اجتماعات في النيجر بين الحكومة السودانية وفصائل مسلحة لمناقشة عودتها من ليبيا

 


 

 

الخرطوم ـ «القدس العربي»: شهدت مدينة نيامي، عاصمة جمهورية النيجر، غرب أفريقيا، اجتماعاً غير رسمي بين وفد عسكري سوداني برئاسة مدير هيئة الاستخبارات العسكرية، اللواء محمد أحمد صبير، ومجموعة من الحركات المسلحة، ناقش ترتيبات خروج قوات تلك الحركات من ليبيا، وملف السلام في السودان.
ومنذ سنوات، توجد فصائل مسلحة سودانية في دولة ليبيا، حسبما أشارت تقارير أممية إلى ذلك، وهو الأمر الذي أكده رئيس حركة جيش تحرير السودان وحاكم إقليم دارفور، مني أركو مناوي، قبل عدة أيام في مقابلة تلفزيونية، لكنه أشار إلى أن قواته لا تنخرط في أي عمليات قتالية.
وقبل يومين من انعقاد الاجتماع، الذي قامت بتيسيره منظمة “الوساطة” الفرنسية، أعلنت 7 حركات مسلحة، غير موقعة على اتفاق السلام، تأسيس تحالف جديد، باسم “قوى المسار الديمقراطي”.
وفي حين دعا الوفد الحكومي، قوى المسار الديمقراطي، للانخراط في عملية ترتيبات أمنية والالتحاق بالمحادثات المباشرة بين الأطراف السودانية، التي تقوم بتيسيره الآلية الثلاثية المشتركة لبعثة الأمم المتحدة، تمسكت الحركات ببقاء قواتها في ليبيا إلى حين الوصول لاتفاق سلام مع الحكومة، يتبعه اتفاق ترتيبات أمنية يرتب لعودة قوات الحركات من ليبيا، ودمجها في الجيش السوداني.
وقال رئيس حركة العدل والمساواة السودانية الجديدة، منصور أرباب لـ”القدس العربي”، إن “مسألة عودة قواتهم من ليبيا يجب أن تسبقها ترتيبات مفصلة، يتم الاتفاق عليها في عملية سلمية متكاملة (مفاوضات)، تتم على مرحلتين، مرحلة التجميع وفك الارتباط والتحرك إلى الداخل، ومرحلة الترتيبات الأمنية الشاملة بعد تحقيق سلام شامل، يكون ضمن العملية السلمية”.
وقال إن الاجتماع مع الوفد الحكومي في نيامي عاصمة جمهورية النيجر، كان بترتيب من منظمة الوساطة، برعاية حكومة النيجر، ممثلة في مستشار الرئيس للشؤون الأمنية ووزير شؤون الرئاسة في حكومة النيجر. وأشار إلى أن المشاورات تركزت حول التحديات التي تواجه الانتقال السياسي وعملية السلام الشامل في السودان، بما في ذلك محور الترتيبات الأمنية الخاصة بقوات الحركات الموجودة داخل وخارج السودان وخارجه. وكذلك شملت المشاورات، حسب أرباب، المسار السياسي الذي يشمل قضايا اللاجئين والنازحين وعودتهم طوعاً إلى ديارهم واستقرارهم، وقضايا المزارعين ومسارات الرعي، وقضايا العدالة الانتقالية، وملفات السلطة والثروة.
وأضاف: ناقش الاجتماع السلام في المحيط الإقليمي للسودان (ليبيا، تشاد، أفريقيا الوسطى، وجنوب السودان).
وأشار إلى أن الترتيبات جارية للقاءات أخرى أكثر تفصيلاً بينهم وبين الحكومة، لم يتم تحديد موعد انطلاقها بعد، وأن منظمة الوساطة وأطرافا إقليمية ودولية أخرى تعمل على الترتيب والبدء في عملية سلمية لدعم الانتقال والسلام والأمن والاستقرار في السودان وجواره الإقليمي. وأضاف: ستكون هناك جولة أخرى قريباً، تجتمع الأطراف لعمل خريطة طريق والبدء في العملية السلمية .

