استنكار وتعجب

 


 

كمال الهدي
13 August, 2022

 

تأمُلات
. بِتُ احتار في أمرنا حقيقية أعزائي، لدرجة احساسي أحياناً بحاجتنا جميعاً كشعب وكأمة لمراجعة أطباء نفسيين لكي يفسروا لنا ما نحن فيه.

. لا يصبح علينا صباح إلا واستنكرنا ما نشهده من جرائم في حق الوطن والمواطن وتعجبنا من مسلك حاكمينا ومن عودة الكيزان بوجه جديد ووراء أكثر من ستار.

. والأغرب أننا كلما نسمع أو نقرأ عن جريمة، هب، تدهور لخدمة، زيادة في سعر سلعة أو خدمة نبدو كمن كان يتوقع الأفضل من أسوأ خلق الله.

. كل ما يحدث لنا لم يهبط علينا صدفة، بل هو نتيجة عمل دُبر بإحكام والمؤسف أننا ساهمنا في كل الأذى الذي نشكو ونتذمر منه كل يوم وذلك بإهمالنا للأهم وبإنسياقنا وراء العواطف والآراء الانطباعية التي لا تؤسس على ما يقنع، وبإصرارنا على تجاهل الأسئلة الصعبة وغض الطرف عنها ربما عمداً حتى لا تكدر صفونا ولا توقظنا من أحلامنا الوردية المبنية على مجرد أوهام لا على مؤشرات ومعطيات واضحة.

. يأتي دكتور حمدوك كرئيس لحكومة ثورة لها شبابها وشاباتها الذين ضحوا بالكثير من أجل التغيير، لكنه يتجاوز كل هؤلاء، وعوضاً عنهم يحيط نفسه بشخصيات لا نعرف عن تاريخها شيئاً ( داليا الروبي مثالاً) وبدلاً من أن نتساءل نبدأ سريعاً في الهتاف والتطبيل والإشادات بمظهرها و (فكة شعرها)، ومقارنتها بالوزيرة (أم سفنجة) وبقية أخوات نسيبة (الكذوبات) وكأننا قد بلغنا بذلك أعلى مراتب المدنية وأنجزنا وعدنا لعباس فرح، كشة، محجوب التاج ووليد وبقية رفاقهم الأكرم منا.

. وما فات علينا دائماً إنك عندما تبدأ في تجاهل فكرة البحث عن إجابة على أي سؤال محير، فسوف تتكاثر هذه الأسئلة المحيرة.

. يُهمل أهم قطاع داعم لأي ثورة (الإعلام) ، وبدلاً من الضغط على وزير إعلام حكومة الثورة وتسيير المليونيات الرافضة لخنوعه وتكاسله، بل ومجاملته لأصدقاء الأمس من الكيزان، تجدنا نبحث له عن الأعذار ونبرر لأنفسنا بأن التغيير يتطلب وقتاً طويلاً ولا يتحقق بضربة لازب، مع إنه ما من عاقل يتوقع تغيير كل شيء بين عشية وضحاها، لكن كل المطلوب وقتها لم يتعد أن يمنحنا ذلك الوزير ولو مؤشر وحيد على أنه ساعٍ للتغيير وكنس (وسخ) الكيزان من مؤسساتنا الإعلامية.

. لكن الواقع يقول أن إعلاميي الكيزان وبعض المؤسسات الإعلامية التي تأسست بأموال هذا الشعب من خلال ما تجود به الأجهزة الأمنية على بعض ضعاف النفوس الذين صاروا رموزاً إعلامية في غفلة منا، بعض هذه المؤسسات لم تتوقف ولو ليوم واحد حتى يومنا هذا، فكيف توقعنا بالله عليكم اكمال الثورة والثوار أنفسهم يتبادلون مقالات ولقطات فيديوهات من ظلوا يوالون النظام الذي ثار ضده شعبنا!

. تتقاعس قحت ودكتور حمدوك عن أهم ملف (السلام) ويسلمونه لمن قتلوا شبابنا أمام قيادة الجيش ليفاوضوا مكوناً هم منهم ولهم، لتكتمل أفظع مؤآمرة في تاريخنا الحديث وتأتي الحركات لعاصمة البلاد بكامل عتادها وما زلنا نصر حتى يومنا هذا على أن نسمي ذلك (اتفاق سلام).

. وبالرغم من كل ما سببته المؤآمرة من أذى ما أنفك بعضنا يشيدون بالمؤسس المزعوم د. حمدوك، وإن سألتهم أسس شنو، لن تسمع إجابة مقنعة.

. كل ما يمكن أن تجود به الألسن في هذه الجزئية " حمدوك مهذب وخبير ولم يقتل أو يسرق أو...".

. مشكلتنا دائماً في المقارنات (البليدة) وأعذروني على المفردة، لكن كيف لنا أن نتوقع من رئيس حكومة ثورة اخترناه بأنفسنا أن يقتلنا أو يفتك بنا أو يسرقنا بشكل مباشر!

. كيف لنا أن نقارنه بالمخلوع أو الانقلابيين الحاليين!

. صحيح لم يقتلنا حمدوك أو يسرق ذهبنا وثرواتنا بشكل مباشر، لكنه سرق ثورتنا نفسها للأسف الشديد بتقاعسه عن توظيف ذلك الزخم والتأييد غير المسبوق لحسم السفلة والقتلة والمجرمين، وبتسليمه لملفي الاقتصاد والسلام لحميدتي وكباشي وغيرهما.

