الاحصاء السكاني… عبقرية خلق الأزمات

 


 

 


أبوذر على الأمين ياسين
لم تشكل أوضاع مثلت حلايب ولا الفشقة ومثلث اليمي سوى (عقبات) أو (تحديات) على الأكثر امام الاحصاء السكاني الخامس. لكن سؤالى العرق والدين شكلا (أزمة)!؟. وهذا بالطبع وضع غريب، ذلك أن سؤالي العرق والدين كانت جزءاً من كل استمارات التعدادات التي جرت (الأول في يوليو 1955م، والثاني في أبريل 1975م، والثالث في أبريل 1983م، والرابع في أبريل 1993م) ولم يشكل سؤالي العرق والدين مشكلة ولم يثرا أحداً لا من المواطنيين ولا من المسؤولين لا في الحكومة أو في المعارضة. مما يستدعي طرح سؤال أين الازمة في العرق والدين احصائياً؟. وما هي التبريرات التي تفسر وترجح حزفهما من استمارة الاحصاء؟ وهل يشكل وردوهما ضمنها أو أختفائهما أزمة أو مشكلة؟. ولكن كيف تبرر الحكومة والمؤتمر الوطني حزف سؤالي العرق والدين؟، وكيف تنظر الحركة الشعبية لذلك؟
في ما يلي المؤتمر الوطني والحكومة، وبحسب افادة الدرديري محمد أحمد (رجوعا لمناظرة أخبار اليوم) أنه وبرغم من سؤالي العرق والدين كانت مدرجة في كل الاحصاءات السابقة، إلا أن هناك سببين لحزفهما: الأول يتعلق بإتجاه أفريقي عام لاسقاط سؤالي العرق والدين عند السؤال عن الانتماءات ضمن الاحصاء السكاني (رجوعا لمنظمة أفريقية لم يسمها)، وسبب هذا التوجه الافريقي العام هو أزمات التطهير العرقي في رواندا ومناطق أخرى اصبحت كسوابق غير مقبولة وينظر لها كإرث استعماري في القارة. أما السبب الثاني فيعود بحسب الدرديري إلى ان الاحصاء أو التعداد الخامس احصاء خاص يأتي بناءاً على اتفاقية السلام التي بنت أشياء كثيرة على نسبة الشمال للجنوب كما في الخدمة المدنية ..إلخ. أما عوض حاج على مدير الاحصاء المركزي السابق فبعد تأكيده أن سؤالي العرق والدين كانا جوهريان وملزمان ضمن المعايير الدولية، يقول على خلاف الدرديري  أن الأمم المتحدة (وليس منظمة أفريقية أو اتجاه عام أفريقي) حولته لسؤال اختياري بعد بروز نزاعات بسبب العرق والدين كما في تنزانيا ونيجيريا وساحل العاج. أما أهم (العقبات) التي تواجه التعداد حسب عوض حاج على، تتعلق بترسيم الحدود بين الشمال والجنوب. وهي ذات ما أكده الرئيس البشير في خطابة (بروما) قائلاً "تبدأ عملية الاحصاء السكاني لأنها مرتبطة إرتباطاً كبيراً بعملية ترسيم الحدود". ولكن كيف تري الحركة الشعبية الأمر؟.
يرى ياسر سعيد عرمان فيرى أول ما يري أن " الاجهزة التي تقوم بالتعداد، هناك علامات استفهام حول حيدتها"  كما أن " هناك حذفاً لسؤال الدين والقبيلة دون اسباب مقنعة" وأن اصرارهم على السؤالين لأنهم في الحركة الشعبية يتحدثون " ... عن بلد متعدد الاعراق والثقافات وعندما نريد برامج عن التنوع والتعدد كما في الدستور نريد ايضاً ان نقيم ادارة تخاطب التنوع والتعدد وهذا أمر ضروري" أما اشيعيا شول اروني رئيس لجنة التعداد السكاني والاحصاء والتقييم بحكومة الجنوب فقد اشار "لامكانية عرقلة عملية التعداد بسبب تأجيل ترسيم الحدود بين الشمال"، واضاف والي البحيرات دانيال أويت أكوت " ان توضيح قبيلة المواطن مهم لجهة تحديد من يحق لهم الاستفتاء الذي سيعقد في الجنوب حول الوحدة في عام 2011". هذه بعض مرتكزات الرؤي لسؤالي العرق والدين بين الشريكين ا المؤتمر الوطني والحركة الشعبية. والسؤال ما الذي جعل من هذين السؤالين (أزمة) في الوقت الذي لم تمثل فيه حلايب ولا الفشقة أو مثلث اليمي سوى عقبات؟.
