إعلام الفلول

 


 

 

خط استواء
في فترة الانتفاضة كان للصحف الورقية تأثيرها وتوزيعها وسوقها الرائج وسعرها المعقول، وفي الحاضر طغت وسائل التواصل الاجتماعي، في ظل ركود وكساد صناعة الصحافة نظراً لكلفة التسيير العالية، وارتفاع أسعار الورق ومدخلات الطباعة الأخرى.
مع بروز الاعلام الجديد، تضطرب العلاقة أكثر وأكثر بين الصحفي ورب العمل – الناشر أو مالك الصحيفة. وبالرغم من تراكم السنوات، إلا أن أوضاع الصحفيين في فترة الانتفاضة تشابه الى حد كبير ما يحدث الآن، حيث يعاني الصحفيون، بالاضافة لضعف الرواتب وتردي بيئة العمل، من عدم الأمان الوظيفي، ومن الفصل الجماعي أو الفردي الذي يتهددهم، خاصة عند المطالبة بالحقوق.
في وضع كهذا، حيث لا عدالة في توزيع الاعلان، لا تستطيع الصحف تمويل نفسها عن طريق التوزيع.. وما لم تتجه الدولة لدعم الصحف الورقية، والاستيثاق من مصادر تمويل قنوات الاعلام بشكل عام، فإن مؤسسات اعلامية عديدة قد تتعرض للابتزاز، أو تقع فريسة غسل الأموال، أو الارتهان لمنظمات مشبوهة.
كان الوسط الصحفي أكثر تماسكاً خلال سنوات الانتفاضة، أما اليوم فإن القاعدة الصحفية تعاني من شروخ وانقسامات حادة، تكاد تلغي الأمل في تكوين جسم نقابي منتخب يشرِّف القاعدة الصحفية. ولعل التحدي الأكبر أمام أهل المهنة، تنقية السجل الصحفي وبناء سجل جديد، إذ بلغت أعداد الصحفيين الذين منحوا بطاقات ممارسة المهنة – صادرة من مجلس الصحافة والمطبوعات - حوالي ثمانية الف من الموالين لنظام الانقاذ، بعضهم ضباط أمن وبعضهم علاقات عامة، وكثيرون لا علاقة لهم بالمهنة كانو النظام يستعين بهم في سطوه على اتحاد الصحفيين عبر انتخابات ديكورية".
إن معركة الحاضر داخل قطاع الصحافة تأخذ ملامح صراع الماضي مع اختلاف في بعض التفاصيل، وتبعا لذلك نشهد نماذجاً من الصحف المنقولة بين عهدين، فهي تؤول بالضرورة للنظام السابق، لما لقوى الثورة المضادة من قدرة على التحايل والظهور في أثواب أخرى، وغير بعيد عن ذلك ما نلحظه بعد الثورة من ضخ عشرات المواقع الالكترونية..
من بين أهم أسباب التي أدت لتفوق الاعلام المضاد خلال فترة الانتفاضة "تغلغل تنظيم الاخوان في نظام مايو منذ المصالحة الوطنية 1977م، حيث تمكن الاخوان من خلال تواجدهم داخل السلطة من التمهيد للانقضاض على الديمقراطية بالتغلغل داخل الجيش بشتى الوسائل، أقلها توزيع صحف الجبهة مجاناً وسط القيادات والجنود، بينما اكتفى الحزبان الكبيران – الأمة وإتحادي - بصحيفتان كانتا من الضعف بمكان" .
كانت الحركة الاسلامية تعمل على تهيئة المسرح لتقويض النظام الدستوري من خلال سيطرتها على المشهد الصحفي، وقبل أن تتجه لتنفيذ الانقلاب في الثلاثين من يونيو 1989 كانت صحفها - الراية، ألوان ، الأسبوع ، السوداني - قد شوهت الممارسة الديمقراطية وصوَّرت حرية التعبير كأنها الفوضى،، وهذا ما يمارسه اليوم "إعلام الفلول" الذي يحاول في الوقت الراهن، إعادة إنتاج ذات المؤامرة.
الجريدة

 

آراء