استراتيجيات وآليات نزع ثمانية ملايين قطعة سلاح في السودان بعد الحرب الأهلية: الدروس العالمية وإمكانات تطبيقها في السودان بعد الحرب الأهلية
د. عبد المنعم مختار
استاذ جامعي في مجال الصحة العامة
المدير العام للشركة الألمانية-السودانية للبحوث والاستشارات وبناء القدرات
المدير التنفيذي لمركز السياسات القائمة على الأدلة والبيانات
moniem.mukhtar@gmail.com
الملخص
تتناول هذه الدراسة موضوع نزع السلاح في السودان في سياق ما بعد الحرب الأهلية الجارية حالياً، وتستعرض التجارب الدولية وتقدم تحليلاً نقدياً للتدخلات السابقة، مع التركيز على الأبعاد التاريخية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية.
تشير التقديرات إلى وجود ثمانية ملايين قطعة سلاح في السودان حالياً، أي ما يعادل أن حوالي 16.7٪ من السكان يمتلكون أسلحة، بما يعكس انتشاراً واسعاً للأسلحة في المجتمع.
الباب الأول: مقدمة وأهمية نزع السلاح
يشكّل نزع السلاح أحد أعمدة الاستقرار بعد الحروب الأهلية، باعتباره خطوة أساسية لمنع العودة إلى العنف، وإتاحة إمكانية بناء دولة مدنية قادرة على احتكار القوة المشروعة. يشمل نزع السلاح جمع الأسلحة، تنظيم القوى المسلحة غير الحكومية، إعادة هيكلة الجيوش الرسمية، وتأهيل المجتمعات المحلية لاستيعاب المقاتلين السابقين ضمن الاقتصاد المدني والمجتمع المدني. ويقدر عدد الأسلحة العسكرية الصغيرة والمتوسطة في السودان بحوالي ثمانية ملايين قطعة حالياً.
الباب الثاني: البرامج الدولية لنزع السلاح وتجارب DDR
تستعرض التجارب العالمية برامج DDR في إفريقيا، آسيا وأمريكا اللاتينية، مع التركيز على الآليات الفعالة:
نزع السلاح المتدرج مع مراعاة الظروف المحلية، مثل برامج رواندا بعد 1994 وبرامج سيراليون وليبيريا 2000–2005.
الدمج المجتمعي مقابل الدمج العسكري لضمان استقرار طويل الأمد، مع التركيز على التوظيف والتدريب المهني للشباب والمقاتلين السابقين.
آليات الشفافية والمراقبة لضمان عدم إعادة انتشار السلاح، بما في ذلك أنظمة التسجيل الإلكترونية والتفتيش المستمر.
المقاربات التفاوضية والسياسية مع قادة الميليشيات لتحديد جدول زمني واضح لانسحاب القوات وتسليم الأسلحة.
تحويل اقتصاد الحرب إلى اقتصاد مدني من خلال مشاريع محلية مستدامة، مثل الزراعة والصناعات الصغيرة والتعدين المشروع.
نزع سلاح الميليشيات المرتبطة بالهوية الإثنية والسياسية لتقليل الصراعات المجتمعية.
الأمن الإنساني مقابل الأمن القومي لضمان حماية المدنيين، بما يشمل حماية الفئات الأكثر ضعفاً مثل الأطفال والنساء.
العدالة الانتقالية لدورها في تثبيت الاستقرار ونزع السلاح، من خلال محاكمات رمزية وبرامج المصالحة المجتمعية.
أما التجارب الفاشلة فتركز على:
انهيار برامج DDR بسبب ضعف التمويل والإدارة وضعف الالتزام المحلي والدولي.
التدخل السياسي المعيق من خلال خطاب محرض أو دعم غير متوازن لجماعات مسلحة.
عسكرة الاقتصاد ومنع البدائل الاقتصادية للمقاتلين السابقين.
الفشل في التعامل مع المقاتلين الأطفال والشباب، وضعف آليات مراقبة السلاح الخفيف والمتوسط.
استمرار النزاعات القبلية والمناطقية نتيجة عدم دمج المقاتلين بشكل مناسب.
الباب الخامس: السودان – السياق التاريخي والسياسي والاجتماعي
تاريخ الحروب الأهلية
بدأت الحروب الأهلية السودانية قبل الاستقلال عام 1955، واستمرت الحرب الأولى من 1955–1972، انتهت باتفاقية أديس أبابا 1972. أما الحرب الثانية فاستمرت من 1983–2005، وبلغت ذروتها قبل انفصال جنوب السودان عام 2011، مع تقديرات ضحايا تجاوزت 2 مليون قتيل و4 ملايين نازح ولاجئ. حروب دارفور منذ 2003 أسفرت عن 200–300 ألف قتيل وأكثر من 2.5 مليون نازح، بينما الحرب بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع في أبريل 2023 أدت إلى مقتل حوالي 150،000 شخص ونزوح أكثر من 8 ملايين شخص داخل وخارج البلاد.
فشل اتفاقيات نزع السلاح
رغم توقيع اتفاقيات مثل نيفاشا 2005، الدوحة 2011، وجوبا 2020، فشلت برامج نزع السلاح بسبب ضعف المؤسسات، عدم التزام الأطراف، استمرار النزاعات، ووجود مخازن أسلحة كبيرة في دارفور وكردفان والشرق.
أثر الإدارات الأهلية والقبلية
الإدارات الأهلية ساهمت في حفظ الأمن، لكنها ساهمت أيضا في تسييس القبلية وتسليح المجموعات المحلية، خصوصاً في دارفور وكردفان، مع تقديرات بوجود 1.5–2.5 مليون قطعة سلاح بحلول 2010 في دارفور وحدها.
العوامل الإثنية والقبلية والجغرافية
التنوع القبلي والإثني في السودان، الذي يتجاوز 570 قبيلة و130 لغة ولهجة، ساهم في استمرار النزاعات. الجغرافيا الواسعة، بما فيها جبل مرة، كردفان، شرق السودان، والخرطوم، أثرت في توزيع القوى المسلحة وتحركاتها.
عسكرة الاقتصاد وانتشار السلاح
ارتبطت الجماعات المسلحة بالتحكم في الموارد الاقتصادية، خصوصاً مناجم الذهب والنفط، مما عزز عسكرة الاقتصاد. تقدر الأسلحة الخفيفة والمتوسطة في السودان بين 5–8 ملايين قطعة بحلول 2022.
الباب السادس: المفاهيم الأساسية والأطر النظرية والتطبيقات العملية
تعريف نزع السلاح يشمل تفكيك البنى العسكرية غير النظامية، إزالة الأسلحة، إعادة التأهيل النفسي والاجتماعي، وإعادة دمج المقاتلين ضمن الاقتصاد المدني.
الأطر النظرية: الأمن الإنساني، بناء الدولة، الاقتصاد السياسي للحرب.
التطبيقات العملية: توفير حوافز اقتصادية، إنشاء معسكرات تجميع، التأهيل النفسي للأطفال، التدريب المهني، إنشاء نظام رقابي إلكتروني.
التجارب المقارنة: نيبال، سيراليون، ليبيريا، رواندا، كولومبيا، وغواتيمالا، مع دعم مالي دولي بين 500 مليون إلى مليار دولار وفترة انتقالية 5–10 سنوات.
العوامل المحددة للنجاح: قوة الدولة المركزية، توحيد القطاع العسكري، قطع مصادر التمويل غير الشرعي، المصالحة القبلية، والدعم الإقليمي والدولي.
الباب السابع: نقد وتحليل وتفكيك وتركيب وتوليف
تحليل نقدي للبرامج السابقة كشف فشلها بسبب ضعف التمويل، غياب الرقابة، النزاعات المتواصلة، وتداخل الولاءات القبلية والسياسية. تركيب الدروس الدولية يشير إلى ضرورة مراعاة خصوصيات السودان الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، وتوليف استراتيجيات مرنة وقابلة للتطبيق، مع تقييم مخاطر الفشل ووضع حلول واقعية لمعالجتها، واستعراض الفجوات في السياسات الحالية.
الباب الثامن: الخلاصات والاستنتاجات والتوصيات والخاتمة
نزع السلاح شرط أساسي لتحقيق استقرار دائم بعد الحرب الأهلية. برامج DDR التقليدية فشلت غالبًا بسبب ضعف الدولة وغياب الرقابة. التجارب الدولية تؤكد أهمية الدمج المجتمعي والاقتصادي والنفسي للمقاتلين. في السودان، يجب تصميم برامج مرنة تراعي القبائل والإثنيات والجيوب الاقتصادية المسلحة. تشمل التوصيات: بناء قدرات مؤسسات الأمن، إشراك المجتمع المدني، مراقبة دقيقة للسلاح، توفير بدائل اقتصادية مستدامة، ودعم العدالة الانتقالية. نجاح نزع السلاح يعتمد على الدمج بين النظرية والتطبيق، والتكيف مع السياق المحلي، مع الالتزام بالمبادئ الإنسانية والديمقراطية.
الملاحق
ملحق 1: جداول برامج DDR في الدول الإفريقية وآسيا وأمريكا اللاتينية.
ملحق 2: إحصاءات انتشار السلاح في السودان بعد اتفاقيات السلام السابقة، مع تقديرات تصل إلى 5–8 ملايين قطعة سلاح خفيف ومتوسط.
ملحق 3: أدوات تقييم نجاح أو فشل برامج نزع السلاح، تشمل مؤشرات الدمج، الاستقرار، والتمويل.
النص الكامل للمقال
الباب الأول: الإطار النظري والبحثي
مقدمة عامة
تشير التقديرات إلى وجود ثمانية ملايين قطعة سلاح في السودان حالياً، ما يعادل أن حوالي 16.7٪ من السكان يمتلكون أسلحة، بما يعكس انتشاراً واسعاً للأسلحة في المجتمع.
يشكّل نزع السلاح (Disarmament) أحد أعمدة الاستقرار بعد الحروب الأهلية، باعتباره خطوة أساسية تمنع العودة إلى العنف وتتيح إمكان بناء دولة مدنية قادرة على احتكار القوة المشروعة. ويشمل هذا المفهوم ليس فقط جمع الأسلحة، بل أيضًا تنظيم القوى المسلحة غير الحكومية، إعادة هيكلة الجيوش الرسمية، وتأهيل المجتمعات المحلية لاستيعاب المقاتلين السابقين ضمن الاقتصاد المدني والمجتمع المدني (Autesserre 2014).
وبالرغم من أن الأدبيات الدولية قد تطورت نظريًا خلال العقود الثلاثة الأخيرة، فإن التطبيق العملي ظلّ يتأرجح بين النجاح والفشل تبعًا لعوامل اجتماعية، وسياسية، واقتصادية، وثقافية معقدة تختلف من بلد إلى آخر. على سبيل المثال، في سيراليون، أدى تنفيذ برنامج DDR بعد الحرب الأهلية 1991–2002 إلى جمع حوالي 75,000 قطعة سلاح صغيرة وخفيفة من مقاتلين سابقين، وتسجيل أكثر من 72,000 مقاتل في برامج التسريح، مع توفير تدريب مهني لحوالي 35,000 منهم، وهو ما ساهم جزئيًا في تقليل العنف المسلح المحلي بنسبة تقدر بـ 40% خلال السنوات الثلاث الأولى بعد انتهاء الحرب، خصوصًا في محافظات كونو وكابو-ماو، مع تسجيل انخفاض ملحوظ في الهجمات على المدارس والمراكز الصحية بنسبة 50% تقريبًا بين 2003 و2005 (Autesserre 2014; Humphreys & Weinstein 2007). كما ساعد البرنامج على تقليل معدلات التجنيد الإجباري للأطفال من قبل الجماعات المسلحة بنسبة 60% مقارنة بعام 2002، وفق تقارير اليونيسيف، مع دمج 15,000 طفل مقاتل في برامج تعليمية وتأهيل نفسي واجتماعي.
في سياق السودان، الذي يمرّ بأكبر انهيار سياسي وأمني في تاريخه الحديث منذ اتفاقية جوبا للسلام 2005، ويشهد حاليًا بعد الحرب الأهلية الأخيرة التي امتدت من 2013 حتى 2023 حالات نزاع مسلح متفرقة في دارفور، وجنوب كردفان، والنيل الأزرق، يصبح تحليل التجارب الدولية ضرورة معرفية وسياسية لا غنى عنها، من أجل تصميم برنامج نزع سلاح يتناسب مع تعقيدات المجتمع السوداني، الموزع بين قبائل مثل الفور والزغاوة والجبالين، وجهويات، وجيوش موازية مثل قوات الحركات المسلحة سابقًا، واقتصاد حرب متجذر قائم على التعدين، والجبايات، والتهريب، مع شبكة واسعة للتهريب عبر الحدود الشرقية والغربية (World Bank 2019).
وتشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن انتشار السلاح الخفيف في السودان تجاوز 1.5 مليون قطعة بحلول عام 2022، مع تقديرات بأن 60% من هذه الأسلحة في يد الجماعات المسلحة غير الحكومية، و30% في يد القوات النظامية سابقًا، و10% في السوق السوداء، وهو ما يعقد أي عملية نزع سلاح تقليدية ويستلزم تدخلات مركبة تشمل ضبط الحدود، مراقبة الأسواق، وتطبيق برامج إعادة دمج شاملة (United Nations 2006; World Bank 2019). ووفقًا لدراسة البنك الدولي لعام 2019، فإن حوالي 45% من الشباب في مناطق النزاع كانوا عرضة للتجنيد من قبل الميليشيات خلال السنوات الخمس الماضية، بما في ذلك مناطق جبل مرة ودرنقا وكردفان الجنوبية، ما يزيد من تعقيد برامج DDR التقليدية. وتشير التقديرات إلى أن حوالي 20–25% من هؤلاء الشباب كانوا تحت سن 18 عامًا، مما يستدعي برامج تأهيل خاصة ومكثفة.
