطفالهم وهم مكشوفون للهجمات المسلحة من الأفراد والجماعات المسلحة والمليشيات.. خاصة في الأماكن الملتهبة..!! والهجومات المسلحة لا تحدث من فراغ بل تسبقها إرهاصات ومقدمات وشحن متبادل.. فكيف يحدث هذا ونحن نتحدث عن جيش وطني وقوات نظامية لها قياداتها ونيشاناتها (وأركان حربها) واستخباراتها وآلياتها وميزانياتها وشركاتها ومؤسساتها ومصانعها..؟! وماذا يمكن أن نسمي هذه الحالة من الانفلاتات التي يموت فيها العشرات بين الحين والآخر وتُستباح فيها المدن والبلدات بل يتم احتلال مواقع ومبانٍ ومرافق من مليشيات مسلحة قبلية أو غير قبلية..!! هذا خللٌ لا يعادله خلل.. والمؤسف أنه لم يعقبه من القوات النظامية ما يمكن أن نسميه بالاستجابة العاجلة والقصوى التي توازيه؛.. فهل كنا ننتظر حتى تحدثنا الأمم المتحدة والمفوضية السامية للاجئين عن ضرورة نزع السلاح المتبادل للمجموعات المسلحة..؟! وهل هناك أي مشكلة في نزع السلاح من المدنيين خاصة عندا يكون نزح السلاح عاماً ومتبادلاً بين الفرق المتنازعة أو المتحفّزة.. هذه هي مسؤولية القوات النظامية ونترك للشعب السوداني أن يحكم ما إذا كان هذا الذي يحدث من جيشه وقواته النظامية على مستوى الكفاءة والإرادة المطلوبة والواجبة ..!!
ثم نأتي إلى التقصير المريع من الجهات الحكومية المُختصّة على مستوى وزارات الداخلية والدفاع والحكم المحلي وسرعة الاتصال والتناغم بين هذه المؤسسات وبين الولايات التي تقع فيها إرهاصات الاقتتال العشائري..وما إذا كانت هناك خطوط ساخنة (أو باردة) وعلى أي مستوى من التنسيق والاتساق بين هذه الجهات وسرعة تبادل المعلومات والتجاوب ومستوى الفعالية و(النوايا الوطنية الخالصة) وتوفّر الإرادة أو غيابها بين غياهب النفوس التي يعلم طواياها إلا علّام الغيوب…!
ثم أين مجلس السيادة بفرعيه (وشركائه) من هذا الذي يجري..؟! أين هو من العناية بما يدور في مناطق الالتهاب؟ وأين هي برامجه بشأن السلام الأهلي والوجود الفعلي في الأماكن التي يدور فيها التطاحن والنزاع لأسباب معيشية أو (حزازات تاريخية عقيمة) وما إذا كان وراء النزاع محرّضون من الفلول يريدون تعويق التغيير أو أصحاب مصالح ذاتية وآخرون يستطيبون الشرور (لله في لله) ولا يطيب لهم الحال إلا بنشر الفتنة..!!
ثم نأتي إلى جماعة الحركات المسلحة (كعب أخيل ومكمن العوَج في التقصير) .. الحركات التي دخلت إلى مفاصل الدولة ونامت (نوم العوافي) عن الاتجاه إلى مناطق الصراعات لاستئصال جذورها ونزع فتائلها والمساعدة في نزع سلاح المليشيات والجماعات والأفراد وتطييب الخواطر والحض على السلام والتعايش الآمن وتكوين مجموعات للرقابة الأهلية من أهل الحكمة.. والإسهام حل النزاعات العالقة بدلاً من احتلال الفنادق والحدائق والجولات التي تثير الهلع في شوارع الخرطوم..!!
طبعاً هناك جهات أخرى عديدة ينبغي عليها الانخراط لمنع هذا الذي يجري من اقتتال دموي في غرب السودان وأنحاء أخرى من البلاد.. وكل الناس مسؤولون عن المساهمة بما في مُكنتهم وإمكانهم..من إعلام يقظ وكل فرد أو مجموعة أو هيئة أو مجتمع مدني.. ولكننا نسائل أولاً الذين يملكون حق الردع وتحقيق الأمن.. وكل دساتير الدنيا حتى في (الواق واق) تقول إن الجهة الوحيدة المخوّلة لحمل السلاح وامتلاك القوة الجبرية هي القوات النظامية.. فلماذا يجري ما يجري.. والى متى..؟!

 

آراء