إشكالات التحول الديمقراطي في السودان بعد الاتفاق الإطاري
عبد الرحمن عماد
17 January, 2023
17 January, 2023
التحول الديمقراطي هو مصطلح يعبر عن عملية الانتقال من نظام دكتاتوري أو شمولي الى نظام ديمقراطي، يعتبر التحول الديمقراطي تحدي في ذاته كونه يتطلب الكثير من الجهد السياسي والشعبي لمعالجة التركة السابقة الناتجة عن سيطرة شخص واحد أو مؤسسة واحدة على مؤسسات الدولة.
تحديات التحول الديمقراطي:
التحدي السياسي
هناك العديد من التحديات الصعبة لكن يظل الجانب السياسي هو الأهم في الساحة، حيث يكون الكثير من الاستقطاب السياسي والمنافسة الشرسة الثبات وتثبيت أي قوة سياسية لنفسها وبطبيعة الحال السباق نحو الانتخابات وربما تكوين تحالفات ذات طبيعة فكري..
كذلك طبيعة العالقة مع النظام السابق واحدة من هذه التحديات، حيث تنقسم هذه القوى السياسية الحاكمة "فكريا ومصالحيا" في كيفية عالقة الحكومة مع عناصر النظام السابق فبعض هذه القوى وصل حتى تكوين تحالفات مع أحزاب موالية للنظام السابق وسقطت معه والأخر يرفض حتى الوجود السياسي لهم.
أيضا يلاحظ تزايد الهجمات الإلكترونية المنظمة وحملات اغتيال الشخصيات الكترونيا، وأيضا من التحديات طبيعة العالقة بين المؤسسة العسكرية بمختلف فروعها وأجهزتها والتداخلات الكبيرة في تسيير الدولة والتقاطعات مع عمل الحكومة التنفيذية رغم إعلان المؤسسة العسكرية عن خروجها من المشهد السياسي إلا أن مظاهر عدم الثقة الواضحة بين قوى الثورة والجيش يشكل تحديا واضحا.
ثم ما ذكر عن تقسيم أطراف الاتفاق الإطاري الى قوى ثورة وانتقال وهو ما لم يرد في الاتفاق الطاري ويتم الترويج له من قبل قوى الحرية والتغيير إضافة الى ترحيل القضايا الخمس أو ما تسمى بأمهات القضايا "تفكيك التمكين وقضية شرق.
السودان والعدالة الانتقالية والصالح الأمني والعسكري وإصلاح اتفاقية جوبا "أيضا تمثل تحديا كونها قضايا تحتاج الى مشاركة واسعة حتى من قبل عناصر من النظام السابق مثل قادة شرق السودان وهو ما يجب على قوى التغيير النظر فيه.
ثم أهم قضية وهي جمع الصف الوطني وإعادة المنشقين مثل لجان المقاومة وحزب البعث والشيوعي وحركتي تحرير السودان والعدل والمساواة بالإضافة لمقاومة الاتفاق من قبل أطراف أخرى.
التحديات الاقتصادية:
كما أسلفنا أن الخلاف المتجذر بين القوى السياسية الحاكمة سابقا هو خلاف تاريخي في نواحي عديدة فكرية وسياسية وكذلك اقتصادية برز جليا منذ أول أسابيع عمل الحكومة السابقة، فهناك الأحزاب اليسارية التي تدعو إلى ما أسمته الحلول الوطنية التي تم صياغتها في البرنامج الإسعافي لقوى الحرية والتغيير في 2019 أما الأحزاب القائمة على سياسات اقتصادية ليبرالية بالتعاون مع صندوق النقد الدولي والمؤسسات المالية الدولية وهي سياسة تعتمد على خروج الدولة من دعم السلع الأساسية والمحروقات وكذلك من النشاط الاقتصادي وهو ما أدى للخلاف العميق وخروج الحزب الشيوعي من إعلان الحرية والتغيير بعد المؤتمر الاقتصادي الذي أقر بسياسات صندوق النقد الدولي، حيث انتقدت اللجنة الاقتصادية المنبثقة من الحرية والتغيير -والتي يسيطر عليها اليسار في 2020– السياسات التي تتبعها الحكومة متهمة إياها بنهج طريق النظام السابق في تنفيذ برنامجه الذي يسمى ب"البرنامج الخماسي (2020-2015) الذي يقضي بنهاية العام 2020 برفع الدعم عن المحروقات والخبز تماما و-هو ما حدث بالفعل بعد عام.
