أحمد موسي معلم سودنة الأخوانية

 


 

جمال عنقرة
18 October, 2009

 

          كنا قد اتفقنا أن يكون عقد قران ابنتي ساره وزواجها في عيد الأضحي المبارك، فوقت عودتي علي ذلك التاريخ، ولكن عندما اقترح الخطيب وأهله أن يتم العقد الآن مع الخطبة مباشرة لم أشأ أن أؤجل ذلك، فباركت الأمر وأوكلت جدها الصديق للقيام بمباشرة العقد، وهو كبير الأسرة وبركتها، ومعه شقيقها خالد وأعمامها وأخوالها وبقية أطراف الأسرة والأهل والأصدقاء. وبعد أن اكتملت مراسم العقد بمسجد الأمين عبد الرحمن بام درمان توالت علي الإتصالات بالتهاني والتبريكات، وكان من أول المتصلين أخي ميرغي مبارك. وبعد التحية والتهنئة أخبرني أخي ميرغني أن أستاذنا أحمد موسي طريح الفراش، ولقد نساه كثيرون ممن كان لهم معلماً ومرشداً، وسألني أن أذكر الناس بهذا الرجل الرمز.

          أستاذنا أحمد موسي تعرفه ام درمان القديمة كلها ويعرفه كل (الأخوان المسلمون) لاسيما الذين كانوا علي (أيام صفانا) ومناقب أحمد موسي فوق الإحصاء والعدد، ولكنني أتحدث عن جانب واحد في شخصية هذا الأستاذ المربي الداعية، وهو ما تفرد به وامتاز به بعض أهل جيله الأمدرمانيون بصفة خاصة من الإسلاميين، وصار بعد ذلك سمة خاصة (لأولاد ام درمان) في الحركة الإسلامية، ميزتهم علي غيرهم وجعلتهم أقرب للأصل في الدعوة، منهجها. فأحمد موسي كان رائداً في سودنة فقه الحركة الحياتي، وعلي هديه سار أنداده ومعاصروه، وورثنا عنهم هذا النهج.

          فبرغم أن الأستاذ أحمد موسي كان جاداً وصادقاً في التزامه، وكان متجرداً لنشر الدعوة، لكنه لم ينسلخ عن حياة أهل ام درمان. فظل جزءاً أصيلاً من المجتمع الأمدرماني، أصدقاؤه هم ذات أصدقاؤه، بصرف النظر عن مواقفهم السياسية وانتماءاتهم الحزبية. وكان هذا هو نهج ذاك الجيل والأجيال المتعاقبة التي أخذ بعضها بتلابيب بعض. يس عمر الإمام وأخوانه، التوفيقين، توفيق صالح وتوفيق طه، إبراهيم أحمد عمر وغيرهم. ثم الجيل التالي، ثم جيل الفتح، جيلنا الكارس، حسين خوجلي، محمد حسن عباس، حامد البشير، سارية مكي، صلاح كردمان، يس عوض، المحبوب عبد السلام، ومعه جيل النصر الذي لاينفصل عنه، البارودي، سليمان عبد التواب، عادل وسامي عبد الرحمن، وحتي جيل الإنطلاق الذي ورث بعض ملامح جيل ريادة سودنة منهج الأخوان المسلمين بقيادة أستاذنا أحمد موسي، ويبقي من الوراث زكريا عبد الستار وتوفيق ودرنكي، وغيرهم من شباب هذا الجيل الناهض.

          إن ماورثه الأخوان الأمدرمانيون من منهج أستاذنا أحمد موسي أعانهم علي التمدد، والإنظلاق، لأنهم أدركوا فقه الدعوة الحقيقي، وهو منهج السلف الصالح، وهو المنهج الذي جعل الإسلام صالحاً لكل زمان ومكان، وهو منهج الأئمة الكرام الذي جعل الإمام مالك يقدم عمل أهل المدينة علي حديث الآحاد، وجعل الإمام الشافعي يفتي في ذات المسألة في مصر بغير ما أفتي به في العراق. فأخوان ام درمان يأكلون الفول عند الجان ويدخلون دارالرياضة امدرمان، ويشجعون فرق الزهرة والحرية وأبوعنجة والعباسية، ويسهرون في قهوة يوسف الفكي، ويحترمون مشايخنا قريب الله والغرقان وميطي وموسي الأحمدي، والحجاز. ويصلون الجمعة في مساجدنا ولايشدون الرحال للمساجد الحديثة، ويحفظون أغنيات سرور وكرومة والعبادي وسيد عبد العزيز، وعتيق، ويجلون السيد عبد الرحمون الأزهري وعبد الله خليل، وجعفر نميري وعبد الخالق محجوب والشفيع. وذلك بعض ما تعلمناه من أستاذنا أحمد موسي. نسأل الله له الشفاء وحسن الختام.

Gamal Angara [gamalangara@hotmail.com]

 

آراء