إلزموا الحقيقة ولو كانت (مُرَّة) ..! بقلم: هيثم الفضل
هيثم الفضل
12 October, 2022
12 October, 2022
صحيفة الجريدة
سفينة بَوْح -
فرقٌ كبيرٌ وشاسع بين (الحقيقة المُزركشة) بالأوهام ، و(الحقيقة المُرة) التي يفرضها الواقع ، فالأخيرة في الغالب لا يحب الأكثرية سماعها ، لأنها غالباً ما (تؤلم) في البدايات ، غير أنهم لو تريَّثوا و(تعقَّلوا) في تفُّهُمها وشرعوا في معالجة مشكلاتهم وفق حيثياتها لضمنوا (النجاة) ، وفي المثل السوداني الأصيل (أسمع كلام البِبكيك وما تسمع كلام البِضحِّكَكْ) عِبرةً لمن يعتبِر ، أقول هذا وفي قلبي خوف أن أُتَّهم من قِبل (مُتطَّرفي) ثورتنا المجيدة بميول نحو مًخطَّطات (الهبوط الناعم) والتسويات المُخزية ، أو ربما أُتهمت في (شرفي) و(أمانتي) ونخوتي الوطنية عبر تصنيفي (ككوز مُندس) مثلما يحدث كل يوم للكثيرين في ساحات النشر الإلكتروني ، وضحايا هذه الإتهامات في أحيانٍ كثيرة كانوا من مُخضرمي حركات النضال الوطني والبذل الثوري الساعية لترسيخ الديموقراطية والعدالة ، بل كانوا بلا مُنازع في مجالاتهم المُختلفة ، أشرس الذين واجهوا وناهضوا نظام الإنقاذ الفاشي ، صرَحوا وكتبوا وحاربوا وهتفوا في أيام سطوة الطُغيان الأولى ، وحين كان الذين يجأرون اليوم زهواً بثوريتهم (الوليدة) في 2019 (صامتون) ومُرتعبون من بطش الجلاد وجبروته ، رغم كل ذلك وصفهم ناشطو و(ثورجية) اليوم ، بالتخاذل والإنكسار للمكوِّن العسكري ، و(الإنبراش) على بساط الهبوط الناعم ، وربما السعي لإستعادة الطاغوت ، لا لشيء سوى أنهم فقط آثروا أن يقولوا (الحقيقة المُرة).
أما (مربط) الحقيقة المُرة التي بات يخشى إعلانها الكثير من (العُقلاء) و(العارفين) ، هي بوضوح : أن رفض (التسوية) والحوار (المبدئي) مع المكوِّن العسكري بغرض وضع ترتيبات منطقية لإنهاء الإنقلاب ، يُدمِّر فكرة (إنهاء الإنقلاب) نفسها ، ويغمسها في مُستنقع المستحيل وإنعدام الواقعية ، ويفرض وفقاً لذلك حتمية (تغيير وتعديل) الإستراتيجية المُتَّبعة (حالياً) في مواجهة الإنقلاب والمُتمثِّلة في (سلمية الحراك الثوري) ، فمن أراد أن لا يحاور ولا يُساهم في فتح (أبواب) و(نوافذ) ليخرج منها (الخصم) آمناً ولو إلى حين ، عليه أن لا يستغرب أو يندهش من إصرار (الخصم) على البقاء مُستئمناً بما في يديه من سطوة وسلطة وحصانات وقُدرة على (المراوغة) تطيل أمد إستغراقه في إيجاد حلول وبدائل (لورطته) وما يُعانيه من حصار، مَنْ يرفُض الحوار (المبدئي) الذي يستهدف إيجاد خارطة طريق و(سيناريو مناسب) لإستئناف التحوَّل المدني الديموقراطي وعودة العسكر إلى ثكناتهم ، عليه أن يتكيئ على مرافيء (الحقيقة المُرة) ويُعلن (الكفاح المُسلَّح) والمعارضة (غير السلمية) حتى يمكننا إستيعاب (تصوُّر واقعي) لمخطَّطاته المُتعلِّقة بإنهاء الإنقلاب عبر نظرية لا حوار / لا تسوية ، أما (لا شراكة) فمُتفقٌ عليها ولم تختلف حولها قوى الثورة المُناهضة للإنقلاب المشئوم منذ الوهلة الأولى.
ما أُخذ بالقوة يُسترجع بالقوة ، أو بالتفاوض والتسوية تحت جناح الضغوطات الثورية التي (تُضعف) القُدرة التفاوضية للخصم ، والسياسة هي في الحقيقة علم (المُمكن) وفن التماهي مع الواقع ، وتنبني نجاحات من يمارسها على الإلمام بما يُحيط بمصالحه فيها من (فُرص) و(مخاطر) ، ولا مجال فيها (للهاشمية) والإنفعالات الزائفة حتى ولو (تدَّثرَت) بشعارات الثورة المُقدَّسة ، أما إستعادة المسار الديموقراطي (بالسلمية) فلا سبيل إليها ، إلا بالتفاوض المبدئي والتسوية (العادلة) والتأمين على مبدأ (لا شراكة) ، بغير ذلك لن يوضع كل شيٍ في مكانه ، كما قال الشاعر الفرنسي فولتير.
