أهمية الوجود الأجنبي (رغم أنه سلاح ذو حدين) – إعادة

 


 

 

د. عبدالمنعم عبدالمحمود العربي
عزيزي القارئ أسمح لي بإعادة نشر هذا الرأي مرة ثانية والسبب الذي استوقفني أن أحد القنوات العربية بثت قبل يومين جزءا من حديث السيد وزير الداخلية السوداني وهو يتحدث بمرارة عن وجود ما لا يقل عن أربعة ملايين شخص من جنسيات أجنبية داخل السودان. ويتحدث عن جوازات بعضهم يحملونها. وو …إلخ. إذا أردنا منه الإجابة و بصراحة "لماذ حدث ويحدث هذا الخلل الخطير" في قطر يتمتع بوزارتي داخلية ودفاع وجهاز أمن حكومي لها كلها تاريخ ومعظم ميزانية الدولة تخصص لإدارة شؤونها والوطن والمواطنين، هذا الخلل المرير بسببه يعاني سودان اليوم بأكمله من أفعال المرتزقة الأجانب في هذه الحرب اللعينة ما أودى بالوطن ومواطنيه إلى دمار كامل وتشريد بل مسحا للهوية الإنسانية والاجتماعية والثقافية والتاريخية والإقتصادية السودانية ، حتى أن حال المواطن والوطن كله اليوم وصل إلي درجة لا توصف من السوء "أسوأ من ما نسمع عن حدوثه في خراب سوبا السودانية أو هجوم هولاكو التاريخيّ على أرض الرافدين" . إني على قناعة أن جل السودانيين يعرفون الإجابة على سؤالي وهو "فساد حكم بائد، وسرطان حكم بائد زرع في جسد الوطن فانتشر".للأسف عندما ينتشر مرض السرطان في الجسم لا تفيد العلاجات الكيماوية أو إشعاعية من الخلاص منه كلية والعوض على الله عند بلوغ النهاية الحتمية مرحلة ال “Palliative Care”
لقد أعدت نشر هذا المقال في العام الحادي والعشرين عندما هاجم سوريون مسلحون بالكلاشنكوف سودانيين عزل بمنطقة كافوري في الخرطوم بحري. قالوا عندهم باسبورتات سودانية وأحدهم بدون استحياء ثبوتياً مولود في “رهيد البردي!” . خلاصة الأمر "نعم للوجود الأجنبي لكنه سلاح ذو حدين و جداً لخطير إن لم يضبط بقوة ونزاهة ويقنن حسب اللوائح والقوانين الدولية ". وعلى المواطن نفسه أن لا يتوانى أن يكون هو عينا ساهرة تدعم الشرطة الأمنية و يبلغ في حالة أي شك في سلوك غرباء تحوم حولهم نقاط استفهامات . "من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان "
اللهم أشهد إني قد بلغت

