إسم العائلـة
د. عمر بادي
12 April, 2009
12 April, 2009
مقتطفات من كتابي ( شتات يا فردة )
دار جامعة الخرطوم للنشر _ 2003
د. عمر بادي
للإستدلال علي تعلق الشايقية بإسم محمد صالح ، حكي لي والدي محمد صالح رحمة الله عليه ، أن أحد (المراكبية) في منطقة الشايقية بالشمالية نادي أحد الأشخاص علي ضفة النيل (القيفة) قائلا له :(( يا صالح ود محمد صالح قول لصالح ود محمد صالح قال ليك صالح ود محمد صالح مركب صالح ود محمد صالح غرقت في الشلال!)) . هذه الحقيقة قد جعلت إسم محمد صالح إسماً شائعاً في السودان ، وقد حاولت مرة أن أفتح دليل الهاتف لأري عدد المشتركين الذين يحملون إسم محمد صالح فوجدتهم أكثر من الكثرة ..هذا الإسم يكون في الحالة العادية ثنائياً حاملا ًلإسم الشخص وإسم أبيه بمعني أن يكون دالاً علي الإسم الأول والإسم الثاني ، لكنه في حالة أخرى ، كحالة والدي ، يكون إسماً مفرداً مركبا دالاً علي الشخص فقط ، مثله في ذلك كمثل أسماء مركبة أخرى كمحمد علي ومحمد عثمان ومحمد أحمد ومحمد خير ..عندنا في السودان نستعمل الإسم الثالث في الأوراق الرسمية كإسم للجد ، وبذلك لا يجد إسم العائلة مكانا له في تلك الأوراق الرسمية ، اللهم إلا في حالة أن يكون إسم الجد هو نفسه إسـم العائلة ، بينما نجد في لغات أخرى كثيرة أن الإسم الثالث يعني به إسم العائلة . أحياناً ولتشابه الأسماء صارت بعض الأوراق الثبوتية تطلب كتابة الإسم رباعياً حتى يقل الإلتباس والذي قد تكون أحياناً عواقبه وخيمة كما في حالات المطلوبين للعدالة وللأمن والمحظورين من السفر وغيرهم . إسم والدي الرباعي هو محمد صالح احمد محمد صالح بادي . وبادي هذا هو أحد أحفاد الملك شاويش قائد قواد الشايقية في معركة كورتي التي وقعت بينهم وبين الأتراك في عام 1820م وهو ملك الشايقية العدلاناب من حنّك إلي مروي والذي رفض التسليم للأتراك ونزح جنوبا مع قومه حتى إستقر في حلفاية الملوك منذ ذلك الحين و إلي الآن ، وقد صار بادي هذا إسماً لعائلتنا. أما الوالد وبحكم شلوخه ( اللاورا) وبحكم إشتراكه في ثورة 1924م ضمن طلبة المدرسة (الكلية لاحقاً) الحربية فقد تم سجنه وتشريده ثم تعيينه بعد سنوات من ذلك كموظف في وزارة المالية ولكن بتوصية من الإدارة البريطانية بأن يظل متنقلا بالأقاليم دون العاصمة الخرطوم ، وبحكم موقفه أثناء التمرد الأول بجنوب السودان ومحافظته علي مدينة (واو) هو وسانتينو دينق من الدمار ، وبحكم حبه للعسكرية و إقتنائه للأسلحة النارية ، فقد سار عليه طيلة حياته لقب (السنجك) ، وصرت أنا معروفاً عند البعض ـ كبقية إخوتي ـ بود السنجك . إنشاء الله سوف أكتب بالتفصيل في مرة أخرى عن دور والدي الوطني وعن ثوريته وبطولاته . أود أن أذكر هنا أن العمل في الأقاليم في ذلك الزمان كان شاقاً وكانت الأسفار طويلة ، وهذا ما حدا بوالدي ، شأنه شأن رجال ذلك الزمان ، أن يعدد زوجاته ، والحمد لله هذه محمدة زادت من عدد أفراد أسرتنا ، وإستطاع والدي بطيبته وعطفه وكرمه أن ينشئنا متحابين متقاربين . عندما سافرت للدراسة بالخارج أذكر حديثه لي أن جميع أجناس وألوان النساء موجودة في السودان ، ولا داعي من الزواج من أجنبية ذات بيئة وطباع مختلفة عنا ، وكان كعادة أهلنا الكبار يشدد علي الزواج من بنات الأهل ، كان يقول لي: ((يا إبني العرسة الأولي لازم تكون من بنات أهلك ، لكن بعد داك كان درت تزيد زيد علي كيفك محل ما تدور)) ، وقد كانت له آراء منطقية في بنات اليوم ، كان يقول لي: (( بنات الزمن دا ديل بنات ، الواحدة تلقاها زي الولد كان شلت الواحدة ووقفتها في حوض رملة ودستها من رأسها تغطس كلها! )) . في مراحلي الدراسية وعلي الصحف الحائطية كنت أكتب بإسمي الذي إعتبره أغلب الناس ثلاثياً ، هكذا..عمر محمد صالح ، وحين عملت بالهيئة المركزية للكهرباء والمياه وفي أنديتها كنت أكتب بذلك الإسم ، وحين بدأت أكتب متعاوناً مع جريدة (الخليج) منذ العام 1984م كنت أكتب بداية بنفس ذلك الإسم ، ولكن ظهر في ذلك الحين بعض المدعين أصحاب نفس الإسم وصاروا ينسبون إليهم ما أكتبه وقد أدخلني ذلك في إشكالات ، ولم تكن صور الكتّاب ترافق مقالاتهم في الجريدة آنذاك ، لذلك أضفت إسم العائلة لإسمي وصرت معروفا باسمي الكامل ، هكذا..عمر محمد صالح بادي ، وإستمر الحال علي نفس المنوال أثناء تعاوني بالكتابة في جريدة (أخبار اليوم) وأثناء مساهماتي في المنتدى الثقافي بحلفاية الملوك واللقاءات الأخرى.. عندما بدأت أتعاون مع جريدة (الخرطوم) وفي مقالاتي ودراساتي وقصائدي الأولى لاحظت أن إسمي لا ينزل كاملاً أحياناً وذلك لضيق المساحة المخصصة لكتابة الإسم ، فأحياناً كانت تكتب علي كتاباتي : ( بقلم عمر محمد صالح بادي) ، وأحياناً : ( بقلم عمر محمد صالح ) ، و أحياناً: (بقلم عمر محمد) ، وعلي ذلك إقترحت علي سكرتارية التحرير أن يكتب إسمي كاملاً في كل الأحيان وإلا فالأفضل أن يكتب مختصراً هكذا: (بقلم عمر بادي) ، مثلي في ذلك كمثل عدد من الكُتاب ، وقد كان ، مع تحياتي لهم جميعا. صحيفة ( الخرطوم) ـ 6/6/2000م