يبدو ان تبريرات المؤتمر الوطني كما قدمها الدرديري محمد أحمد أضعف من أن ترقي للإقناع. ذلك أن المؤتمر الوطني والحكومة لم يكونا يوماً على وفاق أو توافق مع الاتحاد الافريقي أو أي من المنظمات الافريقية، لتمثل مرجعاً حاسماً في موضوع ثانوي كموضوع حزف أو وضع سؤالي العرق والدين ضمن استمارة الاحصاء السكاني. بل إن المؤتمر الوطني والحكومة كان موقفهم معارض لقوات الاتحاد الافريقي ووجودها بدارفور للدرجة التي وصفوا فيها هذه القوات (بقوات الايدز) ضمن حملة اعلامية قادها الصحف المحسوبة عليهم، بل إن قبولهم لها بدارفور كان بدافع منع تدخل الامم المتحدة ليس إلا. اضف لذلك أن الاوضاع في نيجيريا أو رواندا أو أي بلد أفريقي آخر لا يمكن قياسها بالاوضاع الحالية في السودان، ذلك أن استغلال العرق وتوظيفه في الصراعات كان صناعة ومبادرة انقاذية كاملة، وأشهر علاماتها الجنجويد أو عرب دارفور الذين سلحوا ودعموا دعماً كاملاً لمواجه الزرقة أو الافارقة الذين يمثلون كما العرب جزءاً اصيلاً من تشكيلة دارفور السكانية. وحتى الآن ما يزال الاتهام موجه للمؤتمر الوطني والحكومة بهذا الصدد دون أن تقدم الحكومة أي تبرير لتجنيد وتسليح القبائل العربية بدارفور.
كما أن ادعاء أن الامم المتحدة هي التي فرضت وحولت سؤالي العرق والدين لا يبدو مقنعاً، لا من ناحية التقديرات الخاصة بالسودان كبلد له سيادته وخصائصة الفريدة التي تدعم استقلاليته الكاملة عن رؤى أي جهة وتقديرها للأولويات والمصالح الخاصة بشعبه والمخاطر التي قد تضر به، بل هذا ما تدعيه الحكومة والمؤتمر الوطني. ولا من حيث المواقف الراهنة تجاه مبادرات وقرارات الامم المتحدة تجاه السودان سواءاً تعلق الأمر بدارفور أو الجنوب. فإن المؤتمر الوطني والحكومة لا ترى في الامم المتحدة إلا غازياً، بل توظف ذلك ضد أي فرد أو قوى سوانية لتمنحها شارة العمالة للأجنبي. فكيف ولماذا صارت الامم المتحدة فيما يخص موضوع ثانوي كسؤالي العرق والدين مرجعاً، ولم تكن كذلك في القضايا الجوهرية التي تتناول ما يحدث في دارفور؟.
وهل صحيح أن سؤال العرق والدين باستمارة التعداد السكاني تثير النعرات العنصرية؟ واذا كانت كذلك لما لم تثره ولو مرة واحدة خلال (أربعة) تعدادات سابقة؟ بل هل رصدت أي تطورات عنصرية خلال تلك التعداد قبل أو خلال أو بعد التعداد؟. قطعاً لم يحدث، بل لم يكن لهذين السؤالين أي رد فعل وعلى أي مستوى. فلماذا الآن هذين السؤالين يشكلان أزمة؟ ولمن يشكلان أزمة؟ للمؤتمر الوطني أم للحركة الشعبية؟ وما هي الازمة الناتجة عن طرح أو حزف هذين السؤالين باستمارة التعداد؟.
