إلى متي ستستمر معاناة هذه الفئة..!!

 


 

كمال الهدي
10 December, 2021

 

تأمُلات
. ما يُدهش المرء في أحوال صحافتنا هو أن أشد الزملاء عوزاً هم من يكتبون ضد الظلم والطغيان ويخرجون في المواكب ويتعرضون للضرب والاعتقال وكافة أصناف الإهانات.

. بينما تجد من يقبلون الرشاوى ويصمتون عن البوح بكلمة الحق ويتماهون مع الطغاة ويزينون الباطل هم الأكثر ثراءً ورفاهية وسط زملاء المهنة، وفي الكثير من الأحيان تجد موادهم أكثر تداولاً وانتشاراً.

. قد يقول قائل أن هذا هو الوضع الطبيعي، فمن يرهن قلمه لأهل السلطة والمال لابد أن يكون ثرياً.

. لكن السؤال: إلى متي ستظل هذه الفئة على ضلالها ونفاقها وريائها وخصامها لأمانة القلم!

. فمهما يكن، يصعب على المرء استيعاب أن يظل بعض حملة الأقلام مثل مهربي الذهب وتجار الممنوعات الذين لا تشبع بطونهم من المال الحرام.

. ألم تكفهم سنوات حُكم المقاطيع التي حققوا خلالها ثروات مهولة، ليكفوا آذاهم عن هذا الشعب المكلوم!

. عموماً لا يهمنا أمر هؤلاء كثيراً، بل يكدر صفونا حال الفئة الثانية من الصحفيين، أعني القابضين على جمر القضية.

. فإلى متي ستستمر معاناة هؤلاء الزملاء الذين يعانون من شظف العيش ويكابدون ليل نهار دون أن يتمكنوا من سد رمق صغارهم، أو علاج أنفسهم من مرض، أو إصابة يتعرضون لها خلال المواكب والمسيرات!

. وإلى متي سيترك شعبنا بكل فئاته هؤلاء المناضلين بلا غطاء!

. يكتب الواحد منهم مقالاً ساخناً فيصفق له الكثيرون ويشدون من أزره (شفاهة) ثم ينصرف كل لحال سبيله ليعود هو لبيت ربما لا تتوفر فيه رغيفة خبز لتشبع صغيراً يتضور جوعاً.

. للصبر حدود، وليس هناك شخصاً يمكنه أن يحتمل الآلام والجوع والمرض إلى ما لا نهاية.

. ولهذا دعوت قبل سنوات طويلة لوقفة جادة من الخيرين والمقتدرين من أبناء الوطن مع هؤلاء الصحفيين الشرفاء الذين ظلت أجهزة المخلوع تمنعهم من ممارسة مهنتهم التي يقتاتون منها.

. كانت الفكرة أن يؤسس صندوق لدعمهم إلى أن يإتي يوم تتخلص فيه بلادنا من الطغيان وتنعدل هذه الصور المقلوبة.

. وقد علمت لاحقاً أن صندوقاً للدعم، لكن المفارقة أنه لا يضم حتى الأثرياء من الصحفيين، يعني فقراء الصحافة فقط هم من يدعمون بعضهم البعض كلما اشتد الضيق على أحدهم أو بعضهم، الصندوق لا يضم أثرياء الصحافة دع عنك الخيرين ورجال وسيدات الأعمال والميسورين من المغتربين.

. أعلم أن الكثير جداً من فئات المجتمع يعانون من نفس الظروف، لكن بما أننا نردد أن نثورة ديسمبر ثورة وعي، فلابد أن يسترشد الثوار بالشرفاء والمخلصين لقضية الوطن من حملة الأقلام.

. وبما أن الأقدار شاءت أن يظل هؤلاء الشرفاء تحت خط الفقر لحين من الزمن بسبب مواقفهم الصلبة، فالأمل معقود على تكاتف أفراد المجتمع الخيرين لمد آياديهم البيضاء لهم.

. ظني أن دعم هؤلاء الزملاء الشرفاء واجب على كل مناصر لهذه الثورة.

. وبما أن الكثير من أبناء الوطن الأنقياء يعيشون ظروفاً مادية أفضل من غيرهم فأتمني أن يكون هؤلاء أول الداعمين لصندوق الصحفيين.

. وأعتقد أن الثوار لو كانوا استبدلوا عنوان حملة "جنيه حمدوك" ب " جنيه شرفاء الصحافة" لعشنا جميعاً أثرها ونتائجها الملموسة في التو واللحظة، بدلاً من دفع أموال لم نر لها أثراً في حياة الناس بسبب الفوضى وتقصير حكومة حمدوك في فرض النظم واللوائح التي تضبط الأداء.

. فمن يؤدون بهذا الشكل الذي يحظى بإعجاب الكثيرين وهم يعيشون أسوأ الأوضاع سيقدمون أكثر بلا شك حين يعُان الواحد منهم في توفير أبسط متطلبات حياة أفراد عائلته.

. بالطبع كان من المفترض أن تغنينا حكومة الثورة ورئيسها ووزير إعلامها عن كل هذا لو أنهما التفتوا منذ الأيام الأولى لهذا القطاع الهام.

. لكنهم للأسف ظلوا مجرد متفرجين على الصور المقلوبة ليزداد صحفيي (المقاطيع) ثراءً مع تضاعف معاناة من دعموا هذه الثورة حتى قبل أن تولد.

. مؤسف حقيقة أن نكتب مثل هذا الكلام بعد هذه الثورة العظيمة فقد توقعت شخصياً أن يجد هؤلاء الزملاء الشرفاء المكانة التي يستحقونها بمجرد تشكيل أول حكومة للثورة.

. لكن المؤسف أن قادة الحكومة وأحزابها استمروا في الاستعانة بإعلاميي المخلوع ونظامه البغيض، حتى صدق هؤلاء أنهم صاروا ثواراً شرفاء كحال غالبية شباب البلد، متوهمين أن الناس قد نسوا بهذه السرعة تاريخهم الأسود ومرافقتهم الدائمة للمخلوع في حله وترحاله.

. فهل ينصف الشعب الأقلام التي وقفت بجانبه في أصعب الأوقات ويدعمهم بما هو أكثر من العبارات المُحفزة! هذا ما أتمناه.

. فما ننتظره من هذه الأقلام كثير في هذه الفترة الحرجة.

. بعض أهلنا البسطاء يدعمون بقصد أو بدونه القتلة والمجرمين ويشكرونهم على رشاوى يقدمونها لهم من موارد البلد المسروقة.

. وبعض مناطق البلد تشهد توترات وصراعات قبلية من شأنها أن تدعم خط المتآمرين على وحدة هذا البلد.

. وكل ما تقدم و غيره يحتاج للأقلام الواعية الحريصة على الوطن وأهله.

. ولكي يتفرغ هؤلاء لأداء واجبهم الديني والوطني والأخلاقي لابد أن يتوفر لهم الحد الأدنى من سبل العيش الكريم، والحكومة الانقلابية معنية بالطبع بالهتيفة والكذبة والمضللين لا غير.

.
kamalalhidai@hotmail.com
//////////////////

 

آراء