إيقاف الحرب ومعالجة أسبابها هي الأولوية القصوى لشعبنا (1 – 10)

 


 

صديق الزيلعي
15 January, 2024

 

صديق الزيلعي
تواصل الحرب الكارثية، وتمددها المستمر الي مناطق جديدة، يهدد بالدمار الكامل لبلادنا. لقد تخطى الخراب، اجبار الملايين للهرب من مناطقهم، واستمرار القتل العشوائي، وتخريب البنيات الأساسية، وتحطيم النظام الصحي وتقويض النظام المصرفي وانعدام ضروريات الحياة. وتمضي عجلة الهلاك، التي لا ترحم، لإفشال الموسم الزراعي، وزيادة عدد الجوعى، وتعطيل وصول المساعدات الإنسانية الضرورية والعاجلة. هناك ما هو أمر وأشق من الوجع نفسه، وهو ما قاله البروفسير حامد التجاني على راديو دبنقا هو 120 مليار دولار ما يعادل ميزانية 12 عاما. وان بلادنا تحتاج عشرين عاما للتعافي. كل هذه المخاطر، غير المسبوقة، تحتاج الوضوح التام حول كيفية ايقافها، ومن الذي يقوم بذلك، والمناهج التي سيستخدمها لتحقيق ذلك.
نشرت، في الأيام القليلة الماضية، مجموعة من المقالات حول تجارب بعض البلدان التي مرت بظروف وتحديات مشابهة. عرضت خبرات القوي المدنية في جنوب افريقيا وشيلي والأرجنتين وكوريا الجنوبية. هناك تساؤل مشروع، وردني من صديق، باننا نواجه حرب بين جيشين. نعم التساؤل مشروع وفي الخطة عرض تجربة سيراليون، لان بها جانب يتعلق بالتدخل الدولي لإيقاف الحرب. ولكن التجارب مهمة لان مهمة الحرب هي ضرب الثورة وانهاء عملية الانتقال الديمقراطي. الأمثلة التي عرضتها، فيها حرب النظام العسكري على شعبه، وقتل واختفاء مئات الألوف من المواطنين، الذين وجدت بقاياهم في مناطق نائية، بعد اسقاط الدكتاتورية. ليس الهدف نقل تلك التجارب بحذافيرها، لان كل بلد يتميز بخصوصية، تجعل من المستحيل محاكاة أو نقل تجربة بلد آخر. الهدف هو استيعاب الدروس العامة، والسمات التي أصبحت مشتركة بين مخلف التجارب، مما يجعل من الممكن البناء على أسسها العامة، وتطويعها للخصوصية الذاتية. فمثلا أحد أهم الدروس الذي تواتر في كل التجارب هو: تشتت القوي المدنية يعني استمرار الدكتاتورية، اما وحدتها فتعني عزل النظام عن أي قواعد شعبية، مما يسهل اسقاطه، ولا يعطيه أي هامش للمناورة. من الدروس الأخرى ان أجهزة أمن السلطة تعمل بكل طاقاتها لخلق العداوات بين القوي المدنية، واشعال الخلافات، بهدف ضربها ببعضها البعض. والدرس الثالث ان التفاوض مع النظام، وهو في حالة تراجع، عملية معقدة تحتاج لذكاء وقوة من المفاوضين، وضرورة اخطارهم لجماهير الشعب بكل ما يدور في الغرف المغلق. وان يستمر العمل الجماهيري في شكل مظاهرات واعتصامات واضرابات وبيانات، والا يتوقف الا بعد اسقاط النظام. والدرس الأخير ان العنف من السلطة او المعارضة هو ما يشوه معركة التغيير ويحرفها عن طريق الانتقال الديمقراطي ويحول المسألة الى حرب أهلية تدمر كل المؤسسات والأجهزة.
التحدي الآن امام القوى المدنية ان تتوحد من أجل إيقاف الحرب. لم تعلن أي قوة سياسية أو مدنية تأييدها لاستمرار الحرب، ما عدا الاسلامويين. هذا يؤكد ان هناك اتفاق حول هدف واحد محدد. تملك الحركة السياسية السودانية تجارب ثرة في التحالف من انجاز بند أو هدف واحد، كمؤتمر الدفاع عن الديمقراطية، هيئة التضامن مع الشعوب العربية الخ. لذلك العمل معا لإيقاف الحرب ليس بدعة. الملاحظ ان كل النقد الذي كتب عن اعلان أديس أبابا بين تقدم والدعم السريع تركز على الجانب السياسي ما يثبت ان لا خلاف حول إيقاف الحرب، ولكن الخلاف حول أي موقف سياسي آخر. وهذا يشكل أساسا صلدا للعمل معا. والعمل معا ليس بالضرورة تحالف كامل بأسس وأهداف بعيدة المدى. وانما يمكن ان يكون لجنة للتنسيق أو مظلة تعمل تحتها مجموعات مختلفة من اجل إنجاح هدف واحد ومحدد. وهل يمكننا ان نتعلم من تجربة الصين الشهيرة التي يطلق عليها: " نظامان وبلد واحد". فنظام الصين اشتراكي ويحكمها الحزب الشيوعي اما هونغ كونغ فرأسمالية، حتى النخاع.
يحمد لتنسيقية القوي الديمقراطية المدنية " تقدم" انها خلقت اختراق في الوضع السياسي.، وتقدمت الصفوف لكيلا تتحول المفاوضات الخاصة بالإيقاد أو منبر جدة، لتفاوض بين الطرفين المتحاربين، مما يساعدهما على اقتسام السلطة والافلات من العقاب. وأعتقد من واجب القوى السياسية التي تمت دعوتها مرارا، ان تتقدم وتجلس وتحاور وتنقد وتضيف وتحذف. هنا، الأمانة تقتضي، الإشادة بموافقة الحركة الشعبية شمال بقيادة الحلو وحركة تحرير السودان بقيادة عبد الواحد محمد نور وحزب البعث (الأصل). وقبولهم التحدي بشجاعة للجلوس في طاولة مستديرة للحوار والاسهام في انقاذ هذا الوطن. ونقطة أخيرة لمن يخلقون تناقضا متوهما بين العمل الخارجي والعمل الداخلي، ان تجربة حكم الاسلامويين اثبتت فعالية المعارضة الخارجية والداخلية، وكيف كانتا تعملان في تناغم تام. بالإضافة لإمكانية الحركة الواسعة والحرة، وسهولة الاتصال بالقوى المؤثرة في الخارج.
علينا دعم توحيد المنابر، وان ندرس مظاهر ضعف وقوة منبر الايقاد، وكذلك مصادر قوة وضعف منبر جدة. وان نبني على نجاح تجربة مفاوضات التي أدت لتوقيع اتفاقية السلام الشامل. التي تمت عن طريق الايقاد، ولكن بدعم قوي من أمريكا واوربا والنرويج. وان تشجع فكرة احضار قوات دولية بالبند السابع من مجلس الأمن، رغم خطورة الفيتو في يد الصين وروسيا. أو من الايقاد بقوات افريقية. كما يوجد حل آخر هو الشركات الأمنية الضخمة التي نجحت في سيراليون، وتملك الكوادر والأدوات لإنجاز عملها، ولها تجارب في بقاع مختلفة من العالم، وتبلغ ميزانياتها المليارات من الدولارات.

siddigelzailaee@gmail.com

 

آراء