البرهان آخر ظلمات فكر الكيزان وعقل القرون الوسطى

 


 

طاهر عمر
28 April, 2023

 

لا شك في أن الجيش السوداني بضباطه الذين خدموا في ظل الحركة الاسلامية السودانية هم في آخر سلم النخب السودانية الفاشلة من حيث ترتيبهم على القدرة على التفكير أو السير بإتجاه الإقتناع بأن الحياة المعاصرة تحتاج لفكر مختلف عن طريقة تفكيرهم.
و قديما إنتصر إفلاطون الى أن الفلاسفة هم من يحق لهم إرساء فلسفة الحكم و فنون الإدارة العامة أما الجيش حتى الفارابي نجده لم ينتصر لهم بل جعل الغلبة للفيلسوف على رجل الدين الذي يخدمه امثال البرهان و ضباط جيش الكيزان و قبل الفارابي كان إفلاطون يرى بأن الذين تقطعت بهم السبل و فشلوا أن يكونوا فلاسفة مكانهم الجيش.
فهو أي الجيش منذ زمن إفلاطون مخزن الفاشليين و مقبرتهم كحال الجيش السوداني و قد عانى من الحقرة من قبل الكيزان و همش لدرجة أصبحت مليشيا حميدتي تتحدث بأن الحكومة ليس لديها جيش و عندما يصبح لها جيش يمكنها أن تتحدث معه و حينها كان البرهان يسمع ما يقوله حميدتي و كان كما هو الآن محدود التفكير و خادم مطيع للحركة الاسلامية السودانية.
كان البرهان كخادم للحركة الاسلامية السودانية حتى بعد إنتصار ثورة ديسمبر خانع لحميدتي و لا يعرف كيف يتعامل معه و كان خائف منه إلا أنه له مآربه و هي كيف ينجح في تبديد أهداف ثورة ديسمبر. لذلك كان البرهان يمتدح الدعم السريع و حميدتي بل جعله نائبا له في مجلس السيادة و قد كتبت في مقالات كثيرة أيام حكومة حمدوك أن البرهان في حيرة و خوف من حميدتي و لا يعرف كيف يتعامل معه أضف الى ذلك أن البرهان كوز يضمر حقد دفين على ثورة ديسمبر التي قد قضت على أسياده الكيزان.
كل ذلك كان يكمن تحته خوف البرهان من حميدتي و حقده على ثورة ديسمبر و هو يخطط لإفشال شعارها حرية سلام و عدالة و يتحين الفرصة تلو الأخرى في ظل حكومة يقودها الميعة حمدوك و شلة الفاشليين أبناء امام بوخة المرقة و غيرهم ممن قصرت قاماتهم من أن يكونوا قادة لثورة عظيمة كثورة ديسمبر و قد أنجزها شعب أبي.
قبول قحت بشراكة الجيش في تسيير أمور الثورة كانت أول إنتكاسة لثورة ديسمبر و توالت الانتكاسات الى أن أصبحت الثورة الآن في يد أتباع الامام الصادق المهدي الذي رفض أن ينتصر للثورة بل وصفها بأنها بوخة مرقة فكون أن يكون أتباع حزب الأمة اليوم هم قلب قيادة ثورة ديسمبر الآن يعتبر هذا مؤشر جيد بأن الثورة منذ يومها الأول كانت يتيمة من جهة القيادات العظيمة التي يصل مستواها الى مستوى الشخصيات التاريخية.
و بالتالي قد ورثها أي ثورة ديسمبر أنصار الامام الصادق المهدي بالتعصيب و لولوة عقل و فقه رجال الدين في الفقه الظالم و ما فيه من ايمان بفكر القرون الوسطى الذي لا يؤمن بفكرة العدالة.
ميراث أتباع الامام الصادق المهدي لثورة ديسمبر بالتعصيب رغم أن امامهم كان من غير المنتصريين لثورة ديسمبر العظيمة بل وصفها بأنها بوخة مرقة يعتبر نوع من التعصيب فيما يتعلق بالميراث و بالتالي سبب قوي قد عطل مسيرة الثورة.
