الإصلاح العسكري الأمني والدمج والإستيعاب
فيصل بسمة
3 April, 2023
3 April, 2023
بسم الله الرحمن الرحيم و أفضل الصلاة و أتم التسليم على سيدنا محمد.
تكاثر الحديث عن الإصلاح الأمني/العسكري و دمج قوات الدعم السريع (مليشيات الجَنجَوِيد) و مليشيات الحركات المتمردة المسلحة في القوات المسلحة السودانية و القوات النظامية الأخرى ، و قد عقدت اللقآءات و الندوات و الورش و دار نقاشٌ و جدلٌ و لغطٌ عظيمٌ و ظهرت أرآء و أوراقٌ و إجتهاداتٌ...
حاشية (١):
و لما هتف شباب الثورة:
العسكر للثكنات و الجِنجَوِيد للحل...
جآءهم الرد السريع من الفريق البرهان قآئد القوات المسلحة و الفريق حميدتي صاحب/قآئد قوات الدعم السريع:
الدعم السريع جزء من القوات المسلحة ، و تعمل تحت إمرة القوات المسلحة...
مع ذكر أرقام مواد القانون/الدستور التي توضح ذلك ، ثم تغير الحال و جآء شذرٌ في رفقة مذرٍ و إبليس و أصبحت قوات الدعم السريع (مليشيات الجنجويد) كيان مسلح منفصل و يجب دمجه في القوات المسلحة السودانية و النظامية الأخرى و في أسرع وقت!!!...
سؤال:
أين كانت القوات المسلحة و قادتها و البرهان عندما تم تكوين مليشيات الجنجويد و إلحاقها قانونياً/دستورياً برئاسة الجمهورية؟ ، ثم تسميتها من بعد ذلك (قوات الدعم السريع) أو (المخزون الإستراتيجي) كما ذكر المخلوع عمر حسن البشير في حديثه المشهور و المنشور الذي أسبغ فيه على قآئدها محمد حمدان دقلو (حميدتي) لقب (حمايتي) مع ترفيعه إلى رتبة الفريق؟!!!...
ثم إنتفضت الشعوب السودانية ضد نظام الجماعة الإنقاذية المتأسلمة (الكيزان) و خُلِعَ البشير و (دَقَسَ) الثوار و جآءت اللجنة الأمنية العليا لنظام الجماعة الإنقاذية المتأسلمة (الكيزان) و (قحت) و فُصِّلَت محادثات/محاصصات جوبا و سطع نجم صاحب/قآئد قوات الدعم السريع (مليشيات الجنجويد) و تم خلق صنمي إتفاقية سلام جوبا و الوثيقة الدستورية و صعدت/سطعت نجوم قادة (أمرآء حروب) الحركات المتمردة المسلحة و (قبضوا الجو) السياسي و الإعلامي...
و لم يتم دمج أو إستيعاب القوات المتمردة المسلحة في القوات النظامية ، و طفق رئيس وزرآء الفترة الإنتقالية يروي الأحاديث الفطيرة/المَسِيخَة/المملة عن الأضوآء و الأنفاق و العبور و الشراكة الذكية/الأنموذج/المَسخَرَة بين العسكر و المدنيين ، و بان ضعف و عوار الحكومة الإنتقالية و كثر الحديث عن الإقصآء و أربعة طويلة ، ثم حدث إعتصام/إنقلاب القصر (الموز) ، ثم أفل نجم حكومة الإنتقال و لجنة تفكيك نظام الثلاثين من يونيو و قُبِرَت جميع قراراتها ، و تقوت الفلول و الأرزقية و الطفيلية السياسية و أمرآء الحروب من قادة المليشيات المتمردة و السواقط الحزبية و الفواقد التربوية و المجتمعية...
ثم بعد فترة سطعت نجوم فولكر و رهطه ، و نشط رجال مخابرات السفارات و عملآء الدول و المنظمات ، و اجتمعت اللجان ، و تكونت الأليات من ذات الأعداد ، ثم بعد حين تمخضت الخرطوم و السفارات و ولدت الوثيقة الدستورية و الإتفاق الإطاري اللذان تم رفضهما من قبل جماعات إعتصام القصر (الموز) و السواقط الحزبية و أمرآء الحروب قبل و بعد إجتماعهم في قاهرة المعز لدين الله الفاطمي مع المخابرات المصرية و تهديدهم و إعلانهم بأن المساس بصنمي إتفاقية سلام جوبا و الوثيقة الدستورية يعني تسجير نيران الحروب الأهلية التي سوف يطال سعيرها هذه المرة تجمعات الجَلَّابَة النيلية و العاصمة الخرطوم!!!...
الجهات التي تمتلك السلاح في بلاد السودان متعددة و (خشم بيوت) ، و هي خليط من القوات النظامية و المليشيات الحكومية و الأهلية/القبلية التي يراد إصلاحها و المليشيات المتمردة المسلحة التي يراد دمجها/إستيعابها في القوات النظامية و إشراك عناصرها في: العملية السياسية و إقتسام السلطة و الثروة و إدارة الدولة السودانية على مستوى المركز و الأقاليم...
الجهات الممتلكة للسلاح هي:
١- القوات الحكومية النظامية:
أ- القوات المسلحة السودانية (الجيش) و توابعها من مليشيات الجماعة الإنقاذية المتأسلمة (الكيزان) الحكومية مثل الدفاع الشعبي و كتآئب الظل
ب- قوات الشرطة و توابعها من الأمن المركزي و خلافه
ت- جهازي الأمن و العمليات
٢- قوات الدعم السريع (مليشيات الجنجويد)
٣- مليشيات و حركات الأقاليم و القبآئل المتمردة المسلحة
حاشية:
هذا الحصر لا يشمل القوات المتمردة/التحررية المسلحة تحت إمرة: عبدالعزيز الحلو و عبدالواحد محمد نور و حركات متمردة مسلحة أخرى ما أنزل الله بها من سلطان ما فتأت (تتمازج) و تتوالد و أخرى ما زالت قابعة في ظلمات رحم الغيب لكنها لا محالة قادمة...
