الأشباح

 


 

 

ثلاثةُ أشباحٍ تبدو يساراً، بشكلٍ باهتْ.. مُتّشحةً بالسواد.. تبدو بلون الظلام وهي غارقةٌ حتى تُقاربُ الاختفاءَ في ذلك الظّلام الدّامسْ.

شبحٌ منها يُمسكُ بشيْ تهزّهُ الرّيحُ ببطءٍ.. شيءٌ ما.. لعلّه ورقة؟ ... فهو، كما يقرّر عقله في تردّدٍ وتشكّك، يبدو كالورقة.. هذا الشيء يلتصقُ بيدِ الشّبحِ كأنّهُ جزءٌ منها..

يا تُرى ماذا سيفعلُ هذا الشبحُ بهذا الشيء؟...... "إنه يقتربُ من الحائط ليعلقه... ليعلّق ذلك الشيء. ثمّ، بحذرٍ، تختفي يدهُ عندَ احتكاكها بالجّدار... يبتعدُ شيئاً فشيئاً من ذلك الجدار الأسود الجاثم.. كالقدر؟ .. يختفي.... يختفي..." هكذا كانت تتواردُ خواطرهُ وهو متابعٌ هذا الشبحَ ببصره حتى اختفائه. اختفى معهُ، للتّوِّ، الشبحان الآخران.

شعر بثورةٍ في داخلهِ وبوهمٍ يتساقط عنهُ تساقطَ الحصى الطّينيِّ عن حائطٍ يتهدّمْ. "انتهى زمانُ الوهم وبدأ الإستيقاظُ الثاني"- تمتم لنفسه. رأى عن يمينه شيئاً كآلهةِ اليونانِ القديمة، عنقاء خرافية قديمة تحاول أن تُولدَ بعد موتها قديماً في الزّمانْ. لكنها ما تلبثُ أن تنمحي عن أفقِ بصرِهِ ولا يبقى منها سوى بعضِ وهمٍ مُضيءٍ كان لهُ سلطةٌ قويّةٌ عليهِ في ماضٍ ما وها هو يعودُ الآنَ لابساً حياةً حاضرةً جديدةً تُزيحُ عنها جانبها الواهمَ شيئاً فشيئاً تاركةً المجالَ لضياءٍ ينفُذُ، قطرةً فقطرةً، إلى واعيَتِهِ.

إبراهيم جعفر،
الخرطوم/ فبراير 1977م.

* من مجموعة "كيف أنامُ وفي دمي هذي العقارب؟"- مسودة مجموعة قصص قصيرة من تأليف إبراهيم جعفر.

khalifa618@yahoo.co.uk
////////////////////////////

 

آراء