إصرار “الكيزان” على الحكم أو تدمير السودان

 


 

 

كنت قد دعوت في مقالات عديدة كل حاضنة نظام الانقاذ البائد وخاصة حزبي المؤتمر الوطني والشعبي وحركة الاصلاح وكل من "تسربل" معهم بالسلطة والحكم، أن يقوموا بمراجعة تجربتهم ويقيموها ويمارسون النقد الذاتي بصدق. ومن ثم يقوموا بالاعتذار للشعب السوداني عن كل الاخفاقات التي إبتدأت بفصل الالاف للصالح العام وامتدت للسحل والتعذيب والقتل بل كبرت لصبحت جرائم حرب وابادة جماعية!!! ومن ذلك تإجيج حرب الجنوب وتحويلها لحرب جهادية راح ضحيتها الالاف المؤلفة من أبناء السودان بالشمال والجنوب وقادت لانفصال ثلث السودان في دولة مستقلة.
كتبت بقلب سليم ونية صافية أدعو "سدنة" النظام البائد للتطهر من كل تلك البشاعة والدمار الذي احدثوه في خلال تلك الثلاثين سنة المنصرمة، وترك أهل السودان يلملمون جراحاتهم في سلام وهدؤ ويعيدون رتق النسيج الاجتماعي "يا عنصري ومغرور كل البلد دارفور" ويرسخون نظام الحكم المدني الذي اختاروه.
بل ذهبت أبعد من ذلك واقترحت عليهم اذا كان ولابد في "أدبياتهم" من الوصول الى السلطة، فلتكن من الباب الآمن اي من خلال الانتخابات، ولعله إذا كانت لهم رؤية استراتيجية لكانوا قد فهموا ان الحكم المدني في صالحهم، لأنه قد يوفر لهم فرصة كبيرة للعودة للحكم بصورة او اخرى، بإعتبار انهم المجموعة الاطول مكوثا في سدة الحكم منذ استقلال السودان، بل الاكثر تسلطا واستحوازا على المال وتمكنا من المناصب، بالتلاعب بالإنتخابات بعد شراء كثير من الأرزقية وخداع كثير من البسطاء!!! نعم لو كان فيهم راشد واحد لنصحهم بأن مصلحتهم الحزبية الضيقة قد يمكن تحقيقها بالعودة للمشاركة في الانتخابات بعد الإعتذار للشعب السوداني، و بعد ان يكون الشعب السوداني قد استعاد علاقاته بالمجتمع الدولي وتم رفع الحظر عن السودان ووصول المنح والقروض.
لكن ليميز الله الخبيث من الطيب فقد عميت ابصارهم وغلقت عقولهم عن ذلك الفهم الاستراتيجي البعيد وبقوا في حضيض الفهم بالاصرار على البقاء في الحكم او عرقلة الحكم المدني حتى لا يثبت ويترسخ، والدليل قول ذلك المحامي الذي يصلي خلف زوجته منذ 1993م ابوبكر عبدالرازق عن الحكومة المدنية "...ما حنخليها تستقر طبعا، لا بنخلي مجلس عسكري يشتغل ولا بنخلي مجلس وطني يشتغل ولا بنخلي مجلس وزراء يشتغل.....نحن سقطنا البشير وسنسقط هذا النظام" "!!! فهو دليل دامغ على عمى القلوب وطيش العقول والتعطش للسلطة والتسلط والاستبداد من الحركة الاسلاموية، ودليل اضافي على انها لاتؤمن بالوطنية المرتبطة بالشعب السوداني وخياراته ولا بارض السودان.
و بذات الفهم العقيم سبق لابراهيم السنوسي أن قال في نوفمبر 2019م " أنهم لن يسمحوا لقوى الحرية و التغيير بالحكم لثلاثة سنوات بدون تفويض من الشعب"!!! ثم هاهو أحد المتهمين بجرائم الحرب اللواء "أمن" أنس عمر والذي سبق ان قال " الطلقة بسبعة جنيه، سبعة جنيه تخسروها في متمرد، اكثر منه ولا ما اكثر منه؟، أغلى منه ولا ما أغلى منه؟ ...اي زول يفكر يدخل البلد دي ..تقتلوه وما تدفنوه تخلوه للصقور للوحوش"!!! يأتي ليقول عن ثورة ديسمبر 2018م "...هذه وهمة وخيبة ديسمبر المجيد...ثورة من أجل الرغيف ، اين الرغيف ايها الأغبياء، ثورة من أجل الحرية اين الحرية ايها الأذلاء ايها العبيد"!!! ويكفي وصفه للشباب الثوار بالأذلاء والعبيد كدليل على مستواه وقلة عقله "فكل إتاء بما فيه ينضح"!!
يبقى على الشعب السوداني ان يقوم بالفرز بين الوطنيين واللاوطنيين؛ فكل من ينادي بمصالح حزبية او جهوية او اثنية ضيقة، يجب ابعاده بصورة سلمية ومقاطعته اجتماعيا وسياسيا.
كذلك يجب أن يساند الشعب شباب لجان المقاومة خاصة وأنهم قدموا التضحيات الجسام بالارواح وبالاجسام وهم كذلك أمل المستقبل. هؤلاء الشباب قادرين على تشكيل حكومة مدنية وتشكيل مجلس الشعب وترسيخ الحكم المدني. من ناحية اخرى نجد ان التفاهم والتقارب بينهم أسهل مقارنة بأجيال الاباء والاجداد.
بل حتى الشباب المنظمين تحت رايات حزبية هم اكثر إطلاعا و انفتاحا على العالم ككل، وعلى الاخص على بقية الاحزاب وأبعد ما يكونوا من ذلك التعنت والتبعية التي كانت في الاجيال الحزبية السابقة والتي لم تستطع الانفكاك عن مفهوم الاقصاء للاخر، من جانب اخر يجب على الشباب داخل كل حزب سياسي تجديد الدماء و القيام بثورة داخلية وتطوير آليات الحزب وبرامجه لان في ذلك تطوير للحياة السياسية برمتها في السودان.
مرة اخرى؛ هناك من دمروا السودان بصورة مباشرة او غير مباشرة فيجب عليهم ان يكفوا شرورهم عن هذا الشعب الابي الذي انجبهم وعلمهم وأهلهم لنفعه وليس لخرابه.
أنشد الشاعر أزهري محمد علي
"ولدا رضي و وناس
شايلنو لي حوبة
في ليلك اب كباس
شاهد خراب سوبا
شاهد وطن بنداس
عينيهو معصوبة
في يوم شديد الباس
والدنيا مقلوبة
مجبور رمي الكراس
دنقر رفع طوبة
شاف لحية القناص
بي دمو مخضوبة
تمتم قرأ الاخلاص
كتب الخلاص بالدم
طلع القمر بوبا".

wadrawda@hotmail.fr

 

آراء