أنتِ عندك أبو؟؟

 


 

 


بسم الله الرحمن الرحيم
استفهامات
istifhamt@yahoo.com



الى كل خريجة متقدمة لوظيفة وجدتها أم لم تجدها وهن في الطرفين بمئات الآلاف على كل واحدة منهن أن تشكر الجيل الاول من النساء اللائي خرجن للعمل ولن تصدقن كم عانت هذه النساء في مطلع خمسينات القرن الماضي. حيث كانت المهن المتاحة هي التدريس فقط وبشروط قاسية أولها ان تعمل في أي مكان وجهت إليه وثانيها أن لا تتزوج. ايوه لا تتزوج حتة واحدة. ومن تتزوج تلغى وظيفتها وتعمل بنظام المشاهرة.
من أين لك هذه المعلومات؟ كانت ليلة الخميس في برنامج التواصل الذي ينظمه مجلس الوزراء  لشخصيات عامة يزوره مسؤول رفيع ويرافقه آخرون  لمنزل الشخصية العامة وبعض من صحفيين أو كتاب صحفيين كما في حالتي البارحة. كان من نصيبي أن ارافق مع كثيرين السيد مساعد رئيس الجمهورية الأخ عبد الرحمن الصادق المهدي من مجلس الوزراء الى منزل الاستاذة الكبيرة بل أستاذة الرياضيات ( وهنا كان التواصل من جهة المهنة وجهة التخصص) الاستاذة سعاد عبد الجليل بودنوباوي وبالمناسبة قبل الزيارة بيوم أجريت عدة اتصالات لمعرفة سيرتها الذاتية واستعنت بصديقي محجوب فضل بدري ولم يبخل غير أن الامر لم يكن سهلاً عليه وما فكَ طلاسمه الا الدكتور ابراهيم دقش من داخل صالون الاستاذة حيث قال بالمناسبة اسمها الشائع بثينة وسعاد هذا اسم في الاوراق الرسمية فقط ولو سالت جيرانها لن يعرفوا الا بثينة.
في صالون مجلس الوزراء كنت من المبكرين لأن الموعد تأجل ولم نخطر بذلك التأجيل والتأجيل ليس كثيرا في السودان 40 دقيقة فقط. كانت هناك مجموعتان واحدة لمبارك حسن بركات في العيلفون وأخرى لودنوباوي. يتوافد أعضاء الوفود واحداً واحدا منهم من يعرفه الجميع ومنهم من لا يعرفه الا قليلون. ومن المعروفين للجميع التجاني حاج موسى وعلي مهدي وحمد الريح وعوض الكريم عبد الله وهيثم كابو هذا على سبيل المثال لا الحصر غير ان السياسيين مهما بلغوا ما عادوا من المشاهير حتى الوزراء ما عادوا معروفين لقصر عمر الوزارات ولكثرة الوزراء.
في الطريق الى منزل الاستاذة سعاد كان من حظي ان أكون برفقة وكيل وزارة التربية السابق الاستاذ عبد الباسط عبد الماجد وهو أكبر منا سناً ووكيل الوزارة الحالي الاستاذ محمد أحمد حميدة الذي يصغرنا بدفعة ويشاركنا التخصص نفسه، تخللت الرحلة كثير من النكات السياسية والقضايا التربوية التي طُرقت طرقا خفيفا يحتاج الى المزيد من التقصي وأخص (مدارس الموهوبين) رضيت مريم حسن عمر أم ابت سنعود لهذا الموضوع الذي بدأناه من سنوات. في هذه الرحلة من مجلس الوزراء للبيت كنا في موكب انتقدناه كثيرا حيث صف السيارات والويويويويو التي تتقدمها ولكن يبدو أن كل ما يتمناه المرء لا يدركه. وأدركت أن (الفي البر عوام) مثل يستحق وقفة.
كنت اتخيل تعليقات من بالشارع  ماذا يقولون وتخيلت من يقول قال تقشفق قال ، طيب حافلة واحدة ما ممكن تأخد العدد دا وبدون ضوضاء، وآخر لزومو شنو إعلان التكريم بهذه الطريقة اللافتة للنظر. طبعاً مشكلتي الوضوح واذكر ان آخر مؤتمر لوزير المالية دُعيت له كان قبل سنتين وعندما سألت سؤالاً عن التجنيب واورنيك 15 لم ادع بعدها لمؤتمر من مؤتمراته قط ( يا ربي مؤتمراته ام مؤامراته). ويبدو أنها ستكون هذه آخر دعوات الأستاذ حاتم حسن بخيت لنا لمنشط من مناشط مجلس الوزراء. 