haythamalfadl@gmail.com
سفينة بَوْح -
فرقٌ كبيرٌ وشاسع بين (الحقيقة المُزركشة) بالأوهام ، و(الحقيقة المُرة) التي يفرضها الواقع ، فالأخيرة في الغالب لا يحب الأكثرية سماعها ، لأنها غالباً ما (تؤلم) في البدايات ، غير أنهم لو تريَّثوا و(تعقَّلوا) في تفُّهُمها وشرعوا في معالجة مشكلاتهم وفق حيثياتها لضمنوا (النجاة) ، وفي المثل السوداني الأصيل (أسمع كلام البِبكيك وما تسمع كلام البِضحِّكَكْ) عِبرةً لمن يعتبِر ، أقول هذا وفي قلبي خوف أن أُتَّهم من قِبل (مُتطَّرفي) ثورتنا المجيدة بميول نحو مًخطَّطات (الهبوط الناعم) والتسويات المُخزية ، أو ربما أُتهمت في (شرفي) و(أمانتي) ونخوتي الوطنية عبر تصنيفي (ككوز مُندس) مثلما يحدث كل يوم للكثيرين في ساحات النشر الإلكتروني ، وضحايا هذه الإتهامات في أحيانٍ كثيرة كانوا من مُخضرمي حركات النضال الوطني والبذل الثوري الساعية لترسيخ الديموقراطية والعدالة ، بل كانوا بلا مُنازع في مجالاتهم المُختلفة ، أشرس الذين واجهوا وناهضوا نظام الإنقاذ الفاشي ، صرَحوا وكتبوا وحاربوا وهتفوا في أيام سطوة الطُغيان الأولى ، وحين كان الذين يجأرون اليوم زهواً بثوريتهم (الوليدة) في 2019 (صامتون) ومُرتعبون من بطش الجلاد وجبروته ، رغم كل ذلك وصفهم ناشطو و(ثورجية) اليوم ، بالتخاذل والإنكسار للمكوِّن العسكري ، و(الإنبراش) على بساط الهبوط الناعم ، وربما السعي لإستعادة الطاغوت ، لا لشيء سوى أنهم فقط آثروا أن يقولوا (الحقيقة المُرة).
أما (مربط) الحقيقة المُرة التي بات يخشى إعلانها الكثير من (العُقلاء) و(العارفين) ، هي بوضوح : أن رفض (التسوية) والحوار (المبدئي) مع المكوِّن العسكري بغرض وضع ترتيبات منطقية لإنهاء الإنقلاب ، يُدمِّر فكرة (إنهاء الإنقلاب) نفسها ، ويغمسها في مُستنقع المستحيل وإنعدام الواقعية ، ويفرض وفقاً لذلك حتمية (تغيير وتعديل) الإستراتيجية المُتَّبعة (حالياً) في مواجهة الإنقلاب والمُتمثِّلة في (سلمية الحراك الثوري) ، فمن أراد أن لا يحاور ولا يُساهم في فتح (أبواب) و(نوافذ) ليخرج منها (الخصم) آمناً ولو إلى حين ، عليه أن لا يستغرب أو يندهش من إصرار (الخصم) على البقاء مُستئمناً بما في يديه من سطوة وسلطة وحصانات وقُدرة على (المراوغة) تطيل أمد إستغراقه في إيجاد حلول وبدائل (لورطته) وما يُعانيه من حصار، مَنْ يرفُض الحوار (المبدئي) الذي يستهدف إيجاد خارطة طريق و(سيناريو مناسب) لإستئناف التحوَّل المدني الديموقراطي وعودة العسكر إلى ثكناتهم ، عليه أن يتكيئ على مرافيء (الحقيقة المُرة) ويُعلن (الكفاح المُسلَّح) والمعارضة (غير السلمية) حتى يمكننا إستيعاب (تصوُّر واقعي) لمخطَّطاته المُتعلِّقة بإنهاء الإنقلاب عبر نظرية لا حوار / لا تسوية ، أما (لا شراكة) فمُتفقٌ عليها ولم تختلف حولها قوى الثورة المُناهضة للإنقلاب المشئوم منذ الوهلة الأولى.
ما أُخذ بالقوة يُسترجع بالقوة ، أو بالتفاوض والتسوية تحت جناح الضغوطات الثورية التي (تُضعف) القُدرة التفاوضية للخصم ، والسياسة هي في الحقيقة علم (المُمكن) وفن التماهي مع الواقع ، وتنبني نجاحات من يمارسها على الإلمام بما يُحيط بمصالحه فيها من (فُرص) و(مخاطر) ، ولا مجال فيها (للهاشمية) والإنفعالات الزائفة حتى ولو (تدَّثرَت) بشعارات الثورة المُقدَّسة ، أما إستعادة المسار الديموقراطي (بالسلمية) فلا سبيل إليها ، إلا بالتفاوض المبدئي والتسوية (العادلة) والتأمين على مبدأ (لا شراكة) ، بغير ذلك لن يوضع كل شيٍ في مكانه ، كما قال الشاعر الفرنسي فولتير.
haythamalfadl@gmail.com