أنواع الدعارة

 


 

فيصل بسمة
31 October, 2022

 

بسم الله الرحمن الرحيم و أفضل الصلاة و أتم التسليم على سيدنا محمد.

و يقال دَعِرَ فلانٌ يَدعَرُ دَعراً و دَعَارَةً ، فهو دَاعِرٌ و دَعَّارٌ أو هي دَاعِرَةٌ و دَعَّارَةٌ ، و من معاني الدَّعَارةُ الفجور و التهتك و الفسوق و الخبث و الفساد ، و من الدعارة إشتقت معاني عديدة مثل: البغآء و الرذيلة و الفحشآء و قلة الحيآء و العيب و الخيانة و إنعدام الخير...
و يعتقد كثيرون أن الدعارة هي فقط البغآء العلني و المستتر ، و أنها تنحصر في عرض و بيع أجساد الإناث للزبآئن من الذكور الراغبين في المتعة الجنسية المدفوعة الأجر و ممارسة الجنس خارج نطاق الشرعية و مؤسسات الزواج و الأطر الإجتماعية الأخرى المقبولة و المتعارف عليها: التقليدية منها أو الحديثة...
بينما يعتقد كثيرون أن معنى الدعارة أوسع و أشمل من ذلك بكثير ، و يتخطى تجارة المتعة الجنسية الحسية ليغطي مجالات عريضة و متعددة في جميع مناحي الحياة يتجذر فيها الفساد و الخبث و مشتقاتهما...
و تشير الشواهد و الدلآئل إلى العلاقة اللصيقة ما بين الدعارة و الكوارث و المآسي الطبيعية و تلك المصنوعة بواسطة الإنسان ، ففي هذه البيئات تنشط عمليات إستغلال حالات الضعف الإنساني و حوجة الضحايا من أجل الكسب المادي ، و بالطبع لا تكون دعارة إن لم تكن هنالك حوجة و فجوة و سوق و طلب و إقبال...
و في أجوآء الكوارث و المآسي الإنسانية و عندما يسود الضعفُ و العوزُ و الحوجةُ ينشأ الإستغلالُ و تنمو و تزدهر تجارةٌ و أسواقٌ و بورصاتٌ و نشاطاتٌ فيها الدعارة و المخدرات و شرور أخرى تقودها عصابات يتزعمها أشرار و متنفذون...
و على أعلى قآئمة هذه التجارة الشريرة تتربع تجارات الإتجار في البشر و أعضآء الأجساد الإنسانية للأغراض الطبية و البغآء و المتعة الجنسية ، و هذه النشاطات جميعها تجمعها تجارة (دعارة الأجساد)...
و تمتد الدعارة لتشمل البيع و الإتجار بالشعوب و مصالح البلدان و تاريخها و التفريط في الحقوق و الأصول مثل الأراضي و الآثار ، و رآئجةٌ هي أسواق خيانة الأوطان و بورصات العمالة و الإرتهان للأجنبي و الإرتزاق السياسي و العسكري بغرض الكسب الإقتصادي ، و هذه النشاطات جميعها تقع تحت مسمى (الدعارة السياسية)...
أما (الدعارة الفكرية) فتلك هي قمة الفسوق الفكري و السقوط الأخلاقي و الإنحطاط القيمي ، و في الدعارة الفكرية خبث و لؤم و إنحراف عن الخير و فسوق عن الحق و نشر للفكر الفاسد الخبيث الضآل...
و الفكر الضآل الداعر هو ذلك الفكر الفاسد الذي يحارب الفضيلة و القيم و مكارم الأخلاق و يدعو إلى نشر الرذيلة و شيوع الفاحشة ، و هو أيضاً أي فكر يستغل الدين لتحقيق المآرب و الأطماع الغير مشروعة للجماعات و الأفراد ، و خير مثال للدعارة الفكرية من هذه النوعية هو ما أقدم عليه منظرو و مفكرو الجماعة الإنقاذية المتأسلمة (الكيزان) و توابعهم من الدعاة و المدعين و الببغاوات من تجار الدين الذين سعوا بين الناس ضلالاً و فساداً ، و صار لهم صيت و سمعة خصوصاً بعد إنقلاب الثلاثين من يونيو ١٩٨٩ ميلادية...
و الدعارة السياسية تمتد لتشمل السكوت عن قول الحق و القنوع بالضيم ، و يرى كثيرون أن الدعارة الحقة في إحجام و إمتناع القادرين عن فعل الخير و محاربة الضلال و الظلم...
و من هذا السرد السريع يتضح أن الأنثى البغي الداعرة التي تضطرها الظروف إلى بيع جسدها لإمتاع الراغبين جنسياً مقابل عآئد مالي بسيط يغطي إحتياجاتها و مقارنةً بفساد الآخرين هي نسبياً أقل الداعرين فجوراً و فحشاً و أكثرهم حيآءً و برآءةً و أغناهم فقراً و مسغبةً...
و هكذا يجد الكثيرون من سكان الكرة الأرضية من الأصحآء و أصحاب العاهات و الأمراض و العلل الإجتماعية و النفسية في الأنثى البغي المسكينة غاية مبتغاهم في ذمها و رميها بكل دآء مع إدعآء الفضيلة عوضاً عن البحث و النظر في أصل المشكلة و محاولة إيجاد الحلول لها...
أما الداعرون الآخرون (الحقيقيون) فهم طلقآء يمارسون دعاراتهم من غير وجل أو حيآء أو شعور بالذنب ، و لا أحد يذمهم ، بل أن هنالك الكثيرين من الأرزقية (القوادين) ممن يسارعون في تنافس محموم من أجل خدمتهم و تسهيل أمورهم...
و هكذا فإن لله في خلقه شئون ، و لكن...
{ وَلَا تَحۡسَبَنَّ ٱللَّهَ غَـٰفِلًا عَمَّا یَعۡمَلُ ٱلظَّـٰلِمُونَۚ إِنَّمَا یُؤَخِّرُهُمۡ لِیَوۡمࣲ تَشۡخَصُ فِیهِ ٱلۡأَبۡصَـٰرُ }
[سُورَةُ إِبۡرَاهِيمَ: ٤٢]
و الحمد لله رب العالمين و أفضل الصلاة و أتم التسليم على سيدنا محمد.

فيصل بسمة

فيصل بسمة
fbasama@gmail.com
////////////////////

 

آراء