إني أشم رائحة مريم . بقلم: نورالدين مدني
كلام الناس
*عندما استعرته من مكتبة ميريلاند بسدني كنت أمني نفسي بقراءة رواية إنسانية ممتعة جذبني عنوانها" إني أشم رائحة مريم" وإسم مؤلفها إسحق الشيخ يعقوب لأنه يشبه أسماء السودانيين.
*إكتشفت من الرواية المكونة جزئين أنه سعودي الجنسية‘ لكن المفاجأة كانت في الرواية المحشودة بالأحداث والمواقف التي عاشها المؤلف في بواكير شبابه بالسعودية والأحداث والمواقف الإقليمية والعالمية.
*الرواية التي إعتبرها إسحق "من أوراق شجرة الذات" رصدت أحداثاً مهمة في تأريخ المملكة العربية السعودية بكل ما فيها من مستجدات ومتغيرات مثل إضراب عمال شركة أرامكو وقيام لجنة العمال وجبهة الإصلاح‘إضافة لما كان يجري في المنطقة والعالم في ذلك الوقت.
*أشار إلى هزيمة النازية في الحرب العالمية الثانية وتداعيات ذلك على المنطقة والعالم وتمددالشيوعية‘ وثورة٢٣ يوليو المصرية وبزوغ نجم عبد الناصر والإنقلابات التي إجتاحت المنطقة والصراع الذي بدأ بين الأمميين والقوميين وبين الناصريين والبعثيين.
*تنقل بطل الرواية بين مختلف البلاد من البحرين إلى لبنان ومنها إلى سوريا ثم العراق ومن ثم إلى المانيا الشرقية قبل أن تتوحد ألمانيا‘ تنقل بجوزات سفر مزورة وبأسماء وجنسيات مختلفة ولم يسلم من ملاحقة الإستخبارات العسكرية والإعتقال والحبس.
* الرواية محشودة بأحداث حقيقية وشخصيات أثرت في مجرى التاريخ لكنه كان في كل تنقلاته يحن إلى حضن أمه مريم وهو لايدري ما الذي يجذبه إلى وطنه هل هي جاذبية الأرض أم جاذبية الأم.
*كان في نفس الوقت منزعجاً من أن هذه الأرض كانت مشرعة أبوابها على مصراعيها لرموز الإرهاب والتطرف .. وهكذا ظل صاحبنا مهموماً بقضايا الأرض والنفط والثقافة والإصلاح .
*لذلك قال في خواتيم الرواية : أواخر الأربعينات أكاد ألمس لمس اليد كم تحول الأمس إلى كيف بسبب حركة العمل والإنتاج‘ وأصبح مقتنعاً بأن كل عمل يبذل من أجل التغيير لا يضيع.
*بعد تنقله فيى البلاد بجوازات سفر مزورة وأسماء وهويات مختلفة عاد بطل الرواية إلى حضن الوطن بعد ان إكتملت هويته من جديد‘ بعد أن حل عليهم عفو سياسي شامل أصدره الملك خالدبن عبد العزيز بعد أن تولى الحكم.
*يختتم المؤلف الجزء الثاني من روايته وهو يقول "الناس بأوليائهم يذهبون وتبقى الأرض" .. ولاينسى في الملحق التوضيحي للرواية تحذير من يهمهم الامر من الذين يستغلون ورع وتقوى الشيخ يعقوب بن يوسف الفارسي للمتاجرة بجذوره التاريخية واصطياد الأطفال ودفعهم إلى مواقع التطرف والتشدد والإرهاب.