من افادات قيادات المؤتمر الوطني وتحديداً عوض حاج على مدير الاحصاء المركزي السابق، والرئيس عمر البشير، وقيادات الحركة الشعبية، يتضح أن لسؤالي العرق والدين تعلق بترسيم الحدود، أو على الاقل هذا هو البعد الذي ركز عليه الرئيس وعوض حاج على. لكن بالنسبة للحركة الشعبية الامر يتعلق اضافة لترسيم الحدود، بالدوائر الانتخابية وما اذا كانت محسوبة على الشمال أو الجنوب وضمن حصة سكانه وبحسب نسبتهم لكامل سكان السودان. ويتعلق أيضاً بالاستفتاء الذي سيقرر انفصال الجنوب أو وحدة السودان، وبمن يحق له المشاركة في ذلك الاستفتاء. وأكثر من ذلك يتعلق بقسمة السلطة والثروة التي يجب أن تؤسس على نسبة سكان كل اقليم بالسودان وليس الجنوب وحده انفصل الجنوب أو بقي ضمن اطار الوحدة، فباقي أقاليم السودان يجب أن تأخذ حقها في السلطة والثروة وفقاً لنسبة سكانها من مجمل سكان السودان.
وملمح الأزمة يتضح من إفادة الدرديري محمد أحمد حين يقول "إن كان المواطن جعلياً ومقيماً في الجنوب يحسب مع الناس هناك ، وكذلك ان كان دينكاوياً وهو في الشمال يحسب مع الناس هناك ، البلد لن يكون واحداً طالما ان النظر لهذه القضية مبنية علي سؤال المواطن عن دينه وعرقه ليحسب إحصائيا بناءً علي ذلك". وهذا حديث معقول ومقبول لو أن التعداد الخامس محدد بالانتخابات فقط. لكنه ليس كذلك بل التعداد أساساً ووفقاً لنصوص الاتفاقية محدد بحق الوحدة أو الانفصال وفقاً لإستفتاء بين الجنوبيين تحديداً سواء كانوا في الشمال أو بقوا بالجنوب. وبتقسيم السلطة والثروة ولو في ظل الوحدة اذا انتهي إليها الاستفتاء، فحقهم في الوظائف العامة والخدمة المدنية، والثروة الاقليمية والقومية، ومشاركتهم في السلطة المركزية، كل ذلك يتحدد وفقاً للتعداد السكاني. وحديث الدرديري يشئ بأن الجنوبين بالشمال هم شماليون، كما أن الجعليون بالجنوب هم جنوبيون، (فالمكان) وليس (العرق) هو الذي يحدد الحق في الاستفتاء وفي تقسيم حصص الثروة والسلطة. ولما كانت حرب الجنوب التي دامت عشرين عاماً دفعت بأعداد كبيرة من الجنوبين نحو الشمال، فإن الشمال يكسب كل هذه الاعداد وتخصم من الجنوب بحكم المكان الذي يتواجدون فيه عند التعداد. فلا يكون لهم حق الاستفتاء ويحسبوا ضمن حصة الشمال من السلطة والثروة. ويكسب الجنوب كل الشماليين هناك بحكم المكان ايضاً وليس العرق، ويحسبوا ضمن حصة الجنوب من السلطة والثروة، بل لهم حق الاستفتاء على الوحدة أو الانفصال. ويبقى فارق العدد (كثرة الجنوبين بالشمال – وقلة الشماليين بالجنوب) هو فرق القيمة الذي يستفيد منه المؤتمر الوطني والحكومة.
أما الحدود بين الشمال والجنوب فمعلوم أن لها تعلق براهن تنفيذ اتفاقية السلام خاصة فيما يتعلق بقسمة عوائد البترول. ومعلوم أن هناك مماطلة طالت واستطالت من المؤتمر الوطني والحكومة وحرصهما الشديد على عدم ترسيم الحدود وابقاء تحديد حصة الجنوب من عوائد البترول وقفاً على تقديرات المؤتمر الوطني والحكومة فقط، فحتى الآن هناك آبار منتجة كل طرف يحسبها ضمن مجاله (شمال أو جنوب) ولا يتاتى حسم موقعها الجغرافي وحسم أيلولتها للشمال أو الجنوب،  إلا بناءاً على ترسيم للحدود. كما أن للحدود بين الشمال والجنوب تعلق بعملية الاستفتاء القادم الذي سيقرر في مسألتي الوحدة والانفصال، ويجب أن تكون الرقعة الجغرافية محددة ومعرفة بأنها الجنوب، والمنطقة التي يعنى سكانها بأمر الاستفتاء في الوحدة أو الانفصال. وفوق كل ذلك تحديد حدود الجنوب سيحدد عدد سكان الجنوب، ونسبة المقاعد المستحقة لهم في البرلمان وفقاً لإنتخابات نهاية الفترة الانتقالية. فإذا لم يتحدد الجنوب (المكان) كيف سيتحدد من هو جنوبي حتى ولو كان (جعلياً يسكن الجنوب)، وكيف سيتم حسم وتحديد من يحق لهم القطع استفتاءاً في الوحدة أو الانفصال. على الاقل هذه واحدة من أهم وأبرز واشهر نقاط اتفاقية السلام. ولكن هل حزف سؤالي العرق والدين تستهدف تحقيق مكاسب للمؤتمر الوطني والحكومة بالجنوب فقط؟ أم أن للأمر مرامي أخرى وبدارفور تحديداً؟.
