البرهان: سيرة سفاح متعطش للدماء، كاذب أشر، مُرتزق و فاشل إنسانياً !!

 


 

 

"أنا ربُ/إله الفور،" هكذا، ذات إحساس زائف و مُتخم بجنون العظمة وبوهم القدرة المُطلقة على إعطاء الحياة لمن يشاء و أخذها ممن يشاء، نصّب البرهان من ذاته السقيمة "إلهً و ربّاً" و ذلك بعد أن منحته منظومة مصاص الدماء (البشير) مُطلق "الحرية" في ترجمة سياسة الإبادة الجماعية في حق العُزّل في إقليم دارفور خلال تسعينيات القرن الماضي و حتى الألفينيات. نعم، لقد قيّض القدرُ للمسخ البرهاني ليس فقط لأن يكون شاهداً على مأساة إنسانية لن تزول من على صحائف التاريخ البشري في أي مستقبل منظور، و قد راح ضحاياها المئات من الالوف من النفوس البشرية البريئة، و لكن أيضاً قد قُيض له أن يكون هوالمُساعد و المُنفّذ و المُترجم لتلك السياسات_سياسة الإبادة الجماعية و التطهير العرقي_ على أرض الواقع خلال مراحلها المختلفة، ليس فقط في دارفور و لكن قبل ذلك كان في جنوب السودان أيضاً!
لقد سقط البرهان في إمتحان الإنسان و الإنسانية و نجح في تنفيذ ما أُوحي به إليه (حتى قبل أن يتألّه و يصبح رباُ)! فقد شهد البرهان و خطط و شارك في إحراق المئات من القرى الآمنة و في قتل و سحل الآلاف من الارواح و في إغتصاب و إنتهاك أعراض المئات من الفتيات و الفتيان و النساء والرجال و تخريب و نهب الممتلكات، إلخ! نعم، لقد شهد و شارك هذا "الخرق البالي" في تلك المأساة الإنسانية دون أن يرف له جفنُ. فقد أرسله سادتُه إلى دارفور في تسعينيات القرن الماضي وكانت رتبه العسكرية هي "ملازم أوّل" وعنصراً فيما يُسمى بـ"فرقة حرس الحدود" التي أصبح فيما بعد قائدها و ليبقى هناك و لن يغادر_ربما لفترة وجيزة_ إلى حين "ترقيته" إلى رتبة اللواء أو الفريق أو القواد، إلخ! و بجانب القتل و السحل بدم بارد، يقول من شهدوا عهد أُلوهيته و ربوبيته المزعومة في دارفور_ بالتحديد غرب و وسط دارفور_ يقولون بأن "سقط المتاع" كان يفضل ضحياته من العذراوات اليافعات (بيدا أنهم_ الشهود_ قد صمتوا_ عندما لاح الصباح_ عن توصيف مزايا ضحاياه من الأطفال الذكور!). القدر ليس متطفلاً ولذا فإنه لا و لن يُصيب من فراغ و لكنه يستهدف نقطة/نقاط فشل "الإنسان" فينا قبل أن يُطلق سهامه! و قد وجد ضالته في المسخ الموسوم بـ"البرهان"!
في 2003، تم أسر هذا "البرهان الوهم" ضمن آخرين بواسطة حركة تحرير السودان الصاعدة حينذاك كان الخرق البالي معتمداً لمحلية نيرتتي، جبل مرة، و لكن ليتُم إطلاق سراحه مباشرة في صفقة تبادل أسرى تلك التي جاءت ضمن إتفاقية ابشي في تشاد في 3/9/2003، بين حكومة السودان و حركة تحرير السودان. و لكن بعد إطلاق سراحه، أعادته حكومة الهالك البشير إلى دارفور و عهدت إليه قيادة عمليات سياسة الإبادة الجماعية هناك، و الإشراف على أنشطة الجنجويد و فرقة حرس الحدود و تسليح "القبائل العربية". و في فبراير 2018 قام البشير بترقية البرهان من فريق ركن و قائد القوات البرية إلى رتبة فريق أول و من ثم مفتش عام للقوات السودانية المسلحة.
لقد قام البرهان ضمن مهامه العسكرية المختلفة على الإشراف على التنسيق ما بين مليشيا الجنجويد و قوات حرس الحدود وهو ذات الوقت الذي إنخرط فيه في الإتجار في الرتب العسكرية مع قادة الجنجويد لمصلحته الخاصة. و لم تتوقف العلاقة الحميمة بين البرهان و حميدتي فقط أثناء قيام الأول بالتنسيق بين الجيش الرسمي ومليشيا الجنجويد، أو حتى حينما تمت تسمية مليشيا الجنجويد بـ" قوات الدعم السريع" في 2013 حيث كان قوامها 5000 عنصراً، و لكن إنتعشت هذه العلاقة و بلغت اقصى محطاتها في 13/4/2019 عندما أصدر المخلوع البشير مرسوما بترقية (أو قُل) تسمية حميدتي "فريق أوّل"، و من ثم تبني العصابة المهيمنة وقتها سياسة إرسال مرتزقة من قوام القوات السودانية "الرسمية" و من منسوبي الجنجويد للمشاركة في حروب البدو في اليمن في مقابل عائد مادي مُهين و رخيص!