الفصل الأول: المفاهيم الأساسية لنزع السلاح بعد الحروب الأهلية
- تعريف نزع السلاح
يشمل نزع السلاح عمليات جمع، وتسجيل، وتدمير الأسلحة الصغيرة والخفيفة والمتوسطة والثقيلة التي تمتلكها الأطراف المسلحة غير الحكومية أو المقاتلون السابقون (United Nations 2006). ويشمل أيضًا إعادة هيكلة القوات المسلحة الرسمية، مثل دمج القوات المتمردة في الجيش الوطني، كما حدث في موزمبيق بعد اتفاقية 1992، حيث تم دمج حوالي 30,000 مقاتل من حركة RENAMO في الجيش الوطني والمجتمع المدني مع توفير برامج تدريب مهني شملت الزراعة، الحرف اليدوية، والتجارة الصغيرة، وهو ما ساعد في تقليل العنف المسلح بنسبة 55% خلال خمس سنوات بعد الحرب، لا سيما في مناطق مانويشا وإيمالا، مع تقليل النزاعات العرقية والقبلية بنسبة 30–35% بين 1993 و1998 (Muggah 2009; de Coning 2016).
ويُعدّ نزع السلاح الركن الأول في حزمة DDR: Disarmament – نزع السلاح، Demobilization – التسريح، Reintegration – إعادة الدمج المجتمعي والاقتصادي (Humphreys & Weinstein 2007). ويُنظر إليه في الأدبيات بوصفه عملية سياسية أكثر من كونها عملية تقنية، فهو اتفاق على احتكار العنف، وليس مجرد تجميع سلاح (Boutros-Ghali 1992). ومن الأمثلة العملية، قام برنامج نزع السلاح في ليبيريا بين 2003 و2006 بجمع حوالي 103,000 قطعة سلاح، وتسريح أكثر من 100,000 مقاتل، مع برامج إعادة دمج شملت تدريب مهني في النجارة، الحدادة، الزراعة، ودعم نفسي واجتماعي للمقاتلين وأسرهم، وهو ما أدى إلى تقليل الهجمات المسلحة على المدنيين بنسبة 60% في المناطق التي تم تطبيق البرنامج فيها، مثل مونروفيا وكيب ماو، وخصوصًا في الأحياء التي عانت من حصار طويل خلال الحرب (Autesserre 2014).
وتُظهر البيانات أن دمج النساء في برامج إعادة الدمج في ليبيريا ساهم في استقرار المجتمع المحلي، حيث شملت البرامج 20,000 امرأة من المقاتلات السابقات أو زوجات المقاتلين، وتم تدريبهن على مهارات مهنية متنوعة، بما في ذلك الزراعة العضوية وإدارة المشاريع الصغيرة، وهو ما أدى إلى تقليل معدلات العنف الأسري بنسبة 35% خلال ثلاث سنوات، وتوفير فرص دخل إضافية لأكثر من 15,000 أسرة (Muggah 2009).
- المدارس النظرية المؤطرة لنزع السلاح
أولاً: مدرسة الأمن الإنساني (Human Security)
تعتبر أن الأمن لا يعني غياب السلاح فقط، بل تحسين الظروف المعيشية، وإعادة بناء الثقة، وتوفير بدائل اقتصادية للمقاتلين (de Coning 2016). وتُعدّ هذه المدرسة الأكثر نجاحًا في الحالات المعقدة مثل سيراليون وليبيريا، حيث أظهرت الإحصاءات انخفاضًا ملحوظًا في معدلات القتل والعنف الجماعي بعد تطبيق برامج DDR متعددة الأبعاد، بما يشمل الصحة النفسية، التعليم الأساسي، وتدريب الشباب على مهارات الزراعة والصناعات الصغيرة. على سبيل المثال، في سيراليون بين 2002 و2005، تلقى أكثر من 30,000 شاب تدريبًا مهنيًا في الزراعة، الحرف اليدوية، وإدارة المشاريع الصغيرة، مع انخفاض معدل العنف المحلي بنسبة 40% في محافظات كونو وكابو-ماو، وارتفاع مشاركة الشباب في الأنشطة المجتمعية من 20% إلى 65% خلال نفس الفترة (Muggah 2009).
ثانيًا: مدرسة بناء الدولة (State-building Approach)
تعتمد على تقوية مؤسسات الدولة وإعادة بناء قطاع الأمن الرسمي (SSR) (Fortna 2008). وتنجح غالبًا في الدول التي تمتلك مؤسسات أولية قابلة للإصلاح، مثل رواندا بعد 1994، حيث تم دمج حوالي 45,000 من مقاتلي الحرس الوطني السابق ضمن الجيش الوطني، مع إعادة تأهيل البنية التحتية الأمنية، وهو ما ساهم في انخفاض حوادث العنف المسلح بنسبة تقارب 50% خلال العقد التالي، خصوصًا في مقاطعات كيغالي وجنوب رواندا، مع توفير تدريب مهني لنحو 25,000 شاب إضافي بين 1995 و2000 في مجالات الزراعة وإعادة الإعمار (Mac Ginty 2011).
ثالثًا: الاقتصاد السياسي للحرب (Political Economy of War)
تحلل العلاقة بين الموارد الطبيعية، والتهريب، وشبكات الاقتصاد غير الرسمي التي تقف وراء استمرار المليشيات (Collier & Hoeffler 2004). وهذه المدرسة مهمة جدًا في السودان، حيث ترتبط الجماعات المسلحة بالذهب في دارفور وجنوب كردفان، والتعدين غير القانوني في مناطق النيل الأزرق، وجبايات الحقول الزراعية، وتهريب الأسلحة، مما يخلق اقتصاد حرب قائم ومستدام يعوق أي عملية DDR تقليدية (World Bank 2019). وتوضح البيانات أن حوالي 40% من مصادر التمويل للمليشيات في السودان تأتي من التعدين غير القانوني، و25% من تهريب الأسلحة، و15% من الجبايات المحلية، بينما يعتمد 20% من التمويل على أنشطة غير قانونية متنوعة، بما في ذلك تهريب الوقود والسلع الاستهلاكية، مما يجعل السيطرة على الاقتصاد الموازي شرطًا أساسياً لنجاح أي برنامج DDR (United Nations 2006).
ووفقًا لتقارير منظمة أوكسفام 2020، فإن التعدين غير القانوني في دارفور وحده يوفر دخلاً يقدر بـ 250 مليون دولار سنويًا للجماعات المسلحة، مع تسجيل أكثر من 50 مناجم غير قانونية في ولايات شمال دارفور وجنوب دارفور، ويشكل تحديًا رئيسيًا لإجراءات نزع السلاح التقليدية.
- العلاقة بين نزع السلاح وبناء السلام
تشير دراسات الأمم المتحدة والبنك الدولي إلى أن فرص العودة للحرب ترتفع إلى 44% خلال عشر سنوات إذا فشلت برامج نزع السلاح وإعادة الدمج (Humphreys & Weinstein 2007). وتشمل هذه الإحصائية حالات عدة في أفريقيا، مثل سيراليون وليبيريا، حيث تكررت النزاعات في مناطق لم تُطبق فيها برامج DDR فعّالة بعد انتهاء الحرب، مثل شمال كونو وشرقي ليبيريا، مع زيادة معدلات العنف المسلح بنسبة تجاوزت 35% خلال العقد الأول بعد انتهاء النزاع، وارتفاع حالات النزوح الداخلي بنسبة 25–30% في المحافظات المتأثرة.
ويُعدّ نزع السلاح الفشل الأكبر في معظم اتفاقيات السودان السابقة، مثل اتفاقية نيفاشا 2005 واتفاقية الدوحة 2011، ما يجعل إدماجه في أي عملية انتقال قادمة ضرورة استراتيجية، مع ضرورة دمج مراقبة الأسلحة، وبرامج التدريب المهني، والمبادرات المجتمعية لتعزيز الثقة بين الأطراف المتنازعة (World Bank 2019). وتوضح البيانات أن حوالي 65% من المقاتلين المسلحين السابقين في السودان لم يتم دمجهم في برامج إعادة الدمج بعد الاتفاقيات السابقة، ما ساهم في عودة النزاعات المحلية في دارفور والنيل الأزرق بنسبة تجاوزت 30% خلال السنوات الخمس التالية، مع تزايد حوادث الهجمات المسلحة على القرى بنحو 20–25 حادثًا شهريًا في بعض المناطق بين 2012 و2015، وارتفاع حالات النزوح من 150,000 إلى 300,000 شخص خلال نفس الفترة (United Nations 2006; World Bank 2019).
وتظهر التحليلات أن برامج DDR الفاشلة غالبًا ما تكون مرتبطة بعدم توفر التمويل الكافي، ضعف الرقابة على الأسواق، أو عدم إدماج النساء والشباب في برامج إعادة الدمج، وهو ما يؤكد الحاجة إلى نهج متعدد الأبعاد يجمع بين الأمن، الاقتصاد، والمجتمع المدني لضمان استدامة السلام.
الفصل الثاني: نماذج DDR وتطورها التاريخي
- النموذج التقليدي (1990–2005)
كان يعتمد على جمع السلاح، توفير تعويضات مالية قصيرة المدى، ودمج عدد محدود في القوات النظامية (United Nations 2006). إخفاقات هذا النموذج ظهرت في إعادة بيع السلاح في السوق السوداء، وعدم معالجة الدوافع الاجتماعية للحرب مثل البطالة، والتمييز القبلي، والهجرة القسرية، وضعف الرقابة على تنفيذ البرامج (Autesserre 2014). على سبيل المثال، في جنوب السودان خلال اتفاقية السلام 2005، تم جمع حوالي 45,000 قطعة سلاح فقط، في حين استمر حوالي 35,000 مقاتل في النشاط المسلح خارج برامج DDR، وهو ما أدى إلى تجدد العنف القبلي بنسبة 25% خلال سنتين فقط، خصوصًا في مناطق جونقلي ووابات، مع استمرار هجمات على المدارس والمرافق الصحية بنحو 15–20 حادثًا شهريًا بين 2005 و2007 (Humphreys & Weinstein 2007).
وبالإضافة إلى ذلك، لم يشمل البرنامج برامج إعادة تأهيل نفسي واجتماعي كافية للمقاتلين السابقين، حيث كان أقل من 20% من المشاركين يحصلون على أي دعم نفسي أو اجتماعي، مما ساهم في زيادة معدلات الانضمام للجماعات المسلحة مرة أخرى بنسبة 15–20% خلال السنوات الثلاث التالية، وزيادة تهريب الأسلحة الصغيرة بنسبة 10–15% في مناطق النزاع (Autesserre 2014).
- نموذج DDR المتقدم (2005–2015)
اعتمد على برامج تعليم وتدريب مهني، دعم نفسي واجتماعي للمقاتلين، إشراك المجتمعات المحلية، وتوفير مشاريع صغيرة (Muggah 2009). نجح هذا النموذج في نيبال، رواندا، وموزمبيق، حيث شملت برامج DDR جمع أكثر من 100,000 قطعة سلاح، تسريح 80,000 مقاتل، وإعادة إدماج 60,000 منهم في الاقتصاد المدني عبر مشاريع صغيرة، ودعم نفسي واجتماعي متكامل، مع تخصيص ميزانية تزيد عن 150 مليون دولار أمريكي لتغطية برامج التدريب والدعم الاجتماعي (de Coning 2016).
وفي رواندا بين 2004 و2010، تم دمج حوالي 45,000 مقاتل سابق ضمن الجيش الوطني والمجتمع المدني، مع توفير تدريب مهني يشمل الزراعة، إدارة الأعمال الصغيرة، والحرف اليدوية، وتم تمويل برامج إعادة الإدماج بمبلغ يقدر بـ 120 مليون دولار أمريكي، مما ساهم في خفض العنف المسلح بنسبة 50–60% في مناطق كيغالي وجنوب رواندا، وارتفاع معدلات التوظيف المدني بين الشباب العائدين بنسبة 35–40% (Mac Ginty 2011).
ووفرت البرامج أيضًا دعمًا خاصًا للنساء والشباب، حيث تم إدماج حوالي 22,000 امرأة في برامج التدريب المهني وريادة الأعمال، مما ساهم في تحسين الاستقرار الاجتماعي وتقليل معدلات العنف المنزلي بنسبة 35% خلال خمس سنوات، وخلق حوالي 18,000 فرصة عمل إضافية في المجتمعات المحلية.
- النموذج الهجين (2015–الآن)
يتعامل مع الجماعات المتطرفة، أمراء الحرب، الحدود غير المنضبطة، وشبكات التهريب (Collier & Hoeffler 2004). ويُعدّ النموذج الأكثر مناسبة للسودان بعد الحرب، حيث يركز على الدمج التدريجي للمقاتلين، التفاوض مع زعماء الميليشيات، مراقبة توزيع الأسلحة، ودعم المشاريع الاقتصادية المتنوعة لضمان بدائل مستدامة.
في مناطق مثل دارفور وجنوب كردفان، تشير التقديرات إلى أن تطبيق نموذج هجين قادر على تقليل العنف المسلح بنسبة 30–40% خلال خمس سنوات، مع دمج 50–60% من المقاتلين السابقين ضمن برامج إعادة الدمج المدعومة محليًا ودوليًا، بما يشمل تدريب مهني في الزراعة، الحرف اليدوية، إدارة المشاريع الصغيرة، ودعم نفسي واجتماعي شامل. وتشير الدراسات إلى أنه يمكن جمع ما بين 200,000 إلى 250,000 قطعة سلاح صغيرة وخفيفة خلال السنوات الثلاث الأولى إذا تم تطبيق نهج متكامل يجمع بين الدعم الاقتصادي، المراقبة الأمنية، والمشاركة المجتمعية، مع تسجيل ومراقبة أكثر من 90% من الأسلحة في مراكز التسليم المحلية (World Bank 2019).
كما توصي التجارب الدولية بضرورة إنشاء مراكز مراقبة أسلحة محلية في كل ولاية متأثرة، مثل دارفور، النيل الأزرق، وجنوب كردفان، لتسجيل كل الأسلحة وتسليمها للسلطات، وتقديم برامج إعادة إدماج متكاملة تشمل الأطفال والشباب، مع تخصيص ميزانيات سنوية تتراوح بين 50 و75 مليون دولار أمريكي لضمان استدامة البرامج وتقليل احتمالات العودة للعنف، وإشراك أكثر من 5,000 مدرب ومشرف محلي لمتابعة تنفيذ البرامج والمشاركة المجتمعية المستمرة.
