إنا محيوك يا سلمى

 


 

 

أقاصي الدنيا
sudaninexile195@hotmail.com

على كثرة ما يراق من حبر حول أزمة دارفور فأنا لا أقرأ إلا ما يكتبه الأستاذ كمال الصادق وما يتناوله أبوزيد صبي كلو وأقف طويلاً كل ما تتوافر السبل لعبد الله آدم خاطر حين يجترح مقترحات لوقف الفيروز الذي يؤدي لانتشار السقم في جسد الأزمة وعطفاً على هؤلاء هناك مقالة متميزة كتبها الشاعر عالم عباس الذي بشّر في السبيعنات بدارفور من بوابة (وادي أزوم) مقالته تميزته بالإحاطة في بحثها عن الحكمة استهلها بمقطع راجح من رواية (إبك يا وطني يا حبيب) باقتطافه (إذا كانت المطرقة هي كل ما لديك فإنك ستعامل كل مشكلة كما المسمار).
الكتّاب الأربعة من دارفور وأظنهم جميعاً من شمالها ولحسن الحظ وسعادتي أنني أعرفهم معرفة شخصية ولي مع اثنين منهما مشاجنات ووجدان ومحبة كان الشعر مشتركها الأعظم هما عالم عباس وعبد الله آدم خاطر اللذان انبثقا من ينابيع التسامح الديمقراطي وتربيا في كنف الأناقة البلاغية فحققا دارفور بالحبر !
هذا على صعيد الرجال أما النساء اللواتي (يقلن زينة) فأنا لا أقرأ من حبرهن إلا لاثنتين منهن هما أميرة الحبر وسلمى التجاني. الأولى تكتب الخبر بقبلها وسلمى تزوجت بدارفور حين استبد بها العشق المعرفي !
إن واحدة من أسباب تفاقم الأزمة على هذا النحو وتخطيها مساحة السودان الواسعة لتستقر وتتوطن في كل جغرافيا العالم يعود لجهل الشمال النيلي والوسط بدارفور وضمور معرفة النخبة الصحافية بها.  كان أمر مفجع أن يزور ثلاثة عشرة رئيس تحرير دارفور العام الماضي أقر ثمانية منهم أنهم يزورون دارفور لأول مرة !!
وكانت الفجيعة الكبرى التي كان شهودها رؤساء تحرير دعوتهم العام الماضي للمشاركة في منتدى الإعلام العربي بدبي حين أعلن عرّيف الحفل جائزة الصحافة العربية عن فوز محرر يعمل بمكتب صحيفة الخليج بباريس بجائزة أفضل تحقيق صخفي وكان قد أجراه من دارفور. لاحظوا تجشم هذا التحقيق صعاب الجغرافيا باريس ودارفور لصحيفة تقيم في الشارقة ولم تبارح بيتها فيما تسافر دارفور كل ساعة وهي لا تبارح مكانها أيضاً !!
غير أن المفارقة تأتي أيضاً من كتّاب كبار ينظرون لأزمة دارفور كوسيلة لحل أزماتهم السياسية فطفقوا يكتبون دون أن يروا دارفور !
من هذه الأزمات المرافقة لأزمة دارفور تطل سلمى التجاني صحافية أرهقها السؤال فجاوبته بالسفر.. جاءت من الخرطوم للفاشر ثم اتجهت صوب حسكنيتة لتتعرف على دارفور من مؤتمر مكوناته التمرد والديمقراطية والتوطن الدستوري لحركة منشقة عن عبد الواحد تسعى لتحقيق المطالب والسلام فكان لسلمى كل ما أرادت من المعارف طازجة هكذا وعلى الطبيعة.
حين عادت للخرطوم صارت سلمى الممسوسة بدارفور غير سلمى ما قبل حسنكيتة. صارت الأشياء هي الأشياء تكتسب وضوحها الشفاف من المعرفة العيانية والحوار، صار الفرق بينها وبين الآخرين أن الآخرين يأكلون برتقال جبل مرة من الخرطوم فيما تقطفه سلمى من أعالي الجبل !!
البارحة سألتني صحيفة خليجية عن مدى جدية حركة العدل والمساواة في تبريرها عدم مشاركتها في مفاوضات الدوحة المزمعة على خلفية طرد الحكومة منظمات الإغاثة، ولا كان بي هجس من رجس هذا التبرير قلت للصحيفة إن السبب الحقيق هو نجاح طرابلس في تجميع خمس فصائل لمفاوضات الدوحة لا تظن حركة العدل والمساواة أنهم من الأبرار، فالعدل والمساواة قد (شمت أباطها) وصارت لا ترى بقية الحركات بالعين المجردة لتقدير  فحواه أنها حركات في السمادير لا في الضوء وحين أنهيت المحادثة مع الصحيفة وقعت عيني على سلمى في الانترنت فكانت ما كتبته هو ما قلته للصحيفة قبل أن أقرأ مقالتها التي أحرص على مطالعتها أسبوعياً فيا أيها الكتّاب خذوا نصف دارفوركم من هذه السليماء !
* نقلاً عن صخيفة (الأحداث)

 

آراء