إعـتذارك ما بفيدك ولو عثرت بغلة … بقلم: عزيزة عبد الفتاح محمود

 


 

 



تأسرني الي درجة العبث تلك الرسائل التي تفرد لها بعض الصحف صفحات تحولت الي مؤسسات أو مؤسسات تسوّق آلام الغير عبر صفحات ــ بالمناسبة هذا المجهود لا إعتراض عليه فهوــ ولنكن واضحين بهذا الشأن ــ  تحول الي أحداث واقعية نتعامل معها وربما نتواصل مع أصحابها عبر أرقام الهواتف المرفقة بنهاية كل حكاية .. مقدمة أرجو أن تكون ناجحة لقصة الموظفة الفيدرالية بوزارة الزراعة الأمريكية (شيرلي شيرود) ، فشيرلي قدمت إعترافا خلال المؤتمر الوطني للملونين أنها قبل أربع وعشرين عاما (وليس يوما ) رفضت أن توزع مساعدة حكومية لمزارعين فقراء من البيض إنتقاما منها لسنوات الذل التي عاشها أسلافها .. ولكنها في ذات الإعتراف واصلت بأنها ندمت علي إحساسها وتراجعت ثم قامت بتوزيع المعونة المحددة..وهي الآن متسامحة مع الماضي ،أحداث القصة تواترت عندما قام (أندرو بريتبار) وهو ناشر أمريكي ومعلق بصحيفة (الواشنطون تايمز) ببث الجزء الأول من إعتراف شيرود علي موقعه علي الإنترنت ليؤكد أن الممارسات العنصرية لا زالت تمارس في إجتماعات الإتحاد الوطني للملونين ، وتم ممارسة ضغط علي شيرود لتقديم إستقالتها ،الرئيس الامريكي سمع بهذه الحادثة فحاول الإتصال بالموظفة ليلتين متواصلتين للإعتذار لها....!  قبل أن نواصل سرد الحكاية .. هذه التفصيلة الغنية في محاولة الرئيس الإتصال للإعتذار لم تترك ثغرة لقولة عمر (لو عثرت بغلة في العراق)، فلندع جانباً الغمز الذي تم تداوله عن هذه القصة مثل أن السيدة شيرود هي أيضا إمريكية من أصل إفريقي بمعني أن إهتمام أوباما بموضوع الإعتذار لها مجرد (رحمة للجنس).. ولكن المبدأ المقارن أن الرسائل التي تحدثت عنها في بداية المقال وتحديداً تلك التي تعنون ـ بجرأة المساكين الممتلئين أملا في إستجابة .. أي إستجابة ـ سيدي رئيس الجمهورية أنا فلان الفلاني كنت أملك (كشك) علي ناصية الشارع إذ أنني وحيد أسرتي ، تركت الدراسة بعد أن كنت الأول علي الفصل لمساعدة أخوتي الصغار .. ولكن قبل يومين قامت المحلية بإجراء مسح ترقية السلوك الحضري (كشة) وتبعثرت بضاعتي ...إلخ ، فقس علي ذلك عدد البغال.. أقصد الرسائل التي تطلب إقالة عثرتها والرد عليها، نعلم أن معالجة الأمر ليس بهذه السهولة ولكنه مجر لمقارنة ومحاكاة الإمساك بشبه لوضعية التأصيل .. نحن أحق بهذا الفهم ، وللعلم السيدة شيرود عندما دعاها رئيسها وزير الزراعة لمعاودة عملها ردّت بأنها ستفكر في الأمر، بل أن وزير الزراعة إعتذر لها علي الملأ عبر مؤتمر صحفي ووصفها بأنها إمرأة جيدة، وأنه يتحمل مسؤولية إستقالتها بندم عميق . هذه القصة قد لا تصلح ليدلل بها علي النموذج المثالي للعلاقة بين الراعي والرعية ، ولكننا بالأصل لا نملك نموذجا أيضا لتتضح تماما أمكنة البغال ومواقع العثرات.
zizetfatah@yahoo.com

 

آراء