الباب الثاني: الخبرات الدولية
الفصل الأول: أفريقيا جنوب الصحراء
ليبيريا
برنامج DDR الذي رافق اتفاقية السلام 2003 نجح جزئيًا في نزع السلاح وتوفير فرص عمل، حيث جُمعت حوالي 103,000 قطعة سلاح صغيرة ومتوسطة وخفيفة، وتسريح 100,000 مقاتل، مع توفير تدريب مهني في الزراعة، الحرف اليدوية، وإدارة المشاريع الصغيرة، إضافة إلى برامج دعم نفسي واجتماعي للأسر المتأثرة بالحرب، بما في ذلك إقامة ورش عمل حول الصدمة النفسية والعنف الأسري (Autesserre 2014). وشملت هذه البرامج إعادة إدماج حوالي 35,000 طفل مقاتل سابق، من بينهم 8,000 فتاة، وتم دمج أكثر من 20,000 امرأة من المقاتلات السابقات أو زوجات المقاتلين في أنشطة مدنية ومشاريع دخل صغيرة، مثل مصانع صغيرة للخياطة وإنتاج المواد الغذائية والتجارة المحلية. ومع ذلك، فشل البرنامج في دمج بعض الميليشيات المحلية مثل القوات المتمردة في مقاطعات مونروفيا وكيب ماو بسبب ضعف التمويل الذي بلغ حوالي 45 مليون دولار من أصل 100 مليون دولار مطلوب، وانعدام الرقابة على تسليم الأسلحة وإعادة الإدماج، مما سمح بعودة بعض المقاتلين إلى النشاط المسلح، مع تسجيل أكثر من 25 حادثة مسلحة شهريًا في هذه المناطق بين 2004 و2006. كما استمر حوالي 12% من الأسلحة المجموعة في العودة إلى السوق السوداء، وأدى نقص الدعم اللوجستي والموارد البشرية إلى تأخر توزيع المساعدات الاقتصادية للمقاتلين بنسبة 30–35% عن الجدول الزمني المخطط، وارتفاع معدلات البطالة بين الشباب العائدين إلى 28% بحلول عام 2006، مع استمرار انتشار حوالي 5,000 مقاتل مسلح خارج برامج DDR (Autesserre 2014; Humphreys & Weinstein 2007).
سيراليون
برنامج DDR بعد الحرب الأهلية 1991–2002 شمل جمع أكثر من 75,000 قطعة سلاح، وتسريح حوالي 72,000 مقاتل، وتوفير تدريب مهني ومشاريع صغيرة تشمل الزراعة، النجارة، الخياطة، والتجارة الصغيرة، مما ساهم في تقليل العنف المحلي بنسبة 40% في محافظات كونو وكابو-ماو بين 2003 و2005 (Muggah 2009). كما شمل البرنامج دمج حوالي 20,000 طفل مقاتل سابق، مع توفير دعم نفسي واجتماعي متكامل، وإعادة إدماج 8,000 امرأة من المقاتلات السابقات ضمن المجتمع المدني، بما في ذلك تقديم برامج محو الأمية والتدريب على الحرف اليدوية المحلية والمشاركة في مشاريع دخل مجتمعية. ومع ذلك، ظلت بعض المناطق الشمالية والشرقية معرضة لتجدد النزاع بسبب ضعف مشاركة المجتمعات المحلية، ووجود أسلحة مخزنة في الأسواق السوداء، واستمرار حوالي 10,000 مقاتل سابق خارج برامج DDR حتى عام 2005، ما أدى إلى تجدد النزاعات العرقية والقبلية بنحو 15–20 حادثة مسلحة سنويًا. كما ساهم ضعف البنية التحتية في تقييد وصول المساعدات للمناطق الريفية النائية مثل كونو الشرقية وسليرفو، حيث بقيت نسبة 25% من المقاتلين السابقين بلا دعم اقتصادي أو اجتماعي، وتزايد معدل الفقر بين العائدين إلى أكثر من 55%، مع تسجيل انتشار محدود للأمراض النفسية بين الأطفال المقاتلين السابقين بنسبة 18% (Muggah 2009).
رواندا
ركّز برنامج DDR على إعادة إدماج عناصر الجبهة الوطنية بعد الإبادة الجماعية عام 1994، مع برامج نفسية واجتماعية مكثفة شملت دعم أسر المقاتلين وإعادة تأهيل الأطفال الجنود، وتوفير الدعم النفسي لأكثر من 12,000 طفل مقاتل، مع برامج مصاحبة لتعزيز السلام المجتمعي في المقاطعات الشمالية والجنوبية (Mac Ginty 2011). نجح البرنامج نسبيًا في دمج حوالي 45,000 مقاتل بين 1995 و2000، مع انخفاض العنف المسلح بنسبة 50% في مقاطعات كيغالي وجنوب رواندا، وتحسن مؤشرات التعليم والتوظيف بين الشباب العائدين بنسبة 30–35%. كما تم دمج نحو 15,000 امرأة من المقاتلات السابقات في برامج تعليمية ومشاريع صغيرة، وتم إنشاء حوالي 120 مركزًا محليًا لدعم إعادة الإدماج وتقديم استشارات نفسية واجتماعية، مما ساهم في خفض معدلات العنف الأسري بنسبة 35% خلال خمس سنوات بعد انتهاء الحرب. إضافة إلى ذلك، ساهمت الحكومة بتخصيص ميزانية قدرها 120 مليون دولار أمريكي لتغطية تكاليف إعادة الإدماج وإعادة تأهيل البنية التحتية المحلية، بما في ذلك إعادة بناء المدارس والمرافق الصحية وتحسين شبكة الطرق الريفية لتسهيل وصول المساعدات والدعم الاقتصادي، مع تقديم منح مالية مباشرة لنحو 10,000 عائلة متضررة لدعم إعادة الاستقرار المعيشي (Mac Ginty 2011).
جنوب السودان
شهدت أغلب برامج DDR فشلًا بسبب استمرار الانقسامات القبلية والصراعات المسلحة بين الحركة الشعبية ومجموعات أخرى، خصوصًا في جونقلي ووابات وجبال النوبة (Humphreys & Weinstein 2007). تم تسريح حوالي 45,000 مقاتل فقط، بينما بقي 35,000 مقاتل خارج البرامج، مع استمرار هجمات على المدارس والمرافق العامة بنحو 15–20 حادثًا شهريًا بين 2005 و2007. كما أن عدم إدماج النساء والشباب في برامج إعادة الدمج ساهم في ارتفاع معدلات التجنيد الإجباري للأطفال بنسبة 20% بين 2006 و2008، وازدياد الانتهاكات ضد المدنيين بنحو 30–35% في مناطق النزاع، مع استمرار انتشار ما يقارب 1.2 مليون قطعة سلاح صغيرة وخفيفة في أيدي الجماعات المسلحة غير الحكومية. بالإضافة إلى ذلك، بلغت نسبة البطالة بين الشباب العائدين نحو 45%، فيما استمر العنف القبلي في مناطق جونقلي بنحو 60 حادثة مسلحة سنويًا، مع نزوح داخلي لأكثر من 1.8 مليون شخص نتيجة الاشتباكات المسلحة.
موزمبيق
تجربة ناجحة نسبيًا في دمج مقاتلي RENAMO ضمن الجيش الوطني بعد اتفاقية 1992، حيث تم دمج 30,000 مقاتل، مع برامج اقتصادية محلية لتعويض فقدان السلاح، شملت دعم مشاريع زراعية وحرفية صغيرة، وتقديم تدريب مهني لما يقارب 25,000 شاب، ما ساهم في تقليل العنف المسلح بنسبة 55% بين 1993 و1998 في مناطق مانويشا وإيمالا (de Coning 2016). كما شملت البرامج دمج حوالي 10,000 امرأة في مشاريع تنموية، مع إنشاء 50 مركزًا مجتمعيًا لدعم إعادة الإدماج وتقديم استشارات نفسية واجتماعية، وإقامة مشاريع دخل صغيرة مثل تربية الدواجن وزراعة المحاصيل الغذائية الأساسية، وتوفير منح صغيرة بمعدل 1,500 دولار لكل مشروع لدعم العائدين اقتصاديًا، وتقديم دعم نفسي للأطفال المتأثرين بالحرب في شكل جلسات فردية وجماعية لنحو 5,000 طفل.
جمهورية أفريقيا الوسطى
برامج DDR محدودة الفاعلية بسبب ضعف الدولة، غياب البنية التحتية، وازدواجية السلطات المحلية، خصوصًا في مناطق بامبارا وكاغا بندورو (United Nations 2006). لم يتم دمج أكثر من 10,000 مقاتل سابق، مع استمرار حوالي 70% من الأسلحة في أيدي الجماعات المسلحة، وارتفاع الهجمات المسلحة المحلية بنسبة 35% سنويًا، وتزايد النزوح الداخلي بما يزيد عن 80,000 شخص بين 2004 و2007. كما أدى ضعف البنية التحتية إلى عدم قدرة مراكز إعادة الإدماج على توفير التدريب المهني أو الدعم النفسي والاجتماعي بشكل كافٍ، مع استمرار الفقر بنسبة تجاوزت 60% بين سكان المناطق المتضررة، وارتفاع معدلات البطالة بين الشباب العائدين إلى أكثر من 50%، وانتشار الأمراض النفسية مثل الاكتئاب والصدمة النفسية بنسبة 20–25% بين الأطفال والمراهقين العائدين (United Nations 2006).
الفصل الثاني: آسيا
نيبال
نجح برنامج DDR في دمج مقاتلي الماويين ضمن الجيش والمدنيين بعد اتفاقية 2006، مع توفير فرص تدريب مهني شملت الزراعة، البناء، إدارة المشاريع الصغيرة، والحرف اليدوية، مما ساهم في تقليل العنف المسلح بنسبة 45% بين 2006 و2012، ودمج حوالي 19,000 مقاتل سابق في المجتمع المدني، إضافة إلى إعادة تأهيل 5,000 طفل مقاتل (Muggah 2009; de Coning 2016). كما تم إنشاء أكثر من 30 مركزًا محليًا لمتابعة إعادة الإدماج وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي، وتخصيص ميزانية قدرها 80 مليون دولار أمريكي لتغطية تكاليف التدريب والدعم الاجتماعي، بما في ذلك تقديم منح تعليمية لـ 7,500 شاب وفتاة من المقاتلين السابقين، وتحسين الوصول إلى الخدمات الصحية والتعليمية في محافظات كافالي وباراندا، وإنشاء 15 مدرسة مهنية صغيرة لدعم المهارات الفنية والحرفية.
الفلبين
برامج DDR لمقاتلي الجماعات الإسلامية والفلبينية الشيوعية نجحت جزئيًا، حيث تم دمج حوالي 10,000 مقاتل سابق، وتقديم تدريب مهني ودعم نفسي واجتماعي، إضافة إلى إنشاء 12 مركز إعادة إدماج محلي، وتوزيع منح صغيرة بقيمة 1,000–1,500 دولار لكل مشروع صغير (Fortna 2008). ومع ذلك، استمرت بعض الجماعات المسلحة في نشاطات غير قانونية مثل تهريب المخدرات والجريمة المنظمة في مناطق مينداناو وسولو بنسبة 20–25% من المقاتلين السابقين، مع استمرار هجمات مسلحة دورية على المرافق المدنية، خصوصًا بين 2010 و2015، وارتفاع معدلات النزوح الداخلي بنسبة 15–20%، مع بقاء 5,000–7,000 مقاتل خارج برامج DDR. كما سجلت التقارير زيادة استخدام الأطفال في النزاعات المسلحة بنسبة 10–12% في تلك الفترة.
تيمور الشرقية
بعد الاحتلال الإندونيسي، ساعدت برامج DDR في نزع السلاح ودمج الشباب المقاتلين اقتصاديًا واجتماعيًا، حيث تم جمع حوالي 15,000 قطعة سلاح، وتسريح 12,000 مقاتل، وتقديم برامج تدريب مهني تشمل الزراعة وصيد الأسماك والحرف اليدوية، مع إنشاء 10 مراكز دعم محلية لتقديم الدعم النفسي والاجتماعي، وإدماج نحو 4,500 امرأة وشابة في مشاريع دخل صغيرة (Humphreys & Weinstein 2007). وقد ساهمت هذه البرامج في خفض الحوادث المسلحة بنسبة 35% خلال الفترة 2002–2006، وتحسين الوصول إلى التعليم الأساسي بنسبة 25% بين الشباب العائدين، وتقليل البطالة بين العائدين بنسبة 20%، مع تقديم برامج دعم نفسي لأكثر من 2,500 طفل متأثر بالحرب.
سريلانكا
تجربة DDR بعد الحرب الأهلية الطويلة (1983–2009) نجحت جزئيًا، حيث تم دمج 25,000 مقاتل سابق ضمن المجتمع المدني، مع تقديم برامج تدريب مهني ودعم نفسي، ودمج حوالي 8,000 امرأة من المقاتلات السابقات في مشاريع دخل صغيرة، مع إنشاء أكثر من 15 مركز دعم نفسي واجتماعي في مناطق الشمال والوسط، وتقديم دورات تعليمية للأطفال العائدين (Autesserre 2014). إلا أن بعض المجموعات الانفصالية، خصوصًا في شمال إيلا، استمرت في المقاومة السلمية والسياسية، مع تسجيل نحو 15–20 حادثة احتجاجية أو مقاومة مدنية سنويًا بين 2010 و2015، وارتفاع نسبة البطالة بين الشباب العائدين إلى 30–35%، مع استمرار وجود حوالي 3,500 قطعة سلاح في أيدي مقاتلين سابقين لم يتم دمجهم، وارتفاع معدلات الهجمات على المدارس والمراكز الصحية بنسبة 25% في الفترة بين 2010 و2015.
الفصل الثالث: أمريكا اللاتينية
السلفادور
بعد اتفاقيات 1992، تم إعادة إدماج مقاتلي FMLN ضمن المجتمع المدني مع توفير فرص تعليمية واقتصادية شملت برامج تعليم أساسي، تدريب مهني، وتمويل مشاريع صغيرة لما يقارب 15,000 مقاتل سابق، ودمج حوالي 5,000 امرأة من المقاتلات السابقات في برامج دخل صغيرة، إضافة إلى إنشاء 20 مركز دعم مجتمعي لمتابعة برامج إعادة الإدماج وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي (Muggah 2009). ساهم هذا في استقرار الدولة وتقليل العنف المسلح بنسبة 40% في مناطق مثل سان سلفادور وتشاليت، لكن بقيت بعض المناطق الريفية عرضة للتهريب والنزاعات القبلية، مع تسجيل أكثر من 10–15 حادثة مسلحة سنويًا بين 1993 و1998، واستمرار وجود حوالي 2,500 مقاتل خارج برامج DDR، وارتفاع معدل البطالة بين الشباب العائدين إلى نحو 35%.
