يسموك اهلي سيدهم .. اسميك وحدك بالسيدين

 


 

محمد محمد خير
30 November, 2020

 

 

 


اقاصي الدنيا

(1)
مساء الثلاثاء الماضي اتصلت من كندا باحد اقرب الاحباب لسيدي الامام الراحل بعد ان راجت الاخبار غير الموثوقة في مواقع التواصل الاجتماعي لاقف علي الحقيقة كاملة .اخبرني من هاتفته بان السيد قد مات سريريا وان علي التجمل والاستعداد لاستقبال الخبر الداوي خلال ساعات .ما من عادتي الكتمان غير اني وفيت للرجل واذعنت لشرط ما اعتبره نجوي بيننا وبكيت وحدي وسعدت بهذا البكاء المنفرد لان الدموع حالة فردية لاتستمد انسكابها عبر المجموع وسعدت ايضا لكونها دموع تعد ضمن قائمة الاوائل فالدمع سباق!
لم اكن اتوقع انني سانهار حين تاكد ماسمعته من محدثي فجر الخميس فقد تهاويت كان الخبر الذي عرفته قبل يومين باغتني وكانني لم اعرفه من قبل. وذلك مافسر لي ان السيد كان يولد كل يوم من نفسه مرة ثانيه!!
كانت بيننا علاقة عميقة الغور قائمة علي المحبة منذ العام 1983 بسجن كوبر . وامتدت وصعدت وتنامت ولم تخبو واخلصت لتلك المحبة حتي بات من الميئوس شفائي منها.
مكثت في السجن عامين كاملين باسم ذلك الحب الكبير وكتبت لاكثر من تلاتين عاما نثرا وشعرا مر بتفرده ومواقفه وحضوره واعياد ميلاده وتهتدون والاجندة الوطنية وكل شي ومن فرط محبتي له هجرت حزب الامه لاستمتع بتلك المحبة دون التزام بالتنظيم لان محبتي كانت موتمرا عاما لكل خلاياي!!!
كنت احرص علي زياراته وكان محمد زكي الذي يدبر الوصل يعرف انها زيارة لاجدال سياسي فيها وكان يحرص ان نكون وحدنا .انا والسيد .وهنا تنبض فينا عروق المحبه وتسيل الفيوض.
للصادق المهدي بعض طبائع الانبياء فانت تحس بان صفاء الرسالة ينساب منه وانه مبرأ من الضغينة وليس في قلبه سوي الغيوم المليئة بالنث ويسالك عن كل شي وهو العارف بكل الاشياء.
لبعض التعابير وسامة فيه مثل ( علي اية حال وهلمجرا وينبغي)
كنت احس بان هذه الكلمات تتزيا ( بالعلاالله) حين ينطقها كانه هو الابجدية وهي اغتراب اللغه.
لاكثر من ثلاثين عاما كنت اتفرس فيه فلا ابصر سوي حمام يسافر وكنت لااجد صعوبة في كتابة الشعر فيه وكان لذلك اختبار في العراق فقد شاركت في مهرجان المربد عام87 وكان كل الشعراء اللذين شاركوا في المهرجان يمتدحون صدام حسين من سعاد الصباح حتي الخوري فمدحت الصادق المهدي في الموصل ساعة تقديمي كصوت من السودان.
تباهت سعاد بضوء اللجين
فانساب قلبي كما الرافدين
بحب الامام نسير اليك
بلانبض قلب ولا ضوء عين
ونسكب فيك المحبة لهفا
سيدي فالمحبة دين
يسموك اهلي سيدهم
اسميك وحدك بالسيدين!!


اسميك وحدك بالسيدين (2)
كنت اظن فيما مضي ان محبة الصادق المهدي بتلك النكهة الحارقة والانجذاب المنلفت تقتصر علي ولاتصيب سواي الي ان سافرت معه لكردفان عام 87 مندوبا من التلفزيون لتغطية زيارته للاقليم خلال ولاية الخال الاحب عبد الرسول النور الذي اكتشفت في تلك الزياره انه يتجاوزني باميال فاذا كنت المحب فهو الصريع .فاضت الابيض وهطل الناس من السماء ونبعوا من الارض .كان لاشيء سوي الناس والهامات والاصوات والهدير و ( الله اكبر ولله الحمد) .
كان عبد الرسول جوار الامام في عربة مكشوفه بجلباب اصفر وشال يتدلي علي احرف اسم الجلاله وكنت ابصر بوضوح الشامة السوداء في خده الايمن تزداد حجما انه .ال Dopamine هرمون السعادة وهو هرمون لاينشط الا في حالات الفرح النادرة !!!
كانت الابيض كلها في قارعة الطريق والموكب يزحف بالخطي البطيئة حتي منزل الحاكم وحين نزلنا( الناس انكبسوا في سيدي كبسة الضبان في العضم) !!!
ولونت الشمس ارسالها بالشفق المخملي.
كانت الزيارة لثلاثة ايام طفنا خلالها بكل مدن كردفان وفي كل تلك المدن لم ار سوي الناس والجباه والمحبة التي تمتد ساهمة وغزيرة .
في المجلد قدم عبد الرسول الصادق المهدي بذات صوته العذوب وحين انتصف في طريق التقديم هب والده مزهوا بابنه وصاح من بين الصفوف بعد ان ضرب الوراي ( النور ولض اسماعيل مرفعين وجاب لي دود)
كان يقصد انه ذئب انجب اسدا . واستلم سيدي المايك .وانا ( جري دمعي بالمايق)!!
في المجلد سمعت هتافات لم اسمعها من قبل فعادة ماتكون الهتافات مطلبية مثلما سمعتها في النهود ( مطلبنا طريق يا ابن الصديق) لكن ماسمعته في المجلد من هتافات رسخ لي مفهوم الواحدية في التاريخ وحالة الفرد بصيغة الجمع مثل هتاف ( البدورك في النعيم والباباك في الجحيم) .المسيرية اهل فروسية ونبوغ وفصاحة وفي تلك الليلة سمعت اشعارا من الهدايين في مديح الامام مثلما لم يسمع سيف الدولة من ( ايهم فانهم كثر) وتدفق المسيرية من المزاغنه والفلايته والحمر واولاد عمران وتهدلت الاشعار في وصف ولض المهدي ( كلنق الاحدب الاييدو فوق الدلال وعينو فايته الريش)
رحمك الله ياسيدي فانا في هذي الساعة اكتب وبرد الصقيع يلسعني والحزن يمتد من فروة راسي حتي اقواس الاظافر واحس بانني في الطريق اليك وقلبي يلقط النبض المجفف كالحمامه!!!
نواصل باذن الله

 

آراء