سودانايل
• 1074
د. عبدالمنعم عبدالمحمود العربي
28 September, 2019

عرف الإنسان منذ آلاف السنين التنقل من مكان إلى آخر خاصة فى المجتمعات الرعوية التي تعتمد حياتها أساساً على البحث عن وجود أماكن توفر العشب والماء. عالم اليوم بشقيه النامي والمتحضر تكتنفه ملامح التأثير الواضح نتيجة التطور التكنولوجي فى مجالات التعامل بين أقطار تلك الأمم فى ما يخص تناول كل ما يهم الحياة فى وسائل التعليم والإتصالات والسفر ونقل الأخبار وحقوق الإنسان مما جعل العالم كله كالقرية الصغيرة . وهذا الحال رغم التواصل المعرفي والتبادل العلمي والتجاري فيه بين مختلف أقطار العالم نجده لم يحد أيضاً من وجود الصراعات والمشاحنات الإقليمية رغم ضرورة الحاجة للإستفادة من تبادل العمالة الأجنبية بمختلف روافدها وتخصصاتها بين قطر وآخر في نفس تلك الأقاليم. هذا يعني أن الإنسان مهما يبلغ من شأو فى هذه الدنيا من اكتفاء أو عداء فإنه يحتاج حينا ما إلي أن يستعين بغيره لدراسة أو تنفيذ سياسات مشتركة إقتصادية كانت أو دفاعية وضمن ذلك تأتي الحاجة الماسة للعمالة الرخيصة. نلحظ ذلك في لجوء شركات كبرى أوروبية لنقل ورش مصانعها للسيارات أو الصناعات الخفيفة إلى دول فقيرة مثل بنغلاديش وأندونيسيا والهند والمغرب والبرتغال ورومانيا.... إلخ
فى أواخر السبعينات وأوائل الثمانينات من القرن الماضي عرف السودانيون الهجرة المقننة بداية إلى بلاد الخليج وأخيراً كل بقاع العالم خلال الثلاثين سنة الماضية. عمالاً حرفيين خاصة فى دبي تحت إشراف السيد كمال حمزة مدير البلدية آنذاك وأيضاً كان بقية المهنيين من مهندسين وأطباء وقانونيين ومعلمين هم عماد نهضة أساس وتشكيل البنية التحتية لتلك البلاد. لكن كانت تحكمهم هناك قوانين حكومات تلك البلاد صارمة سلوكاً و انتظاماً فى العمل والسكن وحتى عموم السلوك فى الشارع العام. فيزا الدخول للإمارات وغيرها من بلاد الخليج وحتى الآن إلى البلاد الأوربية تكاد تكون حلماً بعيد المنال لصعوبة الحصول عليها. حتى الولايات المتحدة الأمريكية أقوى وأغنى دولة فى العالم وانفتاحاً للهجرة قد أزعجها حالياً دخول الأجانب الغير شرعي وحائط الرئيس "ترمب" الذي سيمنع تدفق المكسيكيين لهو خير دليل على أن للصبر حدود وللكرم حدود حتى أن ترمب لا يستحي من إتخاذ قرار بناء ذلك الحائط الذي هو جداً فخور به بل يعتبره إنجازاً عبقرياً ستستفيد من نوعيته المتطورة هندسيًا وتكنولوجياً بلاد أخرى
السودان لا يحتاج إلى عمالة أجنبية لكن ربما إلى إستشارات خارجية عالية المستوى تحددها ضرورة كل وزارة وصناعة ولكن للأسف بحكم رقعة حدوده الواسعة ظل مرتعاً هشاً للدخول الأجنبي العشوائي المستمر من دول الجوار خاصة أفريقيا الوسطى وزاد الطين بله أن حكومة الدولة السابقة قد جعلت أبوابها مشرعة "كرماً حاتمياً" لإستقبال أي أجنبي كان، إنها فى رأيي "لجعلية حمقاء"، خاصة نحن فى زمن صعوبات إقتصادية عالمية ومعاناة معيشية وأمنية محلية لو عاش فيها حاتم الطائي نفسه لقام متعجباً وحذراً بإغلاق باب داره عليه. لذلك يلاحظ الزائر للسودان أن شوارع العاصمة القومية ملأى بالمتسولين أطفالاً وشيباً وشباباً وهم غير سودانيين. جل الأجانب فى السودان لا فائدة من وجودهم سوى إنتشار الجريمة وعاداتهم السالبة من دعارة ومخدرات والأمراض المنقولة معهم فهم عبء ثقيل على الدولة وخطر على المجتمع كله. وما تجربة بريطانيا وتذمرها من هجرة آلاف البشر من دول شرق أروبا والبلطيق إليها بعد إنضمام تلك الدول إلى المجموعة الأوروبية لخير دليل وأنه هو السبب الذى جعل التصويت الداعي لخروج بريطانيا من المجموعة الأوروبية يفوز بأغلبية. لقد ضاق البريطانيون ذرعاً من إفرازات تلك الهجرة الكاسحة والمبررة قانونياً مع العلم أنهم برغم ذلك قد استفادوا من مواطني تلك الدول خاصة فى مجال الصحة والبناء والتشييد وإنعاش التجارة والسياحة.
عليه من واجب الحكومات تأمين حدود البلاد وتقنين دخول وإقامة الأجانب إن كان ذلك بغرض السياحة أو العمل أو التعليم أو حتى الإستثمار أو حتى الذين يدخلون البلاد تحت مظلة منظمات العون الإنساني. فالوجود الأجنبي سلاح ذو حدين إن لم تستعد له الدول بتأمين حفظه في الغمد الواقي المتين فإن جراحه على مواطنيها ستكون قاتلة وسيهدد أمنها أو سيستهدف سلباً مواردها الطبيعية والإقتصادية أو السياحية وأخلاقية بأي حيلة كانت فهم جداً لأذكياء . عليه لابد من اتخاذ الحيطة والحذر والتعامل سياسياً بحكمة وليس عاطفياً مع دول الجوار وغيرها بما ينفع مصلحة البلدين من غير إجحاف أو ظلم بائن يضر بإقتصاد وأمن الوطن وشعبه. لا بد من مراجعة قوانين الهجرة والجنسية ومحاربة طرق منح الجواز الوطني للأجانب مجاملة كان أو عن طريق السوق السوداء. لابد من حصر وقيد الوجود الأجنبي ومراقبته من غير سوء وإيذاء فهم أيضاً بشر نحتاجهم كما يحتاجوننا
مخرج:
خبر ورد اليوم هنا في بريطانيا أن المملكة العربية السعودية ستقوم قريبا بإصدار تأشيرات دخول سهلة بغرض السياحة تكفل دخول مواطني خمسين دولة ستحدد، وستكون معاملة السياح فيها مرونة بما يخص زي السائحات ( مثلاً عدم ضرورة تغطية الرأس) لكن هناك ضوابط مثل عدم السماح بتعاطى الكحول وزيارة الأماكن المقدسة لغير المسلمين. الغرض إيجاد فرص دخل بديلة للإعتماد على البترول.
السودان بلد سياحي كبير وعريق يا السيد رئيس الوزراء المحترم
drabdelmoneim@gmail.com

 

آراء