تختلف مكونات هذه القوات/المليشيات الممتلكة للسلاح بإختلاف الجهات التي أنشأتها ، و ليس هنالك ما يجمع بينها سوي إمتلاك السلاح و ممارسة القتل و أعمال العنف المصاحبة ، هذا إلى جانب طموحات/أطماع قيادات القوات و المليشيات في السلطة و الثروة...
١- القوات النظامية الحكومية:
و عمادها القوات المسلحة السودانية (الجيش) التي يفترض/يعتقد أنها قوات إحترافية تمتلك نظم و أطر و عقيدة قتالية ، و طوال تاريخها كانت القوات المسلحة السودانية والغة و بصورة عظيمة في أمور السياسة و إدارة الدولة و ذلك منذ أن نالت البلاد الإستقلال من المستعمر (الإحتلال) البريطاني و إلى وقتنا الحالي...
و قد قام أفراد ينتمون إلى القوات المسلحة السودانية بأكثر من إثنتي عشر محاولة إنقلابية نيابة عن جهات حزبية و خارجية ، و قد أصابت ثلاث منها النجاح مما أتاح للقوات المسلحة السودانية أن تحكم بلاد السودان لأكثر من ستة و خمسين (٥٦) سنة من عمر الإستقلال البالغ سبعة و ستون (٦٧) عاماً نجحت من خلالها في أن تجعل من السودان أنموذج مثالي للدولة الفاشلة...
التاريخ الإقتصادي للقوات المسلحة يشهد أنها قد ولجت إلى السوق و دهاليز الإقتصاد القومي منذ عهد الطاغية جعفر محمد النميري ، و أنها قد تَمَرَّسَت/تَمَترَسَت فيه حتى صارت لها خبرات إقتصادية تراكمية غطت قطاعات: البنوك و الصرافات و البورصة و أسواق العملات و السوق الموازي (الأسود سابقاً) و المقاولات و الإنشآءات و الري و الزراعة و المسالخ و الإستيراد و التصدير و تجارة: التبغ و القمح و اللحوم و الأحذية و الفحم...
و قد كانت القوات المسلحة السودانية ، و مهما إختلفت الأرآء حولها ، تمثل/تجسد تنوع جميع الشعوب السودانية حتى أتى إنقلاب الجماعة الإنقاذية المتأسلمة (الكيزان) حيث أصبح الإنضمام إلى سلك الضباط و الرتب الفنية و المهنية فيها حكراً على السودانيين المنتمين إلى فكر و توجهات جماعة/تنظيم الإخوان المسلمين (الكيزان) ، أما على مستوى الجنود فقد كانت القوات المسلحة السودانية تمثل جميع القبآئل السودانية و الجهات الإقليمية و ذلك على خلفيات التجنيد الجغرافي ، و بحسبان أن مقار القيادات و الأفرع و الفرق و الألوية قد تم توزيعها على جميع أقاليم السودان...
الترتيب الوظيفي الحالي للقوات المسلحة السودانية يوضح بجلآء أن جميع طبقات الضباط من الرتب الصغيرة إلى الرتب القيادية العليا تنتمي عقآئدياً لفكر جماعة الأخوان المسلمين (الكيزان) الضآل إلا من رحم الله و كتب له السلامة ، أما قاعدة الجنود فتمثل كل التناقضات العرقية و الجهوية السودانية...
و هذا الترتيب/التصنيف/الوصف ينطبق أيضاً على قوات الدفاع الشعبي الحكومية و كتآئب الظل و جهازي الأمن و العمليات و أغلب قوات الشرطة و الأمن المركزي و توابعهما ، فأغلب/جميع هذه القوات قد تم إعادة تأسيسها خلال فترة حكم الجماعة الإنقاذية المتأسلمة (الكيزان) على أساس البيعة و الولآء للجماعة و فكرها المتطرف...
٢- قوات الدعم السريع (مليشيات الجنجويد):
أصل هذه القوات المليشيات الأهلية/القبلية التي تعود أصولها إلى جماعات تدعي الإنتمآء إلى الأعراق الأعرابية في إقليم دارفور و دولة تشاد و دول أخرى في غرب أفريقيا ، و كانت بداية تلك المليشيات في ممارسة نشاطات: النهب المسلح و قطع الطريق و الإغارة على التجمعات السكانية في إقليم دارفور و دولة تشاد و الدول المجاورة ، و مع مرور الوقت و تطور و تعقد الأحداث السياسية و العسكرية في إقليم دارفور و ليبيا و بعض من دول غرب أفريقيا تطورت و تغيرت مهام تلك المليشيات بحيث أدعت أنها تمثل و تحمي مصالح قبآئلها ضد العدآئيات من قبل الحركات المتمردة المسلحة مما جعلها تصبح مقربة و حليفة عسكرية/سياسية لنظام الجماعة الإنقاذية المتأسلمة (الكيزان) و القوات المسلحة السودانية و المليشيات الحكومية التي أجهدها كثيراً قتال القوات المتمردة المتعددة في عدة جبهات ممتدة و دوماً متكاثرة و متمددة...
و قد نمت مليشيات الجنجويد و تمددت و تطورت مهامها و أضيفت إليها لاحقاً قطاعات من القوات المسلحة و الشرطة و جهازي الأمن و العمليات و تغيرت مسمياتها و أهدافها ، و في نهاية المطاف أسبغت قيادات النظام/الجماعة الإنقاذية المتأسلمة (الكيزان) الرعاية و الإهتمام على مليشيات الجنجويد و أضافت إليها الصفة القانونية/الدستورية و أتبعتها لرئاسة الجمهورية تحت مسمى (قوات الدعم السريع) ، و لكن الملاحظ أن تلك القوات/المليشيات و على الرغم من التحورات الكثيرة التي طرأت عليها إلا أنها قد نجحت في الحفاظ على تركيبتها و نسيجها العآئلي/القبلي/الجهوية و ولآءها الشخصي لقآئدها و أسرته...
