أزمة الشرق بين سندان العسكر ومطرقة المدنيين

 


 

 

أنعى لكم يا أصدقائي اللغة القديمة
والكتب القديمة
أنعى لكم كلامنا المثقوب كالأحذية القديمة
ومفردات العهر والهجاء والشتيمة
أنعى لكم .. أنعى لكم نهاية الفكر الذي قاد الى الهزيمة
ياوطني الحزين حولتني بلحظة من شاعر
يكنب شعر الحب والحنين
لشاعر يكتب بالسكين
نزار قباني

بقلم : حسن ابوزينب عمر
في واحدة من روائعه القصصية يتحدث رائد القصة القصيرة الأكثر شهرة في العالم الروسي انطوان تشيخوف عن صياد في منطقة نائية في خاصرة القطب الشمالي كان عائدا لتوه الى منزله مزهوا بصيد وفير وهو يقود مركبته التي كانت تجرها الكلاب على صفحة الجليد ولكنه تعرض لما لم يكن في الحسبان ..قطيع من الدببة الجائعة اعترضت طريقه وهجمت عليه مكشرة عن أنيابها تريد الفتك به فأخذ يلقي عليها بقطع الصيد واحدة تلو والاخرى حتى يتقي شرها ولكن ذلك لم يمنع نهم الدببة وشراستها وهي تلتهم قطع اللحم ثم تطلب المزيد فلم يجد بدا سوى التخلص من كلابه كلبا تلو الاخر والدببة الجائعة الشرهة لا تتوقف عن المطاردة..بقية التفاصيل ليست في حاجة للحديث فالكل يعرفها .
(2)
زيارة الوفد الحكومي الذي ترأسه الفريق اول شمس الدين كباشي والتي تمت قبل أيام الى بورتسودان للمساهمة في ايجاد مخرج من الوضع المأزوم الناتج من شل الميناء جراء الحظر تحمل ملامح من معاناة الصياد الروسي التعيس مع الدببة الضارية فعضو مجلس السيادة لم يمكث كثيرا في بورتسودان فقد عاد الى الخرطوم على جناح السرعة صفر اليدين من المهمة التي جاء من أجلها ولكنه جاء راسما ابتسامة عريضة متأبطا صيدا ثمينا لم يبذل فيه جهدا يذكر وهو استثناء بترول الجنوب من الحظر (ويرزقكم من حيث لاتعلمون ).
(3)
عمليات القاء قطع الصيد المجانية تتواصل أيضا باستثناء الادوية البشرية والبيطرية من الحظر تلاها مباشرة القمح الوارد من المعونة الامريكية ومنظمة الغذاء العالمية ومستوردات المنظمات الاممية (اليونسيف) والمقابل صفر كبير أو قبض ريح لترك والمجلس الأعلى لنظارات البجا الذين يشهد الله انهم لا يرتزقون من معاناة الآخرين .عاد الكباشي الى الخرطوم بسرعة البرق في مهمة اخرى اهم من مأساة الانسان السوداني وصراعه اليومي لتأمين ضروريات العيش في حدها الأدني فقد نفد دقيق الخبزوالمحروقات والادوية ومعينات الحياة الاخرى وتعرض مستقبل بورتسودان كشريان حياة للسودان لضربة قاضية مميتة جراء الأغلاق لن تفوق منها في الزمن القريب .
( 4 )
الآن وبدخول مستجدات جديدة خرج ترك المتهم الأول بمتاريسه وشعبه الصابرعلى الضيم والمسبغة منذ فجر استقلال في دولة اسمها السودان من المشهد تماما دون أن تظهرفي ولاية البحر الاحمر ولله الحمد جماعات من قطاع الطرق و9 طويلة تهدد أمن الناس نتيجة تردي الأوضاع الاقتصادية .
(5 ) المشهد الآن محتل بعسكر ومدنيين يتشاكسون داخل كابينة القيادة على مقود طائرة مختطفة تطير بسرعة الصوت نحو المجهول وتصطدم وسط الانواء والعواصف بمطبات هوائية خطيرة اسمها فقدان الثقة والتربص بالآخر وغياب الارادة ورفض التعايش والصراع على السلطة وعدم الاستعداد لتحمل المسئولية .المدنيون يراهنون على أمريكا والاتحاد الاوروبي والعسكر وضعوا كل بيضهم في سلة دولة لا تعترف بالمواثيق ولا تحترم الاعراف الدولية بل تدوس في رابعة النهار على قرارت الامم المتحدة بالأحذية ولأنها تلبس امريكا (الدولة العظمى) خاتما في يدها فقد اخرجتها والتاريخ يشهد من اليونيسكو ومنظمة الصحة العالمية بتهمة مناصرة فلسطين.
( 5)
الآن مضى شهر وأزمة الشرق رغم خطورتها تراوح مكانها ..علماء النفس يقولون ان حالات التوتر لاتدوم الى مالا نهاية فأما الانفراج واما الانفجار أما ترك وقضيته التي اعترف الكثيرون في الزمن الضائع بعدالتها فقد انحسرت الأضواء عنها وتراجعت الى مراكز دنيا من الاهمية بينما تحولت الأنظار الى الحكومة المستهترة بأرواح البشر بشقيها المدني والعسكري والتي تخطط لتجييش المليونيات والاكتفاء بالفرجة على المعاناة وهي بهكذا موقف تتحمل وحدها وزر جريمة التجويع وليس أصحاب الحق الذين قدموا كل التنازلات الممكنة وينتظرون منذ شهر (جودو) في العقبة والميناء الجنوبي .
( 6 )
الصابرون المحتسبون الماسكون بالجمر لن يشتروا الترام مرة اخرى رغم وعود تحشييد المجتمع الدولي لتنمية الشرق ..هؤلاء يتمسكون بحقهم في المطالبة بالغاء مسار جوبا اللعين المفروض والمرفوض ..فقد رفضوه بالأمس واليوم اكثر اصرارا على الرفض بعد أن شهد شاهد من أهلها وهو منى أركو مناوي أحد أكبر عرابي المسار وأكبر قيادات الجبهة الثورية تحيزا كاشفا على رءوس الأشهاد أن أحد المجنسين المرطبين من دوره كمخلب قط لدولة خليجية ضحك على الجميع بما فيهم المجتمع الدولى واشترى المسار في سوق النخاسة .
( 7)
استئثار البعض بالثروات والتنمية والتمييز الايجابي لكل الخدمات من مجانية التعليم الى مجانية الصحة الى تطويرمشاريع البنية التحتية وتلقي الدعومات المالية الضخمة التي يسيل لها اللعاب خصما من ايرادات ولايات أخرى تعتبر دون منازع الأقل حظا في التنمية كالبحر الاحمر ورمي الفتات في احسن الاحوال لانسانها الذي تفترسه المجاعات والوبائيات التي انقرضت من العالم لن يخدم قضايا السلام والاستقرار في السودان طال الزمن أو قصر .
(8)
اذا كانت سماء السودان لازالت ملبدة بالسحب السوداء ..البروق تلتمع , والرعود تصم الآذان والطائرة المختطفة بقياداتها وشعبها اختفت عن الرادار بعد انقطاع خطوط التواصل مع برج المراقبة أوليس من حقنا أن نكتب ونتسائل بقلم مغموس في حنظل الواقع المرير وقسوة الحقيقة المؤلمة أين مجلس الامن ؟.. أين البند السادس ؟..بل أين البند السابع ؟

hassan.abozinab4@gmail.com
///////////////////////////

 

آراء