اتفاق جوبا.. خطوة واحدة نحو “السلام”..

 


 

 


منصة حرة

manasathuraa@gmail.com

 


السلام هو الأولوية الثانية في الشعار العظيم الذي رفعته ثورة ديسمبر المجيدة: (حرية سلام وعدالة)، وتحققت الحرية، وفي انتظار تحقيق السلام والعدالة، ولن تتحقق العدالة دون سلام، ومن هنا لا يجب أن نتجاهل جذور الأزمة الحقيقية وأصحاب المصلحة في إيقاف الحرب.
توقيع بروتوكولات الترتيبات الأمنية، ومسار دارفور، ومسار الوسط، ومسار الشرق، والقضايا القومية، وبروتوكول منطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان، في تقديرنا خطوة مهمة في مسارات تحقيق السلام الشامل.
وبتوقيع هذا اتفاق، نطوي بذلك ملف الجبهة الثورية لتعود إلى الخرطوم وتخرط في المعركة السياسية المدنية جنباً إلى جنب مع الجماهير التي جعلت توقيع هذا الاتفاق ممكناً، ونفتح بعدها ملف الحركة الشعبية بقيادة عبد العزيز الحلو وحركة جيش تحرير السودان بقيادة عبد الواحد محمد نور، لأن مخاطبة جذور الأزمة يمر عبر الجلوس والتفاوض مع الحلو وعبدالواحد، وإلا ستصبح اتفاقية جوبا مجرد حبر على ورق.
أصبحت قيادات الجبهة الثورية اليوم، أمام المحك العملي في مواجهة الجماهير التي فاوضوا باسمها، وناضلوا كل هذه السنوات باسمها، وعليهم مواجهة المواطنين في مناطقهم بالحقيقة، والتعامل معهم بشفافية بعيداً عن الاستقطاب القبلي، واقصاء كل من يخالفهم الرأي، وليعلموا جيداً أن النضال المدني السلمي أصعب ألف مرة من الكفاح المسلح، والديمقراطية نور ونار وعمل مضني لا يتحمله إلا صاحب جلد وقوة وصبر.
وكنت أتمنى أن يتضمن اتفاق السلام الحالي على بند ضد "الرصاص والانتكاس"، يتعامل مع كل تراجع أو نكوص عن الاتفاق، لأن الأزمة التاريخية للنخب السياسية في السودان مع اتفاقيات السلام كانت حول "نقض العهود والمواثيق"، وكل اتفاقيات السلام التي تم توقيعها مع ذات الجبهة الثورية في العهد البائد لم ترى النور بسبب عدم الثقة المتبادلة، ولم تتضمن بنود واضحة تحمي الاتفاقية من تراجع أي من الأطراف.
لن تقبل بعد اليوم، عودة الجبهة الثورية إلى مربع الحرب، وخاصة بعد أن سقط نظام الإنقاذ عبر الكفاح المدني السلمي وليس عبر السلاح، وبذلك انتهى عهد "حمل السلاح"، وفقد مشروعيته، إذ كان ممكناً عندما قالها المخلوع: "نحن جينا بالسلاح والعايز يشيلنا لازم يشيل السلاح.. ونحن لن نفاوض إلا من حمل السلاح"، واليوم انتهى ذلك العهد المظلم.
دعوة من القلب إلى عبدالعزيز الحلو وعبدالواحد محمد نور.. الخرطوم تحتاج إليكم اليوم أكثر من الأمس ومن الغد، الثوار يحمون ثورتهم في كل الولايات، ومازال النضال مستمراً ضد الفلول في الداخل، نعمل ونجتهد من أجل التحول الديمقراطي ووضع دستور يمثل الجميع ويحترمه الكل، وعدم استجابتكم لهذا النداء اليوم هو خزلان للثورة، لأن عودتكم بعد انجاز الثورة، وتحقيق مطالبها لن يجدي نفعاً، ووقتها لن تجدوا من يستمع إليكم لا في دارفور ولا في جبال النوبة ولا في بقية مناطق السودان، وثقوا بأن كل طلقة تخرج اليوم من أي بندقية لن تستقر إلى في قلب مواطن سوداني في كاودا أو في نيرتتي أو في الجنينة، عودوا بسرعة قبل فوات الأوان.. حباً ووداً..

الجريدة

 

آراء