اسد يأكل الحشائش بحديقة حيوان في الخرطوم

 


 

 

(اسد يأكل الحشائش بحديقة حيوان في الخرطوم) نقول للمستغربين : ( الأمر عادي مادام البشر أنفسهم اللحم عندهم صار من الأماني العذبة التي تتراقص حيالهم !!..

ياحليل أياما مضت بالابيض الغراء ام خيرا جوه وبره لن ننسي ذكراها في سبعينات القرن الماضي يوم كان كيلو اللحم الضاني بأربعة وعشرين قرش صاغ وكيلو العجالي بعشرين قرش فقط وكبدة الضأن مقفولة مثل دوائر الخريجين للايدلوجيين الشيوعيين والإخوان المسلمين كانت بربع جنيه وكانت كبدة الإبل التي يضرب لها المحبون أكباد الإبل كانت اعلي سعرا من اختها في الرضاعة كبدة الضأن بحفنة من القريشات !!..
وقتها كانت الأمة السودانية تنعم بقعدات ( الباربكيو ) قبل أن يكتشفها الامريكان وزدنا عليهم بالشربوت مع شية العيد وكان للشعراء حضورهم المميز في مثل هذه المناسبات التي يشم فيها العابرون ريحة الشواء وقد أنشد أحدهم هذا البيت الذي خلده التاريخ :
شربوت العيد مع الشية الحبو ساهر بيا !!..
وكانت ومازالت لنا ثروة حيوانية هي الأكبر في العالم ودخل نفر منا كتاب جينيس للأرقام القياسية لأن الواحد منهم كان يأكل خروفا كاملا في جلسة واحدة وقيل إن هنالك من أكل عجلا ولم يحتاج حتي ل ( جردقة ترابية ) لانه في ذاك الزمان الغابر لم يظهر مشروب ال ( السبعة فوق Seven Up ) !!..
وهذه الثروة رغم ضخامتها وأهميتها نجد وزيرها دائما مهمشا وعلي ايام الزعيم الازهري كانت تسند للجنوبيين حتي صاح أحدهم متضجرا :
( كلو مرة وزارة قنم قنم دا شنو ياجماعة ما في غيرو ) ؟!
ورغم تهميش الوزارة اكل الشعب من لحوم بلدهم ونهلوا من البانها الناصعة البياض الحلوة المذاق وقد أفرط البعض ليصابوا بداء الملوك ( النقرس ) الذي اقعدهم عن الحركة وتطور الأمر عند البعض ليصل الداء الي الكلي التي أصبحت قابلة للتوقف عن العمل وكل هذا بسبب الهجمة الشرسة علي اللحوم وخاصة المدهنة التي تجعل المرء يقرقش العظام وهو في قمة الانسجام وحتي الذنب يأكله هواة الذيلية وياحبذا لو صاحب هذه الدسامة شيء من ( البقنية ) المركزة التي تقطع العطشة وتخفف من ويلات الدهون والشطة القبانيت التي تصلي الجسم نارا حمرا مثل المعركة التي ذهب إليها الفنان احمد المصطفي وعايشة الفلاتية للترفيه عن جنودها !!..
وجاء زمان فتحت فيه ابواب التصدير علي مصراعيها وذهبت لحومنا وماشيتنا الحية الي الخليج والسعودية شخصيا ومصر ومصر بدورها كانت تعيد تصدير لحومنا لإسرائيل ولفرنسا وتكسب علي ذلك الكثير وصرنا ننظر للحومنا المحمولة جوا وبحرا ونحن في قمة الحرمان وعندنا تضاعفت الأثمان وصار كيلو الضأن بالملايين وكيلو العجالي كذلك والكبدة لا نشتريها الا إذا كتبها الطبيب في الروشتة وقد أصبحت من الأدوية المنقذة للحياة!!..
واليوم صار للعساكر مسلخ يسد عين الشمس وصار الجيش يبيع اللحم والبطاطس والسمسم وزيته والصمغ العربي وبلغت شركاته الحد الغير مسموح به وتركوا حراسة الدستور وارض الجدود والمصريون ناموا بحلايب والاحباش تعشوا بالفشقة ونحن صرنا من غير فهم أو لحم وتركونا ناكل لحم بعضنا البعض!!..
نتمني من صميم قلوبنا أن تنتصر الثورة وتعود لنا أرضنا المغتصبة وثروتنا الحيوانية التي يتمتع بها الغرباء وان تخضر مزارعنا من جديد ويكف العساكر عن منح الفدادين بالملايين لتركيا والإمارات والسعودية ومزارعونا يبيعون الماء ومناديل الورق عند شارات المرور !!..
ايها الشباب ويارجال المقاومة راجين شنو وقد وهن منا العظم واشتعل الرأس شيبا !!..

حمدالنيل فضل المولي عبد الرحمن قرشي .
معلم مخضرم .

 

ghamedalneil@gmail.com

 

آراء