و كانت الطفرة الكبرى في نمو قوات الدعم السريع (مليشيات الجنجويد) الإقتصادي و السياسي بسبب إنغماسها في الإرتزاق الإقليمي في اليمن و دول الجوار تحت رعاية الدولة ، و إنشغالها بعمليات التعدين في الذهب و أشيآء أخرى ، و كذلك ما تحصلت عليه من دعم و سند و تمويل دولي من الإتحاد الأوروبي و الدول الغربية تحت مظلة مشروع محاربة الهجرة الغير شرعية و الإتجار بالبشر ، نشاطات قوات الدعم السريع (مليشيات الجنجويد) في تصدير الذهب و الجنود المرتزقة أكدت/أثبتت المقولة التاريخية (السودان بلاد الذهب و العبيد)...
القوة العسكرية و النشاطات السياسية و الإقتصادية و الأرصدة المالية الهآئلة لقوات الدعم السريع (مليشيات الجنجويد) زادت من شهية مؤسسيها من قبيلة الرزيقات إلى المزيد من السلطة و الجاه ، و أدت في نهاية المطاف إلى نشوب صراعات داخلية بين قياداتها المنتمية إلى بطن المحاميد إنتهت بتصدر و تسيد عآئلة دقلو و إزاحة مؤسس المليشيات (مجلس الصحوة) موسى هلال و سجنه و تقديمه للمحاكمة بتهم: التمرد على النظام الدستوري و الإشتراك في مهاجمة قوات حكومية و إزدرآء السلطة و إرتكاب جرآئم القتل العمد و التسبب في الأذى الجسيم...
و قد بلغت قوات الدعم السريع (مليشيات الجنجويد) ذروة القوة العسكرية عندما أصبحت القوات المسلحة السودانية و القوات النظامية الأخرى تعاني من الضعف بسبب تمدد رقعة الحروب الأهلية و أمدها إلى جانب سياسات الإقصآء و التمكين التي مارستها الجماعة الإنقاذية المتأسلمة (الكيزان) ، و التي أدت إلى حرمان القوات المسلحة من التنوع و توظيف الكفآءات السودانية...
هذا الضعف البآئن الذي أصاب القوات المسلحة و الدولة السودانية هو ما دفع قآئد قوات الدعم السريع (مليشيات الجنجويد) الفريق محمد حمدان دقلو (حميدتي) إلى إرتجال (حديث البَلِف) المشهور الذي أظهر فيه القوة و أعلن التمرد و التحدي الصريح للمركز:
(ذي ما قلت ليكم البلد دي بَلِفَهَا عندنا... نحن أسياد الربط و الحل... ما في ود مَرَة بِفِك لسانو فوقنا... مش قاعدين في الضُّل و نِحنَا فَازعِين الحَرَايَّة... نقول أقبضوا الصادق يقبضوا الصادق... فكوا الصادق يفكوا الصادق...
زول ما بِكَاتِل ما عندو رأي... أي واحد يعمل مَجمَجَه يَاهِدِي النقعة... و الذخيرة تَوَرِي وَشَهَا...
نِحنَا الحكومة... و يوم الحكومة تَسَوِي ليها جيش بعد داك تكلمنا...
أرموا قِدَام بس...)
و مع تزايد ضعف القوات المسلحة و الدولة السودانية إزدادت شهية الفريق حميدتي للسلطة و لإمتلاك المزيد من (البُلُوفَة) السياسية و الإقتصادية و الدينية و الإجتماعية حيث إمتد نفوذ قوات الدعم السريع (مليشيات الجنجويد) ليغطي أطياف من النشاطات ممتدة من التعدين و الأراضي و تجارة اللحوم إلى الطرق الصوفية و الأندية الرياضية و الفنية و الثقافية حتى أصبح حميدتي سوبرمان الساحة السياسية السودانية...
حاشية (٢):
على الراغبين من المراقبين و الباحثين المهتمين بتاريخ و تطور مليشيات الجنجويد إلى قوات الدعم السريع و نشاطاتها و طريقة تعاملها مع ضباط و أفراد القوات النظامية و المواطنين السودانيين عموماً في جميع أقاليم السودان و خصوصاً في إقليمي دارفور و كردفان و العاصمة المثلثة و ميدان القيادة العامة الرجوع إلى التسجيلات الموثقة لنشاطات تلك المليشيات/القوات المتوفرة في الوسآئط الإجتماعية و أسافير الشبكة العنكبوتية...
٣- مليشيات و حركات الأقاليم و القبآئل المتمردة المسلحة:
أنشأت هذه الجماعات أفرادٌ من النخب المنتمية إلى أعراق و أقاليم: دارفور و النيل الأزرق و جبال النوبة بدعاوى الإنعتاق و التحرر من التهميش و الظلم و التفرقة و التمييز الذي مارسه المركز (الجَلَّابِي) ضد الجماعات الغير أعرابية في تلك المناطق و البحث عن العدل و المساواة في الحكم و إقتسام الثروات ، و قد إرتأت/ظنت/إعتقدت تلك النخب أن التمرد المسلح هو الطريق الأمثل/الأسرع لنيل/نزع الحقوق...