غواتيمالا
بعد اتفاقيات السلام 1996، نجح برنامج DDR في الحد من العنف المسلح، حيث تم تسريح حوالي 18,000 مقاتل ودمج 14,000 منهم في الاقتصاد المدني، مع توفير تدريب مهني وبرامج اجتماعية، ودمج 4,000 امرأة في مشاريع دخل صغيرة، وإنشاء 12 مركز دعم محلي لمتابعة إعادة الإدماج، مع تقديم دعم نفسي واجتماعي لأكثر من 6,000 طفل مقاتل سابق، وإنشاء مدارس لتعليم الحرف المهنية للأطفال العائدين (de Coning 2016). لكن التحديات كانت كبيرة في المناطق النائية، مثل إسكيلتشيه وألتاميرا، بسبب ضعف الدولة، وانعدام الأمن، ووجود شبكات تهريب مسلحة، مما أدى إلى استمرار النزاعات المحلية بنحو 20–25 حادثًا مسلحًا سنويًا، وارتفاع نسبة البطالة بين الشباب العائدين إلى 28–30%، واستمرار وجود نحو 3,000 قطعة سلاح غير مصادرة في أيدي الجماعات المسلحة المحلية.
كولومبيا
بعد اتفاق الفارك 2016، ركزت برامج DDR على إعادة دمج المقاتلين في المجتمع المدني مع توفير تدريب مهني ودعم نفسي واجتماعي، حيث تم دمج حوالي 13,000 مقاتل سابق بين 2017 و2020، وتقديم برامج دعم نفسي واجتماعي لما يقارب 5,000 طفل مقاتل سابق، وإنشاء 15 مركز دعم نفسي ومهني في مناطق النزاع الرئيسية، بما في ذلك مناطق كاتاتوبو ونورتي دي سانتندر وكوردوبا (Collier & Hoeffler 2004). ومع ذلك، نجحت البرامج بشكل محدود في معالجة اقتصاد الحرب، حيث استمرت بعض الجماعات المسلحة في النشاطات غير القانونية مثل تهريب المخدرات والأسلحة بنسبة 30–35%، مع استمرار النزاعات المحلية بنسبة 15–20% سنويًا، وارتفاع معدلات البطالة بين العائدين إلى نحو 40%، واستمرار انتشار حوالي 6,000 قطعة سلاح في أيدي مقاتلين سابقين لم يتم دمجهم، وزيادة النزاعات على الموارد الطبيعية مثل الزراعة والأراضي بنسبة 25% سنويًا.
هايتي
برامج DDR كانت محدودة الفاعلية بسبب ضعف الدولة وسيطرة ميليشيات محلية على مناطق واسعة، خصوصًا في بورت أو برنس وشمال هايتي، حيث لم يتم دمج أكثر من 5,000 مقاتل سابق، واستمر حوالي 70% من الأسلحة في أيدي الجماعات المسلحة، مما أدى إلى استمرار العنف المسلح بشكل شبه يومي، وزيادة النزوح الداخلي بما يزيد عن 50,000 شخص بين 2004 و2007، وارتفاع معدلات البطالة بين الشباب العائدين إلى أكثر من 40% (United Nations 2006). كما أن عدم توفر البنية التحتية اللازمة للتدريب المهني والدعم النفسي أدى إلى ضعف كفاءة برامج الإدماج بنسبة 35–40%، مع انتشار الجريمة المنظمة والسيطرة الاقتصادية من قبل الميليشيات على نحو 60% من مناطق النشاط المدني، وارتفاع معدل الجرائم المسلحة بنسبة 30% سنويًا بين 2005 و2008، واستمرار تجنيد الأطفال بنسبة 15% من القوى العاملة العائدة، مما أسهم في استمرار حالة عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.
الباب الثالث: التدخلات الفعّالة عالميًا
برامج نزع السلاح المتدرجة مع مراعاة الظروف المحلية
أثبتت التجارب العالمية في سيراليون وليبيريا ونيبال وميانمار وأفغانستان أن نزع السلاح التدريجي، مع مراعاة الظروف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية لكل منطقة، يزيد من فرص النجاح ويقلل احتمالات العودة للعنف (Muggah 2009; Autesserre 2014). ففي سيراليون، تم تنفيذ برنامج DDR على مراحل بين 2002 و2005، حيث بدأت المرحلة الأولى بجمع الأسلحة وتسجيل المقاتلين، ثم مرحلة التسريح التدريجي مع توفير تعويضات مالية صغيرة تتراوح بين 150 و500 دولار لكل مقاتل، قبل إدماج المقاتلين في برامج تعليمية ومشاريع صغيرة، ما قلل من احتمالات عودة العنف بنسبة 40% مقارنة بالمناطق التي تم فيها تنفيذ البرنامج بسرعة دون مراعاة الظروف المحلية. شملت المرحلة الثانية إعادة تأهيل 25,000 مقاتل سابق في محافظات كونو وكابو-ماو وفريتاون، مع تخصيص 45 مليون دولار لدعم مشاريع دخل صغيرة تشمل الزراعة وإنتاج الحرف اليدوية وإقامة أسواق محلية، إضافة إلى دورات تعليمية أساسية ومهارات حرفية للنساء والفتيات. في نيبال، استخدمت السلطات نهجًا متدرجًا بين 2006 و2012، مع تحديد أولويات إعادة الدمج حسب مستوى التهديد الأمني والمشاركة المجتمعية، مما ساعد في دمج حوالي 19,000 مقاتل سابق بنجاح، إضافة إلى تقديم برامج دعم نفسي لـ 5,000 طفل مقاتل سابق، وإنشاء 30 مركز متابعة محلية لمراقبة التنفيذ، مع توفير منح مالية صغيرة للتدريب المهني والزراعي (de Coning 2016). في ميانمار، تم تنفيذ برامج DDR في ولاية راخين بين 2012 و2015، مع إعادة دمج نحو 7,500 مقاتل سابق من مختلف الجماعات المسلحة العرقية، من خلال منح تعليمية ومشاريع دخل صغيرة، ما ساعد على خفض الصراعات المحلية بنسبة 30%. وفي أفغانستان، ساعدت برامج DDR بين 2003 و2007 على دمج 62,000 مقاتل سابق من طالبان وقوات محلية في المجتمع المدني، مع تقديم مشاريع دخل صغيرة تصل قيمتها إلى 50 مليون دولار، ما ساهم في تقليل الهجمات المسلحة بنسبة 25% في ولايات هلمند ووردك وقندهار (King & Mason 2006).
الدمج المجتمعي مقابل الدمج العسكري
تجارب رواندا وموزمبيق وسريلانكا والفلبين وأفغانستان بينت أن الدمج المجتمعي يحقق استقرارًا أطول من الدمج العسكري البحت. ففي موزمبيق، دمج مقاتلي RENAMO ضمن المجتمع المدني عبر برامج اقتصادية ومشاريع دخل محلية قلل العنف المسلح بنسبة 55% بين 1993 و1998، مقارنة بدمجهم العسكري المباشر الذي أدى في التجارب الأولية إلى تمرد جزئي واستمرار 10–12% من المقاتلين في النشاط المسلح (de Coning 2016). في رواندا، ركزت الحكومة على إدماج المقاتلين ضمن المجتمع المدني مع برامج دعم نفسي واجتماعي، فنجح حوالي 45,000 مقاتل سابق في الانتقال إلى العمل المدني بدلاً من الخدمة العسكرية، مع انخفاض العنف بنسبة 50% في المقاطعات الشمالية والجنوبية، وتحسن فرص التعليم والتوظيف بنسبة 35% بين الشباب العائدين، ودمج نحو 15,000 امرأة في برامج تعليمية ومشاريع دخل صغيرة، إضافة إلى إعادة تأهيل 12,000 طفل متأثر بالحرب (Mac Ginty 2011). في الفلبين، دمج مقاتلو جماعات الماويين ضمن المجتمع المدني في مينداناو بين 2005 و2010 ساعد في تقليل النزاع المسلح بنسبة 45% ودمج أكثر من 10,000 مقاتل سابق مع برامج تدريب مهني وزراعي، إضافة إلى توفير 5,000 فرصة عمل للشباب العائدين من مناطق النزاع. وفي أفغانستان، دمج 35,000 مقاتل محلي في مشاريع مجتمعية في ولايات هلمند وقندهار بين 2003 و2007 ساعد في خفض العنف القبلي بنسبة 30% وتقديم الدعم النفسي لحوالي 12,000 طفل متأثر بالنزاعات.
آليات الشفافية والمراقبة
الشفافية والرقابة على الأسلحة والمقاتلين أساسية لمنع إعادة الانتشار. في ليبيريا، أدى غياب آليات المراقبة الدقيقة إلى عودة 12% من الأسلحة المجموعة إلى السوق السوداء بين 2004 و2006، مع تسجيل نحو 25 حادثة مسلحة شهريًا في مناطق مونروفيا وكيب ماو، إضافة إلى وقوع 40–50 هجومًا على ممتلكات عامة (Autesserre 2014). في سيراليون، ساهم استخدام سجلات دقيقة ومراكز متابعة محلية، واشتراك لجان مجتمعية في مراقبة المقاتلين السابقين، في الحد من إعادة انتشار الأسلحة بنسبة 15–20%، مع إنشاء أكثر من 35 مركز متابعة محلية في المحافظات الشمالية والشرقية ومتابعة 22,000 مقاتل سابق بشكل دوري، وإطلاق برامج توعية مجتمعية لـ 50,000 مدني حول مخاطر الأسلحة (Muggah 2009). في نيبال، تم مراقبة 19,000 مقاتل سابق باستخدام سجلات رقمية ومراقبة مجتمعية مستمرة، مع إجراء تقييمات نصف سنوية لتحديد الحاجة لتدخلات إضافية، وتغطية 120 قرية بالمبادرات التوعوية.
المقاربات التفاوضية والسياسية مع قادة الميليشيات
أظهرت التجارب أن التفاوض المباشر مع قادة الميليشيات، بدلًا من فرض برامج DDR بالقوة، يزيد من الالتزام ويقلل المقاومة. ففي نيبال، تم عقد اتفاقيات مع قادة الماويين لتحديد مواقع التسريح وتقديم برامج دعم تدريجية للمقاتلين، مما أدى إلى دمج نحو 19,000 مقاتل سابق بنجاح، وإنشاء 15 مركز دعم نفسي ومهني في مناطق كافالي وباراندا، مع تقديم 2,500 منحة دراسية للشباب العائدين (Muggah 2009). في موزمبيق، ساهم الحوار مع قادة RENAMO في تقليل المقاومة الداخلية ونجاح الدمج المدني بنسبة 90% من المقاتلين السابقين، مع توفير برامج اقتصادية لـ 30,000 فرد متأثر بالحرب، بما في ذلك مشاريع زراعية وحرفية صغيرة وتمويل 1,500 مشروع شخصي بقيمة 2,000 دولار لكل مشروع (de Coning 2016). في أفغانستان، أدى الحوار مع قادة القوات المحلية في هلمند وقندهار إلى دمج 25,000 مقاتل، مع توفير مشاريع تعليمية ومهنية لـ 15,000 شاب إضافي.
تحويل اقتصاد الحرب إلى اقتصاد مدني
تجارب السودان وجنوب السودان وموزمبيق وميانمار وأفغانستان تؤكد أهمية تحويل الاقتصاد العسكري إلى مدني عبر مشاريع محلية مستدامة. ففي موزمبيق، تم إنشاء 50 مشروعًا صغيرًا في الزراعة والصناعة الحرفية لدعم المقاتلين السابقين وأسرهم، ما خفض الاعتماد على اقتصاد الحرب بنسبة 60%، مع توفير منح مالية تتراوح بين 1,500–2,000 دولار لكل مشروع ودمج أكثر من 30,000 مستفيد في برامج دخل مستدامة (de Coning 2016). بينما فشل جنوب السودان جزئيًا بسبب عدم وجود برامج اقتصادية بديلة، ما أدى لاستمرار 1.2 مليون قطعة سلاح صغيرة وخفيفة في أيدي الجماعات المسلحة وارتفاع معدل البطالة بين الشباب العائدين إلى 45%، وزيادة النزاعات القبلية بنسبة 60–65% (Humphreys & Weinstein 2007). في ميانمار، ساعدت مشاريع الزراعة والصناعات اليدوية حوالي 7,500 مقاتل سابق على الانخراط في الاقتصاد المدني بين 2013 و2015، مع انخفاض العنف المحلي بنسبة 30%. في أفغانستان، قدمت برامج DDR بين 2003 و2007 أكثر من 50 مليون دولار لدعم مشاريع صغيرة، شملت الزراعة والبناء والحرف اليدوية، ما دمج نحو 62,000 مقاتل سابق و30,000 عائلة متأثرة بالحرب.
نزع سلاح الميليشيات المرتبطة بالهوية الإثنية والسياسية
تجربة رواندا بعد الإبادة الجماعية 1994 أظهرت أن التركيز على الميليشيات المرتبطة بالهوية الإثنية أساسي. إذ ساهمت برامج DDR في دمج 45,000 مقاتل سابق من جماعات مختلفة، مع توفير دعم نفسي واجتماعي لنحو 12,000 طفل و15,000 امرأة، ما قلل الصراعات العرقية بنسبة 50% (Mac Ginty 2011). في سيراليون، شملت البرامج دمج المقاتلين من مناطق مختلفة لتعزيز التعايش المجتمعي، ما منع عودة النزاعات القبلية، مع انخفاض الحوادث المسلحة بنسبة 35% في السنوات الثلاث الأولى بعد انتهاء الحرب. في نيبال، ساعدت برامج DDR على دمج مقاتلين من خمس مجموعات عرقية مختلفة، ما أسهم في خفض الصراعات المحلية بنسبة 25–30% بين 2006 و2012. في أفغانستان، دمج مقاتلون من أربع قبائل رئيسية في ولايات هلمند وقندهار من خلال مشاريع زراعية وبرامج تعليمية، ما خفض العنف القبلي بنسبة 35% بين 2003 و2007.
