الإعلام المعاكسِ لتطلعاتِ الشعبِ

 


 

 

عندما تمَ تشكيلُ حكومةِ الثورةِ الشعبيةِ الظافرةِ في ديسمبرَ 2018، رأينا وجوهٌ جديدةٌ مبشرةٌ وأجيالٌ منْ المتعلمينَ والمثقفينَ الذينَ تبوؤا مناصبُ حكوميةٌ رفيعةٌ في الحكمِ والإدارةِ. على نقيضٍ الدكتاتورياتِ التي تكرسُ دائما إلى مكوثِ الأشخاصِ والتصاقهمْ بمنصبٍ واحدٍ لمدةٍ طويلةٍ، حتى يظنَ المرءُ بأنَ المنصبَ سيورثهُ إلى خلفهِ. ولكنْ ما حدثَ بدلاً منْ استقبالِ هؤلاءِ المؤهلينَ لمناصبَ هيَ في الأساسِ لفترةٍ محدودةٍ أيْ فترةٌ انتقاليةٌ مفضيةٌ إلى انتخاباتٍ نرى أنَ قوى الردةِ منْ فلولِ النظامِ السابقِ عملتْ جاهدةً وصفهمْ ونعتهمْ بصفاتٍ لا تنمُ عنْ موضوعيةٍ وقدْ هاجمهمْ أيُ هجومٍ في وسائلِ الإعلامِ؛ وخيرِ مثالٍ على ذلكَ دونَ استثناءِ وزراءِ الصحةِ والإعلامِ والتربيةِ والتعليمِ والصناعةِ والتجارةِ. فقدُ حملِ هؤلاءِ الوزراءِ مشعلْ التغييرِ الجذريِ في دواوينِ الحكمِ وأرادوا أنْ ينقلوا زخمَ الثورةِ والتغييرِ الذي حدثَ إلى درجاتٍ عاليةٍ منْ العملِ والإنتاجِ.
ويعلمَ المتابعُ للشأنِ العامِ بأنْ هنالكَ مجموعاتٌ تقنيةٌ وإعلاميةٌ تعملُ في الخفاءِ تحتَ جنحِ الظلامِ، تعملَ عدةَ مراكزَ إعلاميةٍ مملوكةٍ لجماعةِ الإخوانِ الإرهابيةِ، على حياكةِ المؤامراتِ وبثَ الرسائلَ المسمومةَ تجاهَ الحكومةِ الانتقاليةِ في السودانِ، بغرضَ إحباطِ الرأيِ العامِ في البلادِ والتأليبِ عليها. وبحسبَ مصادرَ مطلعةٍ فإنَ الحركةَ الإسلاميةَ السياسيةَ، أنشأتْ مركزا يديرُ نشاطهُ بشكلٍ سريٍ منْ على مبنى بضاحيةِ الرياضِ شرقيَ الخرطومِ حيثُ أسندتْ لهُ مهامُ حساسةٌ في مخططِ الثورةِ المضادةِ.
ثمَ جاءَ نظامُ تفكيكِ التمكينِ الذي لمْ يكملْ عملهُ نتيجةِ للانقلابِ عليهِ في الْ 25 منْ أكتوبرَ 2021 وحلهُ هوَ ذاتُ نفسهُ ولكنْ عملتْ لجنةَ التمكينِ في الإعلامِ عمل كبيرٍ منْ ضمنهِ محاربةُ ما يطلقُ عليهِ الجدادْ الإلكترونيَ الذي ظهرَ معَ الربيعِ العربيِ والصيفِ السودانيِ حيثُ نشطتْ حركاتٍ شبابيةً في الفيسبوكْ وأيضا ظهرتْ تحركاتٍ مضادةً في شكلِ حملاتِ منظمةٍ وفرديةٍ منْ الموالينَ للحكومةِ فتمَ إطلاقُ تسميةٍ " الجدادْ الإلكترونيَ " عليهمْ. حسبَ وسائلَ إعلاميةٍ فإنهُ لا يزالُ ملفُ القنواتِ التلفزيونيةِ والصحفِ الصادرةِ في السودانِ عالقا بينَ وزارةِ الثقافةِ والإعلامِ ووزارةِ الماليةِ، ولجنةُ تفكيكِ النظامِ السابقِ التي أصدرتْ قراراتِ المصادرةِ، ولمْ يتمْ البتُ في اسمِ الجهةِ التي يفترضُ أنْ تتولى تسييرَ هذهِ الوسائلِ الإعلاميةِ وتنظيمها. وتقاذفَ الجهاتِ المعنيةِ المسؤوليةِ والاتهاماتِ بشأنِ غيابِ التنسيقِ والتنظيمِ في مسألةِ إدارةِ القنواتِ الفضائيةِ المصادرةِ، بعدُ أنْ رفضَ المفوضُ الإداريُ لقناةِ الشروقِ الامتثالِ لقرارِ إقالتهِ بحجةِ أنهُ لمْ يصدرْ عنْ وزارةِ الثقافةِ والإعلامِ. وأتى هذا الجدالِ بينَ الوزاراتِ واللجنةِ المعنيةِ بقرارِ المصادرةِ يضافُ إلى النقاشِ الأساسيِ بشأنِ وقفِ صدورِ صحيفتينِ ومنعِ محطتينِ تلفزيونيتينِ منْ البثِ للاشتباهِ في تلقيها تمويلاً منْ الحكومةِ السابقةِ. وطالَ قطاعٌ كبيرٌ منْ الإعلاميينَ بسرعةِ تفكيكَ سيطرةِ عناصرِ النظامِ السابقِ على المؤسساتِ الإعلاميةِ، كأحدِ أهمِ بنودِ واستحقاقاتِ الوثيقةِ الدستوريةِ، عقبَ عملِ تلكَ المؤسساتِ على تأليبِ المواطنينَ ضدَ الحكومةِ الانتقاليةِ التي رأسها د. عبدُ اللهْ حمدوكَ.
الآنُ بعدَ إعلانِ قوى الحريةِ والتغييرِ برزتْ تلكَ الوسائلِ للمشهدِ مرةً أخرى تهاجمُ الاتفاقَ المزمعَ قيامهُ معَ المكونِ العسكريِ فيما يعرفُ بالوثيقةِ الدستوريةِ للمحامينَ. وإذا قدرَ أنْ تمَ اتفاقٌ وشيكٌ فإنَ الحكومةَ القادمةَ لنْ تسلمَ منْ الهجومِ المضادِ الذي يجبُ أنْ ينتبهَ لهُ الشعبُ السودانيُ الفطنُ سياسيا " فقدْ أدمى حديدُ السرجِ لحمَ الرقبةِ فإنَ الدربَ في ناظرةِ الخيلِ اشتبهَ ". بلْ سيكونُ الهجومُ أكثرَ وبيلاً هذهِ المرةِ منْ قبلُ اليمينِ واليسارِ السياسيِ السودانيِ. ألا هلْ بلغتْ اللهمَ فأشهدَ.

سامر عوض حسين
18 أكتوبر 2022

samir.alawad@gmail.com

 

آراء