و قد تبنت النخب المتمردة نظريات و أفكار غطت جميع ألوان الطيف السياسي و العقآئدي و نظريات الحكم من لدن ماركس و لينين و فيدل كاسترو و أرنستو تشي جيفارا و جوليوس نايريري و نلسون مانديلا إلى عند حسن البنا و محمد بن عبدالوهاب و جماعات الإسلام السياسي (الكيزان) و السلفي (الوهابية) و ما بين هذا و ذاك ، و على الرغم من الخلفيات الفكرية/النظرية/العقآئدية المتباينة إلا أن التجنيد لكل تلك المليشيات و الحشد قد تم على النسق العرقي/العنصري/القبلي/الجهوي ، و ما على المراقب و المهتم إلا مراجعة التوثيقات لأحاديث قادة و أفراد المليشيات المتمردة المختلفة في الوسآئط الإجتماعية و أسافير الشبكة العنكبوتية و الإستزادة من الخطاب الجهوي العنصري الدسم...
أما مسألة تسليح و تمويل الحركات المتمردة فالشاهد هو أنه قد تكفلت به جهات و دوآئر أجنبية عديدة في الإقليم و حول العالم ، و كما الحال مع قوات الدعم السريع (مليشيات الجنجويد) فقد مارست بعض/كثير من الحركات المتمردة المسلحة الإرتزاق إلى جانب النهب المسلح و قطع الطريق و الإغارة على التجمعات السكانية بغرض الحصول على التمويل و الرواتب و إمدادات السلاح و الغذآء و الكسآء...
سؤال ليس في إنتظار إجابة:
هل يمكن إئتمان قوات كهذه: جيش و شرطة و أمن و عمليات و مليشيات حكومية و كتآئب ظل و دعم سريع (جنجويد) و مليشيات متمردة على أمن و أرواح و ممتلكات المواطنين في الدولة السودانية المدنية (الأرض و العرض)؟...
قبل الإجابة على هذا السؤال يجب إصطحاب مقاطع من تنويرات/شحن قادة قوات الدعم السريع (مليشيات الجنجويد) و كذلك مليشيات التمرد المسلحة للجنود و أحاديث إستباحة/إمتلاك/تدمير عمارات الخرطوم ، أحد تلك التسجيلات توثق نصآئح أحد قادة التمرد لجنوده بأن لا يدمروا العمارات لأنها سوف تصبح ملكاً و سكناً لهم ، بينما أشار قآئد آخر إلى أن عمارات الخرطوم سوف تصبح/تضحى/تمسي سكناً للكدايس!!! ، هذا عدا أحاديث حمامات الجوكوزي التي سوف تعقب فتح مدينة أم درمان!!!...
الخلاصة:
يبدوا أنه من السذاجة و الصعوبة بمكان التفكير في إصلاح مثل هذا الهَردَبِيس العسكري/الأمني/السياسي/الإقتصادي/الإجتماعي المشبع بالأسلحة و التطرف العقآئدي و الأفكار العنصرية/الجهوية التي تدعو إلى إقصآء/إبادة الآخر عن طريق الحوارات و الورش و الإعلانات التي أركانها الأرزقية و الطفيلية السياسية و أمرآء الحروب و السواقط الحزبية و الفواقد التربوية و المجتمعية ، فلا جدوى من مثل تلك النشاطات و لا منفعة ترتجي من مثل أولئك اللاعبين/العابثين الذين لا يمثلون الثورة و لا تطلعات الشعوب السودانية ، الذين لا هَمَّ لهم أو شاغل سوى إشباع رغباتهم/طموحاتهم/أطماعهم الذاتية في السلطة و الثروة...
إن إختصار الطريق و القبول بالدنيئة و إنفاذ إصلاح الهَردَبِيس العسكري/الأمني/السياسي/الإقتصادي/الإجتماعي على عجالة على طريقة ورش قاعة الصداقة و في وجود/سيطرة اللجنة الأمنية العليا لنظام الجماعة الإنقاذية المتأسلمة (الكيزان) و توابعها و الجماعات أعلاه لعب/عبث سياسي سوف يقود البلاد لا محالة إلى الإنفجار و الإنفلات الأمني و المواجهات العسكرية...
الحل:
بداية الحل في دولة القانون و المؤسسات التي تزيل جميع الخلايا السرطانية التي خلقتها/خلفتها الجماعة الإنقاذية المتأسلمة (الكيزان) في جميع قطاعات الدولة السودانية بعد عقودٍ من حكمٍ جبروتي أقصى الخصوم السياسيين و مكن الموالين و دعم الفساد و الإفساد ، فالحل و كما ذكر الثوار:
في البل...
العسكر للثكنات...
و الجنجويد ينحل...
و في بعث و إعادة الحياة لشعار الثورة الخالد:
أي كوز...
ندوسو دوس...
و لابد أن يشمل الحل (رمي البايظ) من: عسكر اللجنة الأمنية العليا لنظام الجماعة الإنقاذية المتأسلمة (الكيزان) و أذنابهم و جميع المرتزقة من مليشيات التمرد و الطفيلية السياسية و أمرآء الحروب و السواقط الحزبية و الفواقد التربوية و المجتمعية الوالغة حالياً في العمل السياسي...
و الحل يكمن أيضاً في عملية إعادة بنآء جميع مؤسسات الدولة السودانية بما فيها القوات النظامية حتى توفر الأمن و تحمي أرض الوطن و أرواح المواطنين و ممتلكاتهم مما يقود إلى الإستقرار و التنمية و البنآء...
أما ركيزة و أساس و عصب الإصلاح فهو الإنسان السوداني الذي لا بد من (فَرمَتَتَه) و إعادة برمجته على نظام حب الوطن و الإجتهاد في العمل و البنآء ، و لن تكون (فَرمَتَةٌ) أو برمجةٌ دون المرور على جميع شُعَب و فصول الثورة السودانية بغرض التربية و التعليم و تحصيل الدروس و من ثم التأهيل و التخرج...
و معلوم أن في الثورة شدة و رهق ، و أنها تتطلب الكثير من الوقت و الإصرار و الصمود و الصبر على المكاره...
