إستراتيجية ( بقر) الرئيس !! … بقلم: نادية عثمان مختار

 


 

 

مفاهيم


Nadiaosman2000@hotmail.com

الشعب السوداني معروف بالكرم الحاتمي والطيبة وسماحة الأخلاق ، وكل الخصال الحميدة التي يمكن أن تتصف بها أمة في الأرض!
 ولأننا شعب مضياف نجد الرجل في السودان يحلف على ضيفه بـ
( الطلاق) ويضيف ( حرّم تدخل لـي جوة ) وينحر لضيفه الذبائح مما تيسر في منزله حينها ولو حتى ( جدادة) !
والشعب السوداني أيضاً من فرط كرمه تجده بعد أن يقوم بواجب الضيافة يودع ضيفه بالهدايا ، خاصة إذا كان (غريباً) ومن دولة جوار قريب أو بعيد !
وتيمناً بقول النبي الكريم ( صلى الله عليه وسلم ) في الحديث الشريف
( تهادوا تحابوا ) نستطيع أن نقول أن الرئيس البشير قد أراد أن يعبر عن محبة الشعب السوداني ومحبته هو شخصياً لأهل مصر ؛ فقام بإهدائهم الخمسة الآف من الأبقار ولسان حاله يقول ( أفو .. حرّم يا عصام يا خوي ماترجع للمصريين إيدك فاضية .. أفو أفو أنا ولدك ياحاجة الهدية .. أنت ماك عارف كرم الشعب السوداني ولا شنو) !
وهذا أمر مقبول وفي غاية الجودة ؛ ولكن لماذا لا تعلن الحكومة للشعب السوداني أن هدية الرئيس كانت بالنيابة عنه لشقيقه الشعب المصري ؟!
وذلك على الاقل حتى يتسنى لي شخصياً كواحدة من هذا الشعب أن
( أتبوبر) هنا في مصر وأقدل وسط المصريين مزهوة بهديتي الفخيمة لهم !
ثم أنه و في العادة عندما يهدي الإنسان لأخيه أي هدية ولو
( صحن رز باللبن) فهو يقوم برد الهدية ولا يمكن أن يعيد الصحن لصاحبه خالياً ، وهذا تقليد معمول به في السودان وهنا في مصر ، في أفقر البيوتات فما بالك بالدول ؟!
السودان بلد الكرم وشعبه أبو الكرم وما من مرة جاء الينا جار وشقيق عربي ، خاصة من مصر إلا وخرج من بلادنا محملاً بالغالي والنفيس
( شيء عربات لناس الكورة وشيء بقر لناس الحكومة ) وكله من جيب الشعب السوداني واللهم لا إعتراض !
لكن من حق الشعب أن ينتظر أو فلنقل يتعشم في رد الهدية بمثلها أو بأحسن منها فهل يفعل الأشقاء في مصر ؟!
السودانيون الذين يقيمون في مصر هم أكثر الناس إحتياجاً لحُسن علاقات الجوار بين البلدين الشقيقين ، لأن أي سوء في علاقات البلدين على المستوى السياسي والدبلوماسي فهي إنما تنعكس فوراً وأتوماتيكياً على أبناء الجالية المقيمة هنا من السودانيين فنجد أن الجامعات تشدد على الطلاب في مسألة سرعة سداد المصاريف وإلا ..!
ونجد ( ضابط الجوازات) في مطار القاهرة الدولي مُكشر عن أنيابه وينظر للقادم السوداني شذراً ويتمنى أن يجد أي خطأ ولو بسيط في جوازه ليرجعه الى الخرطوم أو أي مكان أتى منه !
الآلة الإعلامية المصرية آلة قوية والشعب المصري سريع التأثر بما يقوله لهم المسؤول سواء على شاشة التلفاز ، أم على صفحات الجرائد والجالية تدفع الثمن !
ولكن كل ذلك كان يحدث للجالية في ظل ( مصر القديمة) ونتمنى أن يختلف الحال الآن تحت سماء ( مصر الجديدة) حيث نسيم الحرية التي هبت على شعب مصر بعد الخامس والعشرين من يناير الماضي !
تابعت اللقاء المهم لرئيس الوزراء المصري عصام شرف للسودان ، وتفاءلت خيراً بما تم توقيعه من جملة إتفاقات تصب في مصلحة البلدين والشعبين و( الله يسوي  الفيها الخير يارب) !
لكن إستوقفني جملة وعبارة مفيدة وردت في التصريحات الصحفية إبان الزيارة الحالية للوفد المصري عالي المستوى للسودان حالياً وهي
((كشفت السلطات المصرية أن إجمالي الإستثمارات المصرية فى السودان خلال العام 2010م بلغت 628 مليون دولار، تديرها حوالي 113 شركة استثمارية)) !!
وهذا لعمري خبر جميل وسار ولكن بالبدل هل تكرمت السلطات السودانية لتكشف لنا حجم الإستثمارات السودانية في مصر خلال ذات العام 2010م؟
وذلك  حتى نعرف إذا كانت المعاملة بالمثل ، أو من الممكن أن تكون بالمثل في عهد مصر الجديدة ؟!
هنا في القاهرة هنالك عدد من المطاعم السودانية وبعض محلات
( العديل والزين) التي تبيع العطور السودانية ومستلزمات العروس ، وايضاً بعض محلات الإتصالات والتمباك ! وهذا ممتاز!
 ولكن كم تبلغ حجم المشروعات السودانية الإستثمارية الضخمة التي تدر المليارات على أصحابها كما يكسب أهل مصر ملايين الدولارات في بلادنا ( عيني باردة واللهم لا حسد ) ؟!
وهناك خبر أفرحني أيضاً وهو عودة ( جامعة القاهرة فرع الخرطوم) الأمر الذي سيسهم في إزالة ( غبن) طويل تراكم بسبب ( قلع) حكومة الإنقاذ لمباني هذه الجامعة من المصريين سنيناً عدداً .. وليت أهل مصر يتعاملون بالمثل ويعيدون حلايب للسودان !
ختاماً :
كثُر إستخدام مصطلح ( الإستراتيجية) في لقاء الحكومتين السودانية والمصرية في الخرطوم ويبقى أن نعيد السؤال وهو : هل ( بقر ) السيد الرئيس الذي أهداه للشعب المصري كان لدواع (إستراتيجية) أيضاً سنحصد ثمارها قريباً في سوداننا الحبيب ؟!
و
يا عيون ( البقر) يا عيون !!

( نقلاً عن أجراس الحرية)



 

 

آراء