أحداث محلية بليل.. لم لا تمنع السلطات الإقليمية الفزع الأهلي وتتكفل هي بمؤنته؟

 


 

 

يستغرب أي ذي عقل، لماذا تكتفي الأجهزة الأمنية، سيما اللجنة الأمنية بإقليم دارفور بمهام رجل الإطفاء، وتنتظر وقوع الأحداث الجسام، لتتحرك بتثاقل لتدارك الأمر، والاكتفاء بإنقاذ ما يكمن إنقاذه؟ إذ أنّ كافة الأحداث الدامية، والتي ظلت تتكرر في أرجاء الإقليم بوتيرة شبه ثابتة، لم تحدث بغتةً، وإنما تسبقها تحضيرات ميدانية، وتجميع حشود على مهل، وتُمّهد لها بالحرب الكلامية، وبث الشائعات، ومن ثمّ تقع الواقعة!
الأحداث الدامية، التي وقعت مؤخرا بمحلية بليل شرقي مدنية نيالا، والتي لا تزال عوارها مستعرة، تشير المصادر إلى أنها نتيجة لهجمات تنفذها جماعات مُسلحة، تتحاشى الأجهزة الأمنية تسميتها، لحسابات معروفة للجميع! وحسب إفادة هيئة محامي دارفور وشركاؤها من صادرهم الخاصة، أنّ المليشيات المهاجمة، ترتدي الزي العسكري لقوات رسمية، يمتطون عربات ذات الدفع الرباعي، ومزودون بكافة أنواع الأسلحة من الدوشكا والجيم والقناص، وتسير بجانب تلك العربات الخيول! وحتى هيئة محامي دارفور "الهمامة"، تتحاشى الإشارة إلى عورة السلطان!
في ذات المنحى، أشار راديو دبنقا إلى انسحاب القوات النظامية من المنطقة بسبب كثافة عدد المهاجمين الذين يستقلون عربات دفع رباعي مدججة بالسلاح! وهذا دليل على عجز الدولة، في حماية المواطنين، إن لم تكن متواطئة، وإلاّ أرسلت تعزيزات، بدلاً عن ترك الأهالي العزل يواجهون خطر الموت المحتوم!
ومما يزيد الارتياب، أن محلية بلبل تبعد حوالي 15 كلم فقط من مدنية نيالا حاضرة ولاية جنوب دافور، أي أنها على بعد أقل من نصف ساعة من مقرات القوات النظامية، إن أرادت أن تمنع الاعتداءات الشاملة على قرى الأهالي بمحلية بليل التي تعتبر الحديقة الخليفة لمدينة نيالا!
تستمر فصول هذه الأحداث المؤسفة، في ظل غياب تام لحاكم الإقليم، و"تطنيش" من نائبه، وصمت مريب من نائب الحكومة الانقلابية "الفريق" حميدتي، وفي ظل زيارة علاقات عامة لا قيمة لها لعضوا المجلس السيادي الانقلابي الطاهر حجر للإقليم!
وحسب راديو دبنقا، أنّ سبب أحداث محلية بليل يرجع إلى حادث سرقة أغنام، قام فزع أهلي على إثره بتتبع اللصوص ونتج عنه اشتباك أدى إلى مقتل أحد اللصوص. وهنا يكمن الغياب التام للإدارات الأهلية، وتأكيد أن على أن المكونات الاجتماعية لا تزال مشحونة بالكراهية، والنفوس لا تزال مترعة بالتربص، وأن أطراف اتفاق جوبا أكتفت من الغنيمة بالمناصب، وليس من بين قياداته من هو على قدر مأساة الإقليم.
لم لا تتولى قوات حفظ الأمن المنبثقة عن اتفاق جوبا، مهام الفزع الأهلي في أحداث سرقات المواشي المتكررة، والتي تبدو مفتعلة، للتشفي القبلي، وتغني الأهالي مؤنة المواجهات الدموية؟ إن كانت السلطات الأمنية، جادة وواثقة من قدراتها، تصدر مرسوماً أمنياً يمنع الأهالي منعاً باتاً الخروج في فزغ أهلي، والاكتفاء بالتبليغ الفوري لمراكز الشرطة والنيابات العامة، وفي ذات الوقت، تفتح نيابات للتظلم من تقاعس هذه القوات من الاضطلاع بواجباتها على الوجه الأكمل.
نعتقد أن هذه الخطوة، ستحد من المواجهات القبلية، وتضع السلطات الأمنية، أمام وجباتها، وبدلاً عن واقع أخذ القانون باليد، وتقنين قانون الغاب السائد حالياً.
ebraheemsu@gmail.com

 

آراء