التحديات الفكرية
كما في أي دولة هناك اختلافات فكرية بين الأحزاب والقوى السياسية والاجتماعية والدينية إلا أن اختلاف الفكر في السودان مرتبط أكثر مع الاقتصاد عن الدين خصوصا من الطبقة السياسة الحالية برز هذا جليا في الاتفاق الذي أبرمه دولة الرئيس السابق حمدوك مع عبدالعزيز الحلو قائد الحركة الشعبية في جبال النوبة والذي يدعى باتفاقية أديس أبابا التي نصت صراحة على فصل الدين من الدولة كأبرز بنوده وهو ما وافقت عليه جميع الكتل السياسة في الحرية والتغيير سواء في كتلة الإجماع الوطني التي منها الحزب الشيوعي والبعث وحركة حق أو كتلة نداء السودان مثل المؤتمر السوداني والجبهة الثورية و التجمع الاتحادي وتجمع المهنيين ما عدا حزب الأمة بمعارضة جزئية أما شعبيا يبدو أن هناك انقسام حول شرعية هذه الاتفاقية كونها يجب ان تناقش في المؤتمر الدستوري فيما تعارض بعض الشخصيات فكرة مناقشة القضايا المصيرية في المؤتمر الدستوري مثل وزير العدل السابق نصر الدين عبدالباري والحلو .
هذه التحديات وتحديات أخرى مثل قضية دمج الدعم السريع وإصلاح اتفاقية جوبا والترتيبات الأمنية وقضية معالجة الديون والدعم الاقتصادي كلها تحديات تشكل صعوبة بالغة لنجاح الفترة الانتقالية في عامها الرابع ما يتطلب وعي حقيقي لتجاوز هذه الخلافات.
abdalrahman12009@gmail.com
تحديات التحول الديمقراطي:
التحدي السياسي
هناك العديد من التحديات الصعبة لكن يظل الجانب السياسي هو الأهم في الساحة، حيث يكون الكثير من الاستقطاب السياسي والمنافسة الشرسة الثبات وتثبيت أي قوة سياسية لنفسها وبطبيعة الحال السباق نحو الانتخابات وربما تكوين تحالفات ذات طبيعة فكري..
كذلك طبيعة العالقة مع النظام السابق واحدة من هذه التحديات، حيث تنقسم هذه القوى السياسية الحاكمة "فكريا ومصالحيا" في كيفية عالقة الحكومة مع عناصر النظام السابق فبعض هذه القوى وصل حتى تكوين تحالفات مع أحزاب موالية للنظام السابق وسقطت معه والأخر يرفض حتى الوجود السياسي لهم.
أيضا يلاحظ تزايد الهجمات الإلكترونية المنظمة وحملات اغتيال الشخصيات الكترونيا، وأيضا من التحديات طبيعة العالقة بين المؤسسة العسكرية بمختلف فروعها وأجهزتها والتداخلات الكبيرة في تسيير الدولة والتقاطعات مع عمل الحكومة التنفيذية رغم إعلان المؤسسة العسكرية عن خروجها من المشهد السياسي إلا أن مظاهر عدم الثقة الواضحة بين قوى الثورة والجيش يشكل تحديا واضحا.
ثم ما ذكر عن تقسيم أطراف الاتفاق الإطاري الى قوى ثورة وانتقال وهو ما لم يرد في الاتفاق الطاري ويتم الترويج له من قبل قوى الحرية والتغيير إضافة الى ترحيل القضايا الخمس أو ما تسمى بأمهات القضايا "تفكيك التمكين وقضية شرق.
