إغلاق ملف الانتخابات
6 April, 2010
اليوم هو السادس من ابريل الذكري الخامسة و العشرين لانتفاضة ابريل المجيدة التي اطاحت بنظام نميري الذي كان قد تخبط كثيرا في دروب الفشل السياسي و الطغيان و قاد السودان الي حالة من الانهيار الاقتصادي التي وصلت ذروتها في مجاعة منتصف ثمانينات القرن الماضي. التهنئة لجميع افراد الشعب السوداني الذين يؤمنون بقدرات الشعوب في النهوض و التغيير نحو الأفضل و صناعة التاريخ و الأمجاد.
أما ما كان من أمر الانتخابات فقد قضي الأمر و قامت الانتخابات فعلا في ميقاتها حسب ما خطط له شريكا نيفاشا و سيفوز البشير برئاسة الجمهورية و يكتسح المؤتمر الوطني الانتخابات في الشمال و سيحدث نفس الشيء في الجنوب بالنسبة للحركة الشعبية. سيأتي يناير 2011م و سيتم اجراء الاستفتاء و سينفصل الجنوب الي دولة مستقلة. اما في حالة حدوث أي سيناريو اخر غير متوقع فان الامر سيكون اكثر سوءا ، سينفصل الجنوب عن الشمال من طرف واحد و ربما تشتعل حرب اخري أكثر شراسة و إيلاما و قد تكون لها تداعيات خطيرة علي مستقبل ما تبقي من السودان.
أفضل السناريوهات الان هي تجميد الوضع علي حاله بان يحكم المؤتمر الوطني دولة الشمال و تحكم الحركة الشعبية دولة الجنوب و يتم البحث عن بناء معارضة جديدة فعالة تخرج من صلب الشعب بدلا عن عجز معارضة اليوم خاصة في ما يسمي " بالحزبين الكبيرين" . افضل مواقف المعارضة هو ما جاء عن يمينها و عن شمالها. المؤتمر الشعبي من جهة قرر الخوض في الانتخابات حتي نهايتها و بجميع مستوياتها. هذا قرار منطقي لحزب يصارع من اجل قواعده داخل الحركة الاسلامية و يسعي لاخذ نصيبه منها علي حساب المؤتمر الوطني. كما ستوفر له الانتخابات فرصة ذهبية لبناء قاعدة للمعلومات عن الموقف الراهن لقواعد الإسلاميين لا يمكن لها ان تتوفر بغير خوض الانتخابات. اما من الجهة الاخري المعاكسة فيقف الحزب الشيوعي المنسحب كلية من الانتخابات. كان الحزب يخوضها كفرصة للبناء و بالتنسيق مع قوي تحالف جوبا الذي اصبح سرابا. بالتالي و في رأي الحزب فان خوض الانتخابات أصبح يقود الي الهدم اكثر من ان يساعد في البناء و من هنا جاء قرار المقاطعة علي كافة المستويات.
اما بالنسبة لقطاع الشمال بالحركة الشعبية ، الذي يعتبر قائده و ملهمه الاساسي ياسر عرمان و ليس سلفا و لا فاقان ، فان الوضع اصبح (ميته و خراب ديار). فبعد ان رشحت الحركة ياسر لمنصب رئاسة الجمهورية ظهر الرجل بشكل مفاجئي كمنافس خطير ليس فقط علي رئاسة الجمهورية و انما علي زعامة الحركة الشعبية نفسها و اصبح يسحب من رصيدها ليضاعف من ارصدته الخاصة في الشمال. ادي ذلك لسحبه لعدم توافقه مع اهداف الحركة الساعية للانفصال و لتهديده لاهداف القوة العظمي الداعمة للحركة و التي يبدو انها قد حسمت موقفها نهائيا لصالح الانفصال. هنا اصبح عرمان خطرا يجب التخلص منه كمرشح و إضعاف أسهمه بمخالفة رؤيته الداعية الي مقاطعة الانتخابات بكافة مستوياتها في الشمال. دعي ذلك الحركة الي خوض الانتخابات في الشمال بكافة مستوياتها عدا رئاسة الجمهورية. لعبت الحركة لعبة اخري بمحاولتها كسب حركات دارفور بمقاطعتها للانتخابات هناك و بالتالي اصبح موقفها بخوض الانتخابات التشريعية و انتخابات الولاة في الشمال موقفا غريبا لا يبرره الا إضعاف قطاع الشمال و تشتيت مواقف المعارضة الشمالية المتداعية أصلا بشكل اقرب الي السقوط.
في ظل هذا الوضع لم يتبقي الا قفل باب الانتخابات و البحث عن مخارج جديدة و رص الصفوف للمطالبة بالحقوق من الحكومة القادمة أي كان نوعها و أخذها و انتزاعها بمختلف الطرق و الوسائل. الحق أي كان نوعه في النهاية منتصر ، عكس الارتزاق و التسول علي باب الحكام. الحقوق أي كانت ، من العمل كما فعل الاطباء و غيرهم و كما تفعل النقابات في كل مكان ، ومن الارض أي كان ريعها و في مقدمتها اراضي الجزيرة الخضراء و الاراضي الشاسعة في السودان لصالحة لمختلف انواع الاستخدام ، و من الثروة سواء ان كانت بترول او معادن او ثروات رأسمالية أساسها ما في باطن الارض او فوقها و من الاصول العامة و البنيات التحتية التي تشكل مصدر الثراء الأساسي للحكام و أتباعهم ، و كلها ثروات من المفترض استغلالها من اجل حياة افضل لعامة الشعب و تحقيق حياة كريمة له بدلا عن معاناة اليوم.
هذه الانتخابات خاصة بطرفي نيفاشا و لن يتنازلا عنها و لن يسمحا لأحد أي كان من الكسب من ورائها . كيف يمكن ايها السيدات و السادة لحكومة وصلت الي السلطة بالقوة و حكمت البلاد لمدة عشرين عاما كما تريد ان تسمح لحزب ما ان يهزمها و يستولي علي الحكم بدلا عنها ، و هي التي انقلبت علي ذلك الحكم في يوم ما؟ كيف لحركة ظلت تحارب في الأدغال و الأوحال لأكثر من عشرين عاما ان تسلم الجنوب لآخرين خاصة و قد أصبح ممتلئا بآبار البترول؟ المعركة الأشرس و الأخطر ربما تدور في بقعة صغيرة لكنها خطيرة جدا هي ابيي. فلنفكر في مآلات الحل و المخارج لما بعد 13 ابريل. هنا قضي الأمر ، لكن هذه ليست النهاية و إنما مجرد بداية لفصول معركة جديدة هي الأكثر شراسة في تاريخ السودان.
Dr.Hassan.
hassan bashier [hassanbashier141@hotmail.com]