إعادة قانون القهر العام !!
إذا أراد مدير شرطة ولاية الخرطوم إعادة قانون النظام العام فليذهب إليه (في مكانه) وسيجده قابعاً في مزبلة التاريخ..! سيجده هناك ويجد بجانبه تشريعات الإنقاذ و(كراكيبها)..وللأسى أن مثل هذا الشخص في مثل هذا المنصب يتجاهل مسؤوليته في ضبط الأمن وحماية الناس ويعجز عن منع قتل الناس في بيوتهم وجامعاتهم وخلال كدحهم في الطريق العام ويشغل نفسه بالحديث عن إعادة قانون (الذل والخنا) وتشريع الاضطهاد والإرهاب الذي صنعه إنقاذيون أشباه بشر ولا بشر.. حرامية قتلة متنطعون تركوا جلائل الأمور ومرّغوا قيم الفضيلة في الرماد ووجهوا همتهم الكليلة نحو تحديد مقاسات وأطوال تنانير وأزياء نساء السودان الفضليات المناضلات اللواتي تصدين لجبروت الإنقاذ وترسانتها العسكرية وانكشاريتها ومليشياتها بأيديهن العارية ووقفن ببسالة في وجه القهر والجبروت وطاردن الحرامية القتلة وأشعلن هذه الثورة المباركة ولفتن أنظار الدنيا وأصبحن معلمات العالم في الفداء والجسارة والتضحية والبطولة والبسالة.. ويجيء هذا الرجل من تلافيف (التربية الإنقاذية الخالصة) ليتحدث عن إعادة قانون هو (معرّة الفسالة) ومسبة الدهر.. وحديث هذا الرجل عن القانون هو جزء أصيل من (حركة الردة) والتماهي مع نوايا ومؤامرات الفلول..وإذا لم يكن الأمر كذلك فلن تجد شخصاً عاقلاً يتحدث مجرد الحديث عن هذا القانون الكارثة الذي جعلته الإنقاذ على رأس قوانينها (القراقوشية) بقصد إذلال الشعب ومطاردة الحياة الاجتماعية عبر (أخس سبيل) و(أوخم وسيلة) لهضم حريات الناس وهدر كرامتهم بالتنقيب عن الضمائر والنبش في النوايا ونشر الجلاوزة و(ناقصي المروءة) من مستخدميهم وشرطتهم على نواصي الطرقات والأبواب يفتشون أزياء البشر ويقبضون على الصبية في الشوارع ليجزوا شعور رؤوسهم إمعاناً في الإذلال في مشهد لم يره الناس في أسوأ عصور الانحطاط وأكثر أنظمة الحكم فاشية وانكشارية..!!
يبدو أن الدولة لم تُخضع مدير الشرطة هذا لمساءلته عن الإهمال الجسيم في حفظ الأمن والتقصير المريع في منع الانفلات ومواجهة فوضى المليشيات وحاملي السلاح في الشوارع وسقوط الناس قتلى في النهب المسلح الصريح..فجاء يحدثنا عن هذا القانون القبيح وجعل من نفسه مشرّعاً وليس ضابط شرطة أمامه واجباته ومهام في مجال مسؤوليته المباشرة..ومسؤولية من وضعه في هذا المنصب.. وكأنه يريد أن يثبت للناس مُجدداً أن معظم أصحاب الرتب العليا في كثير من المواقع النظامية إنما وصلوا إليها عبر التمكين والولاء للإنقاذ أو شراء تقدمهم المهني بالسكوت على إجرامها وفظائعها..ومن هنا نسمع مثل هذه الدعوة الغريبة بإعادة هذا القانون الذي دفنته الثورة باعتباره من أشد القوانين تعبيراً عن الاضطهاد وقمع الحقوق.. وهذه جرأة غريبة من هذا الرجل الذي لا يعلم مطلوبات الثورة التي جعلت منه مديراً للشرطة..بئس هذا القانون.. وبئس من قاموا بتنفيذه من حثالات البشر من النظاميين أو (متطوعي الرذيلة) الذي حشرتهم الإنقاذ في السلك النظامي تحت عيون وبصر قيادات الشرطة في عهدها الأغبر…!
حديث هذا الرجل عن إعادة هذا القانون من الأدلة البارزة على وجود أشخاص من أنصار الفلول داخل جسم الفترة الانتقالية وبين كبار أصحاب المناصب فيها ..ولولا ذلك لما تجرأ احد على الحديث عن هذا القانون (الرذيل المرذول) والدعوة لإعادة فرضه… لقد أحسن الرد الصادر من وزارة الداخلية بقطع الطريق على عودة التشريعات التي رفضها الشعب وعلى رأسها هذا القانون (الانتيكة).. ولكن هل يمكن أن ننتظر من هذا الرجل حفظاً للأمن وحمايةً للمجتمع وإخلاصاً في مهمة الشرطة وواجبها النبيل..؟!! وحتى متى يتم تحرير مناصب الثورة والفترة الانتقالية من (بقايا الإنقاذ)….!