الإثنين الرماد الكال قحت وكمان حماد .. بقلم / عمر الحويج

 


 

عمر الحويج
6 December, 2022

 

حين كنا صغاراً كانت رغبتا الدائمة والملحة البحث عن قطعة سكر أين ما وجدناها سعينا إليها . ومن عجائب هذا البحث ، لبل ريقنا بهذا السكر (الحِبيَبَة) كما غنت الفنانة شادن محمد حسين ، القادمة بقوة من غرب السودان ، والتي غنت للثورة وأبدعت روائعها الثورية ، ومنها "خيال الحكامة" الموجهة ضد الإنقلاب البرهاني العسكري .

ونعود للسكر الحِبيبَة ، حين أوصلنا بحثنا إلى فاكهتنا المحببة ، وفي زماننا ذاك البعيد كان سكرنا المرغوب فيه ، نتخيل دائماً أننا وجدناه في (كَدْ الدوم) . طبعاً أجيالنا الجديدة ، لم تعرف ما هو الدوم ، ( تعرفه كيف !! ، والمخلوع علمهم أكل الهوت دوج ويمكن الشكولاته وبس!! ) ، طبعاً هو لايعرف أن جماعته وأهل بيته في الإنقاذ ، كان التعرف على هذه الملذات مقصوراً عليهم فقط ، كعادتهم في الإستئثار بأكل المطايب ولشعبهم ترك المصائب وتسقط بس .
أذكر أن جيلنا لم يتوقف عن هذا "الكَدْ" المرهق والمفترس للفك والأسنان ، وما خفي أعظم من جملة الأرهاقات ذات الأثار المرضية لهذه الفاكهة الخشبية!! ، وظلت نصائح حكمائنا من كبار آبائنا ، الذين ينصحوننا بحكمتهم ، وأكيد كذلك من تجربتهم (إنتو بتكُدوا 99% من الخشب الناشف ، وما يستطعمه فمكم ولسانكم لا يتعدى1% من السكر "الحِبيَبَة" ، وقد صدقوا وماكذبوا ، وفارقناه وبدلناه ولكن لم نجد له تبديلا .

ونحن الآن وجميعناً اليوم الإثنين الرماد 5/12/2022 . سوف ننظر وننتظر ، الحرية والتغيير المجلس المركزي ، وهي "تَكُدْ الدوم" لنرى أنها لن تجني منه إلا 99% خشباً غليظاً وناشفاً ، أما الباقي منه مما نسبته1% فقط سكر حِبيبَة ، فهو الذي سوف أتطرق له الآن ، أما خشبها (المكدود سلفاً من إجتماعاتها المدسدسة) سارجئه إلى مقالات قادمة .

فما جرى اليوم ، في القصر الجمهوري ، من كل الحاضرين والحاضرات الخطباء ، والخطيبات"ولا لقهر النساء فلا خطيبات يوجدن عيني باردة !!" .

كان الإثنين الرماد ، يوم من أيام "كَدِهم" التاريخي ، فقد اكتشفوا أنهم لكي يتحصلوا على سكر الحِبيبَة ، ما عليهم إلا أن يفضفضوا عما أخفوه زماناً طويلاً في دواخلهم ، ويخففوا عن أنفسهم عقدهم النفسية ، بتجاهلهم الطويل بل محاولات إجهاضهم لتلك الثورة القرنعالمية التي شهد لها العالم واستشهد ببسالتها حتى هؤلاء ، الذين دعوهم ليتعلموا معهم "كَدْ الدوم" ، فلم يجدوا حلاً غير مسرحة الثورة بذات تفاصيلها وتقديمها للجمهور بحذافيرها وشعاراتها ومطلوباتها "والعسكر للثكنات بلسان الأعلى قامة ، "بس" بدون الجنجويد ينحل ، لزوم التأدب لمن هو أعلاهم قامة ، كل ذلك داخل مسرح القاعة القصر جمهوري ، وأمام كل هؤلاء المشاهدين والمشاهدات ، الذين واللائي ، تجاوبوا مع هذه المسرحية التراجيدية التطهرية ، من الآثام والجرائم الدموية التي ارتكبوها ، ويصفقون لها بحماسة عالية الهمة ، كما رواد مسرح التراجيديا الإغريقي ، وكانه تاكيد العارفين ، بأن هؤلاء الممثلين قد أجادوا تمثيل أدوراهم خير إجادة ، نصاً وبداخلهم يوجد لصاً . كل حسب السيناريو المكلف بأدائه .
وبعد إنتهاء المسرحية ، والكل تجدهم واثقون وهم مغادرون خارج قاعة-المسرح غير القومي أنهم "كَدْوا" 99% من الدوم الخشبي وإلى أين يغادر ن ؟ إلى ممارسة حياتهم الطبيعية والعادية ، فهم ينسون ويكذبون ولكن لا يتذكرون كذبهم ، وأولهم في التناسي ، هم عسكر اللجنة الأمنية ، الذين يعرفون أنهم كانوا في مسرحية من درجة الفنتازيا ، ولن يعيدوها مرة أخرى على أرض الواقع وسينسون كل فصولها ، فصلاً إثر فصل ( راجع مقابلة البرهان مع الحدث) ، بل سيخرجون إلى وظيفتهم الأساسية في ملاحقة الثوار والثائرات لقمعهم وقتلهم والتنكيل بهم وحبسهم واعتقالهم ، ومن ثم تعذيبهم وربما إغتصابهم ، وهذا ما فعلوه قبل أن يسدل الستار على خشبة مسرحهم ، وقبل أن يغادروا قاعة قصرهم ، بدأوا القمع دون طرفة عين من فرسان الحرية والتغيير ، ولم ينتظروا حتى انتباهتها ، بل أضافوها داخل المسرحية ، فقد وصلتهم أتناء الأداء المسرحي ، أصوات فرقعات البمبان ، وطرقعات القنابل الصوتية ، وقعقعات الخيول التاتشرية ، لتكون موسيقى خلفية مصاحبة للعرض المسرحي التراجيكوميدي .