و الحمد لله رب العالمين و أفضل الصلاة و أتم التسليم على سيدنا محمد.
فيصل بسمة
fbasama@gmail.com
تكاثر الحديث عن الإصلاح الأمني/العسكري و دمج قوات الدعم السريع (مليشيات الجَنجَوِيد) و مليشيات الحركات المتمردة المسلحة في القوات المسلحة السودانية و القوات النظامية الأخرى ، و قد عقدت اللقآءات و الندوات و الورش و دار نقاشٌ و جدلٌ و لغطٌ عظيمٌ و ظهرت أرآء و أوراقٌ و إجتهاداتٌ...
حاشية (١):
و لما هتف شباب الثورة:
العسكر للثكنات و الجِنجَوِيد للحل...
جآءهم الرد السريع من الفريق البرهان قآئد القوات المسلحة و الفريق حميدتي صاحب/قآئد قوات الدعم السريع:
الدعم السريع جزء من القوات المسلحة ، و تعمل تحت إمرة القوات المسلحة...
مع ذكر أرقام مواد القانون/الدستور التي توضح ذلك ، ثم تغير الحال و جآء شذرٌ في رفقة مذرٍ و إبليس و أصبحت قوات الدعم السريع (مليشيات الجنجويد) كيان مسلح منفصل و يجب دمجه في القوات المسلحة السودانية و النظامية الأخرى و في أسرع وقت!!!...
سؤال:
أين كانت القوات المسلحة و قادتها و البرهان عندما تم تكوين مليشيات الجنجويد و إلحاقها قانونياً/دستورياً برئاسة الجمهورية؟ ، ثم تسميتها من بعد ذلك (قوات الدعم السريع) أو (المخزون الإستراتيجي) كما ذكر المخلوع عمر حسن البشير في حديثه المشهور و المنشور الذي أسبغ فيه على قآئدها محمد حمدان دقلو (حميدتي) لقب (حمايتي) مع ترفيعه إلى رتبة الفريق؟!!!...
ثم إنتفضت الشعوب السودانية ضد نظام الجماعة الإنقاذية المتأسلمة (الكيزان) و خُلِعَ البشير و (دَقَسَ) الثوار و جآءت اللجنة الأمنية العليا لنظام الجماعة الإنقاذية المتأسلمة (الكيزان) و (قحت) و فُصِّلَت محادثات/محاصصات جوبا و سطع نجم صاحب/قآئد قوات الدعم السريع (مليشيات الجنجويد) و تم خلق صنمي إتفاقية سلام جوبا و الوثيقة الدستورية و صعدت/سطعت نجوم قادة (أمرآء حروب) الحركات المتمردة المسلحة و (قبضوا الجو) السياسي و الإعلامي...
و لم يتم دمج أو إستيعاب القوات المتمردة المسلحة في القوات النظامية ، و طفق رئيس وزرآء الفترة الإنتقالية يروي الأحاديث الفطيرة/المَسِيخَة/المملة عن الأضوآء و الأنفاق و العبور و الشراكة الذكية/الأنموذج/المَسخَرَة بين العسكر و المدنيين ، و بان ضعف و عوار الحكومة الإنتقالية و كثر الحديث عن الإقصآء و أربعة طويلة ، ثم حدث إعتصام/إنقلاب القصر (الموز) ، ثم أفل نجم حكومة الإنتقال و لجنة تفكيك نظام الثلاثين من يونيو و قُبِرَت جميع قراراتها ، و تقوت الفلول و الأرزقية و الطفيلية السياسية و أمرآء الحروب من قادة المليشيات المتمردة و السواقط الحزبية و الفواقد التربوية و المجتمعية...
ثم بعد فترة سطعت نجوم فولكر و رهطه ، و نشط رجال مخابرات السفارات و عملآء الدول و المنظمات ، و اجتمعت اللجان ، و تكونت الأليات من ذات الأعداد ، ثم بعد حين تمخضت الخرطوم و السفارات و ولدت الوثيقة الدستورية و الإتفاق الإطاري اللذان تم رفضهما من قبل جماعات إعتصام القصر (الموز) و السواقط الحزبية و أمرآء الحروب قبل و بعد إجتماعهم في قاهرة المعز لدين الله الفاطمي مع المخابرات المصرية و تهديدهم و إعلانهم بأن المساس بصنمي إتفاقية سلام جوبا و الوثيقة الدستورية يعني تسجير نيران الحروب الأهلية التي سوف يطال سعيرها هذه المرة تجمعات الجَلَّابَة النيلية و العاصمة الخرطوم!!!...
الجهات التي تمتلك السلاح في بلاد السودان متعددة و (خشم بيوت) ، و هي خليط من القوات النظامية و المليشيات الحكومية و الأهلية/القبلية التي يراد إصلاحها و المليشيات المتمردة المسلحة التي يراد دمجها/إستيعابها في القوات النظامية و إشراك عناصرها في: العملية السياسية و إقتسام السلطة و الثروة و إدارة الدولة السودانية على مستوى المركز و الأقاليم...
الجهات الممتلكة للسلاح هي:
١- القوات الحكومية النظامية:
أ- القوات المسلحة السودانية (الجيش) و توابعها من مليشيات الجماعة الإنقاذية المتأسلمة (الكيزان) الحكومية مثل الدفاع الشعبي و كتآئب الظل
ب- قوات الشرطة و توابعها من الأمن المركزي و خلافه
ت- جهازي الأمن و العمليات
٢- قوات الدعم السريع (مليشيات الجنجويد)
٣- مليشيات و حركات الأقاليم و القبآئل المتمردة المسلحة
حاشية:
هذا الحصر لا يشمل القوات المتمردة/التحررية المسلحة تحت إمرة: عبدالعزيز الحلو و عبدالواحد محمد نور و حركات متمردة مسلحة أخرى ما أنزل الله بها من سلطان ما فتأت (تتمازج) و تتوالد و أخرى ما زالت قابعة في ظلمات رحم الغيب لكنها لا محالة قادمة...
