أين ذهبت هذه الأموال؟

 


 

 



تأملات


كان صديقنا وأستاذنا الراحل المقيم البروفيسور أحمد عبد الحليم عندما يتحدث الناس عن من كان يسمونهم سدنة مايو، ويشملونه معهم، ينفي عن نفسه الصفة، ويقول إنه من كهنة مايو وليس سدنتها، وقطعاً لم نبلغ بعد المقام الذي يصنفنا في خانة كهنة نظام الانقاذ الوطني، ولكننا نزعم أننا أعلي مقاماً من سدنتها، ومن ورثتها كذلك، فنحن في الانقاذ أصحاب مشروع، ولسنا أهل مصلحة، والمشروع عندنا لا ينتهي أبداً، ولعل في ذلك ما يجيب علي الذين يستغربون نشاطنا في الدفاع عن الانقاذ أوقات أزماتها، ونقدها أوقات الرخاء، فنحن أصحاب حارة، لم نأكل حلوها، ونتجرع مرها حلواً عندما يحمي الوطيس وتتمايز الصفوف.
وأمثالنا لا يروجون للإشاعات المغرضة، ولكننا نتعاطي مع الحقائق بموضوعية، وفي زمن الأزمة الاقتصادية هذه التي تمر بها بلادنا كثرت الاشاعات التي تستهدف ذمم أخواننا الحاكمين، من الذين يحاولون أن ينسبوا لهم الفشل، فلا نجد سبيلاً لدفع تلك الشائعات المغرضة إلا حسم الحقائق وتبيانها، ومما يتحدث عنه الناس ونري تبيان الحقائق فيه واجباً، مسألة أموال المصارف والبنوك والتي ذهبت لتمويل قلة قليلة جداً من أهل السودان ولم يستردوها، ويقال أنها تبلغ مليارات الدولارات، وهي أخرجت بنوك عديدة من السوق، وهؤلاء يشيرون إلي ما يعرفون بـ (الجوكية) وهؤلاء كان قد تحدث الرئيس المشير عمر البشير عنهم، ووجه بنك السودان لاتخاذ إجراءات صارمة ضدهم، وبالفعل حدث ذلك، وأودع الجوكية حراسات البنوك، ثم قاموا بعمل تسويات تمت علي أساسها جدولة هذه الديون، ولكن الناس يقولون أن هذه الديون المليارية لم تسدد بعد، بل تضاعف بعضها، ولا زال الجوكية يسرحون ويمرحون ويتمددون بأموال الشعب المغلوب علي أمره، فالمطلوب كشف هذه الحقائق، فلو أن هذه المديونيات المليارية لا زالت قائمة ـــ وأرجح ذلك ـــ فالمطلوب اتخاذ قرارات أحسم من السابقة، تعيد الحقوق الضائعة، وتحاسب المتاجرين بأموال الشعب، ولو تمت تسويتها، فعلي الجهات المعنية توضيح ذلك لطي هذه الصفحة.
الناس يتحدثون كذلك عن أموال أخري ضائعة كشفها مسؤولون، واتهموا بها مسؤولين آخرين، ولا زال الأمر معلقاً فالذين وجهوا تلك الاتهامات لازالوا يروجون لها، والمتهمون لازالوا أحراراً، فلم تتم محاكمة الذين وجهوا الاتهامات بالكذب الضار، وتضليل الرأي العام، ولم تتم محاسبة المتهمين بتضييع المال العام، وأوضح مثالين في ذلك الاتهامات المتبادلة في شأن أموال الأوقاف بين الوزير الحالي خليل عبد الله، وبين الوزير السابق أزهري التجاني ومدير الأوقاف المقال الطيب مختار، والغريب في ذلك أن الوحيد الذي قدم مستندات تثبت صحة موقفه، ولم يكن طرفاً في هذا الصراع الاعلامي ألقي القبض عليه وأودع الحراسة، ذلك لأنه فقط يمثل الحلقة الأضعف، والأصغر مقاماً، إنه ناظر الوقف السوداني في السعودية خالد سليمان، وأخشي أن يكون قد أخذ الضعيف بجريرة الشريف، أما المثال الثاني فهي أموال صندوق تشغيل الخريجين التي ضاعت، ولم يحدث شئ غير إقالة المدير المتهم، دون أن يعلن ثبوت التهمة من عدمه، فو ثبتت فإن الإقالة لا تكفي، ولو كان الاتهام كاذباً، فيكون في الإقالة ظلم، ويجب محاكمة الذي وجه الاتهام.
Gamal Angara [gamalangara@hotmail.com]

 

آراء