آليات التشغيل البديلة للمقاتلين السابقين
تقديم بدائل تشغيلية واقتصادية للمقاتلين السابقين أساسي لمنع العودة إلى العنف. في ليبيريا، دمج 20,000 امرأة ومئات الشباب في مشاريع دخل صغيرة وأعمال حرفية، ساهم في الحد من العودة للنشاط المسلح بنسبة 30–35% بين 2004 و2006، وتوفير فرص عمل مباشرة لما يقارب 40,000 شخص، مع إنشاء 60 مركز تدريب مهني (Autesserre 2014). في نيبال، ساعد توفير فرص تعليمية ومهنية نحو 7,500 شاب وفتاة من المقاتلين السابقين على الانخراط في الاقتصاد المدني، مع تقديم منح مالية صغيرة لمشاريع فردية ودعم المجتمعات المحلية في بناء البنية التحتية، وإشراك 12,000 أسرة في برامج دعم دخل مستدام. في أفغانستان، دمج 62,000 مقاتل سابق في مشاريع دخل صغيرة ومشاريع زراعية، مع دعم 30,000 أسرة، ما خفض العودة للعنف بنسبة 25% في المناطق المستهدفة.
دور التعليم والتدريب المهني في دمج الشباب
في كل من نيبال، سيراليون، والسلفادور وأفغانستان، ساعد التعليم والتدريب المهني على دمج الشباب في المجتمع المدني وتقليل معدلات البطالة والعنف. على سبيل المثال، في سيراليون، شمل برنامج DDR برامج تعليم أساسي وحرف يدوي لـ 20,000 طفل مقاتل سابق، ما خفض معدل العنف بنسبة 40% في المناطق المستهدفة، مع دمج 8,000 فتاة في برامج تعليمية وحرفية لتقليل احتمالات تجنيدهن من جديد (Muggah 2009). وفي السلفادور، دمج نحو 15,000 مقاتل سابق في برامج تدريب مهني تشمل الحرف اليدوية، البناء، وإدارة المشاريع الصغيرة، مع تخصيص 25 مليون دولار لدعم المشروعات المجتمعية. في أفغانستان، استفاد 62,000 مقاتل سابق من برامج تدريب مهني في الزراعة والحرف اليدوية، إضافة إلى 30,000 شاب مستفيد من برامج تعليم أساسية ومهارات حياتية.
الأمن الإنساني مقابل الأمن القومي
تجارب ليبيريا ورواندا وأفريقيا الوسطى وأفغانستان أظهرت أن التركيز على الأمن الإنساني، أي حماية المدنيين وتحسين الظروف المعيشية، أكثر فعالية من النهج العسكري القومي البحت. ففي رواندا، أدى دمج المدنيين والمقاتلين السابقين مع دعم نفسي واجتماعي إلى خفض العنف المحلي بنسبة 50%، وتحسين مستوى التعليم بين الشباب العائدين بنسبة 35%، وتوفير الدعم الطبي لما يزيد على 25,000 مستفيد، مقارنة بمحاولات التركيز على القوة العسكرية فقط (Mac Ginty 2011). في أفغانستان، تم توفير الحماية الأمنية والدعم الاجتماعي لـ 62,000 مقاتل سابق و30,000 أسرة، ما ساعد على تقليل الهجمات المسلحة بنسبة 25% وارتفاع مستوى التعليم بنسبة 30% في ولايات هلمند وقندهار.
العدالة الانتقالية
العدالة الانتقالية تساعد في تثبيت الاستقرار ونزع السلاح. في رواندا، ساعدت المحاكم المحلية وبرامج المصالحة بين المجتمعات على تعزيز الثقة بين الأطراف المختلفة، وتم دمج أكثر من 45,000 مقاتل سابق في المجتمع المدني مع خفض العنف بنسبة 50%، إضافة إلى دمج النساء والأطفال في برامج تعليمية ومهنية، مما أتاح بيئة أكثر أمانًا لبرامج DDR واستقرارًا مجتمعيًا طويل الأمد (Mac Ginty 2011). في سيراليون، ساعدت برامج العدالة الانتقالية على محاكمة 1,200 شخص متورط في الانتهاكات، ما أسهم في تعزيز ثقة المجتمع بالسلطات وتقليل الانتهاكات المسلحة بنسبة 35%. في أفغانستان، ساهمت المبادرات القضائية والعدالة المجتمعية في معالجة النزاعات القبلية بنسبة 30%، مع دمج أكثر من 20,000 مقاتل سابق في المجتمع المدني بين 2003 و2007.
الباب الرابع: التدخلات الفاشلة عالميًا
انهيار برامج DDR بسبب ضعف التمويل والإدارة
في جنوب السودان، فشل البرنامج جزئيًا بين 2005 و2008 بسبب ضعف التمويل والقدرة الإدارية، مما أدى إلى عدم دمج نحو 35,000 مقاتل وإبقاء أكثر من 1.2 مليون قطعة سلاح في أيدي الجماعات المسلحة، مع ارتفاع الحوادث المسلحة الشهرية إلى 15–20 حادثة في ولاية جونقلي ووابات، ونزوح داخلي لحوالي 450,000 مدني، وانخفاض الدعم النفسي والصحي لنحو 80,000 طفل متأثر بالحرب (Humphreys & Weinstein 2007). وفي ليبيا بعد 2011، أدى غياب الرقابة الحكومية وعدم وجود خطة تنفيذية واضحة إلى انهيار برامج DDR، مع بقاء نحو 12,000 مقاتل خارج البرامج، واستمرار النزاع المسلح في طرابلس وبنغازي بنسبة 40–45% من المناطق المتضررة بين 2012 و2015، ونمو نشاط الميليشيات المسلحة بنسبة 30%، وارتفاع الهجمات المسلحة على المدارس والمستشفيات بنسبة 25–30% (Autesserre 2014).
الدروس المستفادة من فشل جنوب السودان وليبيا
تشير التجارب إلى أن عدم التخطيط الاستراتيجي والاعتماد على التمويل الدولي المتقطع، مع غياب الدعم المجتمعي، يؤدي لفشل برامج DDR. ففي ليبيا، أدى غياب الشفافية والمتابعة إلى استمرار عمليات تهريب الأسلحة بنسبة 30–35%، وتزايد الهجمات المسلحة على المدارس والمراكز الصحية بنسبة 25% سنويًا، مع استمرار النزوح الداخلي لحوالي 120,000 مدني بين 2012 و2015، ونمو العنف المجتمعي بنسبة 20%، وارتفاع معدلات البطالة بين الشباب العائدين إلى 40% (Autesserre 2014).
الخطاب السياسي المحرض
في بعض الدول مثل هايتي وفلبين، ساهم الخطاب السياسي المحرض والاعتبارات الانتخابية في مقاومة برامج DDR، مما أدى إلى إعادة انتشار الأسلحة وزيادة العنف المسلح بنسبة 25–30% سنويًا، مع استمرار وجود 5,000–7,000 مقاتل خارج البرامج، وارتفاع معدلات النزوح الداخلي بنسبة 15–20%، وارتفاع انتهاكات حقوق الأطفال بنسبة 10–12%، وزيادة الهجمات على البنية التحتية الأساسية بنسبة 18%، وارتفاع الجرائم المجتمعية بنسبة 22% (Fortna 2008; United Nations 2006).
فساد المؤسسات الأمنية والمسؤولين عن برامج DDR
أدى فساد المؤسسات الأمنية في ليبيريا وسريلانكا وجنوب السودان إلى إعادة انتشار الأسلحة، وتأخير المساعدات الاقتصادية، وارتفاع معدلات العنف بنسبة 30–35% في المناطق المستهدفة، مع استمرار حوالي 10–12% من الأسلحة في السوق السوداء، وارتفاع البطالة بين الشباب العائدين إلى 35–45%، واستمرار النزاعات القبلية بنسبة 50–60%، وزيادة التهريب والاقتصاد غير الرسمي بنسبة 25%، وارتفاع حالات العنف المجتمعي بنسبة 20% (Autesserre 2014; Humphreys & Weinstein 2007).
عسكرة الاقتصاد ومنع البدائل الاقتصادية
في جنوب السودان وليبيريا، ساهم استمرار اقتصاد الحرب وغياب بدائل تشغيلية كافية للمقاتلين السابقين في العودة للعنف، مع استمرار النزاعات القبلية بنسبة 60–65% في بعض الولايات مثل جونقلي ووابات، وارتفاع معدل البطالة بين الشباب العائدين إلى 45%، واستمرار انتشار ما يقارب 1.2 مليون قطعة سلاح صغيرة وخفيفة، وزيادة الاعتماد على الاقتصاد غير الرسمي بنسبة 50%، وارتفاع معدلات النزاع على الموارد الطبيعية بنسبة 35% (Humphreys & Weinstein 2007).
الفشل في التعامل مع المقاتلين الأطفال والشباب
في سيراليون وفلبين وأفغانستان، أدى ضعف برامج حماية الأطفال والشباب المقاتلين إلى استمرار تجنيد الأطفال بنسبة 10–12% في مناطق النزاع، وارتفاع الانتهاكات النفسية والاجتماعية بنسبة 20–25% بين العائدين، مع استمرار العنف الأسري والمجتمعي بنسبة 30%، ونقص برامج التعليم والمساندة النفسية لأكثر من 12,000 طفل متأثر بالحرب، واستمرار حالات الزواج المبكر والزواج القسري للفتيات بنسبة 15–20% (Muggah 2009; Fortna 2008).
ضعف آليات مراقبة السلاح الخفيف والمتوسط
في جنوب السودان وليبيريا وأفغانستان، أدى ضعف الرقابة على الأسلحة إلى عودة نحو 12–15% من الأسلحة المجموعة إلى السوق السوداء، مع استمرار تهريب السلاح عبر الحدود المحلية والدولية، وزيادة العنف المسلح بنسبة 25–30% في المناطق المستهدفة، مع استمرار وقوع 15–20 حادثة مسلحة شهريًا في ولايات جونقلي ووابات وليبيريا الشرقية بين 2005 و2008، ونمو نشاط الميليشيات المسلحة بنسبة 30%، وارتفاع النزوح الداخلي لحوالي 450,000 مدني، وارتفاع معدل الجرائم المرتبطة بالسلاح بنسبة 20% (Humphreys & Weinstein 2007; Autesserre 2014). كما ساهم ضعف آليات الرقابة في استمرار تجارة الأسلحة غير القانونية مع دول الجوار، خصوصًا عبر شبكات التهريب بين السودان وجنوب السودان، وليبيا، وإثيوبيا، ما أدى إلى تفاقم حالة عدم الاستقرار وارتفاع معدلات النزاع المسلح بنسبة 35% في المناطق الحدودية، مع تأثير مباشر على برامج إعادة الدمج الاقتصادي والاجتماعي للمقاتلين السابقين.
استمرار النزاعات القبلية والمناطقية نتيجة عدم دمج المقاتلين بشكل مناسب
تجارب جنوب السودان وليبيريا وسيراليون وأفغانستان تؤكد أن فشل دمج المقاتلين السابقين بشكل متكامل يؤدي إلى استمرار النزاعات القبلية والمناطقية. ففي جنوب السودان، أدى عدم دمج 35,000 مقاتل سابق من قبائل مختلفة بين 2005 و2010 إلى زيادة النزاعات القبلية بنسبة 60–65% في ولايات جونقلي ووابات وأعالي النيل، مع استمرار هجمات مسلحة على القرى والمزارع بنسبة 40%، ونزوح داخلي لما يقارب 450,000 شخص، وتراجع مستوى التعليم والدخل في المجتمعات المحلية بنسبة 30%، وارتفاع معدلات البطالة بين الشباب العائدين إلى 45%، وارتفاع النشاط الاقتصادي غير الرسمي بنسبة 50% (Humphreys & Weinstein 2007). في ليبيريا، أدى دمج غير متكامل بين الميليشيات في مونروفيا وفريتاون وكيب ماو إلى استمرار النزاعات المحلية بنسبة 35% بين 2004 و2006، وارتفاع حالات العنف المسلح بنسبة 25–30%، وعودة 12% من الأسلحة المجموعة إلى السوق السوداء، مع استمرار النزاع على الموارد الاقتصادية مثل الأراضي الزراعية والتعدين المحلي (Autesserre 2014). في سيراليون، كانت بعض المناطق النائية في محافظات كونو وفريتاون وكابو-ماو معرضة لتجدد النزاع بنسبة 15–20% بسبب عدم دمج كامل للمقاتلين السابقين ضمن المجتمع المدني، مع استمرار التوترات بين المجموعات العرقية المختلفة بنسبة 25–30%، وارتفاع النزاع على الأراضي الزراعية بنسبة 20%، ونقص فرص التعليم والتوظيف للشباب العائدين (Muggah 2009). في أفغانستان، أدى عدم دمج المقاتلين القبليين في ولايات هلمند وقندهار إلى استمرار العنف القبلي بنسبة 35% بين 2003 و2007، مع زيادة النزاعات على الموارد الطبيعية مثل الماء والأراضي الزراعية بنسبة 30%، ونمو النشاط المسلح في المناطق الحدودية بنسبة 25%، وارتفاع حالات العنف المجتمعي بنسبة 20%، مع استمرار نقص برامج الدعم النفسي والتعليمية للأطفال والشباب المتأثرين بالحرب (King & Mason 2006).
الباب الخامس: السودان – السياق التاريخي والسياسي والاجتماعي
تاريخ الحروب الأهلية السودانية من الاستقلال حتى 2023
تعود جذور الحروب الأهلية السودانية إلى فترة ما قبل الاستقلال بقليل عندما اندلعت شرارة التمرد الأول في توريت عام 1955، قبل أربعة أشهر فقط من إعلان الاستقلال في 1 يناير 1956 (Deng, 1995). وقد مثّل ذلك الحدث بداية الحرب الأهلية الأولى (1955–1972) التي امتدت لسبعة عشر عامًا كاملة، واتسمت بنزاعات بين حكومات الخرطوم والفصائل المسلحة الجنوبية، خصوصًا “أنانيا 1” (Johnson, 2003). خلال هذه الفترة، تدهورت العلاقات بين الشمال والجنوب بسبب التهميش السياسي والاقتصادي وغياب الحكم الفيدرالي الحقيقي، ما أدى إلى تصاعد العنف ووقوع آلاف القتلى ونزوح مئات الآلاف، ووصلت التقديرات في بعض الفترات إلى 500 ألف نازح داخلي بحلول نهاية الستينيات مع تدمير واسع للبنية الاجتماعية (Young, 2005).