تختلف مكونات هذه القوات/المليشيات الممتلكة للسلاح بإختلاف الجهات التي أنشأتها ، و ليس هنالك ما يجمع بينها سوي إمتلاك السلاح و ممارسة القتل و أعمال العنف المصاحبة ، هذا إلى جانب طموحات/أطماع قيادات القوات و المليشيات في السلطة و الثروة...
١- القوات النظامية الحكومية:
و عمادها القوات المسلحة السودانية (الجيش) التي يفترض/يعتقد أنها قوات إحترافية تمتلك نظم و أطر و عقيدة قتالية ، و طوال تاريخها كانت القوات المسلحة السودانية والغة و بصورة عظيمة في أمور السياسة و إدارة الدولة و ذلك منذ أن نالت البلاد الإستقلال من المستعمر (الإحتلال) البريطاني و إلى وقتنا الحالي...
و قد قام أفراد ينتمون إلى القوات المسلحة السودانية بأكثر من إثنتي عشر محاولة إنقلابية نيابة عن جهات حزبية و خارجية ، و قد أصابت ثلاث منها النجاح مما أتاح للقوات المسلحة السودانية أن تحكم بلاد السودان لأكثر من ستة و خمسين (٥٦) سنة من عمر الإستقلال البالغ سبعة و ستون (٦٧) عاماً نجحت من خلالها في أن تجعل من السودان أنموذج مثالي للدولة الفاشلة...
التاريخ الإقتصادي للقوات المسلحة يشهد أنها قد ولجت إلى السوق و دهاليز الإقتصاد القومي منذ عهد الطاغية جعفر محمد النميري ، و أنها قد تَمَرَّسَت/تَمَترَسَت فيه حتى صارت لها خبرات إقتصادية تراكمية غطت قطاعات: البنوك و الصرافات و البورصة و أسواق العملات و السوق الموازي (الأسود سابقاً) و المقاولات و الإنشآءات و الري و الزراعة و المسالخ و الإستيراد و التصدير و تجارة: التبغ و القمح و اللحوم و الأحذية و الفحم...
و قد كانت القوات المسلحة السودانية ، و مهما إختلفت الأرآء حولها ، تمثل/تجسد تنوع جميع الشعوب السودانية حتى أتى إنقلاب الجماعة الإنقاذية المتأسلمة (الكيزان) حيث أصبح الإنضمام إلى سلك الضباط و الرتب الفنية و المهنية فيها حكراً على السودانيين المنتمين إلى فكر و توجهات جماعة/تنظيم الإخوان المسلمين (الكيزان) ، أما على مستوى الجنود فقد كانت القوات المسلحة السودانية تمثل جميع القبآئل السودانية و الجهات الإقليمية و ذلك على خلفيات التجنيد الجغرافي ، و بحسبان أن مقار القيادات و الأفرع و الفرق و الألوية قد تم توزيعها على جميع أقاليم السودان...
الترتيب الوظيفي الحالي للقوات المسلحة السودانية يوضح بجلآء أن جميع طبقات الضباط من الرتب الصغيرة إلى الرتب القيادية العليا تنتمي عقآئدياً لفكر جماعة الأخوان المسلمين (الكيزان) الضآل إلا من رحم الله و كتب له السلامة ، أما قاعدة الجنود فتمثل كل التناقضات العرقية و الجهوية السودانية...
و هذا الترتيب/التصنيف/الوصف ينطبق أيضاً على قوات الدفاع الشعبي الحكومية و كتآئب الظل و جهازي الأمن و العمليات و أغلب قوات الشرطة و الأمن المركزي و توابعهما ، فأغلب/جميع هذه القوات قد تم إعادة تأسيسها خلال فترة حكم الجماعة الإنقاذية المتأسلمة (الكيزان) على أساس البيعة و الولآء للجماعة و فكرها المتطرف...
٢- قوات الدعم السريع (مليشيات الجنجويد):
أصل هذه القوات المليشيات الأهلية/القبلية التي تعود أصولها إلى جماعات تدعي الإنتمآء إلى الأعراق الأعرابية في إقليم دارفور و دولة تشاد و دول أخرى في غرب أفريقيا ، و كانت بداية تلك المليشيات في ممارسة نشاطات: النهب المسلح و قطع الطريق و الإغارة على التجمعات السكانية في إقليم دارفور و دولة تشاد و الدول المجاورة ، و مع مرور الوقت و تطور و تعقد الأحداث السياسية و العسكرية في إقليم دارفور و ليبيا و بعض من دول غرب أفريقيا تطورت و تغيرت مهام تلك المليشيات بحيث أدعت أنها تمثل و تحمي مصالح قبآئلها ضد العدآئيات من قبل الحركات المتمردة المسلحة مما جعلها تصبح مقربة و حليفة عسكرية/سياسية لنظام الجماعة الإنقاذية المتأسلمة (الكيزان) و القوات المسلحة السودانية و المليشيات الحكومية التي أجهدها كثيراً قتال القوات المتمردة المتعددة في عدة جبهات ممتدة و دوماً متكاثرة و متمددة...
و قد نمت مليشيات الجنجويد و تمددت و تطورت مهامها و أضيفت إليها لاحقاً قطاعات من القوات المسلحة و الشرطة و جهازي الأمن و العمليات و تغيرت مسمياتها و أهدافها ، و في نهاية المطاف أسبغت قيادات النظام/الجماعة الإنقاذية المتأسلمة (الكيزان) الرعاية و الإهتمام على مليشيات الجنجويد و أضافت إليها الصفة القانونية/الدستورية و أتبعتها لرئاسة الجمهورية تحت مسمى (قوات الدعم السريع) ، و لكن الملاحظ أن تلك القوات/المليشيات و على الرغم من التحورات الكثيرة التي طرأت عليها إلا أنها قد نجحت في الحفاظ على تركيبتها و نسيجها العآئلي/القبلي/الجهوية و ولآءها الشخصي لقآئدها و أسرته...
