الإنتخابات السودانية والحسابات الجائرة … بقلم: جمال عنقرة

 


 

جمال عنقرة
13 April, 2010

 

          لم أجد إعلاماً أعجز من الإعلام المناصر للتحول الديمقراطي السوداني الذي تقوده حكومة الخرطوم وأحزابها والقوي السياسية الوطنية المعارضة العاقلة. فالإعلام الجائر أقنع العالم أجمع أن الإنتخابات السودانية قاطعتها أكثر الأحزاب، إن لم تكن كلها وأن المؤتمر الوطني ينافس نفسه بنفسه، وأنه صرف المليارات ليدعي شرعية دستورية. وهذا القول لا يمت للحقيقة بصلة. فالأحزاب المشاركة في الإنتخابات لايقل منسوبوها عن 80% من سكان السودان. أول المشاركين هو حزب المؤتمر الوطني والذي أصبح حزباً غالباً بما حاز من سلطان لأكثر من عشرين عاماً أنجز خلالها ما لم ينجزه كل الذين سبقوه في حكم السودان من مدنيين وعسكريين علي حد سواء. والحزب الثاني هو الحزب الإتحادي الديمقراطي الأصل الذي يقوده مولانا السيد محمد عثمان الميرغني، ومعلوم أن الحزب الإتحادي الديمقراطي نال أعلي عدد أصوات في الإنتخابات البرلمانية التي جرت في العام 1986م. أما المشارك الثالث فهو حزب الحركة الشعبية لتحرير السودان، الحزب الغالب في جنوب السودان، ونصيبها من أهل السودان لايقل بأي حال من الأحوال عن 25%. ورابع المشاركين الأساسيين هو حزب المؤتمر الشعبي الذي يقوده الدكتور حسن عبدالله الترابي، وهو حزب معارضته لايعلو صوتها صوت معارضة أخري. فكيف يقال أن المؤتمر الوطني يخوض الإنتخابات ضد نفسه.

إن الإعلام المعادي للسودان وإنجازاته العظيمة يحاول بكل الوسائل والسبل أن يقلل من شأن أهم إنتخابات تجري في بلادنا علي مدار تاريخها الطويل. والمتابع لما ينقل من أخبار عن السودان يجد أن الإعلام الجائر يلوي عنق الحقائق، ويزيفها مع سبق الإصرار والترصد. ففضلاً عما نقلناه من تشويه لحقيقة المشاركين والمقاطعين، والتي يصر الإعلام الجائر أن المقاطعين أغلبية والمشاركين قلة، فإن تصوير موقف الحركة الشعبية فيه تزوير كبير. فالحركة الشعبية لم تعلن في يوم من الأيام مقاطعتها للإنتخابات. وأعنف موقف أعلنته الحركة صدر من لجنة من لجانها بقيادة الأمين العام السيد باقان أموم الذي أعلن في مؤتمر صحفي عقب إجتماع اللجنة أن الحركة انسحبت من دوائر الشمال عدا ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق وحصرت مشاركتها في الولايات الجنوبية. وهذا القرار أبطلته تصريحات رئيس الحركة السيد سلفاكير ميارديت الذي أبان أن حدود تفويض لجنة الأمين العام أن ترفع توصية للمكتب السياسي الذي يتخذ القرار النهائي، وأبان أن مثل هذه القرارات الكبيرة لاتطلق علي الهواء مباشرة. ثم أعلن رأي الحركة النهائي وهو الإنسحاب من رئاسة الجمهورية وعدم خوض الإنتخابات في ولايات دارفور، وخوضها في جميع أنحاء السودان الأخري في الشمال والجنوب معاً بلا استثناء. ومع ذلك يصر الإعلام الجائر علي القول بأن الحركة الشعبية قاطعت إنتخابات المؤتمر الوطني. فأي ظلم أكبر من هذا.

أما العجز الذي يفوق عجز الإعلام السوداني فهو عجز ما يعرف بأحزب التوالي. هذه الأحزاب يكاد يفوق عددها العشرين حزباً. وهي الأحزاب التي تسجلت وتوالت مع المؤتمر الوطني وأشركها في الحكم لتوسيع مظلته في وقت ما. هذه الأحزاب تشارك الآن في الإنتخابات برعاية المؤتمر الوطني الذي أخلي دوائر عديدة لزعمائها لضمان دخولهم البرلمان. ولقد وجدت هذه الأحزاب مساحات واسعة للتحرك، ومع ذلك لم نسمع لها صوتاً. ولم يدع أحد منها المشاركة في الإنتخابات. ويبدو أنها اقتنعت أنها مجرد آلية من آليات المؤتمر الوطني. وأرجو أن يقتنع المؤتمر الوطني أن فترة صلاحية هذه الأحزاب قد انتهت، وأنها صارت كلاً عليه أني وجهها لا تأتي بخير.

Gamal Angara [gamalangara@hotmail.com]

 

آراء