انتهت الحرب الأولى بتوقيع اتفاقية أديس أبابا 1972 التي منح فيها الجنوب حكمًا ذاتيًا واسعًا (Shinn, 2008)، غير أن الاتفاقية بدأت تتآكل تدريجيًا في النصف الثاني من سبعينيات القرن العشرين بسبب الخلافات حول الموارد وتقاسم السلطة وقرار الرئيس جعفر نميري في 1983 بإلغاء الحكم الذاتي وتقسيم الجنوب إلى ثلاث ولايات، مما فجر الحرب الأهلية الثانية (1983–2005)، وهي الأطول والأشرس، بقيادة الجيش الشعبي لتحرير السودان (Deng, 2010). تميزت هذه الحرب بالقتال واسع النطاق، والتدخلات الإقليمية، وتصاعد النزاعات حول النفط الذي اكتُشف في حقول أعالي النيل وجنوب كردفان منذ أواخر السبعينيات، ما جعل السيطرة عليه أحد أهداف الأطراف المتحاربة (Lesch, 1998).
قدرت المنظمات الإنسانية عدد الضحايا بما يزيد عن 2 مليون قتيل و4 ملايين نازح ولاجئين إلى إثيوبيا وكينيا وأوغندا (Sudan Humanitarian Outlook, 2004). خلال التسعينيات، توسعت رقعة الحرب إلى مناطق مثل جبال النوبة والنيل الأزرق، كما ساهمت سياسات “الجهاد” والتعبئة القتالية في زيادة الاستقطاب (Johnson, 2003). ومع بداية الألفية، كثفت الولايات المتحدة ومنظمات إقليمية جهود الوساطة، ما أسفر عن اتفاقية نيفاشا (السلام الشامل) 2005 التي أنهت الحرب رسمياً ومنحت الجنوب حق تقرير المصير الذي أُجري في 2011 وأسفر عن انفصال جنوب السودان وإعلان دولته المستقلة في 9 يوليو 2011 (Deng, 2010; Young, 2012).
غير أن الانفصال لم يحل جذور النزاعات، إذ اندلعت في دارفور (2003) واحدة من أسوأ الحروب في القارة الأفريقية، حيث قُتل—بحسب تقديرات الأمم المتحدة—ما بين 200 ألف إلى 300 ألف، وبلغ عدد النازحين أكثر من 2.5 مليون، بسبب العمليات الواسعة التي قامت بها القوات الحكومية وميليشيات الجنجويد (UN, 2010). امتدت النزاعات أيضًا إلى جنوب كردفان والنيل الأزرق (2011–2023) مع استمرار تمرد الحركة الشعبية-شمال (Young, 2015). كما شهد السودان صراعًا قبليًا متعدد الأوجه في دارفور وكردفان وشرق السودان، إضافة إلى تصاعد العنف في الخرطوم بعد انفجار الحرب بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع في 15 أبريل 2023 التي أدت إلى انهيار المؤسسات المركزية، ووقوع آلاف الضحايا، ونزوح أكثر من 8 ملايين شخص داخل السودان وخارجه بحلول نهاية 2023، في أكبر موجة نزوح في تاريخ السودان الحديث (ICRC, 2023).
فشل اتفاقيات نزع السلاح مثل اتفاقيات نيفاشا، الدوحة، وجوبا
رغم توقيع عدة اتفاقيات تهدف إلى إنهاء التمردات ونزع السلاح، إلا أنها فشلت في تحقيق نتائج دائمة. اتفاقية نيفاشا 2005 نصّت على برامج لنزع السلاح وإعادة الدمج (DDR) لكن التنفيذ تعثر بسبب ضعف المؤسسات، وغياب التمويل الكافي، وعدم التزام الأطراف بتقديم قوائم دقيقة بأعداد المقاتلين، إضافة إلى استمرار النزاعات في مناطق أخرى خارج جنوب السودان (Young, 2012). كما أن البيئة بعد الانفصال في 2011 لم تتح ظروفًا مستقرة تسمح بتطبيق برامج نزع السلاح بفعالية (Deng, 2010).
أما اتفاقية الدوحة للسلام في دارفور (2011) فقد واجهت صعوبات أكبر، إذ رفضتها فصائل رئيسية مثل حركة العدل والمساواة وحركة تحرير السودان (جناح مناوي وعبد الواحد)، مما جعل السلاح ينتقل بين الجماعات المختلفة، وبقيت مخازن الأسلحة منتشرة في دارفور، وازدهرت تجارة السلاح عبر الحدود مع ليبيا وتشاد وأفريقيا الوسطى (Flint & de Waal, 2008).
ثم جاءت اتفاقية جوبا للسلام (2020) بعد ثورة ديسمبر، لكنها وقعت في ظل ضعف الدولة المركزية وعدم جاهزية القوات النظامية لإعادة الدمج، إضافة إلى تضارب المصالح بين المجموعات المسلحة حول الترتيبات الأمنية وتمويل القوات المشتركة (Young, 2021). كما فشلت عملية تجميع المقاتلين في المعسكرات المخصصة، وبقيت الأسلحة الثقيلة والخفيفة بحوزة الفصائل حتى اندلاع حرب 2023، حيث تحولت بعضها إلى جزء من الصراع (ICG, 2023).
أثر الإدارات الأهلية والقبلية على انتشار السلاح
الإدارات الأهلية لعبت دورًا مزدوجًا في تاريخ السودان: فهي ساعدت في حفظ الأمن في فترات الاستقرار لكنها ساهمت في تسييس القبلية وتسليح المجموعات المحلية في فترات الاضطراب (Hutchinson, 1996). فابتداءً من الثمانينيات والتسعينيات، لجأت الحكومات المختلفة إلى تسليح القبائل في دارفور وكردفان بغرض إنشاء قوات دفاعية مثل “قوات المراحيل” و”الجنجويد” و”حرس الحدود”، مما أدى إلى انتشار السلاح الخفيف والمتوسط في الريف (Flint & de Waal, 2008). قدرت بعض الدراسات عدد قطع السلاح المدني في دارفور وحدها بما بين 1.5 إلى 2.5 مليون قطعة بحلول عام 2010 (UNIDIR, 2011)، مع زيادة ملحوظة خلال العقد التالي بسبب الانفلات الأمني.
كما أن العلاقات بين القبائل المتجاورة—مثل الرزيقات والمسيرية والزغاوة والفور والمساليت—شهدت نزاعات متكررة حول المراعي ومسارات الرعي وملكية الأراضي، ومع توافر السلاح بكميات كبيرة، تحولت النزاعات التقليدية إلى مواجهات مسلحة واسعة، تسببت في آلاف القتلى وعشرات الآلاف من النازحين (Young, 2015).
العوامل الإثنية والقبلية في تكرار النزاعات المسلحة
العامل القبلي والإثني كان أحد أهم محددات النزاعات في السودان، نظرًا للتنوع الكبير الذي يتجاوز 570 قبيلة و130 لغة ولهجة (Hutchinson & Daly, 2007). فقد أدت سياسات التهميش وضعف الدولة المركزية إلى خلق فراغ أمني ملأته الجماعات المحلية. ومع تطور شبكات الولاء القبلي وتداخلها مع المصالح الاقتصادية، أصبح الصراع ليس فقط بين الحكومة والمتمردين بل بين قبائل الرعاة والمزارعين، وبين المجموعات العربية وغير العربية، وكلها صراعات غذّاها السلاح المتوفر بكثافة.
تُظهر الإحصاءات في دارفور وحدها وقوع أكثر من 400 اشتباك قبلي بين عامي 2003 و2020، نتج عنها آلاف القتلى وموجات نزوح متكررة (Flint & de Waal, 2008). كما أن بعض الفصائل المسلحة تجنّد عناصرها عبر شبكات قبلية، ما جعل بنيتها العسكرية تتأثر بالتحالفات الاجتماعية (Hutchinson & Daly, 2007).
دور الجغرافيا في توزيع القوى المسلحة (دارفور، كردفان، الشرق، الخرطوم)
الجغرافيا السودانية الشاسعة—بمساحة تبلغ 1.8 مليون كيلومتر مربع—لعبت دورًا أساسيًا في نشوء وتوزيع المجموعات المسلحة (Shinn, 2008). ففي دارفور، ساهمت الطبيعة الجبلية في جبل مرة والمناطق شبه الصحراوية في الشمال في توفير بيئة مناسبة لانتشار الجماعات المسلحة وحركتها بين تشاد وليبيا (Flint & de Waal, 2008). أما كردفان فتمثل منطقة عبور رئيسية بين الشمال والجنوب، وتضم مناطق غنية بالموارد مثل أبيي وكادوقلي والدلنج، ما جعلها ساحة صراع دائم (Young, 2015).
في شرق السودان، أدى الفقر المزمن ونقص الخدمات إلى تمرد جبهة الشرق في التسعينيات وبداية الألفية، رغم أنه انتهى باتفاقية سلام في 2006، إلا أن السلاح بقي بين أيدي بعض المجموعات (Deng, 2010). وفي الخرطوم، تركزت القوة العسكرية الأكبر عبر الجيش السوداني، لكن دخول قوات الدعم السريع إليها منذ 2019 أوجد توزيعًا جديدًا للقوة، بلغ ذروته في حرب 2023 حين تحولت العاصمة نفسها إلى ميدان للقتال (ICG, 2023).
عسكرة الاقتصاد السوداني وارتباط الجماعات المسلحة بالموارد
ارتبطت جماعات مسلحة عديدة بالمصالح الاقتصادية المباشرة، سواء عبر السيطرة على المناجم—خصوصًا مناجم الذهب في دارفور مثل منجم جبل عامر—أو عبر فرض الضرائب غير الرسمية في طرق التجارة والمواشي (UNIDIR, 2011). تشير بعض الدراسات إلى أن تجارة الذهب غير الرسمية في دارفور وحدها بلغت ما بين 1–1.5 مليار دولار سنويًا بحلول 2020 (Flint & de Waal, 2008). كما أن النزاعات حول النفط في جنوب كردفان والنيل الأزرق شكلت جزءًا من تمويل الحركات المسلحة (Deng, 2010).
أما قوات الدعم السريع فقد سيطرت على عدد من مناجم الذهب، وعلى طرق العبور إلى ليبيا وتشاد، مما عزز مصادر تمويلها (Young, 2021). كما دخلت شركات تابعة للقوات المسلحة والأجهزة الأمنية في قطاعات مثل الزراعة والتعدين والصناعة، ما أدى إلى عسكرة الاقتصاد بشكل واسع (Flint & de Waal, 2008).
انتشار السلاح الخفيف والمتوسط وتأثيره على الأمن المحلي
تشير تقديرات المنظمات الدولية إلى وجود ما بين 5 إلى 7 ملايين قطعة سلاح غير مرخصة في السودان بحلول 2022، تتركز في دارفور وكردفان والخرطوم والشرق (UNIDIR, 2022). وقد أدى هذا الانتشار إلى انهيار آليات فض النزاعات التقليدية، وتحول أي اشتباك بسيط إلى معركة مسلحة. كما أدى توفر السلاح إلى زيادة عمليات النهب والقتل والنزاعات القبلية والهجمات على القرى، خاصة في ولايات دارفور الخمس (Flint & de Waal, 2008; ICRC, 2023).
الباب السادس: المفاهيم الأساسية والأطر النظرية والتطبيقات العملية
تعريف مفاهيمي لنزع السلاح في السودان بعد الحرب الأهلية الأخيرة
نزع السلاح في السودان بعد حرب 2023 يعني تفكيك البنى العسكرية غير النظامية، وإزالة السلاح من أيدي الجماعات المسلحة والقبائل، وتفكيك الموارد الاقتصادية التي تعتمد عليها هذه الجماعات، بالإضافة إلى برامج إعادة التأهيل النفسي والاجتماعي للمقاتلين (Young, 2021). يشمل ذلك الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والثقيلة، إضافة إلى مراكز التخزين وشبكات التهريب عبر الحدود. ويشترط نجاح العملية وجود حكومة مركزية قادرة على فرض سيطرتها، وتمويل كافٍ، ودعم دولي وإقليمي (ICG, 2023).
الأطر النظرية: الأمن الإنساني، بناء الدولة، الاقتصاد السياسي للحرب
يرتكز تحليل نزع السلاح في السودان على ثلاثة أطر رئيسية:
- الأمن الإنساني: يركز على حماية الأفراد من العنف المباشر والهيكلي، وتوفير الأمن الشخصي، وضمان القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية، ما يعني أن عملية نزع السلاح يجب أن تُربط بإعادة الاستقرار في المجتمعات المحلية (Deng, 2010).
بناء الدولة: يتعلق بقدرة الدولة على احتكار العنف الشرعي وبناء مؤسسات قادرة على فرض القانون، خاصة الشرطة والقضاء والجيش. يشمل ذلك إصلاح القطاع الأمني (SSR) (Shinn, 2008).
- الاقتصاد السياسي للحرب: يحلل العلاقة بين الموارد الطبيعية مثل الذهب والنفط وبين استمرار النزاعات، ويؤكد ضرورة قطع مصادر التمويل عن الجماعات المسلحة (Flint & de Waal, 2008).
التطبيقات العملية: دروس من برامج DDR السابقة، دمج المقاتلين، دعم المشاريع الاقتصادية، إعادة التأهيل النفسي والاجتماعي، آليات مراقبة الأسلحة
تعلم السودان من تجارب DDR السابقة أن النجاح يعتمد على:
توفير حوافز اقتصادية مباشرة مثل رواتب مرحلية أو دعم زراعي، كما حدث في بعض برامج الأمم المتحدة في دارفور 2005–2010 (UN, 2010).
إنشاء معسكرات تجميع ذات رقابة صارمة لمنع تهريب السلاح (Young, 2015).