مساران سياسيان

مقرر قوى المسار الديمقراطي، إسماعيل الأغبش قال لـ”القدس العربي”، إن الاجتماع امتداد لعدة ورش تمت بواسطة الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، ضمت السودان والنيجر وتشاد وليبيا، وناقشت الاستقرار في المنطقة.
وأشار إلى أن الاجتماع ناقش مسارين: سياسي خاص بالعملية السياسية وملف السلام، والمسار الثاني خاص بالترتيبات الأمنية وعودة قواتهم من ليبيا ودمجها في جيش واحد مع بقية القوات، وذلك وفق نموذج سوداني وبناء على المعايير الدولية.
وأشار إلى أن السلطات طلبت من التحالف الالتحاق بالعملية السياسية التي تيسرها الآلية الثلاثية المشتركة للاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة، لكنه رفض لجهة أن لديه رأيا آخر وهو أنه يجب أن تتم ترتيبات سياسية ومفاوضات منفصلة بناء عليها ويتم اتفاق جديد عبر مسار سياسي يلحقه ترتيب المسار الأمني.
وأضاف: نحن كحركات مسلحة قاتلنا من أجل قضية سياسية، واتفقنا على أن ننتظر قيام الطرف الآخر بالتشاور، بعد أن قدمنا له رؤيتنا خلال الاجتماع.
وأشار إلى ضرورة بحث ترتيبات المجتمع الدولي لتمويل العملية السياسية والترتيبات الأمنية والبحث عن دول راعية لذلك.
وتابع: التقينا وفدا عسكريا من الحكومة برئاسة مدير الاستخبارات العسكرية وممثلين للاستخبارات والجيش، لذلك كان التركيز الأكبر على الترتيبات الأمنية من جانبهم، مشيراً إلى أنه لم يتم تحديد الموعد المقبل وجدول أعمال من قبل المنظمة الراعية، متوقعاً أن ينعقد الحوار خلال الأشهر المقبلة. وأوضح أن لديهم موقفا واضحا من اتفاق السلام الموقع بين الحكومة وبعض الحركات في 3 أكتوبر/ تشرين الأول 2020، مؤكدا أنه مليء بالأخطاء، مشيرا إلى أنه لم يناقش قضايا السلام الحقيقية، ولكنه ركز على المحاصصة والإوقصاء، وأنه بعد التوقيع ظلت الحروب القبلية قائمة وسقط مئات القتلى، ولم يتم تنفيذ الترتيبات الأمنية.
واشار إلى أن الحركات الموقعة على الاتفاق لم تلتزم بتنفيذ بروتوكول الترتيبات الأمنية بينما تواصل حشد وتجنيد قوات جديدة.
وأضاف: لا يمكن أن تتم الترتيبات الأمنية بينما تريد كل حركة الاحتفاظ بجيوشها، مؤكدا أنهم لن يوافقوا على الانخراط في عملية ترتيبات أمنية بينما يحتفظ الآخرون بجيوشهم.
وأضاف: في حال سيطرة تلك المجموعات على مناطق واحتفاظها بجيوشها لن تتم انتخابات نزيهة يستطيع فيها الناخب اختيار من يريد.

عملية سياسية

وتشمل الرؤية السياسية التي قدمها التحالف، حسب الأغبش، عملية سياسية تضم الجميع، لا يفرض فيها جانب مواقفه على الآخرين، وأن تكون ملتزمة بمهام انتقال محددة تتمثل في الترتيبات الدستورية والتحضير للانتخابات، على أن تقوم الأحزاب السياسية بتجهيز نفسها للانتخابات.
وأكد أنهم رفضوا عرضاً من الحكومة للانخراط في الترتيبات الأمنية والعملية السياسية التي تقوم بتيسيرها الآلية الثلاثية، لافتاً إلى مطالبتهم بمسار سياسي منفصل وترتيبات أمنية منفصلة، وفق مسار تفاوض جديد.
وبين أنهم في التحالف متفقون على دمج الجيوش ولكن وفق بروتوكول وإطار زمني محدد يشمل عمليات حصر ودمج وتسريح، مشددا على أن قواتهم ستظل في ليبيا وأفريقيا الوسطى مع الالتزام بوقف إطلاق النار.
وأشار إلى أنهم يسعون لعملية سياسية جادة في إطار استكمال السلام والعدالة، في وقت تمر البلاد بوضع دقيق وأزمة سياسية واقتصادية وأمنية ونذر مجاعة، وأوضاع متردية للنازحين واللاجئين تقتضي تحركات سريعة للحوار وعملية سياسية، ومن ثم توحيد كل القوات في جيش سوداني موحد.
وأشار إلى أن التحالف الذي تم تكوينه وفق إعلان سياسي انخرط في اجتماعات مع قوى مدنية وسياسية للانخراط في التحالف.
وحسب ما أعلنت منظمة “الوساطة” الفرنسية، فإنها قامت بتيسير اجتماع بين وفد حكومي سوداني وتحالف للحركات المسلحة في دولة النيجر، ناقش إدراج تلك الحركات في عملية السلام وانسحاب مقاتليها من دولة ليبيا.
وأشارت إلى أن تحالف قوى المسار الديمقراطي، الذي تكون حديثاً بمشاركة 7 حركات مسلحة لديها قوات في ليبيا، التقى في إطار غير رسمي بوفد رفيع المستوى مفوض من الحكومة السودانية.
وأوضحت أن اللقاء غير الرسمي بين السلطات السودانية والحركات، شهد مناقشات أولية حول أشكال المشاركة المستقبلية لهذه المجموعات في عملية السلام في السودان وبحث سبل انسحاب قوات الحركات من ليبيا وعودتها سلميا إلى السودان.
وزادت اللقاء يأتي في إطار الجهود الدولية من أجل تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في ليبيا الموقع في أكتوبر/ تشرين الأول 2020 برعاية بعثة الأمم المتحدة لدعم ليبيا والذي يهدف إلى انسحاب القوات الأجنبية هناك، لافتة إلى أن انسحاب المجموعات السودانية المسلحة أحد العناصر الأساسية لتنفيذ الاتفاق.
وأضاف البيان: ناقش الاجتماع مشاركة تلك المجموعات في العملية السياسية ومسألة الترتيبات الأمنية، وأن النقاش تركز على الطرق العملية والجدول الزمني الخاص بعودة المقاتلين الموجودين في ليبيا بالإضافة إلى تجميعهم وإدماجهم في القوات النظامية السودانية أو عودتهم للحياة المدنية.
وأكد أن الاجتماع يعتبر دفعة قوية للمساهمة في تحقيق الاستقرار ليس في السودان وليبيا فقط وإنما على نطاق واسع في كامل المنطقة.
وحسب بيان المنظمة، توافق الجانبان على عودة مقاتلي مجموعات التحالف وعلى مواصلة الجهود للمضي في الجوانب الفنية والمالية لهذه العملية، بالإضافة إلى ضمان المساهمة الكاملة لتحالف قوى المسار الديمقراطي في العملية السياسية الانتقالية وعملية السلام الجارية في السودان.
////////////////////////

 

آراء