لأن لا إختلاف بين فكر الكيزان و فكر الصادق المهدي على الإطلاق فيما يتعلق بمفهوم الدولة و الصادق المهدي كان أكبر سد منع الشعب السوداني من إدراك التحول الهائل في المفاهيم الذي يخرجنا من فكر القرون الوسطى و فكر رجال الدين و هذا هو السبب الأساسي المعطل لثورة ديسمبر التي لم تسلك طريقها لتحقيق شعارها لأن جبار الصدف الذي يصارعها هو فكر القرون الوسطى فكر الكيزان و فكر الامام الصادق المهدي و الختمية و روح العبودية كأتباع للاقطاعي الذي يخدم مصالح مصر.
في ظل وجود و سيطرة فكر أتباع حزب الأمة و هم أيضا تحت نير فكر ديني لم يبارح ظلمات ليالي القرون الوسطى تمكن البرهان من التخفي بحيل المشاركة مع الحمقى من قادة قحت و كان لا هم لهم غير التكالب على السلطة لذلك كانوا يعتقدون أن ما تركته الأنقاذ الثمرة المرة للحركة الاسلامية من ركام كانوا يظنون أنه دولة و ما عليهم غير التكالب على الوزارات و هذا وحده يكشف لنا ضحالة فكرهم و تأخرهم عن مغادرة فكر القرون الوسطى.
و بالتالي هم و الكيزان جميعهم من ركاب سفينة الحمقى و المجانيين التي تحدث عنها ميشيل فوكو و كيف وضّح عبر بحثه كيف تحولت المفاهيم منذ ليل القرون الوسطى فيما يتعلق بمفهوم السلطة الى لحظة العصر الحديث و عقل أنواره و أفكار الحداثة التي تقاومها النخب السودانية الفاشلة و هي متحصنة بالتبعية للأمام عند الأنصار و مولانا للختمية و المرشد للكيزان و أنهم فعلا من ركاب سفينة الحمقى و المجانيين آخر مزعة من ظلمات ليل القرون الوسطى جميعهم كيزان و أنصار و ختمية.
أما البرهان كعسكري بليد و خادم للكيزان وفقا لفكر الفارابي المنتصر للفيلسوف ضد رجل الدين فهو أطرش في زفة لم تسعفه تجربته لأنه ليس له علاقة بفلسفة الحكم و الإدارة العامة مهما نفخ فيه من روح حركة إسلامية سودانية قد أصبحت زومبي أو بعّاتي بلغتنا السودانية يتربص بالمجتمع السوداني بأكمله و هو أي البرهان بخوفه من حميدتي منذ بداية إنتصار الثورة من جعل من حميدتي بعبع يغني أغنيته المفضلة لو ربحت التجارة رئاسة السودان و الحمارة و لو خسرت التجارة كفاني الحمارة و هي الدعم السريع و أغلبه من مرتزقة تشاد و النيجر و مالي أي المتبقين من المرتزقة الذين قد أرسلهم حميدتي الي حرب اليمن و البرهان يعرف ما يعود لحميدتي من أموال.
نقول للبرهان فشل قحت لا يعني أن الثورة قد أصبحت لك ورثة بالتعصيب لأن فكر رجال الدين قد ولى زمانه و إنتهى لأننا في زمن الحداثة التي قد قضت على جلالة السلطة و قداسة المقدس و هذا هو فكر الكيزان الذين يقفون من خلفك يظنون أنهم باستطاعتهم العودة للحكم من جديد و هيهات.
على الكيزان أن يفهموا أن الخمسة عقود الأخيرة كعهد ذهبي للخطاب الديني قد ولّت بلا رجعة و أنكم الآن أيها الكيزان في عهد ما بعد حيرة زمن الصحوة الاسلامية و قد أصبحتم أيها الكيزان طريدة لعنة الزمن فقد ذهبت ريحكم في السودان بثورة ديسمبر المجيدة و قد شتت الله جمعكم بسيسي مصر لأنكم في مصر كنتم تريدون ترسيخ حكم تسلطي حكم يقوم على فكر دين القرون الوسطى و في تونس قد كره الشعب التونسي الغنوشي بعد فشل عشريته البغيضة و في السعودية قد تسلّط عليكم محمد بن سليمان و جردكم من طغيانكم بخطاب عقل القرون الوسطى.