و كانت الطفرة الكبرى في نمو قوات الدعم السريع (مليشيات الجنجويد) الإقتصادي و السياسي بسبب إنغماسها في الإرتزاق الإقليمي في اليمن و دول الجوار تحت رعاية الدولة ، و إنشغالها بعمليات التعدين في الذهب و أشيآء أخرى ، و كذلك ما تحصلت عليه من دعم و سند و تمويل دولي من الإتحاد الأوروبي و الدول الغربية تحت مظلة مشروع محاربة الهجرة الغير شرعية و الإتجار بالبشر ، نشاطات قوات الدعم السريع (مليشيات الجنجويد) في تصدير الذهب و الجنود المرتزقة أكدت/أثبتت المقولة التاريخية (السودان بلاد الذهب و العبيد)...
القوة العسكرية و النشاطات السياسية و الإقتصادية و الأرصدة المالية الهآئلة لقوات الدعم السريع (مليشيات الجنجويد) زادت من شهية مؤسسيها من قبيلة الرزيقات إلى المزيد من السلطة و الجاه ، و أدت في نهاية المطاف إلى نشوب صراعات داخلية بين قياداتها المنتمية إلى بطن المحاميد إنتهت بتصدر و تسيد عآئلة دقلو و إزاحة مؤسس المليشيات (مجلس الصحوة) موسى هلال و سجنه و تقديمه للمحاكمة بتهم: التمرد على النظام الدستوري و الإشتراك في مهاجمة قوات حكومية و إزدرآء السلطة و إرتكاب جرآئم القتل العمد و التسبب في الأذى الجسيم...
و قد بلغت قوات الدعم السريع (مليشيات الجنجويد) ذروة القوة العسكرية عندما أصبحت القوات المسلحة السودانية و القوات النظامية الأخرى تعاني من الضعف بسبب تمدد رقعة الحروب الأهلية و أمدها إلى جانب سياسات الإقصآء و التمكين التي مارستها الجماعة الإنقاذية المتأسلمة (الكيزان) ، و التي أدت إلى حرمان القوات المسلحة من التنوع و توظيف الكفآءات السودانية...
هذا الضعف البآئن الذي أصاب القوات المسلحة و الدولة السودانية هو ما دفع قآئد قوات الدعم السريع (مليشيات الجنجويد) الفريق محمد حمدان دقلو (حميدتي) إلى إرتجال (حديث البَلِف) المشهور الذي أظهر فيه القوة و أعلن التمرد و التحدي الصريح للمركز:
(ذي ما قلت ليكم البلد دي بَلِفَهَا عندنا... نحن أسياد الربط و الحل... ما في ود مَرَة بِفِك لسانو فوقنا... مش قاعدين في الضُّل و نِحنَا فَازعِين الحَرَايَّة... نقول أقبضوا الصادق يقبضوا الصادق... فكوا الصادق يفكوا الصادق...
زول ما بِكَاتِل ما عندو رأي... أي واحد يعمل مَجمَجَه يَاهِدِي النقعة... و الذخيرة تَوَرِي وَشَهَا...
نِحنَا الحكومة... و يوم الحكومة تَسَوِي ليها جيش بعد داك تكلمنا...
أرموا قِدَام بس...)
و مع تزايد ضعف القوات المسلحة و الدولة السودانية إزدادت شهية الفريق حميدتي للسلطة و لإمتلاك المزيد من (البُلُوفَة) السياسية و الإقتصادية و الدينية و الإجتماعية حيث إمتد نفوذ قوات الدعم السريع (مليشيات الجنجويد) ليغطي أطياف من النشاطات ممتدة من التعدين و الأراضي و تجارة اللحوم إلى الطرق الصوفية و الأندية الرياضية و الفنية و الثقافية حتى أصبح حميدتي سوبرمان الساحة السياسية السودانية...
حاشية (٢):
على الراغبين من المراقبين و الباحثين المهتمين بتاريخ و تطور مليشيات الجنجويد إلى قوات الدعم السريع و نشاطاتها و طريقة تعاملها مع ضباط و أفراد القوات النظامية و المواطنين السودانيين عموماً في جميع أقاليم السودان و خصوصاً في إقليمي دارفور و كردفان و العاصمة المثلثة و ميدان القيادة العامة الرجوع إلى التسجيلات الموثقة لنشاطات تلك المليشيات/القوات المتوفرة في الوسآئط الإجتماعية و أسافير الشبكة العنكبوتية...
٣- مليشيات و حركات الأقاليم و القبآئل المتمردة المسلحة:
أنشأت هذه الجماعات أفرادٌ من النخب المنتمية إلى أعراق و أقاليم: دارفور و النيل الأزرق و جبال النوبة بدعاوى الإنعتاق و التحرر من التهميش و الظلم و التفرقة و التمييز الذي مارسه المركز (الجَلَّابِي) ضد الجماعات الغير أعرابية في تلك المناطق و البحث عن العدل و المساواة في الحكم و إقتسام الثروات ، و قد إرتأت/ظنت/إعتقدت تلك النخب أن التمرد المسلح هو الطريق الأمثل/الأسرع لنيل/نزع الحقوق...