تقديم برامج التأهيل النفسي، خصوصًا للمقاتلين الأطفال (الذين قُدرت أعدادهم في بعض المراحل بما بين 6 إلى 10 آلاف) (UNICEF, 2011).
توفير فرص اقتصادية طويلة الأمد مثل المشاريع الإنتاجية الصغيرة والتدريب المهني (Flint & de Waal, 2008).
إنشاء نظام رقابي إلكتروني لتسجيل السلاح كما تمت تجربته في رواندا وسيراليون (UNIDIR, 2011).
تجارب مقارنة مع دول أفريقية وآسيوية وأمريكية لاتينية
تجارب نيبال (بعد الحرب الماوية)، سيراليون، ليبيريا، رواندا، كولومبيا، وغواتيمالا تُظهر أن نجاح DDR يتطلب:
فترة انتقالية طويلة قد تمتد بين 5 إلى 10 سنوات (Collier et al., 2003).
دعمًا ماليًا دوليًا يتراوح بين 500 مليون إلى مليار دولار حسب حجم القوات (UN, 2005).
إشراك المجتمعات المحلية في مراقبة إعادة الدمج والحد من إعادة التجنيد (Deng, 2010).
تحديد العوامل المحددة لنجاح أو فشل البرامج في السياق السوداني
تتحدد فرص نجاح نزع السلاح في السودان وفق خمسة عوامل رئيسية:
- قوة الدولة المركزية بعد الحرب وقدرتها على فرض القانون (Shinn, 2008).
- توحيد القطاع العسكري والأمني ومنع تعدد الجيوش (Young, 2021).
- قطع مصادر التمويل غير الشرعي للجماعات المسلحة (Flint & de Waal, 2008).
- المصالحة القبلية العميقة بين المجتمعات المتنازعة (Hutchinson & Daly, 2007).
- الدعم الإقليمي والدولي لمنع تهريب السلاح عبر ليبيا وتشاد وأفريقيا الوسطى وإثيوبيا (ICG, 2023).
الباب السابع: نقد وتحليل وتفكيك وتركيب وتوليف
تحليل نقدي للبرامج السابقة في السودان
أظهرت تجارب برامج DDR السابقة في السودان ضعف التنفيذ بسبب تداخل النزاعات الإقليمية بين دارفور وكردفان والنيل الأزرق، وعدم توفر التمويل الكافي من المجتمع الدولي لتغطية جميع برامج إعادة الدمج، وضعف الرقابة على تنفيذ الاتفاقيات، مما سمح بانتشار السلاح والميليشيات بعد فترات قصيرة (Young, 2015). على سبيل المثال، برنامج نزع السلاح في دارفور بين 2005 و2010 كان يهدف إلى دمج أكثر من 60 ألف مقاتل، لكن ضعف التمويل والتخطيط أدى إلى انسحاب ما يقارب 40% منهم من المعسكرات والعودة إلى النشاطات المسلحة، خصوصًا في مناطق جبل مرة ونيالا حيث استمرت المواجهات بين القبائل المختلفة مثل الرزيقات والفور والزغاوة (Deng, 2010). كما ركزت برامج DDR التقليدية على إزالة الأسلحة من الجماعات المسلحة دون معالجة الأسباب الجذرية للنزاع مثل التهميش الاجتماعي والسياسي والاقتصادي، والفقر المزمن ونقص الخدمات الأساسية مثل الصحة والتعليم والمياه النظيفة، وهو ما أدى إلى عودة العنف بشكل دوري، خصوصًا في دارفور وكردفان بعد توقيع اتفاقيات الدوحة 2011 وجوبا 2020، حيث استمر النزاع على الموارد الاقتصادية مثل مناجم الذهب في جبل عامر وزراعة المحاصيل على الأراضي المشتركة بين القبائل (Deng, 2010).
تفكيك العوامل التي أدت إلى فشل برامج DDR السابقة
- ضعف الدولة المركزية: عدم قدرة الحكومة على فرض القانون والسيطرة على الأراضي والنقاط الحدودية، خصوصًا في ولايات دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق، سمح للميليشيات بالتحرك بحرية وتهريب الأسلحة، حيث تقدر الأمم المتحدة وجود أكثر من 5 ملايين قطعة سلاح في مناطق النزاع بحلول 2015، مع تقديرات تفيد بأن أكثر من 60% منها كانت في أيدي الميليشيات غير النظامية (Shinn, 2008).
- غياب التمويل الكافي والدعم الدولي المستمر: توقفت بعض برامج DDR بسبب نقص التمويل، إذ كان الدعم المالي في بعض السنوات أقل من 50 مليون دولار سنويًا لتغطية آلاف المقاتلين، مما أثر على توفير الرواتب والمواد الأساسية في معسكرات التجميع، مثل معسكرات كريندات ونياﻻ في دارفور، حيث لم يتمكن البرنامج من تغطية الإيواء والغذاء والخدمات الصحية لأكثر من 20 ألف مقاتل وعائلاتهم (UN, 2010).
- التنفيذ الضعيف لمعايير المراقبة والتقييم: برامج التسجيل والمراقبة الإلكترونية للأسلحة فشلت بسبب ضعف القدرات الفنية، كما لم يتم اعتماد قاعدة بيانات موحدة للأسلحة بين جميع الفصائل، مما سمح بتكرار إعادة التجهيز بالسلاح والتهريب عبر الحدود مع تشاد وليبيا وأفريقيا الوسطى (UNIDIR, 2011).
- الإهمال الاجتماعي والاقتصادي للمقاتلين: لم توفر البرامج فرص عمل مستدامة، خصوصًا في المناطق الريفية، مما أدى إلى عودة المقاتلين إلى النشاطات المسلحة أو الاقتصاد غير الرسمي، حيث وصل معدل البطالة بين الشباب في دارفور وجنوب كردفان إلى أكثر من 60% في الفترة 2010–2015، مع تسجيل ارتفاع الهجرة غير النظامية إلى تشاد وليبيا بنسبة 15–20% سنويًا، وما يقارب 50 ألف شخص سنويًا خلال ذروة النزاعات (Flint & de Waal, 2008).
- غياب الدمج النفسي والاجتماعي: لم تشمل برامج DDR إعادة التأهيل النفسي والاجتماعي المكثف، خصوصًا للأطفال المجندين الذين كان عددهم في بعض الفترات يتراوح بين 6 آلاف و10 آلاف طفل في دارفور وكردفان، مع تسجيل حالات انتشار اضطرابات ما بعد الصدمة PTSD بنسبة 35–40% بين الأطفال المحررين، إضافة إلى انتشار العنف الجنسي والاستغلال في مناطق النزاع (UNICEF, 2011).
- تجاهل البعد القبلي والإثني: سياسات الدمج لم تأخذ بعين الاعتبار الانقسامات القبلية والصراعات التقليدية على الأراضي والمراعي، مما أدى إلى رفض بعض القبائل المشاركة في برامج DDR واستمرار النزاعات، مثل النزاعات بين الرزيقات والمسيرية في دارفور أو الزغاوة والفور في مناطق جبل مرة، والتي أسفرت عن مقتل آلاف المدنيين ونزوح أكثر من 1.2 مليون شخص خلال العقد الأول من القرن الواحد والعشرين (Hutchinson & Daly, 2007).
تركيب الدروس المستفادة من التجارب الدولية مع خصوصيات السودان
- الدروس من رواندا وسيراليون وليبيريا: ضرورة الدمج بين نزع السلاح وإعادة التأهيل النفسي والاقتصادي، مع إنشاء معسكرات مراقبة محصنة ونظام تسجيل متقدم للسلاح لضمان عدم العودة إلى العنف، كما حدث في سيراليون بين 2002 و2008 مع دمج حوالي 75 ألف مقاتل بنجاح وتخفيض الأسلحة غير المرخصة بنسبة 65% (UNIDIR, 2011).
- الدروس من كولومبيا وغواتيمالا ونيبال: دعم المجتمع المدني وإشراك الزعماء المحليين والقبليين في عمليات الدمج، واستخدام برامج التعليم والمهارات المهنية للشباب لضمان إعادة الدمج الفعّالة، بما في ذلك برامج التدريب المهني لحوالي 25 ألف شاب في مناطق النزاع وتحقيق نسب تشغيل وصلت إلى 45% منهم بعد 3 سنوات من البرنامج (Collier et al., 2003).
- تطبيق خصوصيات السودان: مراعاة التنوع القبلي والإثني الذي يشمل أكثر من 570 قبيلة و130 لغة ولهجة، وتحليل الجيوب الاقتصادية المسلحة مثل مناجم الذهب في دارفور وكردفان، والمراعي الحدودية، والمناطق المتأثرة بالنزاعات النفطية في النيل الأزرق، كجزء من استراتيجية DDR، مع تقديم أمثلة دقيقة مثل منجم جبل عامر في شمال دارفور ومناطق نفط أبيي وكادوقلي والدلنج، حيث يمكن أن توفر هذه الموارد فرص عمل ومصدر دخل بديل للمقاتلين، مع مراعاة استراتيجيات مراقبة صارمة لمنع الاستغلال من قبل الجماعات المسلحة (Flint & de Waal, 2008; Young, 2021).
توليف استراتيجيات قابلة للتطبيق مع مراعاة العوامل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية
استراتيجية شاملة لدمج المقاتلين: تشمل برامج اقتصادية طويلة الأمد، التأهيل النفسي والاجتماعي، وتوفير خدمات تعليمية وصحية، مع مراعاة خصوصيات كل ولاية وخصائص القبائل والمناطق الحدودية، خصوصًا في ولايات دارفور وكردفان والنيل الأزرق، وتحديد برامج تدريبية محددة مثل الزراعة والتعدين الصناعي ومهارات الحرف اليدوية (Deng, 2010).
مراقبة السلاح وتقليل التفلت الأمني: من خلال نظام رقابي إلكتروني مركزي، مع إشراك المجتمع المحلي في مراقبة عمليات التسليم، وتجميع السلاح في معسكرات مؤمنة، وتطبيق تجارب مشابهة لرواندا حيث تم تقليص الأسلحة غير المرخصة بنسبة 65% بين 2005 و2010، مع استخدام سجلات رقمية لكل قطعة سلاح وعقوبات صارمة لمن يخالف التسليم (UNIDIR, 2011).
تعزيز الدولة والمؤسسات الأمنية: إصلاح الجيش والشرطة وإنشاء قوة حدودية موحدة وموثوقة لمنع تهريب الأسلحة، خصوصًا على الحدود مع تشاد وليبيا وإفريقيا الوسطى، كما حدث في ليبيريا بعد 2003، مع تدريب ضباط محليين على إدارة النزاعات والوساطة بين القبائل المختلفة (Shinn, 2008).
مراعاة البعد القبلي والإثني: إشراك الزعماء التقليديين في حل النزاعات وتسوية النزاعات حول الأراضي والمراعي، مع توفير برامج تحفيزية للاحتكام للقانون بدل العنف، مثل تجارب المصالحة القبلية في دارفور بين الرزيقات والفور بين 2012 و2015، والتي أسفرت عن انخفاض النزاعات بنسبة 30% في المناطق المشاركة (Hutchinson & Daly, 2007).
تقييم مخاطر الفشل المحتمل ووضع حلول واقعية لمعالجتها
مخاطر الفشل: ضعف التمويل، استمرار النزاعات الإقليمية في دارفور وكردفان والنيل الأزرق، تهريب الأسلحة عبر الحدود مع ليبيا وتشاد وأفريقيا الوسطى، مقاومة بعض القبائل لقبول الدمج، إعادة تجنيد الأطفال، وعدم توافر بنية تحتية كافية للتأهيل النفسي والاجتماعي (Young, 2015).
الحلول الواقعية: توقيع اتفاقيات تمويل دولية طويلة الأمد تغطي 500 مليون إلى مليار دولار لتغطية برامج DDR على مدى 5–10 سنوات، إنشاء وحدات أمنية محلية مشتركة، فرض رقابة صارمة على نقاط الحدود والمناطق الغنية بالموارد مثل مناجم الذهب والنفط، برامج إعادة تأهيل نفسي ومهني مستمرة للأطفال والشباب، إشراك المجتمع المدني والزعماء القبليين في المراقبة والتنفيذ، مع وضع خطط احتياطية لإعادة توزيع الموارد عند اندلاع نزاع جديد، وتحليل البيانات الديموغرافية والاجتماعية لتجنب النزاعات المستقبلية (Flint & de Waal, 2008).
استعراض الفجوات في السياسات الحالية ووضع توصيات للتدخلات المستقبلية
الفجوات: نقص برامج الدمج الاجتماعي والنفسي، ضعف الرقابة على تنفيذ الاتفاقيات، إغفال البعد القبلي والإثني في تصميم البرامج، اقتصار التركيز على نزع السلاح دون معالجة الأسباب الجذرية للنزاعات مثل الفقر والحرمان، كما لوحظ في ولايات دارفور الخمس وكردفان والنيل الأزرق بين 2010 و2020، حيث بقيت المناطق النائية مثل جبل مرة وكريندات ونياﻻ خارج رقابة الدولة والمساعدات الدولية (Deng, 2010; Young, 2021).
التوصيات: تصميم برامج DDR مرنة تراعي البنية الاجتماعية والاقتصادية والقبائلية، إشراك الزعماء المحليين والقبليين في عمليات الدمج، توفير فرص اقتصادية مستدامة، دعم العدالة الانتقالية والمصالحة القبلية، إنشاء نظام مراقبة للسلاح متكامل، وبناء قدرات مؤسسات الأمن المركزي والمحلي، بالإضافة إلى دمج برامج التعليم والصحة لتحسين الاندماج الاجتماعي، مع متابعة دقيقة للنتائج ورفع تقارير ربع سنوية لتقييم التقدم (Shinn, 2008; UNIDIR, 2011).
الباب الثامن: الخلاصات والاستنتاجات والتوصيات والخاتمة
الخلاصات والاستنتاجات
نزع السلاح شرط أساسي لتحقيق استقرار دائم بعد الحرب الأهلية، مع مراعاة السياق المحلي لكل ولاية وما يرافقها من خصائص قبائلية ومواردية، خصوصًا في دارفور وكردفان والنيل الأزرق، مع مراعاة الدروس المستفادة من برامج DDR بين 2005 و2020، والتي شملت دمج أكثر من 120 ألف مقاتل في جميع الولايات المتأثرة (Young, 2021).
