إعادة بناء البيت الإتحادي لاسترداد عافيته وفاعليته
كلام الناس
*هذه ليست المرة الاولى التي أقل لكم أنني أكره السياسة التي أجبرت على التعامل معها بعد أن تفرغت للعمل الصحفي الذي كنت أظنه ساحة رحيبة للاداب والفنون‘ غفر الله للدكتور جعفر محمد علي بخيت عليه رحمة الله الذي دفعني دفعاً للسير في هذا الطريق الصعب.
*لابد أن أعترف بأنني اكتشفت عملياً - كما درسنا في علم الإجتماع - أنه لايمكن الفصل بين الدوائر السياسية والإقتصادية والإجتماعية والأمنية والثقافية المتداخلة‘ وأن السياسة للأسف تدخل في كل شؤون حياتنا وحاجاتنا المعيشية .. حتى" قفة الملاح".
* لذلك لايمكن الهروب منها رغم الويلات والأوجاع التي تسببها لنا في شتى مجالات حياتنا‘ والتي تتفاقم بسبب الفشل السياسي في الوصول إلى صيغة تعايش إيجابي كان من الممكن أن يجنب الوطن والمواطنين من هذه الويلات والأعباء.
*الفشل السياسي ناجم من الأنانية السياسية التي تجعل من يحكم يصاب ب" الحول السياسي" إن لم نقل بالعمى السياسي‘ ويصبح كل همه البقاء في السلطة دون اعتبار للاثار التي تترتب على سياساته وفشلها في تحقيق السلام والإستقرار والأمن والطمأنينة والحياة الحرة الكريمة للمواطنين.
* للأسف لم يكتف نظام الحكم السابق بالسيطرة على كل مفاصل السلطة والثروة‘ إنما سعي - من أجل تمكين سلطته - إلى تخريب الحراك السياسي السلمي فزاد طين الأزمة الوطنية بلة‘ كما جرى بالفعل من محاولات مستمرة لإضعاف الأحزاب وتقسيمها وخلق كيانات سياسية هلامية لاطعم لها ولا رائحة ولا أثر في حياتنا.
* أخصص كلام اليوم عن الحزب الإتحادي الديمقراطي الذي كان حزباً جماهيرياً مؤثراً منذ أن كان اسمه الحزب الوطني الإتحادي .. كانت قياداته ملء السمع والبصر‘ لكن للأسف تسببت عوامل تضافر التامر ضده مع الضعف التنظيمي في بلوغه الوضع الحالي الذي لايكاد يبين بعد تورطه في المشاركة الشكلانية في الحكم السابق حتى نهاية عهد الإنقاذ بقوة الإرادة الشعبية التي أنجزت ثورة ديسمبر الشعبية.
* أحزنني ما حدث قبل أعوام من تجاهل رئيس الحزب الإتحادي الديمقراطي راعي الختمية السيد محمد عثمان الميرغني لوفد قادة الحزب الذين حضروا للندن من أجل التفاكر معه حول مصير الحزب الذي تصدع بيته وضعفت أجهزته التنظيمية وفشل في عقد مؤتمر عام داخل السودان رغم عودة قيادته إلى الداخل بل وانخراطهم في أجهزة الحكم.
* الوفد الإتحادي ضم كوكبة من قادة الحزب مثل طه على البشير والخليفة ميرغني بركات وعبدالرحمن عباس وابراهيم الميرغني‘ وصل بعضهم إلى لندن بناء على توصية صدرت من لقاء تفاكري عقد في أم بدة في ذلك الوقت.
* الذين وصلوا إلى لندن فشلوا في مقابلة رئيس الحزب بصورة مؤسفة لامبرر لها‘ وان كانت ليست غريبة على السيد محمد عثمان الميرغني الذي ترك جمل الحزب بما حمل وقتها لإبنه محمد الحسن الذي أصبح يتصرف مع قادة الحزب وكانه الوريث الشرعي للحزب.
* مع إحترامنا للسيد محمد عثمان الميرغني - رد الله غربته ومتعه بالصحة والعافية - فإنه لايملك حق توريث الحزب الإتحادي الديمقراطي لأحد أبنائه لأنه حزب جماهيري لايملكه أحد‘ ومن حق قادته رفض القرارات الفوقية الفردية ومواصلة اللقاءات التشاورية من أجل إنقاذ الحزب من السقوط في الهاوية بلا قرار.
*هذه ليست دعوة للتمرد على قيادة الحزب السياسية والدينية‘ لأننا احرص على وحدة الإتحاديين وعافيتهم التنظيمية ونجدد المناشدة لرئيس الحزب وراعي الختمية ولكل الإتحاديين المخلصين للتنادي إلى كلمة سواء لإعادة بناء البيت الإتحادي في هذه المرحلة الإنتقالية تنظيمياً وديمقراطياً والإستعداد لمرحلة الإنتخابات المقبلة بكامل عافيته وفاعليته في سودان السلام والديمقراطية والعدالة والحياة الحرة الكريمة للمواطنين بلا وصاية ولا قهر.