أولويات الانقلابيين: سياحة بين البراميل الفارغة..!!

 


 

 

فرغ السيد أركو مناوي من مشكلة النازحين في دارفور ومن تأمين أهلها من المذابح والترويع والاغتصاب..وتوفير الغذاء والكساء والدواء..وقام بالأمس بتدشين نفسه راعياً لمبادرة (كلنا قطر) لدعم مسيرة كأس العالم في المونديال القادم تحت شعار (رد الجميل)..! وأعلن الاجتماع الذي ترأسه بمقر حكومة دارفور بالخرطوم (وبحضور الحاج السيد أبو ورقة) عن قص شريط المبادرة في الثلاثين من الشهر الجاري بساحة الحرية بالخرطوم بمشاركة جميع مكوّنات الشعب السوداني..(كما قال) ..!
ورد الجميل هذه تعني تقديم واجب الشكر على الإغداق عليه وعلى (الجوكية) الذين تكالبوا لسحب مصاريف الجيب والنثريات بسبيل الإثراء من أوجاع دارفور عبر (الحجوة الطويلة) التي جرت باسم (اتفاقية الدوحة)..! تلك البجعة التي تبيض ذهباً والتي (مطّوا) جلساتها ودوراتها لسنوات من أجل استمرار النثريات والريع الذي بنى منه (الزلنطحية) عماراتهم في الخرطوم وامتلكوا الفلل في دبي وماليزيا وأسسوا الشركات الخاصة في مناطق العالم الحرّة..وكدسوا الأرصدة في سويسرا وجزر كايمان..وأقاموا المدارس الخاصة على النمط الانجليزي السكسوني ثلاثي الطوابق المتوجّ بالقرميد الأحمر على نسق (العمارة الفيكتورية)..تلك المدارس التي تفرض رسوم الطلاب بالدولار ومعادلاته من العملات الحرة..ولكنهم تنكروا لمصروفات الجيب القطرية وقالوا إنهم شيدوها من بيع حواشات آبائهم في أطراف مشروع الجزيرة..!!
هذا هو اليوم الحافل بالنشاط بالأمس للسيد أركو مناوي حاكم إقليم دارفور الذي يوافق البرهان على الحقائق التي رددها في قاعة الجمعية العامة للأمم المتحدة بان السلام أشرق على دارفور وان العودة الطوعية للنازحين تمت بسلام (عبر البصات المكيّفة) التي نقلتهم إلى ديارهم من معسكرات كريندق وكلما وعطاش وأبو سروج وشعيرية وأبو شوك وسبعين معسكراً آخر -عدا معسكرات اللجوء في تشاد وإفريقيا الوسطى- لتجد الانقلاب قد أعاد بناء بيوتهم المحترقة وشيّد المدارس والمشافي ومحطات المياه والكهرباء ودشّن الأندية والملاعب ورياض الأطفال..!!
.. هؤلاء هم وزراء وقادة الانقلاب وولاته وحكّامه الذين يقومون الآن بإدارة البلاد..! ولو حاولت يا صديقي متابعة ما يشغلهم لعجبت كيف أن السودان لا يزال بلداً قائماً على سطح الدنيا لم (تغوص به الأرض) من هذه الأهوال..!! هؤلاء الصغار يغدون ويروحون ويحسبون أنهم قادة وزعماء..!! وزير خارجية يصرف وقته في التوسط في النزاع التشادي-التشادي وهو تائه بين النزاع (البرهاني الدقلاوي) حول اختصاصات الخارجية..! لا يقول كلمة تعقيباً على ما ذكره البرهان من تزوير للواقع في الأمم المتحدة وما قام بعه مبعوثو الخارجية في سفارة لندن من الأعيب صبيانية وهم يشرعون الموبايلات في قاعة الأمم المتحدة لتصوير البرهان حتى زجرهم حرس القاعة..! ولا يخجل هذا الوزير من أن يقوم بمهامه جنرالات انقلبوا على الشرعية والحكم المدني ويترك لهم جميع صلاحيات وزارته ولا يحتج بكلمة على سلبها حتى بواسطة اخونجية خارج السلطة يقومون بالاتصالات بالدول المؤسسات الخارجية باسم السودان..ولا يلتفتون إليه لأنهم يعلمون أنه (تعيين انقلابي) لا يستطيع أن (يهش أو ينش) دعك أن يحتج على سلطات وزارته السليبة ..!!
هل تريد أن تعلم ما يشغل بال وزير المالية..؟ أو ماذا يفعل وزير الطرق ووزير التعليم ووزير الثروة المعدنية أو وزير الداخلية..إلخ..؟ إذا شغلت نفسك بهذا فأنت تمارس عبثاً لا طائل من ورائه.. هذا هو عصر الفوضى والنهب و(الرجال الجُوف) والبراميل الفارغة...الوطن على المحك وحياة الناس في قرارة الجحيم..!! والانفلات الأمني والفوضى الضاربة وانعدام الأمان هو العنوان الأبرز..والناس لا تأمن على سيرها في الطريق ولا في بيوتها ولا تدري ما يتربّص بها..! والأطفال يتلفتون جزعاً وهم في طريقهم إلى مدارسهم...وتكلفة الحياة في اليوم الواحد للأسرة الصغيرة تجازوت الملايين العزيزة (لإقامة الأود فقط) وليس لأي إنفاق آخر على العلاج والدواء أو المواصلات و(الهديمات) وأجرة المسكن ولبن الأطفال..‍! وجبريل مشغول بإعفاء السيارات من الجمارك..! لاحظ وزير المالية هو الذي يعفي الناس من رسوم الدولة وليس وزير الأوقاف..!
دولة الانقلاب ارتدت بالسودان إلى العصر الحجري..ولكن هل تظن أن هذا هو السودان..؟!! لا والله..السودان هو سودان الشباب والرجال والنساء والأطفال والصبايا الذين يملأون الساحات ويواجهون الرصاص ويزرعون الأمل...لا يا حبيبي..! الثورة منتصرة والردة مستحيلة ودماء الشهداء لن تذهب هدراً..وسيذهب هؤلاء اللصوص القتلة الانكشاريين إلي المزابل طال الزمن أم تقاصر...الثورة منتصرة والله العظيم..وبإذنه تعالى..!!

murtadamore@yahoo.com

 

آراء