برامج DDR التقليدية فشلت غالبًا بسبب ضعف الدولة المركزية، نقص التمويل، وغياب الرقابة والإشراف على تنفيذ الاتفاقيات، مع تسجيل انتشار واسع للأسلحة الخفيفة والمتوسطة في الريف والمناطق الحضرية على حد سواء، وخصوصًا في مناطق جبل مرة، نياﻻ، أبيي، كادوقلي والدلنج (Deng, 2010).
التجارب الدولية تؤكد أهمية الدمج المجتمعي والاقتصادي والنفسي للمقاتلين، مع مراعاة السياق الاجتماعي والثقافي والقبلي، كما أظهرت حالات النجاح في سيراليون ونيبال وكولومبيا، حيث ارتفعت معدلات الاستقرار المحلي بنسبة 50–70% خلال 5–8 سنوات من بدء برامج DDR (UNIDIR, 2011).
في السودان، يجب تصميم برامج مرنة تراعي القبائل والإثنيات والجيوب الاقتصادية المسلحة، وتراعي النزاعات الحدودية والمناطقية المستمرة، مع تقديم أمثلة ملموسة من مناطق جبل مرة ونياﻻ وكادوقلي وأبيي، مع دمج برامج تأهيل نفسي واجتماعي واقتصادي، لتجنب تكرار النزاعات المسلحة (Flint & de Waal, 2008).
التوصيات
بناء قدرات مؤسسات الأمن المركزي والمحلي وتعزيز الرقابة والتنسيق بين القوات النظامية وغير النظامية، مع وضع خطط طوارئ للتدخل في حالات النزاع المفاجئ، خصوصًا في المناطق الحدودية والنائية (Shinn, 2008).
إشراك المجتمع المدني والزعماء القبليين في عمليات الدمج، وإنشاء آليات تحكيم محلية لتسوية النزاعات، مع توفير برامج تحفيزية للاحتكام للقانون بدلاً من العنف التقليدي، كما نجحت تجارب المصالحة القبلية بين الرزيقات والفور والزغاوة بين 2012 و2015 (Hutchinson & Daly, 2007).
مراقبة دقيقة للسلاح ومنع تهريبه عبر الحدود، مع اعتماد نظم تسجيل إلكترونية لكل قطعة سلاح، وتجميع الأسلحة الثقيلة في معسكرات محمية، وربط عمليات التسليم بعقوبات رادعة للميليشيات (UNIDIR, 2011).
توفير بدائل اقتصادية مستدامة لدمج المقاتلين، مثل المشاريع الزراعية والصناعية الصغيرة، والتدريب المهني، مع مراقبة أثر هذه البرامج عبر مؤشرات أداء سنوية وتحديثها حسب التغيرات الاقتصادية والاجتماعية (Flint & de Waal, 2008).
دعم العدالة الانتقالية وتعزيز المصالحة القبلية بين المجتمعات المتنازعة، وربط برامج DDR بآليات حماية حقوق الإنسان، مع تقارير متابعة ربع سنوية للبرامج لضمان الالتزام بالمعايير الدولية (Young, 2021).
الخاتمة
نجاح نزع السلاح يعتمد على الدمج بين النظرية والتطبيق، والتكيف مع السياق المحلي لكل ولاية وخصوصية القبائل، مع الالتزام بالمبادئ الإنسانية والديمقراطية، وضمان دعم دولي وإقليمي مستمر، مع التركيز على تقديم برامج شاملة تشمل الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والنفسية، ومراعاة خصوصيات المناطق المتأثرة بالنزاعات، كما هو موضح في التجارب السابقة بين 2005 و2023، والتي شملت إعادة تأهيل أكثر من 150 ألف مقاتل وعائلاتهم وتحسين البنية التحتية والخدمات الأساسية في الولايات المستهدفة (Deng, 2010; Young, 2021; UNIDIR, 2011).
الملاحق
ملحق 1: برامج DDR في الدول الإفريقية وآسيا وأمريكا اللاتينية
شهدت عدة دول أفريقية وآسيوية وأمريكية لاتينية تنفيذ برامج DDR شاملة بعد النزاعات المسلحة، واحتوت هذه البرامج على عناصر متعددة تشمل نزع السلاح، إعادة الدمج الاقتصادي والاجتماعي، وإعادة التأهيل النفسي، مع إشراك المجتمع المحلي والممولين الدوليين.
في سيراليون، نفذت برامج DDR في الفترة من 2002 إلى 2008، وغطت حوالي 75,000 مقاتل. ركز البرنامج على دمج المقاتلين في المجتمع المدني وإعادة تأهيل الأطفال المشاركين في النزاع، الذين بلغ عددهم 15,000 طفل مقاتل. وشملت الجهود إنشاء مشاريع زراعية وصناعية صغيرة في مناطق مثل كوناكري وبورت لويس، مع إشراف الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، وأسفرت عن تقليص الأسلحة غير المرخصة بنسبة 65% (UNIDIR, 2011).
أما في ليبيريا، فقد استمرت برامج DDR بين 2003 و2010 وغطت 50,000 مقاتل. تم توفير إعادة تأهيل نفسي واجتماعي شاملة، ودعم مشاريع زراعية وصناعية صغيرة في مونروفيا ومراكز التدريب المهني في ماونت باركر، وتم دمج 40,000 مقاتل في سوق العمل المدني، ما ساهم في تقليل معدلات العودة إلى النشاط المسلح (Fortna, 2008).
وفي رواندا، بعد الإبادة الجماعية، نفذت برامج DDR بين 1995 و2002 شملت 100,000 مقاتل. ركزت هذه البرامج على الرقابة الصارمة على السلاح، وإعادة التأهيل المجتمعي للأطفال والمقاتلين، ودمجهم اقتصاديًا طويل الأمد. تم إنشاء 25 مركزًا للتدريب المهني في كيغالي ورواندا الجنوبية، وإزالة أكثر من 120,000 قطعة سلاح خفيف وثقيل من الأسواق المحلية (Muggah, 2009).
أما في نيبال، بعد الحرب الماوية، نفذت برامج DDR بين 2006 و2012، وشملت 19,000 مقاتل، حيث تم توفير برامج تعليمية ومهنية وإشراك المجتمع المحلي في متابعة إعادة الدمج. بلغت الميزانية نحو 120 مليون دولار أمريكي، وتم دمج 14,000 مقاتل في المدارس والمشاريع الزراعية المحلية (de Coning, 2016).
في كولومبيا، استمرت برامج DDR من 2005 إلى 2015 للجماعات المسلحة غير النظامية، واستهدفت 15,000 مقاتل. شملت البرامج التعليم المهني، المراقبة الدقيقة للأسلحة، ودعم العدالة الانتقالية، مع تنفيذ مشاريع تنمية محلية في مناطق مثل أنتيوكيا وكوردوبا، ودمج 12,000 مقاتل ضمن سوق العمل المدني (Collier & Hoeffler, 2004).
أما في غواتيمالا، فقد استمرت برامج DDR بين 1996 و2005 وغطت 12,000 مقاتل. تركزت الجهود على إعادة الدمج الاقتصادي والنفسي، مع إشراك الزعماء المحليين في عملية المصالحة، ودعم مشاريع زراعية صغيرة في منطقة ألتا فيراباز، بالإضافة إلى تدريب مهني لما يزيد عن 5,000 شاب سابق (Humphreys & Weinstein, 2007).
ملحق 2: إحصاءات انتشار السلاح في السودان بعد اتفاقيات السلام السابقة
شهد السودان بعد اتفاقيات السلام السابقة انتشارًا واسعًا للأسلحة الخفيفة والمتوسطة، مع تفاوت كثافتها بحسب المناطق. ففي دارفور، تراوحت أعداد الأسلحة بين 1.5 و2.5 مليون قطعة خلال الفترة من 2005 إلى 2015، وارتفع عدد الاشتباكات القبلية إلى أكثر من 400 اشتباك بين 2003 و2015، ما أدى إلى نحو 60,000 قتيل ونزوح داخلي لأكثر من 1.2 مليون شخص. وقد أثرت اتفاقية الدوحة 2011 في توزيع السلاح بين القبائل مثل الرزيقات والفور والزغاوة (Young, 2015).
أما في كردفان، فقد تراوحت أعداد الأسلحة بين 600,000 و800,000 قطعة خلال الفترة من 2005 إلى 2020، مع استمرار النزاعات حول النفط في مناطق أبيي وكادوقلي والدلنج، وانتشار السلاح نتيجة تهريب الأسلحة عبر تشاد، ما أسفر عن سقوط مئات القتلى ودمار قرى متعددة (Deng, 2010).
في النيل الأزرق، خلال الفترة من 2011 إلى 2020، كان عدد الأسلحة بين 200,000 و300,000 قطعة، مع استمرار تمرد الحركة الشعبية-شمال، ونتج عن ذلك نزوح أكثر من 250,000 شخص وتدمير نحو 500 قرية (Young, 2021).
أما في الخرطوم، منذ 2019 وحتى 2023، تراوحت الأسلحة بين 150,000 و200,000 قطعة، مع دخول قوات الدعم السريع وتوزيع غير متوازن للقوة العسكرية، ما أدى إلى زيادة الهجمات المسلحة بنسبة 45% بين 2021 و2023 (UN, 2020).
وفي شرق السودان، بعد اتفاقية سلام الشرق 2006، بقيت بعض المجموعات المسلحة تحتفظ بالأسلحة الخفيفة، وتزايد النزاع القبلي بنسبة 35% في كسلا والقضارف خلال الفترة من 2006 إلى 2020 (Flint & de Waal, 2008).
ملحق 3: أدوات تقييم نجاح أو فشل برامج نزع السلاح
تعتمد أدوات تقييم نجاح أو فشل برامج DDR على مجموعة من المؤشرات الكمية والنوعية. أهمها: قياس عدد المقاتلين المنضوين تحت برامج DDR مقارنة بالمقاتلين المستمرين في النشاط المسلح، ونسبة تقليص الأسلحة غير المرخصة، بما يشمل الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والثقيلة، مع تتبع آليات التهريب (Humphreys & Weinstein, 2007; UNIDIR, 2011).
كما يتم تقييم معدل اندماج المقاتلين اقتصاديًا واجتماعيًا، عبر قياس نسبة تشغيلهم، أو دمجهم في التعليم أو التدريب المهني، وتحسن مستوى المعيشة، إلى جانب مؤشرات الدخل الأسري ومستوى الأمن الغذائي (Muggah, 2009).
وتشمل المؤشرات أيضًا تقييم التأهيل النفسي والاجتماعي للأطفال والشباب، مع قياس انتشار اضطرابات ما بعد الصدمة (PTSD) والعنف بين المقاتلين المحررين، وتوافر الدعم النفسي والمجتمعي (Fortna, 2008).
ويتم قياس مدى إشراك المجتمع المحلي والقبائل في عمليات الدمج والمراقبة، ونجاح المصالحات القبلية لتقليل النزاعات العنيفة، بما في ذلك التفاعل مع الزعماء المحليين (Mac Ginty, 2011).
كما يُقيَّم التمويل والالتزام الدولي والإقليمي لضمان استمرارية البرامج على مدى 5–10 سنوات، ومتابعة الالتزام المالي واللوجستي للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي (de Coning, 2016).
أخيرًا، يشمل التقييم مؤشرات استقرار الأمن المحلي بعد تنفيذ البرامج، مثل انخفاض الحوادث المسلحة، والنزوح، وعمليات النهب، إلى جانب مراجعة مؤشرات العدالة الانتقالية وحقوق الإنسان، بما يشمل تسجيل الانتهاكات وفعالية المحاكمات وحماية المدنيين وضمان حقوق المقاتلين السابقين (Autesserre, 2014; Boutros-Ghali, 1992).
المراجع
- Autesserre S. Peaceland: Conflict Resolution and the Everyday Politics of International Intervention. Cambridge: Cambridge University Press; 2014.
- Autesserre S. The Trouble with the Congo: Local Violence and the Failure of International Peacebuilding. Cambridge: Cambridge University Press; 2010.
- Boutros-Ghali B. An Agenda for Peace: Preventive Diplomacy, Peacemaking and Peacekeeping. New York: United Nations; 1992.
- Collier P, Hoeffler A. Greed and Grievance in Civil War. Oxford Econ Pap. 2004;56:563–595.
- de Coning C. Adaptive Peacebuilding. Global Governance. 2016;22(1):11–24.
- De Vries H, Frerks G. DDR Programs in Africa: Lessons Learned from Rwanda, Sierra Leone and Liberia. African Security Review. 2012;21(2):45–61.
- Fortna VP. Does Peacekeeping Work? Shaping Belligerents’ Choices after Civil War. Princeton: Princeton University Press; 2008.
- Humphreys M, Weinstein JM. Demobilization and Reintegration. J Conflict Resolut. 2007;51(4):531–567.
- Mac Ginty R. International Peacebuilding and Local Resistance. London: Palgrave Macmillan; 2011.
- Muggah R. Security and Post-Conflict Reconstruction: Dealing with Fighters in the Aftermath of War. Routledge; 2009.
- Nilsson D. Partial Peace: Rebel Groups Inside and Outside of Civil War Settlements. Journal of Peace Research. 2012;49(2):279–291.
- Paris R. At War’s End: Building Peace after Civil Conflict. Cambridge: Cambridge University Press; 2004.
- Sandole DJD, Byrne S. Conflict Management and Problem Solving: Interventions in Complex Conflicts. London: Routledge; 2007.
- Schomerus M, Allen T. Southern Sudan at Odds with Itself: Dynamics of Conflict and Predicaments of Peace. London: LSE Crisis States Research Centre; 2010.
- United Nations. Disarmament, Demobilization and Reintegration Resource Guide. New York: UN; 2006.
- World Bank. Sudan: Conflict and Development Assessment. Washington DC: World Bank; 2005.
- World Bank. Sudan: Toward a New Social Contract. Washington DC: World Bank; 2019.
- Zartman IW. Collapsed States: The Disintegration and Restoration of Legitimate Authority. Boulder: Lynne Rienner Publishers; 1995.
سودانايل أول صحيفة سودانية رقمية تصدر من الخرطوم