إضافة: (عطفاً على مقال د. صديق الزيلعي): “الديمقراطية في الممارسة: البوليس يحققُ مع رئيس وزراء بريطانيا”

 


 

 

احتفلتِ المجلة الأسبوعية الشهيرة " دير شبيجل"، والتي تصدرُ من هامبورج، في يناير 2022، بمرور 70 عاماً على صدورها. وعادت بي الذكريات إلى سنوات خلت، إلى الاحتفال الذي دعت إليه المجلة، احتفاءً بأحد أعياد ميلاد رئيس تحريرها الصحفي الشهير رودولف أوجشتاين (ت. في عام 2002 )، كان الحضور كثيفاً متنوعاً، ضمّ ممثلين عن جميع طبقات المجتمع، داخل هامبورج خارجها، يتقدمهم رئيس الجمهورية، القانوني الضليع والرئيس السابق للمحكمة الدستورية العليا، وعضو حزب الاتحاد الاجتماعي المسيحي، رومان هير تسوغ، قادماً من بون، وكانت الصحيفة تطلق نيرانها النقديّة المتواصلة لسياسة حزبه المُحافظة ولرئيس الحزب، فرانز جوزيف شتراوس، الشخصيّة الجدلية، وعلى الرغم ما يتمتع به شتراوس من كاريزما، فقد كان سياسياً يمينياً ديماغوجياً خطيراً، و كان وقتها عام 1962 وزيراً للدفاع، وبطل ما عرف في تاريخ الصحافة الألمانية بـ "قضية أو حادثة دير شبيجل (1962)" عندما كشفتِ المجلةُ عن تحقيقات سريّة، عن قوّة المانيا العسكرية وعن عدم مقدرتها على مواجهة حلف وارسو، مما اعتبرتها السلطات معلومات سريّة، ضارّة بأمن الوطن وتمّ تفتيش مكاتب المجلة واعتقال أوجشتاين. وكانت أيامٌ مشهودة في تاريخ الاِعلام، في الدفاع عن حريّة الصحافة وحريّة التعبير وحريّة الفكر وصيانة الديمقراطية.
ثم انكشفَ الغطاء، وكان الأمر ما هو إلاّ مكيدةً مدبّرة من وزير الدفاع شتراوس، انتقاماً للمجلة لمواقفها النقديّة وكشفها للكثير من القصور في سياسة الحكومة. اضطر شتراوس حينها للاستقالة، قبل أن يطيح به المستشار المُخضرم كونراد أديناور.
وأعودُ إلى جوّ الاحتفال بعيد الميلاد، فعندما أكمل أوجشتاين كلمته، شاكراً ومقدّراً، وليفسح المجال لرئيس الجمهورية، عمّ التصفيق المتواصل أرجاء القاعة الكبيرة مع Standing Over
بينما ظلّ رئيس الجمهورية قابعاً على كرسيّه ممّا أثار دهشة واستغراب الحضور، وعندما توجّه، بعد توقّف التصفيق إلى المنصّة، مهنئاً ومخاطباً أوجشتاين وقائلاً، "لم أتحرّك مباشرةً أثناء التصفيق الرائع، فالاحتفال يُنقل مباشرة عبر عدّة قنوات تلفزيونية، ربّما يعتقد المُشاهد، بأنّ هذا التصفيق لرئيس الجمهوريّة، ولكنّه كان بالطبع لشخصكم الكريم، وأردف ضاحكاً، عندما تمّ تنصيبي قبل سنوات رئيساً للجمهورية من داخل قبّة البرلمان (البوندستاغ) صدرت مجلتكم في اليوم التالي، وعلى صفحة الغلاف الأماميّة صورة لشخصي، وأسفل الصورة جملة بالخطّ العريض: لقم تمّ البارحة تنصيب رئيساً للجمهورية يمشي مثل البطّة".

14:11

hamidfadlalla1936@gmail.com

 

آراء