. أما الدعم الخارجي فلم يكن من أجل عيون حمدوك ولا (عشان خاطرنا)، لكنه واقع فرضه أؤلئك الشباب الكواسر على حكومات بلدان تحترم شعوبها غصباً عنها لأن تلك الشعوب تملك حق محاسبة حكوماتها.

. فساندت حكومات الغرب حمدوك في الظاهر لكي تقنع شعوبها وتخدرنا نحن و (ما أسهل تخديرنا)، لكن في الخفاء حِيكت المؤآمرات برضنا التام حين تجاهلنا الأسئلة الكبيرة وأهدرنا وقتنا وجهودنا في (شكراً حمدوك) وصويحباتها من عبارات لو استبدلناها بطرح الأسئلة الصعبة وتسسير المواكب لوقف كل مؤآمرة قبل أن تكتمل لتمكنا من انقاذ بلدنا.

. وبعد انقلاب البرهان وبدلاً من التحرك الفاعل والمستمر استكنا لبيانات الاستنكار من عالم عرف غيرنا إنه لا يتحرك إلا وفقاً لمصالحه، لكننا افترضنا دائماً أن السودان حالة خاصة وانتظرنا دعمهم فأتحنا بذلك للإنقلابيين فسحة من الوقت لإعادة ترتيب أوراقهم المبعثرة.

. تخرج علينا السي إن إن يتقرير عن ذهبنا الذي يُنهب (على عينك يا تاجر) كل يوم، فنبدو كمن أيقظوه من النوم فجأة ليبلغونه بمفاجأة غير سارة عنوانها " سرقة ذهب السودان".

. اهدار للوقت والطاقة وتكرار ممل لأخبار جرائم وسرقات علم بها القاصي والداني منذ سنوات طويلة.

. عدت بكم لهذا (الفلاش باك) لأننا ما زلنا على حالنا القديم لم نتغير رغم توالي الضربات.

. فقد استعضنا عن (شكراً حمدوك) ب ( شكراً العليقي والسوباط) وأخذتنا الغبطة والسرور لمحترفين أجانب يتم التعاقد معهم ولاعبين مشطوبين يعادوا للكشف كل يومين أو ثلاثة لكي ننشغل بما هو أقل أهمية.

. استعضنا عن ذلك بمتابعة تصريحات الجاكومي المستفزة (المقصودة) لكي يلهوننا عن الأهم.

. وفي هذه الجزئية تحضرني قصة رجل مال روى لي قبل سنوات طويلة أن صحيفة رياضية قد حرضت جماهير ناديها ضده وضد بعض مؤسساته أيام المخلوع فتخوف الرجل وزار مؤسسة أمنية لفتح بلاغ فماذا كان الرد!!

. قالوا له بصريح العبارة " في مشجع قرب منك! دعهم يكتبون فنحن نريد ذلك لكننا ننرصد مؤسساتك ولن يحدث لك أي ضرر فلا تخف."

. لهذا لا أستغرب كثيراً عندما أتابع هذا الانسجام بين اتحاد الكرة والناديين الكبيرين رغم ما يظهر في السطح من خلاف زائف بين الجاكومي ومجلس الهلال، وهو ما يشغل الكثير من الأهلة ويهدر عليهم زمناً طويلاً.

. لكن الواقع يقول أن الكل يعملون في تناغم وانسجام لأن الراعي واحد.

. ودليلي على ذلك أن هلال (الحركة الوطنية) ومريخ (الحكومة) شاركا في قمة (الدم) بكل أريحية.

. ونصيحتي لبعض الأهلة المنفعلين تجاه مقترح أداء المريخ لمبارياته الأفريقية بإستاد الهلال هي أن يكسبوا زمنهم، فإن أراد الراعي ذلك فسوف يحدث شئتم أم أبيتم.

. ولماذا لم تمنعوا مشاركة نادي الخريجين الأوائل في قمة (الدم) ما دمتم تملكون هذه القدرة الهائلة على الرفض

بصراحة أحتار جداً حين أسمع أن الثورة ماضية نحو غاياتها.

. وسبب حيرتي أن جماهير الناديين التي تشكل نحو ثلثي سكان البلد ترفض صباحاً الانقلاب وتكتب ضده، لكن تأتيك غالبيتها مساءً بفعل معاكس حين تهتف وتهلل لمن يدعمون القتلة والمجرمين سواءً بشكل مباشر أو غير مباشر.

. فمن المنُاط به اكمال الثورة إذاً!

. هل نستأجر شعباً يعوض العدد المنشغل بالكرة وشئون الناديين وبتبادل الأخبار المكررة عن القتل والسرقات، أم كيف!!

. خلاصة القول أن كل ما نتداوله من عودة للكيزان بثوب أشد سواداً ومن قتل وجرائم وسرقات معلوم ومتوقع وليس فيه ما يثير العجب، فإما أن نهب هبة رجل واحد لتغيير هذا الواقع أو نفضها سيرة كما قلت في مقال سابق حتى نحافظ على ما تبقى من شباب ودماء.

. حرام والله أن يفقد شاب في مقتبل العمر حياته من أجل التغيير، بينما يقضي الكثير من أنداده معظم يومهم منكبين على الكي بورد للإحتفال بلاعبين جدد أو تقديم مقترحات للإدارة حول ظهير أيمن أو قلب دفاع، أو بتبادل عبارات السخرية ممكن يتآمرون علينا كل ساعة دون أن نقوم بفعل جاد يوقف هذا العبث وهذه الجرائم.

. ألم أكن محقاً حين قلت أننا جميعاً ( بما فيكم كاتب هذه السطور) بحاجة لاستشارات نفسية!

kamalalhidai@hotmail.com
//////////////////////////

 

آراء