و عليه نقول للنخب السودانية نجاح ثورة ديسمبر لا يكون بغير وحدة صفكم و خروجكم من التأخر في الفكر حيث أنتم الآن و على بعد خمسة قرون من روح العصر أي أنكم ما زلتم تحت نير فكر القرون الوسطى فكر ديني فارقته عبقرية الانسان و تجربته و علاقتها بضمير الوجود.
ها نحن على موعد مع التاريخ و موعد مع الحضارات و لكن بشرط أن يفارق عقلكم الجمعي فكر الايمان التقليدي نحن في زمن قد أصبح الدين شأن فردي بين الفرد و ربه لا وجود لتجار الدين من كل شاكلة و لون لذلك بعد سقوط الحركة الاسلامية لا يحتاج الشعب السوداني لخطاب ديني بديلا لخطاب الكيزان الديني عكس ما يظن كثر من أتباع الخطاب الديني من كل شاكلة و لون في السودان فنحن في زمن الحداثة التي قد أصبحت فيها صيرورة الديمقراطية بديلا للفكر الديني أي دين.
و بالتالي قد أصبحت الديمقراطية هي ممر إلزامي لفكرة المسؤولية الاجتماعية نحو الفرد و هذا يحتاج لفكر الانسانيين و فكرة القطيعة مع التراث التي لا نجد لها أي أثر في دفاتر الفكر السوداني.
و في الأخير ننبه النخب السودانية أن حرب البرهان و حميدتي العبثية قد ضاعفت عليكم الجهد و هذا يتطلب منكم مضاعفة جهدكم فيما يتعلق بإنتاج فكر جديد يحتاج لشجاعة الفلاسفة التي يسبقها الرأي عندما يجدون أنفسهم في موقف يجعلهم يحتاجون لفكر ضد فكرهم و إعتقادهم السائد و هذا هو حالكم الآن الذي لا يحسدكم عليه أحد.
أنكم أيها النخب تحتاجون لفكر كله من ألفه الى ياءه ضد فكركم السائد الآن فهل مستعدون لأنتاجه مع التأكيد على أهميته بقولكم أنه القدر؟ و بالتأكيد هذا هو الفكر الذي يقطع الطريق أمام البرهان و طموحه و تسلله خفية لتحقيق حلم أبيه وكذلك قطع الطريق للكيزان و هم ما زالوا يحلمون بالعودة للحكم لأنهم لم يدركوا بعد أنهم آخر مزعة من ظلمات ليل القرون الوسطى.
و حتما لا ينقطع عشم الكيزان عن عودتهم ما دام بينكم أتباع للامام الصادق المهدي يريدونها مهدية و فكرها ديني و أتباع ختم يريدونها اتحاد مع مصر التي لا تريد إستقرار للشعب السوداني و بالتالي إزدهار اقتصادي ينعكس على مستوى المعيشة بسبب موارد السودان الاقتصادية التي يسيل لها لعاب مصر التي عجزت عن أن تتحول لدولة صناعية و قطعا يصعب تحقيق تحولها لدولة صناعية في ظل حكم السيسي الذي يؤسس لحكم تسلطي في مصر و يبعدها عن فرصة التحول الديمقراطي.
في الختام يحتاج السودان لحكماءه و فلاسفته في هذا الظرف الصعب و على النخب السودانية إعادة ترتيب صفوفهم من جديد و بجد و جهد يساوي حجم الكارثة أي حرب البرهان و حميدتي و من خلفهم الكيزان فاغرين أفواههم النتنة لأن إعادة الثورة لمسارها يعتبر تحدي يمكنكم عبره مواجهة تحدي أكبر أن يكون السودان أو لا يكون.

taheromer86@yahoo.com
//////////////////////////

 

آراء