أما الحضور من المشاهدين والمشاهدات والموقعين والموقعات ، وخاصة منسوبي المجلس المركزي الكورس المسرحي ، أو الشيالين بلغة غناء الحقيبة ، هم أيضاً سيخرجون وعلى رؤوسهم الطير "وطيران" ليلحقوا فضائياتهم وشاشاتهم البلورية ، ليمارسوا هوايتهم المفضلة في حوارات اللف والدوران ، هم ومناوئهم من أصحاب المقولة الشهيرة " الليلة ما بنطلع إلا البيان يطلع" ، ليتجادلوا ويتشاكسوا ، هل الإتفاق ثنائي أم إقصائي ، ديمقراطي ، أم شمولي ، هل البيضة أولاً أم الدجاجة ودخلت نملة وأخذت حبة وخرجت ... إلى نهاية المقابلة ، وحتى لحظة وداع المذيعة الحسناء .

وفي حلقة أخرى يكمل الضيف الآخر مبغبغاً من "ببغاء" مردداً ، متفاخراً : هذا إتفاق وقَّع عليه خمسة وثمانون عضواً ، من أعضاء تحالف الحرية والتغيير ، وعلى رأسهم أحزاب الأربعة طويلة وخامسهم ، بلا منازع في طلب السودان الجديد ، الرفيق ياسر عرمان ، أما باقي العدد فقد البسناهم طاقية الإخفاء ، لأنهم خرجوا ولم يعودوا ، ومن يتعرف عليهم يتصل على هاتفنا المرقوم بطرفكم ، يواصل : فقط أظهرنا منهم ، أحزاب فقه الضرورة وهي قوى الإنتقال ، التي سقطت يوم سقوط البشير من علِِ ، وأسقطنا العديد من أحزاب الفكة ، ولاحقاً قد نقبل النداء ذات نفسه ، وبذلك نكون قد أثبتنا أننا لسنا إقصائين ، وليس اتفاقنا ثنائي أو إقصائي أو شمولي ،إنما هو (ذي صحن الصيني لافيه شق لا فيه طق) ، ودليلنا أيضاً أننا أتينا في خطبنا باحترام تام ، لسيرة لجان المقاومة ، وما قصرنا معاهم ، وقلنا أننا نتحدث باسمهم دون ذكر عدم مشورتهم ، وترحمنا على شهدائهم وطلبنا الشفاء لجرحاهم ، وطالبنا بعودة المفقودين إن لم يقبروا بعد ، أولازالوا في المشارح وفي الحفظ والصون ، وكنا سوف نصدر قراراً فورياً ، باطلاق سراح المعتقلين والمعتقلات ، المسجونين والمسجونات ، لأن لا موانع قانونية أو جيولوجية زلازالية تحول دون إطلاق سراحهم ، لكنا أرجأنا هذا القرار ، ليفرح الشعب السوداني جميعه فرحة المرة الواحدة القوية ، بزغاريد كنداكاتنا المنغمة والمجلجلة ، وليس بالقطاعي ، حتى وإن كان يأتي ، بعد عمر طويل ، لحين التوقيع على الإتفاق النهائي ، بعد خلوصنا من مناقشة مطلوبات الثورة الأربعة المعروفة ، ولا داعي لذكرها مفصلة ، حتى لايضيع وقتنا الثمين فيما هو أهم ، وهو كيفية ترتيب الإفلات من العقاب لشركاء الدم والإبادات الجماعية ، لأنها الأصل والفصل ، وهي الساس والرأس ، وطلب الجيل الراكب رأس ، حيث تحتاج مناقشاتها لوقت أكبر وواسع ، وأيضاً طولة بال وهي أقسى نضال .. وموت ياحمار .

والثورة مستمرة
والردة مستحيلة
والشعب أقوى وأبقى .

كبسولة :-
الشوارع تنتصر : دكتاتورية الملالي "الإسلاموشيعية" في إيران ، تبدأ خطوات الهزيمة الأولى ، بجعل الحجاب إختيارياً والغاء شرطة الأخلاق هي ذات سئ الذكر "النظام العام" عند الإنقاذ "الاسلاموسنية" ، وأعتَرَفوا وقالوا " ماكان أحسن من الأول" .
الشوارع تنتصر : المنهزمون والقاعدون والمنظرون لثورة السودان يرددون أن الشوارع وحدها لا تستطيع أن تسقط الديكتاريات تابعوا الثورتين السودانية والإيرانية بالمليونيات والإضرابات والعصيانات وأعتَرِفوا وقولوا " ما كان أحسن من الأول".

omeralhiwaig441@gmail.com
////////////////////

 

آراء