إلغاء قرارات لجنة ازالة التمكين !! المحكمة العليا تجهض العدالة عند تطبيق القانون !!

 


 

 

————————
العدالة بمعناها الواسع تتصادم في كثير من الاحيان مع التطبيق الحرفي لنصوص القانون .
لذلك نجد ان المحاكم في كثير من قضائها قد تصيب العدالة في مقتل ، على الرغم من تطبيقه الصحيح القانون ، الامر الذي يجعل هذه الاحكام غير مستقيمه في اذهان كثير من الناس .
مرد ذلك يعود الى ان الحقيقة الواقعية قد لا تتطابق مع الحقيقة القضائية رغم صحة الاحكام قانونا .
تكمن العدالة غالبًا عند مطابقة الحقيقة القضائية للحقيقة الواقعية ، بمعنى ان يصادف قضاء المحاكم واقع الحال ، وهنا يستقر الحكم في اذهان الناس ويجد منهم القبول والارتياح .
وحيث ان قضاء المحاكم يبنى دومًا على البينات اذ ( لا قضاء الا ببينة ) ، وعادة قد يفشل الطرف المدعي في توفير البينة التي تسند ادعائه ، رغم صحة هذا الادعاء ، انه صاحب حق على الطرف المدعى عليه ، فترفض دعواه قانونًا لفشله في ايجاد البينة وتقديمها للقضاء حتى يستصدر حكمًا لمصلحة .
هنا نجد ان الحكم القضائي اخفق في تحقيق العدالة رغم صحته قانونا .
تطالعنا هذه الايام أحكامًا صادرة عن المحكمة العليا القومية ألغت بموجبها أحكامًا صادرة عن لجنة ازالة التمكين بموجب قانون تفكيك نظام الثلاثين من يونيو 1989 واسترداد الاموال العامة ،في مواجهة بعض من شغلوا الوظائف العامة تمكينًا من قبل النظام السابق المباد .
وقد لاحقت احكام المحكمة العليا نظرات مريبة من السواد الاعظم من السودانيين وامتعاض يكاد ينطق بفساد المحكمة العليا وقاضيها ( ابو سبيحة ) .
وفي الجانب الاخر قابلها انصار النظام السابق المباد بعين الرضا والقبول خاصة وإنها أعادت انصارهم الى الخدمة المدنية من جديد وهذا مرمى مرادهم حيث ان الغاية من تمكينهم قد عادت اليهم من جديد لان الحركة الاسلامية حين مكنتهم من الخدمة المدنية كانت لها فيهم غاية ( عصا )سيدنا موسى عليه السلام .
حيث كانت تود ان تتوكأ عليهم .
وتهش بهم غنمها .
ولها فيهم أيضًا مارب اخرى .
لذلك حين صدرت احكام المحكمة العلياء بالغاء احكام لجنة ازالة التمكين فرحوا ايما فرح وصاروا يدبجون المقالات الحسان في جيد القضاء السوداني الذي يقول قطاع كبير من الناس بضعفه وفساده واصطفافه بجانب النظام السابق بحكم ان يد النظام قد عبثت به وقد جعلته مطية لتحقيق كثير من المارب الاخرى .
وقد استدلوا بما وجد في ملفات بعض القضاء الذين لحقتهم احكام لجنة التفكيك من مستندات تؤكد على انتمائهم للحركة الاسلامية وعضويتهم بالمؤتمر الوطني فضلا عن انهم (رتب ) في جهاز الامن والمخابرات الوطني ، وهي تهمة لا ينكرها كثير منهم وتاكيدهم ومجاهرتهم بانتماء الكثير منهم الى قطاع قضاة المؤتمر الوطني الذي اوجد له اوعية داخل الخدمة المدنية والنقابات المهنية ولم يسلم من ذلك القضاء والنيابة .
على الرغم من الريبة التي تدور في اذهان السواد الاعظم من احكام المحكمة العليا الا ان قضاءها قد يكون صحيحا ومصادفاً لصحيح القانون ، حيث ان الكيفية التي تمت بها الاجراءات كان فيها كثير من المطاعن التي اوجزها حكم المحكمة العليا في حيثيات الاحكام ، ولكن هذه المطاعن وان سمحت لعدالة المحكمة العليا بالغاء قرارات لجنة ازلة التمكين في مواجهة الطاعنين قانونا الا انها تظل مجافية للعدالة وقد تنكبت الانصاف والوجدان السليم .
فكثير من الطاعنين قبل غيرهم مؤمنين بأنهم ولجوا الى الخدمة المدنية او القضاء والنيابة عبر بوابة انتمائهم للحركة الاسلامية وانضمامهم للمؤتمر الوطني ، وكثير منهم لا ينكر انه بالإضافة الى وظيفته فقد تم تنسيبه بجهاز الامن والمخابرات الوطني لتحقيق غايات محددة .
اذن العدالة تقتضي ابعاد هؤلاء جميعا عدالة عن السلم الوظيفي بسبب التمييز الذي نالوه من انتمائهم للحركة الاسلامية حيث لم تطرح وظائفهم للمنافسة او تم تميزهم على من هم اكفاء منهم.
اذن قضاء المحكمة العليا لم يكون محققا للعدالة التي نادى بها العادل من فوق سبع سموات طباقا .
ومع ذلك قد تكون هذه الاحكام صحيحة قانونا مما يجعلها محصنة بنيل الحجية
وهنا قد يتبادر الى اذهاننا سؤال مفاده
هل من وسيلة اخرى تسمح باللجوء اليها حتى نثبت اركان العدالة في شرايين الخدمة المدنية والقضاء والنيابة ، وذلك ببتر كل عضو تم تنسيبه فيها دون وجه حق او ( تمكينا ) ، حتى تتعافى ويتعافى الوطن ؟
جمال الصديق الامام
المحامي !!

elseddig49@gmail.com

 

آراء