دارفور وفقاً لإتفاقية السلام جزء من الشمال. والشمال هو المؤتمر الوطني و حكومة المؤتمر الوطني. لكن دارفور تشهد أزمة منذ العام 2003م، أزمة المتهم الرئيس فيها هو المؤتمر الوطني والحكومة، بأنهم يريدون تغيير خارطة السكان فيها لصالح العنصر الذي تم تصويره على اساس ان اصوله (عربية) على حساب عنصر آخر يتم تصويره على اساس أن أصوله (افريقية). صحيح أن هناك وثائق مبثوثة على الانترنت، تتناول تفاصيل اللقاءات الأولى مع الزعامات العربية وزمن وتاريخ الاجتماع بهم، والحوار الذي تم معهم، وشكل الاتفاق والترتيبات التي تمت مع تلك الزعامات فيما يخص التمويل والتسليح وغيرها. كما أن شواهد الواقع تقول أن كل مسيرة الاحداث بدارفور كان المستهف فيها هي القبائل الزنجية أو التي اصولها غير عربية، بل القبائل العربية هي من يتولى حملة التصدي للقبائل الافريقية بدارفور. وكل ذلك يتم وفقاً لترتيب ينتهي حتى بتغير اسم الاقليم ذاته الذي اشتهر به على مدى التاريخ.
على ضوء هذه الخلفية، وخلفية حديث صلا قوش أمام ورشة(الوجود الأجنبي وأثره على الأمن القومي السوداني) بالمجلس الوطني والتي أقر فيها بأن هناك قبائل تحركت بكاملها من بعض دول الجوار (مالي - تشاد- افريقيا الوسطى) وانصهرت واستقرت في السودان. على هذه الخلفيات، يتضح أن (المكان) الذي هو بديل (للعرق – والدين) أنسب آلية يمكن عبرها تمرير خطة تغيير خارطة سكان دارفور المعروفة. بإعتبار أن كل من وجد في دارفور (المكان) عند التعداد (سوادني) لا يسأل عند عرقة ولا دينه فلا ضرورة لإثارة النعرات العنصرية أبداً، اذ المطلوب فقط مكان وجوده. وكل ذلك حتى لا تحسب دارفور خارج المؤتمر الوطني الذي هو الشمال وفقاً لإتفاقية السلام، وتكون خصماً عليه يضاف إلى خصومات الجنوب منه، وهو الأمر الذي يؤثر على المؤتمر الوطني وجوداً ناهيك عن سلطته وسطوته التي يتمتع بها الآن. لكن ما الذي يدفع ياسر عرمان للشك في عدم حيدة الاجهزة التي تقوم بالاحصاء السكاني؟. وأين هي الازمة الحقيقية؟. هل هي تتعلق بسؤالي العرق والدين أم بما هو أكبر من مجرد سؤالين بأستمارة التعداد؟.
إن مواقف المسؤولين عن إجراء التعداد السكاني الخامس تباينت مواقفهم وتقديراتهم، لما أعتبروه (معوقات أو على أحسن الأحوال تحديات) وليست على أي حال (أزمات). ورغم ذلك تضاربت مواقفهم بصورة مثيرة تبرر شك ياسر عرمان وغيره في أدائهم. ولكن كيف ذلك؟.
