أسطورة الهجرة والحنين

 


 

 


كلام الناس

"قبس من مدارات الحنين" روية سودانية تجمع بين الحنين للجذور وبين التطلع للإنتعتاق من واقع التخلف والفقر إلى رحاب الحياة الحرة الكريمة.
مؤلف الرواية عباس علي عبود إستقى أحداثها من واقع حياته في الكوة بالنيل الأبيض و من تجارب هجرته الإضطرارية إلى اوروبا، صمم غلاف الرواية الفنان التشكيلي السوداني الأسترالي غسان سعيد.
بطل الرواية محجوب السر إعتقلته قوات " الحركة الشعبية" وواجهته بسؤال الهوية محتجه على اشتراكه في حرب ضد بني جلدته، إستطاع الهرب في رحلة مضنية حتى وصل إلى أوروبا ليدخل في هذا العالم الجديد دون أن ينسى أهله وتطلعاتهم للحياة الحرة الكريمة.
عندما وصل إلى أوروبا كان همه الأول تحقيق حلمه في الدراسة الجامعية وفعلا إلتحق بالجامعة، ودخل في علاقة مع غجرية سمراء قبل أن يرتبط بعلاقة حميمة مع سارة إبراهيم التي فارقها أيضاً في هجرته المتصلة في هذا العالم الرحيب.
لم ينس وهو في هذه البلاد البعيدة حكاية مريم بدالدين الأسطورة التي إرتبط وجودها في قريتهم بالنخلة، وهي تجتهد في علاج المرضي لكنها تظل بعيده بين البحر والسماء.
غادر محجوب السر أمستردام في طريقه للجزر البريطانية وسط هواجس ورؤى عن مشروع الهجرة المقدسة، لكن سرعان من تعود به الذاكرة للبنت الصغيرة التي أنجبت طفلاً أسمر اللون أزرق العينين ... ومع الأيام تسرب النفط المخلوط بالماء إلى المراعي حتى تحولت مساحات كبيرة منها إلى أراضي جرداء.
في مشهد اخر نقف مع قصة باتريك جونسون الطالب بكلية الإقتصاد الذي دفع حياته ثمناً لترسيخ قيم السلام والتسامح والحبة، وفي بيت العزاء يلتقي محجوب السر بشارلوت ويليامز التي حضرت من أمريكا لحضور العزاء.
تنتقل الرواية لمشهد الرجل الغامض الذي إلتقى محجوب السر في المقهى وقال له : إن لك طموحات كبيرة ورؤيتك للأمور ثاقبة لكنني أرى الأفق غائماً.
دخل محجوب السر قفص الإتهام في تلك البلاد بتهمة إشتراكه في عمليات تهجير غير مشروعة لمواطنين من أفريقيا، وفي المحكمة يلتقي بمحبوبته الأولى في بلدته بالسودان لويل حجر السقا، ووقف أمام المحكمة ليعلن أنه سيقول الحقيقة لأن مصيره لن يعطل مسيرة الإنسانية نحو الإنعتاق والتحرر من الفقر والتخلف، ومع ذلك حوكم بالسجن.
لويل حجر السقا تذهب للسودان وتساعد أم محجوب السر عائشة سكسك في السفر لإبنها وزيارته في السجن لكن عائشة سكسك سرعان ما تعود إلى السودان وإلى بلدتها وهي تسترجع أسطورة مريم بدرالدين النخلة السودانية التي أصبحت تظهر بين حين واخر قرب الشاطئ جوار النخلة حيث إصطفن الأمهات الأوائل ومن وسطهن تقدمت مريم بدرالدين، تناثرت قطرات الماء من شعرها على خديها، وبعينيها اشتعل بريق الارتحال... امتشتقت مريم جسدها اللدن مشرئبة إلى سماء بعيدة :
توهج بعينيها بريق الإرتحال
ورفرف نغم حزين
إرتعشت أوتار صوتها
ثم انهمرت أناشيد الحنين,

 

 

آراء