الانفلات الأمني.. صورة جانبية !!

 


 

 

بالعقل وبهدوء و(بلع الريق على الريق) نقول إن الانفلاتات الأمنية التي تحدث الآن لها (مسبّبات ومحرّضات) يجب أخذها في الاعتبار لمعالجة مسألة عالية الأهمية تتعلق بحياة الناس وأمنهم ومعايشهم ولصلتها أيضاً بالعبور الآمن لمرحلة الانتقال..والهياج الذي يقوم به الفلول احتفالاً بهذه التفلتات شهادة جديدة على (فداحة الغباء)..! فهم يظنون أنها في مصلحتهم في حين أنهم سيكونون أول ضحايا مآلاتها.. ولكنه قصر النظر والأمل الخائب العاطل الذي يحلم بإعادة الإنقاذ..!!

أولى الحقائق أن هذه التفلتات العصابية الصبيانية تعود إلى الضعف والهزال التي تركت عليه الإنقاذ الشرطة.. فقد كانت قيادات الشرطة العليا طوال عهد الإنقاذ البائد من (الاضينات الإمّعات) الذين لم يكن لهم أي علاقة بشرف الواجب وأمانة المسؤولية، أو بتطوير الشرطة وتنمية قدراتها وتدريب عناصرها.. فقد كانوا مثل ربائبهم في شغلٍ عن كل ذلك باقتسام الغنائم وابتداع السرقات والتفنن في الجبايات ومباركة الرشاوى..وكان معلوماً أن الرشاوى التي كان يكوّرها أصحاب الضمائر النائمة من العساكر يتم اقتسامها مع الضباط من شاكلتهم.. ثم رؤساء الأقسام من شاكلتهم..إلى أن يصل الأمر إلى الرأس الكبير.. فقد كانت له حصته المعلومة..كما كانت له عيونه التي تمنع انفلات أي أتاوة غير تلك التي يخصّصها المرتشون لوجبة الإفطار..!!

الأمر الثاني هو أن انتشار العصابات له مصادر غير (التراخي الشرطي)..فهذه العصابات التي تحمل السلاح وتمارس النهب والترويع هي أيضاً صناعة إنقاذية بامتياز..! فالإنقاذ قصدت بجهل أن تجعل عدم القانون (هو القانون السائد)..! وسمحت بحمل السلاح لكل ساقطة ولاقطة.. وظنّ قادتها أن صناعة الفوضى ورعاية القتلة المحترفين وتجنيد المجرمين وحضانة السفّاحين سيخدم خطتهم في البقاء في السلطة..فماذا كانت النتيجة…؟! لقد سقطت سلطتهم وسقطوا ولم يفلح المجرمون ومرتزقة العصابات وطلقاء السجون في حمايتهم..فذهبت ريح الإنقاذ وبقيت هذه الشراذم..! ومن أسباب الانفلات الأخرى تمدّد الفاقد التربوي نتيجة للإقصاء والحروب التي أشعلتها الإنقاذ واتسعت بسببها رقعة الفقر مع غياب العدالة الاجتماعية وفقر السياسات العامة في ذلك العهد الرديء..وبذلك كبر حجم البيئة الحاضنة للتشرّد بعد أن تخطى المشرّدون (الضحايا) عتبة الطفولة إلى المراهقة..ثم إلى الشباب والكهولة.. وعندما تغيب مصادر الدخل عن هذه المجموعات فإنها تسير على خط الإنقاذ وعقيدتها في (القلع والنهب)…بداية من رأس الدولة و(السادة اليعاقبة) إلى آخر نشال ومرابي من الذين يخطفون الدرداقات من الأطفال في سوق بحري باسم المؤتمر الوطني..!!

ثم نأتي إلى (مربط الحصان) حول قيادة الشرطة ووزارة الداخلية..! فمن الطبيعي بعد كل ما ذكرنا من معطيات موضوعية أن تقصر يد الشرطة عن ملاحقة كل التفلتات في وقت واحد بسبب ضعف الإمكانات وغياب التدريب وضعف الحافز لدى عناصرها و(الهلهلة)التي أحدثتها الإنقاذ في جسم الشرطة..والتمكين الذي يعشعش في جنباتها..! ولكن السؤال الأخطر هل قيادة الشرطة وقيادة الداخلية حالياً تملك الإرادة والرغبة في ملاحقة (القدر المُستطاع) من هذه التفلتات..؟! وهل هي منحازة حقيقة لثورة البلاد ووظيفتها المهنية..؟! إذا اطمأن الناس على ذلك (فكل أمرٍ يهون).. وعلى العموم فإن قضية التفلتات لا نظنها تغيب عن بال الحكومة..وهي تحتاج من مجلس الوزراء إلى جلسة خاصة عاجلة وجلسات (ربما تمّت بالفعل)..لبحث هذا الأمر من كل جوانبه.. فأمن المواطن والمجتمع (ليس لعبة)…ولكن هل حقيقة أن وزارة الداخلية باركت دخول سلاح (قطاع خاص) عبر مطار الخرطوم يشمل 73 طرد بنادق رصاص و290 بندقية عيار 223…(يا ساتر)…!!

////////////////////////

 

 

آراء