السودان والعدالة الانتقالية والصالح الأمني والعسكري وإصلاح اتفاقية جوبا "أيضا تمثل تحديا كونها قضايا تحتاج الى مشاركة واسعة حتى من قبل عناصر من النظام السابق مثل قادة شرق السودان وهو ما يجب على قوى التغيير النظر فيه.
ثم أهم قضية وهي جمع الصف الوطني وإعادة المنشقين مثل لجان المقاومة وحزب البعث والشيوعي وحركتي تحرير السودان والعدل والمساواة بالإضافة لمقاومة الاتفاق من قبل أطراف أخرى.
التحديات الاقتصادية:
كما أسلفنا أن الخلاف المتجذر بين القوى السياسية الحاكمة سابقا هو خلاف تاريخي في نواحي عديدة فكرية وسياسية وكذلك اقتصادية برز جليا منذ أول أسابيع عمل الحكومة السابقة، فهناك الأحزاب اليسارية التي تدعو إلى ما أسمته الحلول الوطنية التي تم صياغتها في البرنامج الإسعافي لقوى الحرية والتغيير في 2019 أما الأحزاب القائمة على سياسات اقتصادية ليبرالية بالتعاون مع صندوق النقد الدولي والمؤسسات المالية الدولية وهي سياسة تعتمد على خروج الدولة من دعم السلع الأساسية والمحروقات وكذلك من النشاط الاقتصادي وهو ما أدى للخلاف العميق وخروج الحزب الشيوعي من إعلان الحرية والتغيير بعد المؤتمر الاقتصادي الذي أقر بسياسات صندوق النقد الدولي، حيث انتقدت اللجنة الاقتصادية المنبثقة من الحرية والتغيير -والتي يسيطر عليها اليسار في 2020– السياسات التي تتبعها الحكومة متهمة إياها بنهج طريق النظام السابق في تنفيذ برنامجه الذي يسمى ب"البرنامج الخماسي (2020-2015) الذي يقضي بنهاية العام 2020 برفع الدعم عن المحروقات والخبز تماما و-هو ما حدث بالفعل بعد عام.
التحديات الفكرية
كما في أي دولة هناك اختلافات فكرية بين الأحزاب والقوى السياسية والاجتماعية والدينية إلا أن اختلاف الفكر في السودان مرتبط أكثر مع الاقتصاد عن الدين خصوصا من الطبقة السياسة الحالية برز هذا جليا في الاتفاق الذي أبرمه دولة الرئيس السابق حمدوك مع عبدالعزيز الحلو قائد الحركة الشعبية في جبال النوبة والذي يدعى باتفاقية أديس أبابا التي نصت صراحة على فصل الدين من الدولة كأبرز بنوده وهو ما وافقت عليه جميع الكتل السياسة في الحرية والتغيير سواء في كتلة الإجماع الوطني التي منها الحزب الشيوعي والبعث وحركة حق أو كتلة نداء السودان مثل المؤتمر السوداني والجبهة الثورية و التجمع الاتحادي وتجمع المهنيين ما عدا حزب الأمة بمعارضة جزئية أما شعبيا يبدو أن هناك انقسام حول شرعية هذه الاتفاقية كونها يجب ان تناقش في المؤتمر الدستوري فيما تعارض بعض الشخصيات فكرة مناقشة القضايا المصيرية في المؤتمر الدستوري مثل وزير العدل السابق نصر الدين عبدالباري والحلو .
هذه التحديات وتحديات أخرى مثل قضية دمج الدعم السريع وإصلاح اتفاقية جوبا والترتيبات الأمنية وقضية معالجة الديون والدعم الاقتصادي كلها تحديات تشكل صعوبة بالغة لنجاح الفترة الانتقالية في عامها الرابع ما يتطلب وعي حقيقي لتجاوز هذه الخلافات.
abdalrahman12009@gmail.com