و قد تبنت النخب المتمردة نظريات و أفكار غطت جميع ألوان الطيف السياسي و العقآئدي و نظريات الحكم من لدن ماركس و لينين و فيدل كاسترو و أرنستو تشي جيفارا و جوليوس نايريري و نلسون مانديلا إلى عند حسن البنا و محمد بن عبدالوهاب و جماعات الإسلام السياسي (الكيزان) و السلفي (الوهابية) و ما بين هذا و ذاك ، و على الرغم من الخلفيات الفكرية/النظرية/العقآئدية المتباينة إلا أن التجنيد لكل تلك المليشيات و الحشد قد تم على النسق العرقي/العنصري/القبلي/الجهوي ، و ما على المراقب و المهتم إلا مراجعة التوثيقات لأحاديث قادة و أفراد المليشيات المتمردة المختلفة في الوسآئط الإجتماعية و أسافير الشبكة العنكبوتية و الإستزادة من الخطاب الجهوي العنصري الدسم...
أما مسألة تسليح و تمويل الحركات المتمردة فالشاهد هو أنه قد تكفلت به جهات و دوآئر أجنبية عديدة في الإقليم و حول العالم ، و كما الحال مع قوات الدعم السريع (مليشيات الجنجويد) فقد مارست بعض/كثير من الحركات المتمردة المسلحة الإرتزاق إلى جانب النهب المسلح و قطع الطريق و الإغارة على التجمعات السكانية بغرض الحصول على التمويل و الرواتب و إمدادات السلاح و الغذآء و الكسآء...
سؤال ليس في إنتظار إجابة:
هل يمكن إئتمان قوات كهذه: جيش و شرطة و أمن و عمليات و مليشيات حكومية و كتآئب ظل و دعم سريع (جنجويد) و مليشيات متمردة على أمن و أرواح و ممتلكات المواطنين في الدولة السودانية المدنية (الأرض و العرض)؟...
قبل الإجابة على هذا السؤال يجب إصطحاب مقاطع من تنويرات/شحن قادة قوات الدعم السريع (مليشيات الجنجويد) و كذلك مليشيات التمرد المسلحة للجنود و أحاديث إستباحة/إمتلاك/تدمير عمارات الخرطوم ، أحد تلك التسجيلات توثق نصآئح أحد قادة التمرد لجنوده بأن لا يدمروا العمارات لأنها سوف تصبح ملكاً و سكناً لهم ، بينما أشار قآئد آخر إلى أن عمارات الخرطوم سوف تصبح/تضحى/تمسي سكناً للكدايس!!! ، هذا عدا أحاديث حمامات الجوكوزي التي سوف تعقب فتح مدينة أم درمان!!!...
الخلاصة:
يبدوا أنه من السذاجة و الصعوبة بمكان التفكير في إصلاح مثل هذا الهَردَبِيس العسكري/الأمني/السياسي/الإقتصادي/الإجتماعي المشبع بالأسلحة و التطرف العقآئدي و الأفكار العنصرية/الجهوية التي تدعو إلى إقصآء/إبادة الآخر عن طريق الحوارات و الورش و الإعلانات التي أركانها الأرزقية و الطفيلية السياسية و أمرآء الحروب و السواقط الحزبية و الفواقد التربوية و المجتمعية ، فلا جدوى من مثل تلك النشاطات و لا منفعة ترتجي من مثل أولئك اللاعبين/العابثين الذين لا يمثلون الثورة و لا تطلعات الشعوب السودانية ، الذين لا هَمَّ لهم أو شاغل سوى إشباع رغباتهم/طموحاتهم/أطماعهم الذاتية في السلطة و الثروة...
إن إختصار الطريق و القبول بالدنيئة و إنفاذ إصلاح الهَردَبِيس العسكري/الأمني/السياسي/الإقتصادي/الإجتماعي على عجالة على طريقة ورش قاعة الصداقة و في وجود/سيطرة اللجنة الأمنية العليا لنظام الجماعة الإنقاذية المتأسلمة (الكيزان) و توابعها و الجماعات أعلاه لعب/عبث سياسي سوف يقود البلاد لا محالة إلى الإنفجار و الإنفلات الأمني و المواجهات العسكرية...
الحل:
بداية الحل في دولة القانون و المؤسسات التي تزيل جميع الخلايا السرطانية التي خلقتها/خلفتها الجماعة الإنقاذية المتأسلمة (الكيزان) في جميع قطاعات الدولة السودانية بعد عقودٍ من حكمٍ جبروتي أقصى الخصوم السياسيين و مكن الموالين و دعم الفساد و الإفساد ، فالحل و كما ذكر الثوار:
في البل...
العسكر للثكنات...
و الجنجويد ينحل...
و في بعث و إعادة الحياة لشعار الثورة الخالد:
أي كوز...
ندوسو دوس...
و لابد أن يشمل الحل (رمي البايظ) من: عسكر اللجنة الأمنية العليا لنظام الجماعة الإنقاذية المتأسلمة (الكيزان) و أذنابهم و جميع المرتزقة من مليشيات التمرد و الطفيلية السياسية و أمرآء الحروب و السواقط الحزبية و الفواقد التربوية و المجتمعية الوالغة حالياً في العمل السياسي...
و الحل يكمن أيضاً في عملية إعادة بنآء جميع مؤسسات الدولة السودانية بما فيها القوات النظامية حتى توفر الأمن و تحمي أرض الوطن و أرواح المواطنين و ممتلكاتهم مما يقود إلى الإستقرار و التنمية و البنآء...
أما ركيزة و أساس و عصب الإصلاح فهو الإنسان السوداني الذي لا بد من (فَرمَتَتَه) و إعادة برمجته على نظام حب الوطن و الإجتهاد في العمل و البنآء ، و لن تكون (فَرمَتَةٌ) أو برمجةٌ دون المرور على جميع شُعَب و فصول الثورة السودانية بغرض التربية و التعليم و تحصيل الدروس و من ثم التأهيل و التخرج...
و معلوم أن في الثورة شدة و رهق ، و أنها تتطلب الكثير من الوقت و الإصرار و الصمود و الصبر على المكاره...
و الحمد لله رب العالمين و أفضل الصلاة و أتم التسليم على سيدنا محمد.
فيصل بسمة
fbasama@gmail.com