وصلنا ودنوباوي في لدقائق معدودة كيف لا والاشارات أمامنا كلها مفتوحة ولا ألون توقفنا وتذكرت نكتة تروى في السعودية حيث قطع البدوي الاشارة واوقفه شرطي المرور ليش تقطع الاشارة؟ رد البدوي : يا خوك الاشارات للأجانب مو لينا حنا. يعادلها في تلك الليلة الاشارات للشعب وليست للحكومة.
دخلنا الى بيت الاستاذة سعاد عبد الجليل وامتلأ الصالون تماماً وجلس المساعد والوزراء   ورئيس المجلس التشريعي وهذا استاذ رياضيات لابد من ذكره بالاسم محمد الشيخ مدني والمعتمد الذي نجا بجلده من كلية التربية الى كلية الشرطة التهامي والوكيلين الأسبق والحالي لوزارة التربية والتعليم المصورون والمسجلون بالصوت والصورة أضافوا عبئا كبيرا على المساحة مما جعل اشخاصا مثل علي مهدي وآخرين وقوفا طوال مدة الكلمات.
تصدر الصالون الأخ المساعد والاستاذة صاحبة الدار وقدم الحفل حاتم حسن بخيت. كانت الكلمات جميلة في حق المعلمة الفاضلة بعد ان قدم حميدة سيرتها الذاتية مع مداعبات دقش الحلوة من حين لآخر  من سيرتها الذاتية تخرجت في كلية معلمات أم درمان سنة 1954 نالت العديد من الكورسات في الادارة والاستراتيجية عملت في العديد من ولايات السودان في كسلا والجزيرة والنيل الأبيض والخرطوم، خرجت 13 دفعة في الرياضيات الحديثة نالت جائزة أميز خريجة. سيرة طويلة نكتفي منها بهذا. ولم تقصر الوزيرة في كلمتها ولا المعتمد فكل اوجز وما أحلى الايجاز في ليالي رمضان.
وجاء دور سعاد لتحدثنا عن سعادتها بالتكريم وكيف ان هذه الليلة مباركة في شهر مبارك ووجوه مباركة ودلفت تحدث عن معاناة المرأة العاملة في ذلك الزمان وكيف كان المجتمع قاسياً عليها وينظر لها نظرة غريبة وصلت ببعضهم أن يسأل في استغراب ( يا بت انت عندك ابو) يعني كيف يسمح رجل لبنته ان تعمل بعيدا عنه؟ وحدثت عن كيف عانت في الجزيرة في ذلك الزمان الذي مواصلاته اللواري والكوامر وكيف انها جاءت من المعيلق لتضع في اليوم الذي بعده ، وحدثت عن جبيت في ذلك الزمان (بالله هي جبيت الآن ما بعيدة خليك منها قبل 40 أو 50 سنة؟؟؟)  ياما ضحيتي  يا استاذة. وكعادة كل امرأة فخرت بزوجها رحمه الله وكيف صبر على تسفارها وفخرت ببنيها وبناتها حفظهم الله لها وحفظها لهم. وتحدثت عن تفوقها في اللغة العربية كما الرياضيات.
وبعد ذلك كان مسك الختام مساعد رئيس الجمهورية وفي كلمات قليلة جداً عبر عن الموقف في إيجاز شديد( في الحتة دي لم يرِث) وكأني به سمع همهمة محمد الشيخ مدني الذي شكا من تأخر موعد نوم نقول العجائز ام الشيوخ؟ بقي أن نسأل بالصوت العالي هل من علاقة بين تواصل تكريم المبدعين ببرنامج الراعي والرعية؟ برنامج الراعي والرعي في بداياته قبل 20 سنة تقريباً كان بحق عبادة لله حيث كان يخرج الرئيس وبلا إعلان ومعه شخص واحد ويزور اسرة فقيرة ويعطيها بليل مبلغاً ويعود ولا تسمع ذلك الا من جيرانها واقاربها وهذا ما سمعت به في ذلك الزمان من بعض اقاربي في ضاحية من ضواحي الخرطوم.
كل الأماني ان يكون ذلك البرنامج قائم كما كان وليس هذا بديله.

 

آراء