استدامة الديموقراطية

 


 

 

أضحي مفهوم الاستدامة معروفاً و متداولا في مجالات ، مثل: التنمية و البيئة، أما في مجال الديموقراطية و الحكم فهو من المسلمات في عدد من الدول- أما هنا في السودان فهو قد ورد لأول مرة في حديث للسيد الصادق المهدي! و من عجب فقد وجد فرصتين ليعمل بما يقول و ليسعي لاستدامة الديموقراطية، علي الأقل في أحد جوانبها المتاح لديه وذلك ببناء حزب نموذج لبقية الأحزاب، حزب قوي و فعال يؤمن بالديموقراطيةو الانتخابات الحقيقية !كأهم مقومات الاستدامة ولكنه للأسف تلاعب بالديموقراية شاباً وفي أول عهده بالحكم و لما يتأهل إليه بالممارسة و التجربة، فقد تم ترشيحه في دائرة – مما يُعرف بالدوائر البكماء أو الصماء و المقفولة! لحزب ما، ولا يجرؤ أحد بدخولها! و مما يزيد الأمر َإطغاثاً علي إبالة ،إذ الدائرة تم حجزها للصادق حتي يبلغ سن الرشد الديموقراي! وقد كان.
ذلك عهد بعيد ومع ذلك ظل الصادق رئيساً للحزب، بل و إماماً للأنصار و يرغب في إستدامة الديموقراية! نخلص إلي أن من أشراط إستدامة الديموقراطية بناء أحزاب قوية وتؤمن بها كما تؤمن بالحرية مع العدالة.
هنالك أمر آخر لا يقل في أهميته لاستدامة الديموقراطية وهو عملية الانتخابات و أهمية إجرائها بشكل نزيه و حر و بشفافية و للأسف فقد شارك حزب الأمة والحزب المنافس بتزوير أول إنتخابات عامة في السودان ،كما ذكر أحد البريطانيين في " حكايات كنتيربري السودانية" وهي مذكرات كتبها عدد من البريطانيين ممن عمل أو زار السودان خلال العهد الاستعماري- كانت عملية تزوير مبتكرة ولكن تم إكتشافها. وهي عملية يتقاصر دونها تزوير المتأسلمين خلال عهد الانقاذ- لذلك من المهم إنشاء مفوضية للانتخابات نزيهة و قوية و أمينة وشجاعة بنزاهة و شجاعة من يقوم عليها! قوية أمام كل الاغراءات أو المهددات ! فهل نحلم ؟
بقية الأحزاب ليست بأفضل من حزب الأمة.لا بد من إصلاحها.إن أردنا للديموقراطية إستدامة و رُشداً.
وتأتي بقية أعمدة الحكم الرشيد- من عدل وقضاء إلي الأمن و الشرطة و السلطة التنفيذية والبرلمان وهي مؤسسات الحكم وتأتي بعدها السلطة الرابعة وهي أجهزة الاعلام والصحافة. دورها عظيم و يمكنها هد المعبد علي رؤوس الجميع.
جميع هذه المؤسسات قد طالها الفساد خلال عهد الانقاذ و قبله،ففي الانقاذ جاء مع التمكين أهل التوالي و التابعين وقبضواى علي مفاصل الدولة و علوا حركتها بجهلهم و فسادهم. لذلك يبدو أن إستدامة الديموقراطية أمر عسير!
كل هذه المؤسسات سيكون لها دور في الانتخابات بشكل مباشر-مثل أجهزة الأمن و الشرطة مع الجيش في تأمين الانتخابات! وهؤلاء ذوي ولاء مشكوك فيه! أيضاً للقضاء دور و موظفي الحكومات المحلية من مفتشين و ضباط حكومة محلية بالاضافة إلي المفوضية القومية للانتخابات –لذلك يبدو إصرار السلطة الانقلابية علي إجراء الانتخابات أمراً مدبراً لمعرفتهم لحقيقة أوضاع البلاد ومؤسساتها المضروبة! خاصة بعد إرجاع المفصولين بواسطة لجنة إزالة التمكين! لشبهة الفساد أو عدم الكفاءة! ليتهم أعلنوا أسباب الفصل!
للتدليل علي ما أقول قد يذكر القارئ الكريم كشف حوالي 6000 موظف يعملون بكافة المؤسسات ممن لا يحملون الشهادة الثانوية! وقد تم إجراء تسوية لأوضاعهم بجلوسهم لامتحانات ملاحق و قد تكسب بعض الأفراد من عروض لدورات تدريبية في بعض مواد الامتحانات. بعض هؤلاء يحملون شهادات عليا! و لعل ذلك تم نتيجة الكيد السياسي للمتأسلمين و قد يكون القصد تهديد و إبتزاز آخرين سيطالهم الكشف بعد حين ! نتيجة للمفاصلة. معلومات لم يتورعوا من إستخدامها ضد بعضهم و أحياناً لتحقيق مصالح شخصية كما أخبرنا رئيس التسجيلات الذي حاز علي عدد من القطع و ذكر بدون حياء "بأنه يعرف مواقع القطع المميزة فيقوم بشرائها" فيا له من قوي و أمين!. وبعد ذلك جاء موضوع القطط السمان في ذات التنازع بين المتأسلمين و عمل التسويات المشبوهة!
فهل نعشم بعد هذا في إجراء إنتخابات حرة أو نزيهة؟أعتقد ، استحالة هذا العمل! نحتاج لسنوات و لمزيد من أعمال لجنة إزالة التمكين و تفكيك الانقاذ مع إرجاع الشرفاء للعمل و تعيين مزيد من الناس في كافة أجهزة الدولة.وبناء مؤسسات راسخة و متينة.جيش واحد ،شرطة موحدة وأمن رشيق و ذكي،إعلام قوي و غير مأجور و مستقل.( وقد يكون من الأفضل التخلص من التلفزيون و الراديو حتي نضمن حريتهما، في أجهزة مئؤس منها و من إصلاحها)
ثم تأتي السياسات العامة و القوانين التي تنظم العمل وتوجهه إلي المسارات السليمه.
من الواجب إستمرار الفترة الانتقالية لوقت مناسب لكنس آثار الانقاذ و التخلص من فسادها حتي نضمن إستدامة الديموقرطية.

a.zain51@googlemail.com
//////////////////////

 

آراء