و بسبب العلاقة المرتبكة بين القوات السودانية المسلحة تحت إمرة البرهان و قوات الدعم السريع بقيادة حميدتي، و لأسباب أخرى مُلتبسة و غامضة شملت حتى التفاصيل الشخصية المُعيبة و المُخزية، لم يجد البرهان بُدّاً من رهن المؤسسة العسكرية الرسمية للقوات المسلحة السودانية بكامل عدتها و عتادها لقائد مليشيا الجنجويد، حميدتى. و حتى نتعرف على فداحة هذا الرهان المُشين يجب علينا فقط مقارنة الأرقام التالية:
يتكون قوام الجيش السوداني الرسمي من 189 الف جندي، 191 طائرة حربية، 410 دبابة، 403 مدرعة و 20 منصة صواريخ، إلخ. و يحتل الجيش السوداني الرسمي الموقع 69 ضمن أقوى جيوش العالم، و المرتبة الثامنة على المستوى الأفريقي، وفى المقابل كانت لمليشيا الجنجويد قوات لا تتجاوز الـ 30 ألف جندي! السؤال إذن: ما الذي دفع و يدفع البرهان إلى رهن المؤسسة العسكرية الرسمية إلى قيادة الجنجويد إن لم يكن ذلك بسبب مأساته الشخصية المُتمثلة في خوفه المرضي في مواجهة دوره الفاعل في حروب الهامش السوداني و في أداءه الوظيفي و ما تبع ذلك من خروقات و إنتهاكات جسيمة يندى لها الجبين كتلك التي إغترفها هذا الساقط في محارق دارفور؟
لم يُرهن البرهان المؤسسة العسكرية لمليشيا الجنجويد و حسب، و لكنه رهن الإرادة"القومية" السودانية برمتها لقوى إقليمية و دولية من أجل ضمان حيز آمن له حتى لا يتعرض للمساءلة عن جرائم الحرب و الجرائم ضد الإنسانية التي إقترفها في دارفور و في جنوب السودان و في فضيحة مجزرة فض إعتصام القيادة العامة. و لعل إندفاعه لتلفيق علاقة مع إسرائيل لهو خير دليل على تهافت و السقوط الإخلاقي لهذا المسخ الوبائي. نعم، لقد قام إبن سلمان، الحاكم الفعلي للمملكة العربية السعودية بدفع مبلغ 335 مليون دولارأ للولايات المتحدة الامريكية لتسريع وتيرة تطبيع العلاقات مع إسرائيل! و كذلك لا يشك أحد من المتابعين للمشهد السوداني في حقيقة أن المصالح الإقليمية المُلحة و العاجلة، متمثلة بصفة أساسية في تلك التي هي لمصر و الإمارات العربية المتحدة و السعودية، لا يُمكن تحقيقها و ترجمتها إلى الواقع إلا عبر رعديد و ارعن مثل البرهان الذي لا حول له و لا قوة و هو يرزح بالتمام و الكمال تحت إمرة مليشيا الجنجويد بقيادة حميدتي.
لقد خطط و شارك البرهان في فض إعتصام القيادة العامة تماما مثل مع فعل مع سياسة الإبادة الجماعية في دارفور، و لعل خروجه مباشرة بعد مجزرة القيادة العامة في موكب مُشين و هو يلوح بيده في صورة تطابق دلالياً صور الإنقلابين، نقول هذا الخروج كان دليلاً دامغاً على دور سقط المتاع في تلك المذبحة!
يعلم البرهان يقيناً بأن يد العدالة ستطاله إن عاجلاً أو آجلاً و لذا نراه يبالغ في الكذب و إداء البطولات الوهمية و الحرص على الديمقراطية في السودان. و لكن كثيراً ما تفضحه الاحداث. فمع مجزرة القيادة العامة، على سبيل المثال، و على الرغم من محاولاته المكرورة في إنكار دوره فيها نجد أن خروجه المباشر بعد ذلك للتبشير بـ"برهانيته المعطوبة" قد فضحه، كما فضحته من قبل ذلك مقابلاته السرية مع المفاوض الإسرائيلي فى عنتيبى و هكذا. و كذلك فقد جاء إنقلاب 25 مايو قبل فترة قليلة من الإستلام المزعوم لـ "المدنيين" لسلطة المجلس السيادي مما كان يعني إمكانية فتح ملف محاسبته على دوره في مذبحة القيادة العامة و إدانته، الشيئ الذي لربما كان قد أدي إلى فتح ملفات أخري مثل مجازر دافور و الجنوب، ولذا حرص الخرق البالي على قطع الطريق أمام مثل هذا التحول "غير المُحتمل بالنسبة إليه" و ذلك بالقيام بإنقلابه بذريعة إصلاح مسار ثورة ديسمبر!
البرهان مريض نفسياً و قد عبر هو عن ذلك مرارا و تكرارا ليس فقط في أكاذيبة المرضية التي ما فتأ يُطلقها من وقت لآخر، و لكن بقيامه بتأليف القصص الصبيانية عن حياته، كقصة نبوءة أبيه له ب"حكم" السودان، أو قصة الجوح التي أكلت جسده في الحروب في السودان تلك التي لا يعرف احد عنها سوى إنخراط المؤسسة العسكرية في قتل و سحل المواطنين السودانيين الأبرياء لمصحلة دكتاتور دموي متعطش للدماء، إلخ. و في السودان ما ينقص تحليلاتنا للإنقالابيين عسكريين كانوا أو مدنيين هو تجاهل هذه الجزئية النفسية والعقلية السقيمة و عدم وضعها في الإعتبار!
دريج
هاملتون 29/09/2022

zalingy@gmail.com

 

آراء