يرى د. ياسين الحاج عابدين مدير الاحصاء المركزي أنه لا توجد أي معوقات أمنية أو مالية أمام الاحصاء السكاني (حسب ماهر أبو الجوخ)، بل مضى لأكثر من ذلك في حواره مع (أم زين – الرأي العام)  موضحاً أن المشكلات الأمنية ليست سبباً كافياً لايقاف التعداد، مستدلاً بحملات تطعيم الاطفال داخل المناطق غير المستقرة امنياً، ولتقدير الجميع لاهمية التعداد لضمان الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي. بل قال الحاج عابدين أن "هذه قناعات تتوفر حتى عند حاملي السلاح في بعض المناطق ونثق في أن التضامن سيكون جماعياً" وإمعاناً في نفي أي مهددات أمنية قد تكون ذات أثر ما على التعداد قال الحاج عابدين "الحرب التي كانت في الجنوب لم توقفه ناهيك عن مشاكل يحاول البعض اثارتها وهذا التعداد لن يوقفه شيء ابداً إلاَّ بأمر من رئاسة الجمهورية". اذن ليس سمة مشكلة تواجه التعداد السكاني الخامس حسب د. ياسين بل هذا يبدو واضحاً وجازماً. لكن السؤال هل ما براه د. ياسين بهذا الوضوح والحسم، يراه العاملين معه في التعداد السكاني الخامس؟.
على خلاف د. ياسين، يقر عبد الباقي الجيلاني رئيس لجنة مراقبة التعداد السكاني، والذي يفيد منصبه أنه جزء من إدارة الاحصاء المركزي. يقر عبد الباقي (بمصاعب) بمناطق حلايب والفشقة ومثلث أليمي، واعتبرها تمثل تحدياً حقيقياً أمام عملية التعداد (لكنها حتماً ليست أزمة ذلك أن الازمة هي فقط سؤالي العرق والدين). بل مضى الجيلاني لأكثر عن من ليتحدث وعلى خلاف رؤية د. ياسين الحاسمة، عن اسقاط المناطق التي ترتفع فيها المخاطر الامنية بدارفور محددا 20% من المناطق بدارفور بأنها لم تكن داخلة ضمن خريطة التعداد بسبب سيطرة الحركات المسلحة عليها.
أما النعيم سليمان عباس مدير أدارة البيانات الاحصائية بالجهاز المركزي للاحصاء، فيرى وجود بعض التحديات المتوقعة، والتي تتمثل عنده في انتشار الالغام في بعض المناطق التي دارت فيها الحرب، وعدم عودة اللاجئين، وطبيعة حياة الرحل الذي يشكل الوصول الى مناطق تجعاتهم تحيداً أمام عملية التعداد.
ولعله واضحاً من أفادات د. ياسين ، وعبد الباقي الجيلاني ، وسليمان عباس، الذين يشكلون جزء من مؤسسة الاحصاء المركزي أن هناك اضطراب يدعو للشك المبرر خاصة وأن ما سيحدث للمواطنيين السودانيين بحلايب، والفشقة، ومثلث أليمي، لا يشكل عند هؤلاء أزمة، بل فقط عائق أو تحدي. في حين أن سؤالي العرق والدين هو الأزمة.
أكاد أجزم أن العرق والدين لا يستحقان كل ما الثار ويثور حولهما، فلم يكونا يوماً مادة إثارة بأي إستمارة اسئلة، بل العكس هو الصحيح، أن استخدام العرق والدين كأن هو أقوى واشهر أدوات الانقاذ والمؤتمر الوطني في خلق الازمات وتوطينها في السودان. شواهد ومسار أزمة سؤالي العرق والدين توضح أن للمؤتمر الوطني مصالح لن تتحقق إلا بالسكوت عن وإخفاء سؤالي العرق والدين. وكل ما تقدم من تبريرات وتوظيفها في مواجهة الحركة الشعبية ليس إلا مسحة (دجل) يتظاهر بالموضوعية والإلتزام بالمعايير الافريقية والعالمية، ضمن واقع يوظف فيه الدين والعرق لخدمة مصالح السلطة واستمرارها. وإلا كانت حلايب أزمة، والقشقة أزمة وكذلك أليمي. ولكن هل هي كذلك عند المؤتمر الوطني والحكومة؟ راجعوا المواقف ولكم أن تحكموا فيها.

 

آراء